تطبيق القرار 1701 أم وقف إطلاق النار في غزة؟!
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
جمال بن ماجد الكندي
ضربات قاسية ومُوجعة أصابت الكيان الصهيوني خلال اليومين الماضيين على أيدي المقاومة الإسلامية اللبنانية في جنوب لبنان؛ حيث ضربت صواريخ المقاومة حيفا وجوارها، ولم تستثنِ عاصمة الكيان الصهيوني "تل أبيب". وقد ذكرت مصادر المقاومة اللبنانية أنها أطلقت ما يقارب 350 صاروخًا في يوم واحد فقط، وهذه أكبر دفعة صواريخ وجهتها المقاومة إلى العمق الصهيوني منذ عملية اغتيال القادة.
هذا الأمر أدى إلى مشاورات أمريكية إسرائيلية لوقف إطلاق النار في لبنان تحت عنوان تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (1701). فما هي بنود هذا القرار؟
صدر القرار رقم (1701) في 11 أغسطس 2006 خلال فترة الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، بهدف وضع حد للنزاع المُسلح بينهما. القرار يحمل أهمية خاصة لكونه شكّل الأساس لوقف إطلاق النار بين الطرفين، ويتضمن عدة بنود رئيسية، مثل: وقف الأعمال العدائية، وذلك بدعوة إسرائيل وحزب الله إلى وقف كامل للأعمال العدائية بينهما، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، ونشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان، وإنهاء الوجود المسلح غير الشرعي في جنوب لبنان، وإطلاق سراح الأسرى، واحترام سيادة لبنان، وهو ما يعني عدم خرق الأجواء اللبنانية من قبل العدو الإسرائيلي.
وجرى تطبيق جزء كبير من هذه القرارات، ولكن بقيت قضايا مثل نزع سلاح حزب الله، وعدم خرق الأجواء اللبنانية، والانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا عالقة ولم تُحل.
القرار رقم (1701) كان نتاج الصمود والمقاومة البطولية التي أبدتها المقاومة الإسلامية اللبنانية أثناء حرب 2006، وخروج هذا القرار كان انتصارًا لها؛ حيث كان المخطط من حرب 2006 تغيير واجهة الشرق الأوسط من بوابة لبنان، بكسر المقاومة فيها وفصلها عن سوريا وإيران، وإيجاد حل سياسي بمقاييس إسرائيلية في المنطقة.
اليوم.. إسرائيل تبحث عن حل سياسي يُناسبها بعد فشلها في القضاء على المقاومة اللبنانية، وهزيمة جيشها في جنوب لبنان. فقد تفاجأت والعالم معها بقوة المقاومة اللبنانية وعدم استطاعتها تجاوز القرى الحدودية والسيطرة عليها، كما فعلت في حرب 2006، وفي التصدي للصواريخ التي تضرب شمال فلسطين المحتلة وعاصمة الكيان الصهيوني. وانعكس هذا الإخفاق في الداخل الإسرائيلي باتهام القيادة العسكرية والسياسية بالكذب، حيث قالوا إنِّه تم القضاء على 80% من قدرات حزب الله الصاروخية، وإن القيادة العسكرية فقدت السيطرة على المقاتلين بعد اغتيال القادة العسكريين الكبار في الحزب.
السؤال المطروح بعد ما يُقارب الشهرين على توسيع معركة لبنان والخسائر الكبيرة التي مُنيت بها إسرائيل في هذه الجبهة هو: هل تقبل إسرائيل تطبيق قرار مجلس الأمن (1701)، أم أنها توقف عدوانها على غزة، وتتوقف بذلك بقية الجبهات المساندة؟! هذا الأمر يحلل عند المقاومة اللبنانية وفي الداخل الإسرائيلي.
القرار (1701) لم يُطبق بكل بنوده من الجانب الإسرائيلي والمقاومة اللبنانية. فمن الجانب الإسرائيلي، مطلوب الانسحاب الكامل، وعدم التعدي على سيادة الدولة اللبنانية بخرق أجوائها، وهذا الأمر لم يُطبق من قبل الكيان الصهيوني. ومن الجانب اللبناني، مطلوب الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني لتفادي صواريخ "حزب الله"، ولم يُنفذ كذلك. وبقيت على مدار 18 سنة قواعد اشتباك معينة بين العدو الصهيوني، والمقاومة اللبنانية قائمة وفق حدود معينة، هذه الحدود كُسرت بعد التصعيد الأخير من قبل الجانب الإسرائيلي، والذي جوبه بتصعيد مقابل من قبل المقاومة اللبنانية.
