أجرى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى سلسلة اتصالات هاتفية، تمحورت حول مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار الجديدة، والتي يجب الافادة من روح التضامن والوحدة الوطنية التي طبعتها، لا سيما مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب.وقد اكد، "صاحبا السماحة معا خلال الاتصال"، وفق بيان "المشيخة"، على "تلك الروح من التضامن والوحدة الوطنية، التي تجلت ابان المحنة والظروف القاسية التي مرت على البلاد"، وآملا "بأخذ العبر في كل ما جرى، والانطلاق نحو استثمار وقف إطلاق النار والاتفاق الخارجي، في سبيل انجاز اتفاق داخلي، يفضي إلى إعادة بناء المؤسسات والنهوض بالدولة".

 

كما اتصل أبي المنى بالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان. 
 
كذلك اتصل شيخ العقل مطمئنا ومشجعا "أن تكون المرحلة المقبلة، مرحلة إعادة النهوض بالدولة، وذلك بكل من الوزراء في حكومة تصريف الاعمال : الداخلية والبلديات بسام مولوي، المالية يوسف الخليل، الاشغال العامة والنقل علي حمية، التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الاقتصاد أمين سلام، الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، ‎البيئة ناصر ياسين، الاعلام زياد المكاري والزراعة عباس الحاج حسن. 

 وأجرى الشيخ أبي المنى اتصالا بقائد الجيش العماد جوزيف عون، حيا خلاله "الدور الكبير الملقى على عاتق قيادة الجيش في المرحلة الراهنة، وفي مسؤولية الانتشار في منطقة الجنوب، بالتعاون مع قوات حفظ السلام "اليونيفيل"، لتثبيت الاستقرار والأمن على الحدود الذي يتوق اليه الوطن اليوم، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الغاشم وما تركه من آثار أليمة على لبنان بشرا وحجرا، وعلى الجيش في خسارة العشرات من ضباطه وجنوده في مناطق المواجهات".
وجدد التأكيد على "وجوب الوقوف إلى جانب الجيش والالتفاف حوله، لإنجاز المهام المنوطة بالمؤسسة العسكرية، وبما يساهم في تحصين الوطن وقيام مؤسساته وما هو مأمول للمرحلة المقبلة على هذا الصعيد". 
 
كما اتصل أيضا باللواء عباس إبراهيم.

لقاءات 
والتقى شيخ العقل في دار الطائفة في بيروت اليوم نقيب الأطباء البروفسور يوسف بخاش مع وفد من النقابة، ضم الدكاترة: سعد أبو همين، ساري العبد الله، بول مغربي، بولس معربس وحبيب حزقيال، بحضور عضو المجلس المذهبي الدكتور نزيه بو شاهين.
وذلك لاطلاع الشيخ أبي المنى على الواقع الطبي، في أعقاب الحرب التي حصلت ومشروع النقابة لما بعد الحرب، والذي يعتمد إعادة انتظام القطاع الصحي، خاصة بعد خروج عدد من المستشفيات من الخدمة، وكذلك إعادة تجهيز المستلزمات الطبية اللازمة للمستشفيات والقطاعات الصحية، إلى جانب استعراض أوضاع القطاع الطبي ودور الأطباء على نحو عام.
 
وكان اللقاء مناسبة، نوه خلالها الشيخ أبي المنى بكل "الجهود التي وضعت أمام نصب أعينها مصلحة الوطن وأبنائه، لا سيما الجنود المجهولين، الذين ضحوا بدمائهم وعرضوا أنفسهم للخطر، ومن بينهم الأطباء والممرضون والمسعفون، الذين سقط منهم الكثير أثناء قيامهم بعملهم الإنساني، وفي مهنتهم المقاومة أيضا لأجل الوطن".
 
أضاف: "لبنان يستحق التضحية منا جميعا، لكي يبقى ويستمر، وما نأمله للمرحلة الجديدة، أن نبقى جميعا يدا واحدة وبتلك الروح التضامنية والوطنية التي سادت الفترة الماضية، من أجل إعادة بناء الوطن وقيام مؤسساته وما ننشده جميعا من استقرار وأمان وسلام نتوق جميعا لكي يحل في ربوعه". 

