الذهب من المتوقع أن يرتفع أكثر مع تحطيم الأرقام القياسية في 2025
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
#سواليف
منذ بداية عام 2024 حقق #الذهب #قفزات_قياسية لمرات عديدة سجل خلالها أعلى مستوياته على الاطلاق، ليحقق مكاسب منذ بداية العام حتي الآن تتجاوز 35% متفوقًا على جميع الأسواق المالية الأخري، ومن المتوقع أن يرتفع الذهب أكثر من المتوقع في ظل استمرار المحركات الرئيسية لهذا السوق.
عادة يتداول الذهب بما يتماشي بشكل وثيق مع تغيرات أسعار الفائدة، وباعتباره أصلًا لا يقدم أى عائد، فإن جاذبيته تكون أقل للمستثمرين إذا كانت أسعار الفائدة مرتفعة، ويكون أكثر جاذبية عند خفض سعر الفائدة، وفي حين لا تزال هذه العلاقة قائمة، كانت مشتريات البنوك المركزية قوية بشكل كبير مما عزز ارتفاع الأسعار.
المحركات الرئيسية وديناميكيات السوق
مقالات ذات صلة أساليب علاجية لأورام البروستاتا الخبيثة النقيلية 2024/11/281 – التركيز على مرونة الذهب وسط التوترات الجيوسياسية
قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية اقتربت أسعار تداول الذهب من عتبة 2800 دولار الحرجة مع ارتفاع الطلب ووسط عاصفة مثالية من عدم الاستقرار العالمي وحذر المستثمرين والعوامل الاقتصادية، حيث يلعب الذهب كملاذ آمن أقوى من أي وقت مضى ويُظهر مرونة عالية على الرغم من التراجعات المؤقتة، ويبقي الذهب الفوري مدعومًا بزيادة مشتريات البنوك المركزية واهتمام مستثمري التجزئة مما يشير إلى زخم صعودي قد يدفعه إلى الارتفاع.
2 – الطلب القياسي من البنوك المركزية والمشترين المؤسسيين
كان الشراء العدواني من البنوك المركزية والمستثمرين المؤسسيين في جميع أنحاء العالم أحد أبرز المحفزات لأسعار الذهب هذا العام، تواصل الصين والهند وتركيا التحول بعيدًا عن الاعتماد على الدولار الأمريكي وتراكم احتياطيات ضخمة من الذهب للحماية من تقلبات العملة، لا يقتصر الطلب على الكيانات الحكومية فقط، بل قدمت شركة التجزئة الأمريكية العملاقة كوستكو مؤخرًا سبائك الذهب مما أدى إلى سهولة الوصول إلى المستثمرين العاديين وزيادة الطلب على التجزئة، يعكس هذا الطلب المرتفع من الحكومات والجمهور ثقة متزايدة في استقرار الذهب وسط المخاوف الاقتصادية العالمية.
3 – المخاطر الجيوسياسية تدعم جاذبية الذهب كملاذ آمن
يظل الصراع المستمر في الشرق الأوسط عاملاً رئيسيًا في دفع الطلب على الذهب حيث يسعى المستثمرون إلى ملاذ آمن ضد التقلبات الجيوسياسية، وقد أكدت التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران، إلى جانب التهديدات بالانتقام، على دور المعدن كتحوط ضد المخاطر غير المتوقعة، إن الإجراءات العسكرية الأخيرة (على الرغم من أنها أقل حدة) تبقي الأسواق على حافة الهاوية، مما يجعل الذهب الخيار الأول للمستثمرين الحذرين من المخاطر المتصاعدة، لقد تتعزز جاذبية المعدن أيضًا بسبب المخاوف الوشيكة بشأن الاستقرار الاقتصادي الأمريكي والديناميكيات السياسية العالمية.
4 – قوة الدولار وعوائد سندات الخزانة تضيف تعقيدًا إلى ارتفاع الذهب
في حين تُظهِر أسعار الذهب زخمًا صعوديًا قويًا، فإن ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية والدولار القوي يمثلان عقبات محتملة، وصل الدولار مؤخرًا إلى أعلى مستوى له منذ منتصف العام مما يجعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين الدوليين ويحد قليلاً من الطلب، ومع ذلك، فإن استمرار المخاطر العالمية وخاصة في أوروبا وآسيا، لا يزال يوازن بين هذه الرياح المعاكسة، مما يوفر دعمًا قويًا للذهب كأصل استثماري استراتيجي.
