المخرج ماكسيم ليندون في حواره لـ«البوابة»: عندما تذهب إلى فلسطين تتغير رؤيتك للعالم.. وتجربتى تتجاوز الفيلم إنها بمثابة قصة حياتى
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
«هناك فرق بين من يقاتل بالدم ومن يقاتل بالريشة».. هكذا يخبر فادي شقيقه شادي، العائد لتوه من فرنسا إلى فلسطين، بعدما حصل على الجنسية الفرنسية، في واحد من مشاهد الفيلم الوثائقي “الإجازات في فلسطين”، للمخرج الفرنسي ماكسيم ليندون، المليء بالتوتر والصراع.
في شريط «ليندون» المشارك في مسابقة آفاق السينما العربية بـ مهرجان القاهرة السينمائي في نسخته الـ45؛ يحاول المخرج الشاب أن يستكشف الفوارق الطفيفة بين الرغبة في البحث عن الحرية الشخصية والسعي نحو الحرية الأكبر وهي تحرير الأرض.
كما يطرح ليندون عددًا من الأسئلة تتعلق بصراع الهوية الذي يمزق الفلسطينيين في الشتات ما بين رغبتهم وآمالهم في بداية حياة جديدة، في الوقت الذي لا تزال جذورهم عالقة في أرضٍ راسخة تأبي النسيان.
يسلط فيلم الإجازات في فلسطين الضوء على حياة شادي، وهو ناشط فلسطيني يبلغ من العمر 30 عامًا، والذي اختار العودة إلى فلسطين بعد أن أصبح مواطنًا فرنسيًا، وتأتى هذه العودة في سياق بحثه المستمر عن الأمل والتغيير في وطنه، لكن سرعان ما يكتشف أن الوضع في فلسطين يظل شديد التعقيد، حيث يواجه تحديات وصعوبات جديدة تحبط محاولاته للعيش بشكل طبيعي.
وللحديث عن هذه التعقيدات والتوترات.. التقت «البوابة» المخرج الفرنسي ماكسيم ليندون، وأجرت معه هذه الحوار..
كيف التقت مساراتك مع شادي للمرة الأولى وما الذي حفزك لعمل فيلم عن هذه الشخصية؟
التقيت بـ شادي في عام 2015 في باريس في مظاهرة لدعم القضية الفلسطينية. كان أحد المنظمين وكنت مهتمًا به كـ ناشط سياسي بسبب الكاريزما التي يتمتع بها في المقام الأول. في ذلك الوقت كان شادي طالب لجوء وكان ينتظر قرار الدولة الفرنسية للحصول على جواز سفر فرنسي.
أنا من عائلة يهودية من جهة والدي وورثت قصة عن إنشاء دولة إسرائيل وعن احتلال فلسطين. عندما سافرت إلى هناك بمفردي لأول مرة كشخص بالغ اكتشفت الجانب الآخر من القصة.
وكما يقول جودار في العديد من المقابلات، عندما تذهب إلى فلسطين تتغير رؤيتك للعالم. لذلك في البداية أصبح الأمر بمثابة التزام أخلاقي بالنسبة لي لمواجهة عائلتي في هذا الأمر.
عندما حصل شادي على جواز السفر الفرنسي، قررت حرفيًا أن أصنع فيلمًا عنه ومعه. لأنه قبل ذلك لم أستطع فهم شخصيته إلا بصفته ناشطًا في المنفى. وهو أمر مهم ولكنه أيضًا لم يكن حميميًا بما يكفي لكي أشعر بالرغبة في صنع فيلم.
أخبرني شادي وقتها أنه سيعود إلى المنزل وسيكون موضع ترحيب كبطل. لذلك أخذتها كفرصة للتنقيب أكثر في قصته وقررنا المتابعة.
هناك مشهد يتناقش فيه الأخوين شادي وفادي بشكل حاد للغاية، فالأخير يخبر الأول بأننا نقاتل بالدم بينما تقاتل أنت بالريشة... هل يمكن اعتبار شادي بطل سلبي؟
يحاول الفيلم استكشاف التوتر بين إرادة شادي ورغبته في الحرية، والحرية الشخصية، وكذلك التضامن الوطني مع النضال من أجل تحرير الشعب الفلسطيني.