بخاش
وبعد اللقاء قال النقيب بخاش: "تشرفنا اليوم كنقابة أطباء بزيارة سماحة شيخ العقل، للاطمئنان عليه بعد قرار وقف إطلاق النار اولا، ولوضعه بشكل خاص في أجواء العمل الذي قامت به نقابة الأطباء منذ اليوم الأول للعدوان، ووقوفها إلى جانب المواطن اللبناني والجريح، لتأمين تعافيه السريع. كما وضعنا سماحته في أجواء رؤية نقابة الأطباء باليوم الذي يلي هذه الأزمة، كي نستطيع جميعا إعادة القيام بالقطاع الصحي اللبناني والطبي والاستشفائي، والعمل معا على بناء لبنان الجديد الصحة ولبنان مستشفى الشرق". 

لقاءات
كما استقبل شيخ العقل وفدا من "عشائر عرب خلدة" وعائلة الشهيد حسن غصن، ضم : عامر غصن، طلال ضاهر ووسام نوفل، لشكر سماحته على متابعته الملف القضائي المتعلق بالعشائر واطلاعه على مجرياته.
 
وعقد شيخ العقل اجتماعا مع "الهيئة الاستشارية لمعالجة المشاكل الأسرية"، ضمن برامج اللجنة الاجتماعية في المجلس المذهبي، في حضور رئيسة اللجنة المحامية غادة جنبلاط، والأعضاء: المقرر مهيب أبو زور، السيد ناصر المصري، العميد المتقاعد الدكتور سليم أبو اسماعيل والأستاذ جميل تلحوق، إضافة إلى الاختصاصيين في اللجنة الاستشارية السيدات، سناء بركات، شيرين عجب وناريمان تلحوق.
 
وخصص اللقاء للتعريف بالبرنامج وأهميته، في ظل الاهتمام بالأسرة والتفكك الأسري الحاصل، وكذلك لاطلاع سماحته على الهيئة الاستشارية ورؤيتها في توسيع مجالاتها، لتشمل مناطق المتن وراشيا وحاصبيا، بعد إطلاق مكاتب العاصمة بيروت وبعقلين وعاليه، ولناحية تطوير نشاطها في مجالات التوعية والتثقيف الاجتماعي للاسرة على نحو عام، والمقبلين على الزواج خصوصا.
 
وقد أكد شيخ العقل "دعمه للبرنامج، وسائر البرامج التي تحاكي الواقع الاجتماعي الحالي وحيال المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بصون المجتمع والتمسّك بقيمه".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: شیخ العقل أبی المنى

إقرأ أيضاً:

هل يستطيع حزب العدالة والتنمية المغربي إعادة بناء نفسه؟ رأي من الداخل

في أعقاب الهزيمة الانتخابية غير المسبوقة التي مُني بها حزب العدالة والتنمية المغربي سنة 2021، عاد النقاش حول مستقبل الحزب ووظيفته السياسية وحدود أدواره داخل النسق السياسي المغربي إلى الواجهة، ليس فقط في النقاش العمومي الوطني، بل أيضا في التحليلات الأكاديمية المقارنة التي تحاول فهم تحولات الإسلام السياسي في السياقات السلطوية الهجينة.

وفي هذا الإطار، يندرج المقال الذي نشره روري مكارثي وسليم حميمنات بمجلة Middle East Journal تحت عنوان: "هل يستطيع حزب العدالة والتنمية إعادة بناء نفسه؟"، والذي سعى إلى تفكيك أسباب الانكسار الانتخابي للحزب ورصد ملامح استراتيجيته الجديدة في المعارضة، من خلال الربط بين البراغماتية السياسية والقيود البنيوية التي يفرضها النظام السياسي المغربي.

غير أن قراءة تجربة حزب العدالة والتنمية تطرح أسئلة أعمق من مجرد تتبع اختيارات قيادته أو تحولات خطابه، لأنها تلامس إشكالية أوسع تتعلق بطبيعة الفعل الحزبي داخل نظام يسمح بالتعددية والانتخابات، لكنه يضبط مآلاتها وحدودها بدقة. ومن هذا المنطلق، يسعى هذا المقال، المنشور في سياق خاص لـ«عربي21»، إلى مناقشة الأطروحات التي قدمها مكارثي وحميمنات، ليس من باب نفي قيمتها التحليلية، وإنما من أجل استكمالها بإدماج العوامل البنيوية والسياقية التي غالبا ما يتم تهميشها في تحليل المسارات الحزبية بالمغرب.

فهل تكفي العودة إلى خطاب الهوية والكاريزما القيادية لتفسير محاولات إعادة البناء؟ أم أن أزمة الحزب أعمق، وترتبط أساسا بتحولات المجال السياسي نفسه وحدود الإصلاح من داخله؟ هذه الأسئلة تشكل الإطار الفكري الذي يحكم القراءة التالية.