5 – دور الصين في سوق الذهب
لا يزال تأثير الصين على سوق الذهب كبيرًا، على الرغم من انخفاض الطلب على المجوهرات الذهبية، ومع ذلك، ارتفعت استثمارات الأسر في سبائك الذهب والعملات المعدنية بنسبة 27% هذا العام حيث سعى المستثمرون الصينيون إلى شراء أصول موثوقة وسط مخاوف اقتصادية محلية، ارتفعت أحجام التداول في بورصة شنغهاي للذهب بأكثر من 47%، مما يشير إلى أن مستثمري البلاد يشاركون بنشاط في ارتفاع الذهب المستمر، مما يعزز الطلب العالمي.
6 – مشاعر المستثمرين: المؤشرات الصعودية والتراكم الاستراتيجي
مشاعر المستثمرين حول الذهب صعودية بقوة، حيث يتبنى المتداولون نهج “الشراء عند الانخفاضات” حيث يستفيدون من التراجعات الدورية، ويضع العديد منهم أنفسهم تحسبًا لارتفاع الأسعار مدفوعًا بمخاوف اقتصادية وجيوسياسية أوسع نطاقًا.
ما هو توقع أسعار الذهب لعام 2025؟
من المتوقع أن يرتفع المعدن الثمين إلى 3000 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2025 مسجلًا مستويات قياسية متعددة لهذا العام كما حدث في 2024، حيث لا تزال العلاقة بين تغيرات سعر الذهب وتغيرات أسعار الفائدة قائمة، ومن المرجح أيضًا أن تزيد البنوك المركزية من مشترياتها ويقدر بنك جولدمان ساكس أن 100 طن من الطلب المادى على المعدن سيرفع أسعاره بنحو 2.4% على الأقل.
لقد كان القلق بشأن المخاطر للعقوبات المالية أحد أهم الأسباب التى دفعت البنوك المركزية إلي زيادة حجم مشترياتها من الذهب، ووفقًا لجولدمان ساكس، ارتفعت مشتريات البنوك المركزية فى الأسواق الناشئة من الذهب بشكل ملحوظ منذ تجميد أصول البنك المركزي الروسي في عام 2022 في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا.
ومن جهة أخري، تميل البنوك المركزية لدي الأسواق المتقدمة إلي امتلاك حيازات كبيرة نسبيًا من الذهب كجزء من الاحتياطيات، على سبيل المثال: تمتلك الولايات المتحدة وايطاليا وألمانيا وفرنسا حيازات من الذهب تقدر بنحو 70% من احتياطياتها، وعلى النقيض من ذلك، تمتلك نظيراتها فى الأسواق الناشئة حصصًا أقل، علي سبيل المثال: تمتلك الصين نحو 5% من احتياطي الذهب.
ويبدو أن صناع السياسات قلقون أيضا تجاه استدامة ديون الولايات المتحدة التى تقدر بنحو 35 تريليون دولار وهو ما يعادل 124% من الناتج المحلي الإجمالي، وتحتفظ الكثير من البنوك المركزية بالجزء الأكبر من احتياطياتها في سندات الخزانة الأمريكية، وقد يشعر صناع السياسات بقلق متزايد إزاء التعرض للمخاطر المالية فى الولايات المتحدة.
ووفقا لتقرير جولدمان ساكس، فإن المعدن الأصفر يقدم فوائد التحوط من الصدمات الجيوسياسية المتوقعة والتي تضم الارتفاع المحتمل في التوترات التجارية عقب فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، ومخاطر تبعية البنك الاحتياطى الفيدرالى ومخاوف الديون.
الذهب قد يتفوق على الأسهم مع ارتفاع المخاطر الاقتصادية
تزامن ارتفاع الذهب إلى مستويات قياسية جديدة مع صعود لا يتوقف على ما يبدو في سوق الأسهم، ولكن هذا قد يتغير قريبًا وفقًا لأحد المحللين، الذي قال إن تزايد التوترات الجيوسياسية والمخاطر الاقتصادية قد تدفع الكثير من المستثمرين إلي التخلي عن الأصول الخطرة والانتقال إلى أقدم ملاذ آمن في العالم.
