وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟!
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
أخيرًا، بعد طول انتظار، سرى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، ليضع حدًا لحرب همجية وحشية استهدفت لبنان بأسره، على مدى أكثر من شهرين، ولكن أيضًا لمناوشات واشتباكات استمرّت منذ فتح الحزب ما أسماها بـ "جبهة الإسناد" في الثامن من تشرين الأول 2023، دعمًا للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ليس خافيًا على أحد أنّ كلفتها كانت باهظة على المستوى البشري، ولكن أيضًا اقتصاديًا واجتماعيًا.
ومع سريان اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تنفّس معه الكثير من اللبنانيين الصعداء، وقد انتظروه على أحرّ من الجمر، فُتِح النقاش على مصراعيه حول موازين الربح والخسارة، بل حول مفهوم "الانتصار" بصفة عامة، في ظلّ ترويج كلّ طرف لـ "هزيمة الخصم" بنتيجة المجريات الميدانية، إذ إنّ إسرائيل ادّعت أنّ "حزب الله" انتهى عسكريًا بصورة أو بأخرى، فيما رأى الحزب أنّ صموده شكّل "هزيمة" لإسرائيل، التي عجزت عن تحقيق أيّ من أهدافها.
وبين وجهتي النظر المتباينتين، بل المتناقضتين، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، حول نتائج الحرب وتبعاتها، فمن ربح وخسر عمليًا، بالأرقام والنقاط؟ هل ألحقت إسرائيل فعلاً "الهزيمة" بـ "حزب الله"، ولا سيما أنّها كبّدته ضربات قاسية ومؤلمة، من بينها خسارة أمينه العام السيد حسن نصر الله، أم أنّ "حزب الله" هو الذي انتصر في نهاية المطاف، بدليل صموده وبقائه في وجه المخططات الإسرائيلية التي كانت تتوخى القضاء عليه بالمُطلَق؟!
إسرائيل "هُزِمت"؟
في المبدأ، يؤكد العارفون أنّ الحديث عن "انتصار" إسرائيل في الحرب على لبنان لا يبدو مستقيمًا ولا واقعيًا، على الرغم من أنّ أحدًا لا يستطيع نكران نجاحها في تحقيق ضربات "نوعية"، خصوصًا في المرحلة الأولى من الحرب، ولا سيما مع الاغتيالات "الدقيقة" التي نفذتها في صفوف كبار قادة الحزب، ومن بينهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، الرجل الاستثنائيّ الذي لا يزال اغتياله عصيًا على استيعاب الكثيرين حتى اليوم.
لكن، أبعد من هذه الضربات النوعية، التي اعترف "حزب الله" نفسه بأنّها كانت قاسية ومؤلمة، وقد تركت تأثيرها العميق عليه، ولو قال إنّه تجاوزها في وقت لاحق، ثمّة من يرى أنّ إسرائيل عجزت عن ترجمة هذه "الإنجازات العسكرية" على أرض الواقع، أو حتى على المستوى السياسي، خصوصًا مع تراجع "الزخم" في المرحلة الأخيرة، التي تحوّلت معها الضربات "الدقيقة" إلى "عشوائية" بأتمّ معنى الكلمة، خسر معها الكثير من نقاط القوة.
وعلى أهمية الضربات التي تكبّدها "حزب الله"، يقول العارفون إنّ الأهمّ في تحديد موازين الربح والخسارة، يبقى مقارنتها مع الأهداف المُعلَنة والمتوخّاة، وهو ما لا يصبّ لصالح الحديث عن "انتصار" إسرائيل، التي عجزت عن تحقيق الأهداف التي أرادتها من الحرب، سواء لجهة القضاء على القدرة الصاروخية للحزب، الذي بقي حتى اللحظة الأخيرة قادرًا على تنفيذ العمليات، أو حتى لجهة إعادة المستوطنين "بالقوة" إلى بيوتهم، وهو ما لم يحصل.