قراءة نقدية لمقالة روري مكارثي وسليم حميمنات

يتناول المقال الذي نشره روري مكارثي وسليم حميمنات على موقع   Middle East Journal تحت عنوان: هل يستطيع حزب العدالة والتنمية إعادة بناء نفسه؟ مسار حزب العدالة والتنمية المغربي بعد هزيمته الساحقة في انتخابات 2021، محاولا تفسير ديناميات الأزمة الداخلية، وأسس الاستراتيجية الجديدة التي يعتمدها الحزب لاستعادة حضوره السياسي. ويعد هذا المقال واحدا من أهم التحليلات الحديثة التي ترصد حزب العدالة والتنمية في المغرب من منظور مزدوج: منظور علم السياسة المقارن، ومنظور العلاقة بين الأحزاب والأنظمة السلطوية الهجينة.

غير أن النص، رغم دقته التحليلية، يتضمن عددا من الفرضيات التي تستحق النقاش، كما أن قراءة التجربة الحزبية المغربية من منظور "البراغماتية الإسلامية" وحده قد لا يكفي لتفسير التحولات العميقة التي عرفها الحزب.

في تشخيص الأزمة ـ بين العوامل الذاتية والهيكلية..

يرى المقال أن هزيمة حزب العدالة والتنمية سنة 2021 نتجت أساسا عن التنازلات السياسية المؤلمة المتعلقة بتوقيع الاتفاق الثلاثي من طرف سعد الدين العثماني رئيس الحكومة السابق والأمين العام للحزب آنذاك، والموافقة على تقنين القنب الهندي وفرنسة التعليم، بالإضافة إلى هندسة انتخابية مقصودة حدّت من قدرته على الفوز. وهو تشخيص صحيح إلى حد كبير، ولكنه تشخيص غير مكتمل إلا بإضافة أربعة عوامل حاسمة:

إن مسألة الانتقال الجيلي التي يثيرها المقال ويربطها بأسماء قيادية معينة، تستحق النقاش من زوايا متعددة، ولكنها بالتأكيد ليست غاية في حد ذاتها، لأن المطلوب هو ضمان استمرارية رسالة الحزب الإصلاحية وتطوير خطابه بما يساير المستجدات السياسية والاقتصادية، وذلك على ضوء خبرته المتراكمة في التدبير، وعلى ضوء المراجعات المطلوبة لنظرته للعديد من القضايا..أولا ـ أزمة التمثيلية داخل المجتمع المغربي، وتراجع التصويت السياسي لفائدة التصويت النفعي (التصويت مقابل المال، أو مقابل خدمات سريعة)، فالتراجع الحاد لثقة المواطنين في الأحزاب شمل جميع التنظيمات، وليس العدالة والتنمية وحده، وتشير العديد من الدراسات إلى أن نسب المشاركة المتدنية تعكس تراجعا حادا لبنية الوساطة الحزبية، وهو ما يضعف أي حزب بغض النظر عن أدائه، بمعنى أن أطروحة التصويت العقابي ضد حزب العدالة والتنمية لا تعني بالضرورة تحويل الأصوات بشكل واع نحو الأحزاب التي فازت في انتخابات 2021.

ثانيا ـ نهاية رصيد دينامية الربيع العربي والموجة الإصلاحية الإقليمية التي استفاد منها الحزب في 2011 ونجح في استدامتها إلى 2016 بفعل تماسك صفه الداخلي في مواجهة حزب الأصالة والمعاصرة المدعوم من السلطة، وبفعل الأداء القوي لأمينه العام آنذاك عبد الإله بنكيران، لكن ابتداء من 2017، دخل المغرب مرحلة "استعادة المبادرة" من طرف السلطة وإصرارها على تقليص هوامش الفعل السياسي، وهو ما ظهرت مؤشراته في التحكم في الصحافة والنشر وفي مؤشرات أخرى..

ثالثا ـ تأثر العلاقة بين الحركة والحزب، ولاسيما بعد توقيع اتفاقية التطبيع، فالعلاقة بين الحزب وحركة التوحيد والإصلاح عرفت اختلالا بنيويا بعد أن وقع سعد الدين العثماني بصفته رئيسا للحكومة الاتفاق الثلاثي تحت أنظار الملك محمد السادس، وهو ما أدى إلى فتور داخل القواعد الدعوية وعدم الحماس لدعم الحزب في المحطات الانتخابية، وبروز نوع من فقدان التجانس السياسي والإيديولوجي.