قال “مايك ماكجلون” كبير استراتيجيي السلع الأساسية في بلومبرج إنتليجنس: أن اجمالي عائد المعدن الأصفر يتواكب مع اجمالي عائد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 المدفوع بالذكاء الاصطناعي لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، وأشار إلى أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة تشكل رياحًا خلفية قوية مواتية للذهب، وهو ما يشير إلي ارتفاعه بنحو 50% مقابل 40% لمؤشر العائد الإجمالي لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، ولكن هناك عدد من الرياح المعاكسة التي قد تؤدي إلى تراجع المعدن الأصفر، رغم أنه لا يزال يتوقع ارتفاع سعره على المدى الطويل.
وقال ماكجلون: لقد أثار انتقال السلطة الحاسم في الولايات المتحدة بعض جني الأرباح في الذهب، لكن ولاية ثانية للرئيس المنتخب “دونالد ترامب” قد تعزز أسس المعدن، وقد تأتي الرياح المعاكسة المحتملة للذهب من مزيج من التوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي تتمثل في ابتعاد الصين عن روسيا ونحو أفضل عملائها للتصدير ( أوروبا والولايات المتحدة ) وأسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة نسبيًا وعجز الميزانية المتناقص والدولار القوي.
بالنظر عن كثب إلى أداء الذهب مقارنة بمؤشر ستاندرد آند بورز 500، لاحظ ماكجلون أن الاثنين أظهرا ارتباطًا قويًا، لكنه حذر من أن هذا قد ينتهي قريبًا، وأضاف: أن الذهب يُظهر على نفس مقياس مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مسارًا تصاعديًا قريبًا منذ عام 2015 تقريبًا وقد يكون ناضجًا للانفصال، إذا كان منحنى العائد دليلاً، عند وصول سعر الذهب لحوالي 2700 دولار في 7 نوفمبر قد تكون أونصات الذهب منخفضة عند أقل من نصف مؤشر الأسهم.
وقد حذر ماكجلون من أن ادارة البنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية والأموال الفيدرالية ستؤدي إلى خلق الأزمة التالية وتجبر البنك المركزي الأمريكي علي تبنى أسعار فائدة صفرية أو حتي سلبية، وأشار إلى أن قرار البنك الاحتياطى الفيدرالى بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه الأخير الذي عقد في نوفمبر بعد خفض بنحو 50 نقطة أساس في سبتمبر ما هو إلا مجرد بداية لدورة خفض أسعار أطول يتم دفعها بالتكلفة غير المستدامة لخدمة الدين الوطنى.
إن خفض أسعار الفائدة المتتالية أمر حتمي بسبب الارتفاع الكبير في خدمة الدين الفيدرالى عند مستويات أسعار الفائدة هذه، وسنرى العديد من عمليات اعادة ضبط الديون فى الأشهر المقبلة، كما قال أن الشركات واجهت صعوبة في السداد وخدمة تلك الديون فى ظل بيئة أسعار الفائدة الصفرية، وسوف نجد أنه من المستحيل خدمة تلك الديون في ظل سعر الفائدة الحالي، لهذا يتعين على البنك الاحتياطي الفيدرالي حقًا خفض الأسعار، وكلما طال الانتظار، كلما كان عليه القيام بذلك بشكل أكثر إلحاحًا في مرحلة ما.
قد يحتاج الاقتصاد الأمريكي حتى إلي سعر فائدة سلبي للتعامل مع الأزمة التالية، وأشار إلى أنه يعتقد أننا على المدى الأطول يجب أن يكون لدينا أسعار فائدة حقيقية سلبية في ظل أعباء الديون العالية، ومن الضروري أن تصبح تكلفة خدمة الدين منخفضة من معدل تراجع قيمة العملة، وإن لم يحدث ذلك فإن الاقتصاد الأمريكي قد يدخل في مرحلة الانهيار.