ماذا عن "حزب الله"؟
استنادًا إلى ما تقدّم، يقول العارفون إنّ الحديث عن انتصار "حزب الله" في الحرب لا يبدو شديد الواقعية، بدليل الانتقادات التي اصطدم بها اتفاق وقف إطلاق النار في الداخل الإسرائيلي، حيث خرج من يصفه بـ "الاستسلامي"، ومن يعتبر أنّه "يفوّت فرصة تاريخية" لضرب "حزب الله" وربما القضاء عليه، ما اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى محاولة "التعويض" عبر الحديث عن "حرية حركة" كانت قد شُطِبت من الاتفاق تفاديًا لنسفه.
لكن، هل يعني ذلك أنّ "حزب الله" في المقابل انتصر في المعركة، بكلّ ما للكلمة من معنى؟ هنا، تتفاوت وجهات النظر، فهناك من يرى بين المحسوبين على الحزب، أنّ "الانتصار" قد تحقّق بالمعنى العسكري، فصمود الحزب الأسطوري على الرغم من كلّ الضربات التي تكبّدها، يكاد يكون "معجزة"، وهو أحبط بالتالي كلّ المخططات الإسرائيلية، بدليل أنّ يد الحزب بقيت على الزناد حتى اللحظة الأخيرة من الحرب، وهو ما لم يكن يتوقعه العدوّ.
لكن، إذا كان صحيحًا أنّ الحزب عطّل أهداف العدو، وأنّ الأخير عجز عن تحقيق ما أعلنه، إلا أنّ هناك من يعتبر أنّ الحزب أيضًا لا يُعَدّ "منتصرًا"، وقد اضطر إلى التراجع عن الكثير من المعادلات التي أطلقها، فهو خضع في النهاية لمبدأ "فصل الجبهات" مثلاً، بعدما كان شرطه لأي نقاش بالتسوية وقف الحرب على غزة في المقام الأول، وهو أيضًا قبل بالتراجع إلى شمال الليطاني، ولو تحت سقف القرار 1701، الذي قبل به أساسًا في العام 2006.
صحيح أنّ حديث "الغالب والمغلوب" يهيمن دائمًا على مقاربة كلّ الحروب، إلا أنّ الصحيح أيضًا بحسب ما يقول كثيرون إنّ هذه الحرب تحديدًا لم تفرز "غالبًا ومغلوبًا" بالمعنى الحرفي والتقليدي، فإسرائيل لم تنتصر، وقد عجزت عن تحقيق أهدافها العسكرية المُعلَنة، وبالمعنى نفسه، فإنّ الحديث عن "نصر حاسم" لـ "حزب الله" قد لا يكون دقيقًا، بل إنّ هناك من يسأل عن معنى "النصر" بغياب قائد المقاومة السيد الشهيد حسن نصر الله!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار الحدیث عن حزب الله عن تحقیق عجزت عن
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية لبنان: إسرائيل تفصل مسار التفاوض عن إطلاق النار وتحضر لتصعيد كبير
وأضاف في لقاء خاص مع الجزيرة (يبث لاحقا) أن الحكومة اللبنانية تلقت تحذيرات غربية وعربية حملها موفدون دوليون مباشرة إلى بيروت، وتفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته في الجنوب وفي مناطق أخرى، وأن وتيرة الغارات الحالية تأتي في سياق هذا التمهيد.
وأوضح الوزير أن هذه الرسائل تزامنت مع إعلان إسرائيل عمليا فصل المسارين السياسي والعسكري، بحيث لا يؤثر تقدم المفاوضات على قرارها بالتصعيد، وهو ما عبّرت عنه بوضوح في الاتصالات التي وصلت إلى الخارجية اللبنانية خلال الأيام الأخيرة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4هيئة البث: إسرائيل أعدت خطة لهجوم واسع على حزب اللهlist 2 of 4إسرائيل تشن سلسلة غارات على لبنان وتعلن مهاجمة مراكز لحزب اللهlist 3 of 4الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهامlist 4 of 4بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سورياend of listوأشار إلى أن إدخال السفير السابق سيمون كرم لترؤس الوفد اللبناني المفاوض يندرج ضمن جهود بيروت لتثبيت قواعد تفاوض واضحة، لكنه لا يعني -على حد قوله- أن وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية ستتراجع، فالاتصالات الدولية تفيد بأن هناك مرحلة تصعيدية قد تكون واسعة.