رابعا ـ تصدع الصف الداخلي للحزب، على المستوى القيادي، لاسيما بين الأمانة العامة للحزب بقيادة سعد الدين العثماني آنذاك، وعبد الإله بنكيران رئيس الحكومة الأسبق الذي لم يقبل أي موقع قيادي داخل مؤسسات الحزب منذ المؤتمر الوطني ل2017، واكتفى بتوجيه كلمات للجمهور عبر صفحته على الفايسبوك واليوتوب، بعضها كان يتضمن انتقادات لاذعة لقيادة الحزب وأدائها الحكومي، مما أظهر الحزب في صورة مفككة وغير منسجمة..

هذه العوامل البنيوية لم يسلط المقال عليها الضوء بما يكفي، رغم أنها أساسية لفهم الأزمة.
في قراءة الاستراتيجية الجديدة - بين تعبئة الهوية وقيود السلطوية..

يرى المقال أن رؤية بنكيران تعتمد على ثلاث ركائز: ـ الهوية الإسلامية ـ الدفاع عن فلسطين ـ نقد حكومة أخنوش، ويصف هذه الاستراتيجية بأنها "عودة إلى خطاب ما قبل 2011"، وأنا أتفق على هذا التوصيف مع بعض التدقيقات اللازمة.

إن ما يحدث ليس عودة خطابية بغرض انتخابي فقط، بل هو، يمثل في نظر بنكيران، تصحيحا لخطاب الحزب بعد انغماسه في التدبير العمومي، وحاجة الحزب إلى استعادة هويته الأصلية بعد عشر سنوات في السلطة، تراجع فيها خطاب الهوية داخل الحزب. ولكن هذه العودة في نظري، بقدر ما تمثل محاولة جادة لتجميع قواعد الحزب على أرضية المرجعية الإسلامية واستعادة جمهور المحافظين، بقدر ما تظل بعيدة عن ادعاء امتلاكها لمشروع مجتمعي متكامل الذي يظل منفتحا على مرجعيات الكسب الإنساني في مجال التدبير السياسي وتنظيم السلطة، فخطاب الهوية يمكن أن يستخدم كأداة للتعبئة الشعبية، لكنه لا يمس جوهر النسق السلطوي.

أما فيما يتعلق بما يسميه المقال "محاولة استعادة الشرعية بعد صدمة التطبيع"، فيمكن القول بأن القضية الفلسطينية تعتبر  قضية إجماع وطني، وحزب العدالة والتنمية من الأحزاب السياسية المغربية التي كانت سباقة إلى دعم كل المبادرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، لكن من المؤكد أن الحزب تضرر من لحظة التوقيع الثلاثي، وبالتالي فإن إصراره على الالتزام بثوابت القضية الفلسطينية وحضوره الدائم خلال الفعاليات الشعبية التضامنية مع القضية الفلسطينية، يرمي بالفعل إلى محو آثار توقيع العثماني وإعادة تقديم نفسه كفاعل مبدئي في التعاطي مع هذه القضية خصوصا بعد طوفان الأقصى وما تبعه من أحداث..

السياق السياسي السائد يحد من أي تحول عميق في الممارسة الحزبية حتى مع تغير الوجوه، فحدود السلطة التنفيذية تبقى مسيجة بقواعد دستورية وأخرى ضمنية، ودور المؤسسة الملكية يبقى دورا محوريا في الحياة السياسية، وأدوار وزارة الداخلية ازدادت اتساعا في الآونة الأخيرة، وهو ما يعني أن مجال تأثير الحزب سيظل محصورا في المساحة المسموح بها.أما فيما يتعلق بنقد حكومة أخنوش، فهنا لا يختلف الكثيرون على أن حزب العدالة والتنمية استثمر إلى حد بعيد خبرته التدبيرية لتوجيه ملاحظات دقيقة للأداء الحكومي، وفضح العديد من انزلاقاتها خصوصا ما يتعلق بتضارب المصالح لدى أعضاء ورئيس الحكومة ومراكمة الثروة عن طريق صفقات عمومية افتقرت إلى الشفافية والنزاهة، وبذلك نجح الحزب في التموقع كأول حزب معارض في البرلمان رغم أنه يتوفر على مجموعة برلمانية من 13 عضو فقط..

إشكالية الرهان على الكاريزما ومستقبل الحزب..