في هذا التوتر، المواجهة بين شادي وأخيه، بقدر ما أفهمها. يتحدث عن العبء الذي يتحمله شادي لارتداء زي البطل العائد من فرنسا. لأنه في القرية يتم الترحيب به كبطل لكن أخاه يقول لا، أنت لست كذلك. لأنه لكي تكون بطلاً يجب أن تستحق ذلك وأنت لا تستحقه.
لذلك يتهمه أخوه بالخيانة وهذا مشهد عنيف للغاية وكان من الصعب جدًا بالنسبة لي العمل عليه أثناء عملية المونتاج. لكنه لا يظهر فقط الألم الذي يشعر به شادي بسبب ابتعاده عن المنزل ولكن أيضًا ربما الشعور بالذنب الذي يحتاج إلى التعامل معه.
لقد قضى شادي شبابه في التظاهر والتردد على السجون عندما كان في فلسطين. وبعض الناس لا يفهمون الاختيار الذي اتخذه للبحث عن حياة أفضل. إنها منطقة رمادية في الفيلم ولكن بالنسبة لي ليست شخصية سلبية، كما أعتقد.
لأن شقيقه في هذا التسلسل مليء بالتناقضات لأنه في الوقت الذي يشير فيه إلى خيانة شادي، يقرر هو الآخر أن يصبح أبًا ويبتعد عن السياسة بعد أن أمضى 8 سنوات في السجون الإسرائيلية. وهذا ما يفعله الاحتلال بالعائلات الفلسطينية، يصبح الأمر مسألة جماعية.
أنت تمارس السياسة، ويعاقب الجميع، ويعامل الناشطون الفلسطينيون كأطفال. أنت تتظاهر، وتذهب إلى السجن، وتفقد عائلتك تصريح العمل. لذا في نهاية اليوم أعتقد أن هذين الأخوين وجهان لنفس القمر، وكلاهما يحاول أن يفهم الآخر، لكنهما يواجهان نفس التناقضات.
كيف غيرت عطلتك في فلسطين وجهة نظرك حول ما حدث في الأراضي المحتلة، بعكس ما تصدره وسائل الإعلام الغربية؟
أولاً، يجب أن أقول إنني زرت فلسطين عدة مرات. كما أن لدي زوجة فلسطينية وابن نصف فلسطيني، لذا أزور عائلتي هناك أحيانًا. ولكن تجربتي في فلسطين تتجاوز الفيلم، بل تتجاوزه كثيرًا، إنها أيضًا قصة حياتي.
ليس من السهل أن تكون فلسطينيًا في الشتات في تلك الأيام. ويجب أن أقول إن تجربتي في العطلات لا تهم كثيرًا الآن، لأن الفلسطينيين في حداد في فرنسا، وزوجتي في حداد أيضًا.
هناك الكثير من المخاوف بشأن الأوضاع. ومنذ بدء التصوير، أصبحت القرية التي تدور فيها أحداث الفيلم "وادي رحال" في حالة أسوأ بكثير مما كانت عليه بالفعل. لم تعد هناك رواتب من المستوطنات أو من إسرائيل. لقد تعرضوا لأزمة اقتصادية بعد السابع من أكتوبر.
لذا عليَّ أن أقول إننا لا نستطيع الذهاب إلى فلسطين منذ ذلك الحين. بالفعل ننتظر اللحظة المناسبة للعودة ورؤية العائلة وما إلى ذلك، لكن المستقبل ليس مشرقًا. لذا فإن وجودي هنا مع الفيلم يشكل تحديًا شخصيًا أيضًا، لأن الوضع أصبح أكثر قتامة منذ ذلك الحين، وربما لهذا السبب يوجد الفيلم.
أحاول من خلال فيلم "الإجازات في فلسطين"، أن أجعله عملاً قادرًا على التواصل حول قصة شادي وهجرته وسياق الاحتلال الذي جاء منه. أحاول أن أجعله فيلمًا عائليًا، فيلمًا للعطلات. وأملي أن نتمكن من خلال الأفلام من استعادة التواصل والبدء من جديد.
ولكن على عكس عنوان الفيلم، إنها ليست عطلات سعيدة على الإطلاق...
إنها ليست عطلات سعيدة بالفعل وهذا أمر مضحك. لذلك، عندما وصلتني أول رسالة إلكترونية من مهرجان القاهرة السينمائي تفيد باختيار فيلمي ضمن مسابقة آفاق السينما العربية اعتقدت أنها وصلتني عن طريق الخطأ.
لكنهم وجهوا الشكر لي على إرسال الفيلم، وأخبروني أنهم قرروا اختياره للنسخة المقبلة من المهرجان، وهذه لحظة غير متوقعة.
IMG_20241116_102534 IMG_20241116_102459 IMG20241115142913المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الإجازات في فلسطين مسابقة افاق السينما العربية مهرجان القاهرة السينمائي إلى فلسطین فی فلسطین فیلم ا
إقرأ أيضاً:
فرسان الحقيقة في زمن الحرب الكبرى.. صمود غزة وتحديات الأمة
هي حرب "الفرس والروم" تتجدد في عالمنا المعاصر بين الشرق والغرب، لا احترام فيها إلا للقوة، ولا تقدير فيها للضعفاء. "بوتين" يملك ملفات عن "ترامب" تعود إلى عهدته الأولى قد تودي بموقعه الرئاسي وتاريخه السياسي إلى النهاية. المهم نحن، الذين نملك مخزونا من الثقافة الرسالية لعالم هو اليوم أحوج ما يكون إليها. يقف قادتنا أمام الصلف الأمريكي بسلال فيها بيض وملح، وسيد البيت الأبيض يستصغر ما يفعل هؤلاء ويهينهم أمام الملأ، وما لجرح بميت إيلام. إنها الأقدار العادلة عندما تسجل للطغاة مشاهد ذلة لطالما أذاقوا شعوبهم منها.
بين الأزهر و"ألبانيز"
الروح المساندة للمقاومة في أرض الرباط والتشنيع على الصهاينة وعلى مشروعهم الخائب في المنطقة، لا ريب أنه جهاد باللسان يستدعي وقفة رجل واحد من أحرار الشمال الإفريقي كله ضد التطبيع والخنوع، ودعوة كل الجهات الرسمية والشعبية إلى تقديم ما بيدها من إمكانات لإسناد أهلنا في غزة. فليس من الإنسانية والرجولة أن نظل نتغنى بالحقيقة ولا نتبناها فعليا. في المملكة المغربية تطبيع مرفوض شعبيا لا بد أن يسقط، وفي الجزائر دعم بالأقوال يحتاج إلى تجسيد في الميدان، وفي تونس وليبيا وموريتانيا وجع لا بد أن يستحيل إلى طوفان.
إنها امرأة بألف رجل، كما يقول المثل، "رجل" ذي صبغة رسمية يحاضر في الأخلاق وقلبه قلب عصفور. وبالمناسبة فإن رؤية الحقيقة لا تتعلق بأصول من يعشقها وينادي بها، فكم ممن يصدع رؤوسنا مناديا بالحريات وحقوق الإنسان وهو عبد ذليل للسلطان، أو ممن يرتدي مسوح الإيمان والتقوى وهو لا يقوى على دفع ذبابة، وما أكثر هؤلاء في المناصب السياسية والدينية والإعلامية! وحق للسيدة الإيطالية "فرانشيسكا ألبانيز" أن تكرم إذ أهانها المعتدون، وأن يهان في المقابل من يدعو فينا للخنوع والتطبيع.
الوعي وحده غير كاف، إن القطة عندما ترضع صغارها وترى الخطر قادما تهب للدفاع عن صغارها بما لديها من أنياب ومخالب، هذا وعي غريزي عند كل الكائنات. النبأ في الإدارة السورية الجديدة أنها تبحث عن طعام للرعية وعرينها مستباح من كل جهة، خاصة من الجنوب، بل إنها تسعى لإرضاء المعتدين بتقديم قرابين من لحمها الحي وتبني برجا في قلب دمشق لمن يرعى الإرهاب. فإلى أين تمضي السفينة يا حكام سورية؟ليأخذ من يخاف العزلة والتهديد العبرة من مجاهدي غزة أو ليستقل من منابر وجدت للدفاع عن الأمة، هناك من هو أقدر على حمل الأمانة. علماء الأزهر حملوا أنفسهم مسؤولية كبرى ولا مناص من تحملها أو فليتنازلوا عنها لمن يطيق حملها. من وقع على بيان غزة وفق فيه، ولم يكن موفقا حينما تراجع عنه.
هذه هي مشكلة المؤسسات الدينية غير المستقلة، لها سقوف يحددها ولي الأمر لا الضمير والشرع الحنيف، الذي يدعون سدانته والقيام عليه. بيان مشيخة الزهر عن دعم غزة وتحميل المسؤولية لكل مقصر ثم سحبه من الإعلام والتحجج بأن البيان قد يربك مفاوضات التهدئة محض هراء. فما أحوج الأمة اليوم وغدا إلى علماء مستقلين لا يخافون في الله لومة لائم، ثابتين على مواقفهم غير مبدلين ولا مغيرين، إلى أن يلقوا ربهم وهم على ذلك.
"وليجدوا فيكم غلظة"
الوعي وحده غير كاف، إن القطة عندما ترضع صغارها وترى الخطر قادما تهب للدفاع عن صغارها بما لديها من أنياب ومخالب، هذا وعي غريزي عند كل الكائنات. النبأ في الإدارة السورية الجديدة أنها تبحث عن طعام للرعية وعرينها مستباح من كل جهة، خاصة من الجنوب، بل إنها تسعى لإرضاء المعتدين بتقديم قرابين من لحمها الحي وتبني برجا في قلب دمشق لمن يرعى الإرهاب. فإلى أين تمضي السفينة يا حكام سورية؟
الحكم الحالي في سورية هو تتويج للثورة السورية بغض النظر عن قناعات بعض من هذا الشعب الأبي. وهو بعض أصيل ولكنه يقاد بعقول انفصالية لا تقبل بمنطق التاريخ والأغلبية، وما يفعله هؤلاء عبث بالوطن لا معنى له. فأن تتأبى على التسليم بواقع الحال المقبول لدى غالبية الشعب السوري فأنت تفتح الباب مشرعا لدخول الغزاة إلى بلدك. كان على الحكماء الحقيقيين من الدروز والكرد أن يأخذوا زمام المبادرة ويعلنوها ألا خصومة إلا تحت مظلة الدولة، ولا خصومة تستدعي إزهاق الأرواح وإراقة الدماء.
إشراك أهالي المنطقة الوحدويين من الموحدين الدروز في إدارة شؤونهم الأمنية والمدنية سياسة حكيمة، ولكن أين قدرة سورية على مواجهة العدوان وقد استهدفت في رموزها الوطنية، بل وفي قصرها الجمهوري؟ إنه لا معنى لتغليب مصلحة السوريين في بناء دولة تتقدم الأمم، كما قال الرئيس الشرع، من دون أن تكون لهذه الدولة منعة وشوكة. وقد أبان قصف قيادة الأركان بسهولة ويسر ما ينتظر عمران هذه الدولة من دون قوة رادعة. وليس معنى القوة أن تمتلك طيرانا ومضادات له، للشعوب فنون لا تعد ولا تحصى في تحقيق الردع المتكافئ والنيل من المعتدين.
تقرير رويترز عن واقع الاقتصاد السوري لا يختلف في أسلوبه عن تقارير المخابرات، التي تسعى إلى معرفة كيف تدير الدول الواقعة تحت التأثير الإسلامي أمورها، خوفا من أن تتحول إلى صداع لها في المستقبل. المصلحة السورية الوطنية تكمن في أن تدار أموال الشعب بأيد أمينة تعمل للصالح العام، أما معايير الإدارة الاقتصادية التي يراد لها أن تؤطر العملية الإصلاحية في الاقتصاد على الطريقة الغربية فليست أبدا عيارا شفافا للفساد أو للنزاهة. فحذار! إنها الليبيرالية تلبس لأمتها الجديدة.
سنرى أي معول سيتغلب، معول البناء أم معول الهدم؟ و"الدفع أقوى من الرفع" لمن يدعي السياسة الشرعية.