وقال الوزير إن الحكومة اللبنانية تكثف اتصالاتها مع أطراف عربية ودولية ومع الأمم المتحدة في محاولة لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة، موضحا أن بيروت تعمل على "تحييد المرافق العامة" وتقليل الأخطار المحتملة التي قد تطال البنية التحتية الحيوية.
تفاوض غير تقليديوأضاف أن المسار التفاوضي الحالي غير تقليدي، وأن لبنان يسعى من خلاله إلى إعادة تثبيت اتفاقية الهدنة لعام 1949، مشيرا إلى أن الحديث عن معاهدة سلام ليس مطروحا حاليا، وأن الأولوية تتمثل في وقف الاعتداءات وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإطلاق الأسرى.
وقال الوزير إن المفاوضات مع إسرائيل مستمرة عبر آلية قائمة، لكن بالتوازي تخوض الحكومة حوارا داخليا مع حزب الله بخصوص سلاحه، إلا أن الحزب -بحسب ما نقل عنه- يرفض حتى الآن تسليم السلاح.
وذكر أن سلاح حزب الله لم ينجح في حماية لبنان، ولا غزة أو القدس، معتبرا أنه استجلب الاحتلال إسرائيلي على لبنان.
وفيما يتعلق بإيران، أكد الوزير أنه رفض زيارة طهران مؤخرا، وأن أي لقاء مع نظيره الإيراني يجب أن يتم في دولة محايدة، معللا ذلك باستمرار التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية وإطلاق تصريحات تمس السيادة، إضافة إلى "تمويل تنظيم غير شرعي" على حد قوله.
وشدد على أن المعطيات التي وصلت إلى بيروت حول نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة تضع البلاد أمام مرحلة خطيرة، لافتا إلى أن التهديدات لم تعد في إطار التصريحات الإعلامية، بل وصلت عبر قنوات دبلوماسية متعددة ومن موفدين غربيين.
وقال الوزير إن الهدف المباشر لتحرك الدبلوماسية اللبنانية هو منع انزلاق الوضع الميداني، وأن الحكومة تتعامل على أساس أن الضربة الإسرائيلية قد تكون وشيكة، خصوصا بعد إصرار تل أبيب على التعامل مع مساري التفاوض والتصعيد كملفين منفصلين بالكامل.
وأضاف أن الجيش اللبناني سيعلن نهاية العام الجاري استكمال مهمة حصر السلاح في جنوب الليطاني وفق الخطة الموضوعة، رغم الاعتداءات المستمرة، لكن الوزير أشار إلى أن رسائل غربية أفادت بأن ما هو مطلوب من لبنان يتجاوز جنوب الليطاني ليشمل مناطق أخرى شماله أيضا.
العلاقات مع سورياوفي ملف العلاقات مع سوريا، أوضح وزير الخارجية أن العلاقات تمر بمرحلة إيجابية هي "الأفضل منذ استقلال البلدين"، وأن دمشق تتعامل بمرونة مع الملفات العالقة، غير أن ذلك لا يغيّر من حقيقة أن التصعيد الإسرائيلي هو التحدي الأكبر حاليا بالنسبة لبيروت.
وأكد الوزير اللبناني أن فصل إسرائيل لمسار التفاوض عن مسار التصعيد يمثّل مؤشرا خطيرا، وأن الحكومة اللبنانية تتصرف وفق هذا المعطى، مشددا على أن أي جهد دبلوماسي يجري اليوم يهدف أولا إلى حماية المرافق العامة وتقليل احتمالات الانزلاق نحو مواجهة واسعة.
وشن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة سلسلة غارات على جنوب لبنان وشرقه، زاعما استهداف أماكن تابعة لحزب الله، في تصعيد جديد وخرق يضاف إلى سلسلة خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ارتكبت الأخيرة آلاف الخروقات، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات اللبنانيين، إلى جانب دمار مادي.
وتتحدى إسرائيل الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.
Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