ويتوقع أن يصل الذهب إلي نطاق 6000 دولار إلى 8000 دولار في دورة السوق الصاعدة الحالية، مستندًا في حساباته إلى أنماط التداول التاريخية السابقة.
هل يخترق الذهب مستوى 2800 دولار للأونصة قريبًا؟
مع وجود مجموعة من قوى السوق التي تدفع الطلب، يبدو الذهب على استعداد لتحدي مستوى 2800 دولار للأونصة، يساهم الاهتمام المستمر من قبل البنوك المركزية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة وعدم اليقين الاقتصادي في الأسواق الرئيسية في خلق بيئة مواتية بشكل متزايد لمسار الذهب الصاعد، ومع استمرار الضغوط التضخمية تظل توقعات الذهب صعودية، مما يمهد الطريق لمسار تاريخي يتجاوز أعلى مستوياته على الإطلاق.
باختصار، مع صراع الاقتصاد العالمي مع تقارب المخاطر، فإن مكانة الذهب كملاذ آمن لا جدال فيها، مما يُظهر إمكانية اختراق مستويات المقاومة والوصول إلى ارتفاعات جديدة، يظل المعدن أصلًا أساسيًا وأفضل ملاذ آمن، يجذب اهتمام المستثمرين عبر جبهات متعددة، من التراكم المؤسسي إلى إمكانية الوصول إلى التجزئة، وكل ذلك يشير إلى الطلب المستدام في الأشهر المقبلة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الذهب قفزات قياسية التوترات الجیوسیاسیة ستاندرد آند بورز 500 الولایات المتحدة البنوک المرکزیة أسعار الفائدة من المتوقع الطلب على من الذهب الذهب ا إلى أن قریب ا
إقرأ أيضاً:
البنوك تكوي المقترضين بفوائد نارية.. وخفض الفائدة "طوق النجاة" لاقتصادنا الوطني
◄ ارتفاع أعداد الباحثين عن عمل ناتج عن صعوبة تمويل القطاع الخاص
◄ الأرباح الكبيرة للقطاع المصرفي لا تنعكس على نمو الاقتصاد الوطني
◄ الفوائد البنكية تكبح أي نمو قطاعي منشود بالتوازي مع صعوبة الاقتراض
◄ المحرمي: لا سقف للفائدة على القروض التجارية.. و3 عوامل تُحدد النسبة
◄ القروض الشخصية تمثل 38% من إجمالي المحفظة الإقراضية في عُمان
◄ المحرمي: أضرار "كبيرة جدًا" لأسعار الفائدة المُرتفعة على الاقتصاد الوطني
◄ زيادة نسبة الفائدة تتسبب في ارتفاع تكلفة خدمة الدين
◄ شبح الانكماش الاقتصادي يتضخم مع ارتفاع أسعار الفائدة على القروض
◄ الحضرمي: ارتفاع الفائدة المصرفية يتسبب في تأجيل المشروعات وإلغائها
◄ اقتراح بتوسيع حجم الإقراض الحكومي إلى 70% من كلفة المشروع
الرؤية- ريم الحامدية
أكد خبراء اقتصاديون أن استمرار فرض البنوك التجارية في سلطنة عُمان لمعدلات فائدة مرتفعة رغم انخفاضها عالميًا، يتسبب في ضغوط اقتصادية على مختلف القطاعات، مُحذِّرين من تداعيات مُباشِرة على المواطنين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في ظل غياب توعية مصرفية كافية وصعوبة الوصول إلى بدائل تمويلية مُيسَّرة.
وقال الخبراء- في تصريحات لـ"الرؤية"- إن هذا الارتفاع في معدلات الفائدة، ناجم عن مزيج من العوامل الداخلية المُرتبِطة بتكلفة الإقراض والمخاطر، والعوامل الخارجية المرتبطة بالسياسات النقدية العالمية، معتبرين أن الفائدة المرتفعة تهدد بتثبيط التوسع الاقتصادي وزيادة التعثرات الفردية، ما لم تُتخذ إجراءات احترازية تُنظِّم السوق وتحمي المواطن.