يعتبر المقال بأن الحزب يعيد تكرار تجربة "الشخصنة" من خلال إعادة انتخاب بنكيران أمينا عاما للحزب، والحقيقة أن هذا يعتبر من المخاطر الجدية التي تحيط بهذه التجربة، فالشخصنة قد تضعف المؤسسية، وقد تؤدي إلى بناء شرعية زعامة بدل بناء شرعية الحزب، وقد ترهن مستقبل التنظيم بإمكانات فرد واحد، لكن من المؤكد أن إعادة الثقة في بنكيران جاء في أعقاب تداول حر بين المؤتمرين دام لمدة خمس ساعات وتوج بتصويت حر في صناديق زجاجية أعطت أغلبية أصوات المؤتمرين لبنكيران، كما أن تشكيلة الأمانة العامة تضم قياديين مخضرمين بالإضافة إلى عدد معتبر من الشباب وتمثيلية النساء.

إن مسألة الانتقال الجيلي التي يثيرها المقال ويربطها بأسماء قيادية معينة، تستحق النقاش من زوايا متعددة، ولكنها بالتأكيد ليست غاية في حد ذاتها، لأن المطلوب هو ضمان استمرارية رسالة الحزب الإصلاحية وتطوير خطابه بما يساير المستجدات السياسية والاقتصادية، وذلك على ضوء خبرته المتراكمة في التدبير، وعلى ضوء المراجعات المطلوبة لنظرته للعديد من القضايا..

صحيح، أن المؤتمر الأخير لم يستطع التخلص من منطق الزعامة الكارزمية، ولكنه في نفس الوقت لم يركن إلى "أطروحة الاختيار الحتمي" لبنكيران وإنما أعاد التأكيد على قيمة التنافس الانتخابي وتعددية المرشحين، رغم أن مساطر الحزب لا تسمح للأعضاء بترشيح أنفسهم وفق برامج وأفكار تنافسية، ومع ذلك تبقى الممارسة الديموقراطية داخل حزب العدالة والتنمية من أرقى التجارب الحزبية في المغرب.

بقي أن أشير إلى أن السياق السياسي السائد يحد من أي تحول عميق في الممارسة الحزبية حتى مع تغير الوجوه، فحدود السلطة التنفيذية تبقى مسيجة بقواعد دستورية وأخرى ضمنية، ودور المؤسسة الملكية يبقى دورا محوريا في الحياة السياسية، وأدوار وزارة الداخلية ازدادت اتساعا في الآونة الأخيرة، وهو ما يعني أن مجال تأثير الحزب سيظل محصورا في المساحة المسموح بها.

حيث يسمح النظام السياسي بوجود انتخابات وتعددية، لكن وفق نتائج مضبوطة تمنح هامشا محدودا للأحزاب ولا تسمح بظهور بديل سياسي يتمتع بشرعية شعبية واسعة، مثل ما حصل بعد انتخابات 2016..

والخلاصة..

إن المقال يقدم قراءة مفيدة لمسار حزب العدالة والتنمية، لكنه يميل إلى تفسير التحولات الداخلية اعتمادا على الفاعلين داخل الحزب أكثر مما يعتمد على بنية النظام السياسي، ولذلك فإن الاستنتاج القائل بأن الحزب قد يستعيد قوته، وأنه قادر على إعادة التموضع في المدى القريب، ينبغي التعامل معه بنوع من النسبية لأن ملامح مستقبل الحزب داخل معادلة سياسية مغربية معقدة، لا تتحكم فيها دينامية الحزب الداخلية وعلاقته بالجمهور فقط، ولكن تتحكم فيها أيضا البيئة السياسية العامة التي تبقي الأحزاب في موقع "التدبير داخل الحدود" ولم تعد تسمح بالمفاجأة الانتخابية..

مقالات مشابهة

  • هل يستطيع حزب العدالة والتنمية المغربي إعادة بناء نفسه؟ رأي من الداخل
  • مدبولي يؤكد دعم الدولة لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف تقديم الخدمات خاصة للشباب والنشء
  • عمر عزام قصر العيني.. قلعة طبية في خدمة كل ربوع الوطن
  • محطات مضيئة في تاريخ الوطن ودور الشباب في بناء الوطن فى ندوة بثقافة أسيوط
  • مؤسسة النفط تستعرض الشراكات التي تقيمها مع الشركات الأوروبية وسبل تطويرها
  • القوات الروسية تنفذ 6 هجمات ضد المؤسسات العسكرية الأوكرانية
  • لتوحيد المؤسسات ودعم التعاون.. سفير واشنطن يجري عدة مباحثات في طرابلس
  • برنامج تدريبي في السمعة المؤسسية بقسم إعلام جامعة الفيصل
  • النائب محمد رزق: مصر تعيد بناء نفسها برؤية جديدة.. ودور رجال الأعمال يتجاوز المكسب إلى صناعة مستقبل الوطن
  • محافظ بني سويف يشارك أبناء المؤسسات من الأيتام فرحتهم باليوم الترفيهي