فهل تطبيق القرار (1701) مفيد للجانبين؟ بالنسبة للجانب الإسرائيلي، هذا القرار يحرم العدو الإسرائيلي من خرق الأجواء اللبنانية، ويُلزمه بالانسحاب من مزارع شبعا. وبالنسبة للمقاومة اللبنانية، حتى لو طُبق هذا القرار، فإن صواريخ المقاومة أصبحت مداها أطول مما كانت عليه في 2006، والعدو الصهيوني يعلم ذلك.
وهل التسريبات الإعلامية الأمريكية والإسرائيلية، وحتى اللبنانية الرسمية، عن قرب التوقيع على وقف إطلاق النار في لبنان هي من نافذة القرار الأممي (1701)، أم أنها ببنود جديدة تحت عنوان قرار معدل من (1701)؟ وهذا ما لا تقبله المقاومة اللبنانية، ولم يصدر عنها شيء حتى الآن بخصوصه. هذه التصريحات هي للاستهلاك الداخلي لمجتمع الكيان الصهيوني، الذي بات يطالب قيادته السياسية بوضع حد للمجابهة العسكرية مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
من هنا ندخل في مسألة وقف إطلاق النار في جبهة غزة، التي يماطل فيها رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو. فإذا تم وقف إطلاق النار في غزة، فإن باقي الجبهات المساندة لها سوف تتوقف، بما فيها جبهة لبنان الأكثر اشتعالًا وخطورة على الداخل الإسرائيلي. هذا الأمر أصبح ضاغطًا على الكيان الصهيوني، خاصة بعد صدور مذكرة توقيف لمجرم الحرب نتنياهو.
لذلك.. فمن الناحية التحليلية، فإن جبهة لبنان ما زالت جبهة مساندة لجبهة غزة. وربما يكون الاتفاق في لبنان من شروطه الاتفاق مع غزة. ويبقى الاتفاق في غزة أهون على الإسرائيلي من تطبيق قرار (1701). فهل سيكون وقف إطلاق النار القادم من لبنان أم من غزة؟!
وفي ظل التعقيدات الميدانية والسياسية التي تشهدها المنطقة، يبقى قرار وقف إطلاق النار، سواء في غزة أو لبنان، مرهونًا بالتوازنات الإقليمية والدولية. فالمقاومة أثبتت قدرتها على فرض معادلات جديدة في الصراع، بينما تسعى إسرائيل جاهدة لتقليل خسائرها واستعادة ما تبقى من هيبتها داخليًا وخارجيًا. قرار مجلس الأمن رقم (1701) لا يزال حاضرًا كإطار مرجعي للحل في لبنان، أما في غزة، فإن احتمالات التهدئة قد تكون أكثر واقعية، نظرًا لضغط المجتمع الدولي والخسائر المتزايدة على الجبهة الإسرائيلية. في النهاية وقف إطلاق النار في لبنان تحت أي بند هو خسارة المعركة مع حزب الله، وهي القنطرة التي ستؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهذا يعني أن الجبهتين متصلتان وتعملان معًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية لبنان: إسرائيل تفصل مسار التفاوض عن إطلاق النار وتحضر لتصعيد كبير
وأضاف في لقاء خاص مع الجزيرة (يبث لاحقا) أن الحكومة اللبنانية تلقت تحذيرات غربية وعربية حملها موفدون دوليون مباشرة إلى بيروت، وتفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته في الجنوب وفي مناطق أخرى، وأن وتيرة الغارات الحالية تأتي في سياق هذا التمهيد.
وأوضح الوزير أن هذه الرسائل تزامنت مع إعلان إسرائيل عمليا فصل المسارين السياسي والعسكري، بحيث لا يؤثر تقدم المفاوضات على قرارها بالتصعيد، وهو ما عبّرت عنه بوضوح في الاتصالات التي وصلت إلى الخارجية اللبنانية خلال الأيام الأخيرة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4هيئة البث: إسرائيل أعدت خطة لهجوم واسع على حزب اللهlist 2 of 4إسرائيل تشن سلسلة غارات على لبنان وتعلن مهاجمة مراكز لحزب اللهlist 3 of 4الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهامlist 4 of 4بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سورياend of listوأشار إلى أن إدخال السفير السابق سيمون كرم لترؤس الوفد اللبناني المفاوض يندرج ضمن جهود بيروت لتثبيت قواعد تفاوض واضحة، لكنه لا يعني -على حد قوله- أن وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية ستتراجع، فالاتصالات الدولية تفيد بأن هناك مرحلة تصعيدية قد تكون واسعة.