وقال الأستاذ الدكتور سعيد المحرمي الأستاذ بقسم الاقتصاد والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس، إن القروض يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين؛ القسم الأول: عبارة عن القروض الشخصية والتي تُعتبر قروضًا استهلاكية وليست استثمارية، ويمثل هذا النوع من القروض نسبة 38% من إجمالي المحفظة الإقراضية لعام 2024. وأوضح أن البنك المركزي العُماني حدد ألّا تتجاوز نسبة الفائدة على القروض الشخصية نسبة 6%؛ أي أن هناك سقفًا محددًا على نسبة الفائدة على القروض الشخصية. وأضاف أن النوع الثاني من القروض يتمثل في القروض التجارية، والتي تشمل جميع القروض المقدمة لكل المؤسسات التجارية والاقتصادية إضافة إلى القروض المقدمة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مشيرًا إلى أن البنك المركزي العُماني حدَّد للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وجوب تخصيص 5% من إجمالي المحفظة الإقراضية والتمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لبند القروض التجارية، وعلى عكس القروض الشخصية فإن القروض التجارية لا سقف مُحددًا لنسبة الفائدة. وبيّن المحرمي أن التفاوت في احتساب نسبة الفائدة على القروض التجارية يعتمد على كل مؤسسة وشركة على حدةٍ، بناءً على عدة مُعطيات؛ من ضمنها: طبيعة نشاط الشركة أو المؤسسة، ودرجة المخاطر الناتجة من إعطاء القروض لتلك الشركات.
وأضاف المحرمي أن نسبة الفائدة على الأموال تُحدِّدها عوامل خارجية، إلّا أن العوامل الداخلية هي الأهم في تحديد نسبة الفائدة على القروض التجارية ويكون حساب نسبة الفائدة مبنيًا على 3 عوامل رئيسية. وقال إن العامل الأول يتمثل في تكلفة نسبة الفائدة على الودائع وتكاليف استقطاب الأموال بشكل عام، أما العامل الثاني فهي التكاليف الإدارية والمالية على المبلغ المُراد اقتراضه، في حين أن العامل الثالث يتمثل في درجة المخاطر للشركة ودرجة المخاطر للفرد في حالة القروض الشخصية، وبالتالي تحدد هذه العوامل الثلاثة نسبة تكلفة القرض الإجمالية. وأوضح أنه بعد تحديد نسبة التكلفة الإجمالية، تتم إضافة نسبة الربح الذي يحصل عليه البنك، ويتم بناءً على التكلفة الإجمالية ونسبة الربح، تحديدُ نسبة الفائدة على القروض التجارية أو الشخصية.
وأشار المحرمي إلى أن القروض الشخصية والتي تمثل 38% من إجمالي المحفظة الإقراضية، فلقد حدد البنك المركزي العُماني سقفًا محددًا لهذا النوع من القروض، وأن البنوك التجارية والإسلامية ملتزمة بهذه النسبة. وتابع أنه كلما ارتفعت نسبة الفائدة على القروض، ارتفعت قيمة القسط الشهري لخدمة الدين، وبالتالي إثقال كاهل المقترض، ما يؤدي ذلك إلى زيادة تعثُّر المقترضين في الالتزام بسداد أصل الدين علاوة على الفوائد العالية.
وبيّن المحرمي أنه كلما زادت نسبة الفائدة على القروض التجارية، فإنَّ أضرارها على الاقتصاد تكون "كبيرة جدًا"، وتزداد نسبة تعثر الشركات والمؤسسات؛ نظرًا لأن ارتفاع نسبة الفائدة على القروض يؤدي إلى ارتفاع تكلفة خدمة الدين، وبالتالي زيادة التكاليف التشغيلية للمؤسسات والشركات. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن سلبيات ارتفاع نسبة الفائدة، تكمن في أنه يؤدي إلى انكماش الاقتصاد؛ حيث يتردد المستثمرون في التوسع في أعمالهم، نتيجة لارتفاع تكلفة التمويل، كما يتردد المستثمر الجديد في فتح أي مشروع جديد نظرًا لارتفاع تكلفة القروض.
وأوضح المحرمي أن هناك تقصيرًا كبيرًا من البنوك في الدور التوعوي، إلّا أن البنك المركزي العُماني وجمعية المصارف العُمانية يقومان بدور توعوي في جوانب كثيرة، غير أن المطلوب دور أكبر في التوعية من قِبل جميع المؤسسات المالية بما في ذلك البنوك التجارية والمصارف الإسلامية.
