هذا الدعم البريطاني الجديد ليس خطوة عفوية أو منفصلة عن الأحداث الجارية، بل هو امتداد لسياستها الاستعمارية التاريخية في المنطقة ومحاولة لتعزيز نفوذها في وقت تعيش فيه الدول الغربية حالة من التراجع العسكري والسياسي أمام القوى الصاعدة.

من الواضح أن هذا الإعلان يأتي كجزء من التحركات البريطانية الأمريكية الأخيرة لمواجهة التطورات في البحر الأحمر والمياه الإقليمية اليمنية فالهجمات البحرية التي نفذتها قوات صنعاء ضد أهداف عسكرية واقتصادية تمثل تحديا غير مسبوق للمصالح الغربية في المنطقة، وتحديدا لبريطانيا والولايات المتحدة، اللتين تعتبران أمن الممرات البحرية في البحر الأحمر وباب المندب خطا أحمر.

وبالتالي، فإن الدعم المعلن لقوات المرتزقة يهدف إلى تحويل تلك القوات إلى أداة محلية تستخدمها بريطانيا لضمان استمرار السيطرة الغربية على المنطقة البحرية، بعد ان فشلت الى جانب البحرية الامريكية عسكريا في تحييد او تقويض قدرات صنعاء الدعم الذي يتضمن زوارق سريعة وتدريبا ومساعدات فنية ليس سوى جزء صغير من استراتيجية أكبر تُبنى على أساس الهيمنة على البحر الأحمر.

الإشارة إلى العلاقات الطويلة الأمد بين بريطانيا واليمن في البيان البريطاني ليست سوى محاولة لتجميل صورة التدخل الأجنبي في البلاد بينما الواقع أن هذه العلاقات لم تكن يوما لصالح الشعب اليمني، بل كانت دائما تُبنى على أسس استعمارية تستهدف استغلال الموقع الجغرافي لليمن ومقدراته لصالح القوى الغربية.

وبالتالي فان دعم قوات المرتزقة يأتي في سياق تعزيز النفوذ البريطاني في بلد يعيش حالة من الانقسام والصراع، في محاولة لاستثمار هذا الوضع لتحقيق أهدافها الاستراتيجية من ناحية أخرى، لا يمكن فصل هذا الدعم عن التحركات الإقليمية، خصوصا أن تصريحات المدعو رشاد العليمي أكدت على التنسيق مع الحلفاء الإقليميين وهذا يشير بوضوح إلى أن الدعم البريطاني ليس مبادرة مستقلة بل هو جزء من خطة أكبر تشارك فيها السعودية والإمارات، اللتان تتعاونان بشكل وثيق مع الغرب لمواجهة الحوثيين وتقويض نفوذهم في المناطق البحرية.

ولكن هذه الجهود لن تؤدي إلا إلى المزيد من تعقيد المشهد، خصوصا أن قوات صنعاء أثبتت مرارا قدرتها على تجاوز الأدوات التقليدية التي يستخدمها التحالف في المواجهة. على المستوى العسكري، الدعم البريطاني للقوات المدعومة اماراتيا وسعوديا يعكس مخاوف حقيقية من تصاعد قدرات الحوثيين البحرية هذه القدرات التي تعتمد على التكنولوجيا المحلية والتكتيكات المبتكرة أصبحت مصدر قلق كبير للغرب، خاصة بعد نجاح قوات صنعاء في استهداف سفن عسكرية وتجارية في عمق البحر الأحمر فبريطانيا تدرك أن هذه التهديدات لم تعد مجرد تهديدات تكتيكية، بل أصبحت جزءا من معادلة الردع الإقليمية التي فرضها الحوثيون، والتي أربكت الحسابات الغربية والإقليمية. في النهاية، يجب التأكيد على أن هذه التحركات لن تغير شيئا.

في ميزان القوى الحقيقي الدعم البريطاني لقوات المرتزقة لن يكون أكثر من محاولة يائسة لاحتواء القدرات المتزايدة لقوات صنعاء، التي أثبتت قدرتها على التعامل مع أدوات الضغط الغربية والإقليمية بمرونة وفعالية.

التحدي الحقيقي أمام بريطانيا وحلفائها هو أن اليمن، بقيادة الحوثيين، أصبح اليوم طرفا فاعلا وقادرا على فرض معادلات جديدة في المنطقة، معادلات لا تُبنى على الهيمنة والاستغلال، بل على العدالة والندية. صحفي متخصص في الشأن العسكري

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الدعم البریطانی البحر الأحمر قوات صنعاء

إقرأ أيضاً:

مركز أمريكي: العقوبات والحملة العسكرية الأمريكية يفشلان في وقف هجمات صنعاء

وأكد أن وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وحكومة صنعاء لا يزال صامدًا، لكن الاتفاق لم ينطبق على الهجمات على السفن التابعة لإسرائيل أو على الضربات على إسرائيل نفسها، ويصر قادة صنعاء على أنهم لن يتوقفوا عن مهاجمة إسرائيل طالما استمرت في شن الحرب ضد حماس في قطاع غزة.