وقال الوزير إن الحكومة اللبنانية تكثف اتصالاتها مع أطراف عربية ودولية ومع الأمم المتحدة في محاولة لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة، موضحا أن بيروت تعمل على "تحييد المرافق العامة" وتقليل الأخطار المحتملة التي قد تطال البنية التحتية الحيوية.
تفاوض غير تقليديوأضاف أن المسار التفاوضي الحالي غير تقليدي، وأن لبنان يسعى من خلاله إلى إعادة تثبيت اتفاقية الهدنة لعام 1949، مشيرا إلى أن الحديث عن معاهدة سلام ليس مطروحا حاليا، وأن الأولوية تتمثل في وقف الاعتداءات وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإطلاق الأسرى.
وقال الوزير إن المفاوضات مع إسرائيل مستمرة عبر آلية قائمة، لكن بالتوازي تخوض الحكومة حوارا داخليا مع حزب الله بخصوص سلاحه، إلا أن الحزب -بحسب ما نقل عنه- يرفض حتى الآن تسليم السلاح.
وذكر أن سلاح حزب الله لم ينجح في حماية لبنان، ولا غزة أو القدس، معتبرا أنه استجلب الاحتلال إسرائيلي على لبنان.
وفيما يتعلق بإيران، أكد الوزير أنه رفض زيارة طهران مؤخرا، وأن أي لقاء مع نظيره الإيراني يجب أن يتم في دولة محايدة، معللا ذلك باستمرار التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية وإطلاق تصريحات تمس السيادة، إضافة إلى "تمويل تنظيم غير شرعي" على حد قوله.
وشدد على أن المعطيات التي وصلت إلى بيروت حول نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة تضع البلاد أمام مرحلة خطيرة، لافتا إلى أن التهديدات لم تعد في إطار التصريحات الإعلامية، بل وصلت عبر قنوات دبلوماسية متعددة ومن موفدين غربيين.
وقال الوزير إن الهدف المباشر لتحرك الدبلوماسية اللبنانية هو منع انزلاق الوضع الميداني، وأن الحكومة تتعامل على أساس أن الضربة الإسرائيلية قد تكون وشيكة، خصوصا بعد إصرار تل أبيب على التعامل مع مساري التفاوض والتصعيد كملفين منفصلين بالكامل.
وأضاف أن الجيش اللبناني سيعلن نهاية العام الجاري استكمال مهمة حصر السلاح في جنوب الليطاني وفق الخطة الموضوعة، رغم الاعتداءات المستمرة، لكن الوزير أشار إلى أن رسائل غربية أفادت بأن ما هو مطلوب من لبنان يتجاوز جنوب الليطاني ليشمل مناطق أخرى شماله أيضا.
العلاقات مع سورياوفي ملف العلاقات مع سوريا، أوضح وزير الخارجية أن العلاقات تمر بمرحلة إيجابية هي "الأفضل منذ استقلال البلدين"، وأن دمشق تتعامل بمرونة مع الملفات العالقة، غير أن ذلك لا يغيّر من حقيقة أن التصعيد الإسرائيلي هو التحدي الأكبر حاليا بالنسبة لبيروت.
وأكد الوزير اللبناني أن فصل إسرائيل لمسار التفاوض عن مسار التصعيد يمثّل مؤشرا خطيرا، وأن الحكومة اللبنانية تتصرف وفق هذا المعطى، مشددا على أن أي جهد دبلوماسي يجري اليوم يهدف أولا إلى حماية المرافق العامة وتقليل احتمالات الانزلاق نحو مواجهة واسعة.
وشن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة سلسلة غارات على جنوب لبنان وشرقه، زاعما استهداف أماكن تابعة لحزب الله، في تصعيد جديد وخرق يضاف إلى سلسلة خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ارتكبت الأخيرة آلاف الخروقات، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات اللبنانيين، إلى جانب دمار مادي.
وتتحدى إسرائيل الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.
Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