وأضاف المحرمي أن البنك المركزي العُماني هو الذي يمثل الحكومة ويؤدي دورًا كبيرًا في السيطرة على نسبة الفائدة، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية، علاوة على الرقابة وتحفيز البنوك والمصارف بعدم المبالغة في احتساب الفوائد على القروض.
وأكد المحرمي أن على المُقترض؛ سواء كان فردًا أو مؤسسة أو شركة، عليه قبل أن يتقدم لطلب القرض، أن يُحدِّد احتياجه له وماذا سيفعل به وكيف سيدفعه وهل سيكون بمقدوره دفع الأقساط الشهرية، حتى في أسوأ الظروف، وما العائد من هذا القرض. وأوضح أنه يتعين على الفرد أو الشركة دراسة جدوى الحصول على القرض والعوائد المتوقعة والتحديات المتوقعة وكيفية تجاوزها؛ حيث إن الهدف من القرض تحقيق قيمة مضافة وليس التورُّط في خدمة الدين.
عوامل خارجية
من جانبه قال الدكتور جلال الحضرمي مؤسس أساطير المجد الدولية للاستشارات والاستثمار، إن رفع سعر الفائدة إلى 7% يعود إلى تلاقي عوامل دولية ومحلية فرضت ضغوطًا متزامنة على القطاع المصرفي في السلطنة، فعلى المستوى الدولي كان لتوجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو سياسة نقدية متشددة ورفعه لسعر الفائدة بأكثر من 450 نقطة أساس منذ مطلع 2022 حتى منتصف 2024 أثر مباشر في دفع دول المنطقة إلى التكيف مع هذه المستجدات لحماية عملاتها المحلية ومنع تسرب رأس المال. وأضاف أنه على المستوى المحلي، شهدت سلطنة عُمان تضخمًا متسارعًا ونموًا ائتمانيًا بنسبة قاربت 8% إلى جانب ثبات سعر الفائدة لسنوات طويلة عند 6%، ما أدى إلى تراجع هوامش ربح البنوك وضعف حركة الودائع مقارنة بالطلب على القروض؛ الأمر الذي جعل من رفع السقف إلى 7% ضرورة للحفاظ على السيولة وربحية القطاع المالي.
وأوضح الحضرمي أن هذا الارتفاع في سعر الفائدة أثَّر بشكل مباشر على كُلفة الاقتراض بالنسبة للأفراد، خصوصًا في ما يتعلق بالقروض السكنية والاستهلاكية، مشيرًا إلى أن قرضًا سكنيًا بقيمة 100000 ريال عُماني كانت دفعته الشهرية سابقًا حوالي 580 ريالًا ارتفعت إلى 640 ريالًا، وهو ما يعني زيادة تقارب 60 ريالًا شهريًا أي نحو 10% من الدخل الصافي لبعض الأسر، لافتًا إلى أن هذا الفرق قد يجعل الكثير من المواطنين يؤجلون قرارات شراء أو تملك وحدة سكنية.
أما في القروض الاستهلاكية، يوضح الحضرمي أن الفارق في الفائدة يؤدي إلى دفع حوالي 8 ريالات إضافية شهريًا لكل 10000 ريال مستدان، ما يشكّل عبئًا على ذوي الدخل المحدود ويزيد من احتمالية التعثُّر خاصة في ظل غياب حملات توعية مصرفية فعّالة تساعد المواطن على التخطيط المالي وتقدير التبعات المستقبلية قبل اتخاذ قرارات الاقتراض.