وذكر المركز أن من خلال التمسك بهذا الارتباط المعلن بصراع غزة، أثبتت القوات المسلحة اليمنية أنها الحليف الأكثر ثباتًا في المعركة.. ومع ذلك، يمكن لليمنيين أن يظلوا ثابتين على أهدافهم لأنهم ربما يكونون الأكثر عزلة عن الضغوط العسكرية أو السياسية من الحكومات أو الفصائل الأخرى بين دول محور المقاومة.

 

وأفاد أن حكومة المرتزقة لا تزال ضعيفة وداعموها السعودية والإمارات غير راغبين في إعادة الانخراط عسكريًا على الأرض لتحدي سيطرة حكومة صنعاء على جزء كبير من البلاد..لذا لا تزال القوات المسلحة اليمنية قادرة على مواصلة حملتها ضد إسرائيل رغم الحظر، وأسابيع من الغارات الجوية الأمريكية خلال "عملية الفارس الخشن"، التي انتهت بوقف إطلاق نار بين الولايات المتحدة وصنعاء في 5 مايو.

وتابع المركز أن في يوم الأربعاء، أطلقت القوات المسلحة اليمنية أحدث صاروخ باليستي ضد إسرائيل.. حيث عطّل البلاد ودفع السلطات إلى وقف حركة الطيران لفترة وجيزة في مطار بن غوريون الرئيسي.. وعلى الرغم من أن هجمات القوات المسلحة اليمنية تسببت في خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وتدمير الممتلكات داخل إسرائيل، أدت الهجمات على الشحن في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023 إلى انخفاض حاد في حركة السفن عبر هذا الممر المائي، مما حرم موانئ البحر الأحمر في إسرائيل، وكذلك مصر والأردن، من الإيرادات اللازمة.

وأضاف أن اليمنيين كانوا قد أوقفوا هجمات البحر الأحمر لمدة شهرين بعد وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة، لكنهم استأنفوها في أوائل يوليو، مما أدى إلى غرق سفينتين في غضون يومين..وفي ذات السياق حذر مسؤولون في ميناء إسرائيل الوحيد على البحر الأحمر - إيلات - الحكومة يوم الأحد من أنه معرض لخطر الإغلاق الكامل دون مساعدة مالية، مشيرين إلى التأثير الاقتصادي لهجمات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر.

المركز كشف أن ميناء إيلات يعتبر هو ثالث أكبر ميناء في إسرائيل وهو نقطة دخول رئيسية للبضائع المتجهة إلى إسرائيل من جمهورية الصين الشعبية والهند وأستراليا، من بين دول أخرى.. يخدم الميناء أيضًا الرحلات البحرية وسفن الركاب..ورغم أن الإغلاق الرسمي للميناء الذي تديره جهة خاصة لن يؤدي إلا إلى تأكيد حالته الخاملة بالفعل، ويمثل إغلاق إيلات مكسباً وانتصارا كبيرا يؤكد استراتيجية اليمنيين ضد إسرائيل.

كما سعى اليمنيون إلى ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل وداعميها من خلال هجمات في البحر الأحمر، سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى الضغط عليهم اقتصاديًا، مستخدمين أسلوب العقوبات الاقتصادية الغربي المعتاد.

 ومع ذلك، فرض المسؤولون الأمريكيون جولات عديدة من العقوبات على اليمنيين، وكذلك على أتباعهم والمتعاونين معهم.. سعى فريق ترامب إلى ردع الشركات المشروعة في المنطقة عن إجراء أي معاملات مع قادة صنعاء من خلال إعادتها إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

مقالات مشابهة

  • انهيار قطاع العقارات الإسرائيلي بفعل الهجمات البحرية لقوات صنعاء
  • موقع بريطاني: قدراتُ اليمن البحرية تكشف هشاشة الردع الغربي
  • عقاد بن كوني: نحيي قوات درع السودان التي واصلت التقدم بثبات حتى وصلت إلى إقليم كردفان
  • إقفال مؤقت للطريق البحرية في ضبية غدًا... ما السبب؟
  • إصابة فلسطينيين برصاص الاحتلال في مواجهات بالضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدتين في الضفة الغربية
  • شريف عامر: مؤتمر حل الدولتين خطوة استراتيجية لتعزيز الدعم الدولي لفلسطين
  • 26 شهيدًا في الضفة الغربية خلال يوليو الحالي برصاص الاحتلال
  • مركز أمريكي: العقوبات والحملة العسكرية الأمريكية يفشلان في وقف هجمات صنعاء
  • صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة