لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
الجدل السياسي والاجتماعي يرافق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في كل أحواله، لكن الجديد أن الجدل انتقل أيضا إلى مرشحيه الوزراء المقرر تعيينهم بعد تسلّم ترامب ولايته الدستورية. وهذه المرة يختص النقاش بالشأن الصحي.
فقد رشح ترامب لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف. كينيدي الابن. وأعلن ترامب عن اختياره أمس الخميس في أعقاب تعليقات كينيدي الأخيرة على سلامة الفلورايد في مياه الصنبور.
كينيدي يتهمه خصومه بأن لديه تاريخا طويلا في نشر معلومات مضللة حول اللقاحات، وفقا لمقال نشرته مجلة نيوزويك الأميركية يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. فقد دعا في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في منشور على منصة "إكس" إلى إزالة الفلورايد من مياه الشرب في الولايات المتحدة. وكتب "الفلورايد هو نفايات صناعية مرتبطة بالتهاب المفاصل وكسور العظام وسرطان العظام وفقدان الذكاء واضطرابات النمو العصبي وأمراض الغدة الدرقية".
لماذا يستخدم الفلورايد في مياه الصنبور؟الفلورايد هو معدن يساعد في تقوية مينا الأسنان، مما يجعله أكثر مقاومة للهجمات الحمضية من بكتيريا البلاك والسكريات، وفقا لجمعية طب الأسنان الأميركية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وهيئات صحية أخرى في الولايات المتحدة.
وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها على موقعها الإلكتروني "تحتوي جميع المياه تقريبا على بعض الفلورايد الطبيعي، ولكنها تكون عادة بمستويات منخفضة جدا لمنع تسوس الأسنان. تضيف العديد من المجتمعات كمية صغيرة من الفلورايد إلى إمدادات المياه لمنع تسوس الأسنان وتعزيز صحة الفم الجيدة".
وأظهرت العديد من الدراسات أن المياه المفلورة تقلل من انتشار تسوس الأسنان لدى الأطفال والبالغين، حيث يحل الفلورايد محل المعادن الموجودة في مينا الأسنان والتي يحللها الحمض. وقالت جمعية طب الأسنان الأميركية على موقعها الإلكتروني "تثبت الدراسات أن فلورايد المياه لا يزال فعالا في تقليل تسوس الأسنان بنسبة 25% على الأقل لدى الأطفال والبالغين، حتى في عصر توافر الفلورايد على نطاق واسع من مصادر أخرى مثل معجون الأسنان بالفلورايد".
متى تمت إضافة الفلورايد لأول مرة إلى مياه الصنبور؟تمت إضافة الفلورايد لأول مرة إلى مياه الصنبور عام 1945 في مدينة جراند رابيدز بولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأميركية بعد أن أظهرت الأبحاث أن المجتمعات التي تحتوي على مياه مفلورة بشكل طبيعي لديها معدلات أقل بكثير من تسوس الأسنان. وأكدت الدراسات في جراند رابيدز انخفاضا كبيرا في تسوس الأسنان بين الأطفال، وفي السنوات اللاحقة انتشرت مياه الصنبور المفلورة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
ما مقدار الفلورايد في مياه الصنبور؟تعتمد كمية الفلورايد في مياه الصنبور على اللوائح والإرشادات المحلية، ولكن يتم الحفاظ عليها عادة عند تركيز 0.7 مليغرام لكل لتر في المناطق التي يُضاف إليها الفلورايد. وفي المناطق التي يوجد فيها الفلورايد بشكل طبيعي في الماء، قد تكون التركيزات أعلى، ويمكن إجراء تعديلات لتلبية الإرشادات الصحية.
هل الفلورايد مضر في الماء؟ذكرت جمعية طب الأسنان الأميركية أن "إضافة الفلورايد إلى المياه آمنة وفعالة وصحية. 70 عاما من البحث وآلاف الدراسات وخبرة أكثر من 210 ملايين أميركي تخبرنا أن إضافة الفلورايد إلى المياه فعالة في منع تسوس الأسنان وآمنة للأطفال والكبار".
يمكن أن يؤدي التعرض المفرط للفلورايد أثناء نمو الأسنان (عادة عند الأطفال دون سن 8 سنوات) إلى تسمم الأسنان بالفلورايد، مما يؤدي إلى تغير اللون أو ظهور خطوط على مينا الأسنان. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستهلاك الطويل الأمد للمياه بمستويات من الفلورايد تتجاوز الحدود الموصى بها يمكن أن يؤدي إلى تسمم الهيكل العظمي بالفلورايد، مما قد يسبب آلام المفاصل وتيبسها وتشوهات العظام.
وقد يتداخل وجود الفلورايد المفرط أيضا مع امتصاص اليود، مما قد يؤثر على إنتاج هرمون الغدة الدرقية، وتظهر هذه مشكلة فقط إذا كان الشخص يستهلك الفلورايد بمستويات أعلى بكثير من الموصى بها. وتشير بعض الأبحاث إلى أن مستويات الفلورايد العالية قد تؤثر على التطور المعرفي لدى الأطفال، لكن هذه النتائج مثيرة للجدل وترتبط أيضا في المقام الأول بالتعرض الشديد في مناطق معينة.
وجدت مراجعة فدرالية لجميع الدراسات ذات الصلة أجراها برنامج السموم الوطني في المعاهد الوطنية للصحة ونشرت في أغسطس/آب الماضي، أن هناك ارتباطا بين انخفاض معدل الذكاء لدى الأطفال وارتفاع مستويات الفلورايد. ولكن النتائج كانت تستند إلى دراسات كانت فيها مستويات الفلورايد ضعف الحد الموصى به لمياه الشرب في الولايات المتحدة.
لا يوجد دليل يدعم ادعاء كينيدي أن الفلورايد مرتبط بالسرطانوقالت الجمعية الأميركية لطب الأسنان "مثل العديد من المواد الشائعة الضرورية للحياة والصحة الجيدة، الملح والحديد وفيتامينات "أ" و"د" والكلور والأكسجين وحتى الماء نفسه، يمكن أن يكون الفلوريد ساما بكميات هائلة، إن تناول كميات كبيرة من الفلورايد يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة".
وأوضحت جمعية طب الأسنان الأميركية أن ذلك يتطلب أن يشرب رجل يزن 70 كيلوغراما 120 جالونا من المياه المفلورة بنسبة 0.7 ملغم لكل لتر دفعة واحدة.
وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في بيان "لقد نظرت لجان الخبراء المكونة من علماء من الولايات المتحدة ودول أخرى، ذوي الخبرة في مختلف التخصصات الصحية والعلمية، في الأدلة المتاحة في الأبحاث المنشورة التي راجعها الباحثون، ولم يجدوا أدلة علمية مقنعة تربط بين فلورة مياه الشرب المجتمعية وأي تأثير صحي ضار محتمل أو اضطراب جهازي مثل زيادة خطر الإصابة بالسرطان ومتلازمة داون وأمراض القلب وهشاشة العظام وكسور العظام واضطرابات المناعة وانخفاض الذكاء واضطرابات الكلى ومرض ألزهايمر أو ردود الفعل التحسسية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الولایات المتحدة الفلوراید إلى تسوس الأسنان لدى الأطفال
إقرأ أيضاً:
لماذا تلوح بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين.. وما تأثير ذلك على علاقتها بأمريكا؟
أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستعترف رسميًا بدولة فلسطينية في أيلول/سبتمبر المقبل، إذا لم يتخذ الاحتلال الإسرائيلي خطوات جوهرية لإنهاء المعاناة في قطاع غزة، والالتزام بشروط محددة تتعلق بوقف العدوان وتحقيق سلام دائم.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن بلاده ستتخذ هذه الخطوة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذا لم يُنفذ الاحتلال سلسلة مطالب، بينها وقف إطلاق النار في غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وتقديم تعهد بعدم ضم الضفة الغربية، والالتزام بمسار سياسي يُفضي إلى حل الدولتين.
وفي تصريحات صحفية، شدد ستارمر على أن "لا مساواة بين الاحتلال وحماس"، مجددًا مطالبة الحركة بإطلاق سراح جميع الأسرى، والموافقة على وقف إطلاق النار، ونزع سلاحها وعدم المشاركة في أي حكومة مستقبلية في غزة.
وتأتي هذه التطورات بعد تحول ملحوظ في موقف الحكومة البريطانية، التي كانت تركز سابقًا على تحسين الأوضاع الميدانية للمدنيين، دون الخوض في مسألة الاعتراف.
غير أن الضغط الداخلي من نواب حزب العمال، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، دفعا برئيس الوزراء إلى تبني موقف أكثر صراحة تجاه الاحتلال.
وترى بريطانيا أن الاعتراف قد يكون وسيلة ضغط عملية تُفضي إلى خطوات ملموسة من قبل الاحتلال، بدءًا من زيادة تدفق المساعدات، وحتى إحياء المسار السياسي نحو حل الدولتين.
وفي السياق، قالت جولي نورمان، أستاذة السياسات في "كولدج لندن"، إن القرار البريطاني – حتى وإن كان رمزيًا – ينطوي على ثقل دبلوماسي وأخلاقي مهم، مضيفة أنه قد يُفضي إلى رفع مستوى التمثيل الفلسطيني في لندن من بعثة دبلوماسية إلى سفارة، وفتح سفارة بريطانية لدى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
كما اعتبر دبلوماسيون سابقون أن القرار قد يفرض على لندن إعادة تقييم علاقاتها بالاحتلال، بما يشمل احتمال حظر استيراد منتجات المستوطنات، وإن كانت هذه الخطوة ستكون "رمزية" من حيث تأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بتداعيات القرار على التعاون الأمني والعسكري بين بريطانيا والاحتلال، يبقى الموقف غير واضح حتى الآن.
أما رد الاحتلال فجاء غاضبًا، إذ وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الإعلان البريطاني بأنه "مكافأة لحماس" و"عقاب للضحايا الإسرائيليين".
ورفضت وزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر هذه الاتهامات، وقالت في تصريحات إذاعية الأربعاء: "هذه ليست مكافأة لحماس. نحن نتحدث عن الشعب الفلسطيني وعن أطفال غزة الذين يتضورون جوعًا. علينا أن نزيد الضغط على حكومة الاحتلال لرفع القيود المفروضة على المساعدات".
موقف واشنطن..
وحول تأثير الخطوة على العلاقة مع واشنطن، بدا واضحا أن إدارة الرئيس دونالد ترامب غاضبة بشدة من توجه بريطانيا نحو الاعتراف بفلسطين.
ورفض ترامب – الذي التقى ستارمر في اسكتلندا الإثنين – التعليق مباشرة على القرار، مكتفيًا بالقول: "أنا أسعى لإطعام الناس الآن... هذا هو الموقف الأهم".
لكنه صرح في طريق عودته إلى الولايات المتحدة أمس الثلاثاء بأن الاعتراف سيكون "مكافأة لحماس".
بدورها، رحّبت فرنسا بإعلان ستارمر، وذلك بعد أيام فقط من إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون أن باريس تسعى بدورها إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي العام الماضي، اتخذت أيرلندا والنرويج وإسبانيا خطوة مماثلة، مؤكدين أن ذلك لا يتعارض مع حق الاحتلال في الأمن.
وتعترف حتى الآن نحو 144 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة، بينها روسيا، الصين، والهند، فيما تظل معظم دول الاتحاد الأوروبي مترددة، باستثناء بعض الدول الاسكندنافية ودول أوروبا الشرقية السابقة.
ويُذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة رفعت صفة فلسطين إلى "دولة غير عضو" في المنظمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ، وهو ما منحها وضعًا سياديًا رمزيًا على المستوى الدولي.