وأضاف أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تمثّل العمود الفقري للاقتصاد الوطني ستواجه تحديات إضافية نتيجة زيادة معدلات الفائدة، مبينًا أن رفع الفائدة بمقدار نقطة مئوية واحدة يجعل القرض بقيمة 20,000 ريال يُكلِّف الشركة حوالي 17 ريالًا إضافيًا شهريًا، وهو ما يتجاوز 15% زيادة في الكلفة التمويلية. وبيّن أن هذه الزيادة قد تدفع العديد من المشاريع إلى تأجيل خططها التوسعية أو إلغائها وربما تصل بعض المشاريع الهشّة إلى مرحلة الإغلاق. وذكر أنه على الرغم من توفر بدائل مثل التمويل الإسلامي بنظام المُرابحة الذي يحدد هامش ربح ثابت والتمويل الحكومي المُقدَّم عبر بنك التنمية ومحفظة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق عُمان للمستقبل، إضافة إلى التمويل الجماعي وقروض الأقران، إلّا أن الطلب لا يزال يفوق العرض، ما يجعل هذه البدائل غير كافية لاستيعاب الضغط الكامل الواقع على سوق الشركات الصغيرة.
وأكد الدكتور جلال الحضرمي أن البنوك وإن كانت تقوم بنشر نشرات أسعار الفائدة عبر مواقعها الإلكترونية وفروعها، إلّا أن الجانب التوعوي لا يزال يعاني من ضعف واضح، موضحًا أن البنوك لا تُنظم ورش عمل أو ندوات ميدانية تشرح المفاهيم الأساسية للإدارة المالية، مثل نسبة الدين إلى الدخل، أو أُسس التخطيط المالي السليم. وتابع أن الحضور الرقمي للبنوك على منصات التواصل الاجتماعي يفتقر إلى المحتوى التثقيفي الذي يشرح للمواطن العادي مخاطر الاقتراض في ظل الفائدة المرتفعة، مؤكدًا أن هذه الفجوة بين الأرقام الرسمية والتجربة الواقعية للمواطن تؤدي إلى غياب التهيئة المُسبقة التي يحتاجها المقترض لاتخاذ قرارات مالية مدروسة.
وأشار الحضرمي إلى أن الحكومة والبنك المركزي يمكن أن يلعبا دورًا مهمًا في التخفيف من حدة القرار على الفئات المتأثرة، ومن بين الحلول المطروحة تأجيل إعادة تسعير القروض السكنية القائمة حتى 100,000 ريال لمدة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، ما يمنح الأسر فرصة للتكيّف المالي مع القرار، كما يمكن توسيع حجم الإقراض الحكومي ليغطي حتى 70% من كُلفة المشروع للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالتزامن مع تعزيز برامج الضمان الاجتماعي من خلال خط ساخن يُقدِّم استشارات مالية مجانية للأسر المُتضرِّرة. ولفت إلى أن البنك المركزي العُماني يمكنه فرض إلزام على البنوك بنشر جداول مقارنة بين الفائدة القديمة والجديدة ووضع سقوف استثنائية للفئات الضعيفة، مثل تحديد سقف الفائدة عند 6.5% للقروض السكنية التي لا تتجاوز 75,000 ريال، إلى جانب تقديم تسهيلات ائتمانية منخفضة الفائدة للبنوك مقابل تقديم قروض مدعومة للمواطنين والقطاع الخاص.
وأوصى الدكتور جلال الحضرمي مؤسس أساطير المجد الدولية للاستشارات والاستثمار بضرورة أن يُعيد المواطن أو المُستثمر الصغير جدولة ميزانيته بشكل دقيق، قبل الإقدام على أي قرض، مع احتساب فارق 1% في الفائدة لتقدير أثره الشهري، مؤكدًا أهمية تأجيل النفقات غير الضرورية مثل السفر، لتفادي القروض الاستهلاكية. ونصح الحضرمي بالتوجه نحو التمويل الإسلامي القائم على هامش ربح ثابت، والذي يوفر قدرًا أكبر من الاستقرار عند التخطيط المالي.
ودعا الحضرمي إلى تأسيس "صندوق طوارئ" يغطي 3 إلى 6 أشهر من المصاريف الشهرية كخطوة وقائية ضرورية، إضافة إلى استغلال التسهيلات المتاحة من بنك التنمية. وحث المستثمرين على التفاوض مع البنوك للحصول على فترات سماح مرنة، ومراجعة نسبة الدين إلى الإيرادات؛ للتأكد من القدرة على الوفاء بالالتزامات، بجانب العمل على تقليص النفقات التشغيلية غير الأساسية حتى تستقر أوضاعهم المالية.