جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-25@08:00:00 GMT

الفكر والمعرفة والمجتمع وطريق التطور

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

الفكر والمعرفة والمجتمع وطريق التطور

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي **

الفكر هو العملية العقلية التي يقوم بها الإنسان لتفسير الظواهر، أو طرح الأسئلة، أو صياغة الأفكار بناءً على التأمل أو التحليل أو الاستنباط ويتميز بأنه عملية ديناميكية تعتمد على الإبداع والتفكير النقدي ويهدف إلى استنتاج جديد أو فهم أعمق مثل التفكير في حلول لمشكلة معينة أو حتى إيجاد طرق بديلة أو وضع ركائز أساسية نحو التطور أو النمو في شتى المجالات العلمية الاقتصادية والاجتماعية.

أما المعرفة فهي مجموعة المعلومات والحقائق المكتسبة من التجربة، أو التعلم، أو البحث تتميز بأنها ثابتة نسبيًا وقائمة على البيانات أو الحقائق. وتُكتسب عن طريق التعليم أو الملاحظة أو التوثيق.

ولا شك أن الفكر يعتمد على المعرفة كأداة وبدون قاعدة معرفية، يصبح الفكر غير مستند إلى حقائق حيث تقوم المعرفة بتزويد الفكر بالمعلومات ليعمل عليها، بينما الفكر يطور تلك المعرفة أو يربطها بسياقات جديدة. باختصار الفكر هو عملية، بينما المعرفة هي محتوى.

تلك كانت مقدمة بتعريف مبسط عن ما هو الفكر وماهي المعرفة والعلاقة بينهما وموضوع الفكر والمعرفة هو في الحقيقة بحر من صعب أن نخوض فيه في بعض الأسطر، والذي يهمنا هو احتياج المجتمع لاجتماع هاذين المفهومين من أجل بناء مجتمع واعٍ باحتياجاته.

نحن بحاجة إلى ذلك النسيج المتناغم الذي يربط المجتمع بالسلطة وإيمان هذا المجتمع بأهمية استمرار البناء في كل المجالات وذلك من خلال ما اكتسبه أفراد المجتمع من معرفة وتسخير هذه المعرفة وتحويلها إلى فكر خلاق هادف يفيد هذا المجتمع نحو الازدهار والتقدم وإلا فما هي الفائدة من هذه المعرفة .

ولنقرأ تجارب الدول في هذا المجال ولن نذهب بعيدا بتجارب الغرب التي يمكن أن تمتلك مقاومات أكبر كما إن عامل الزمن والأسبقية لن تكون في صالحنا، وبالنظر إلى تجربة دولة آسيوية مثل اليابان ودولة مثل سنغافورة فنجد عوامل كثيرة أدت إلى هذا التقدم الذي وصلت إليه هاتان الدولتان، منها الاهتمام بالصناعة، والاهتمام بالتطوير والابتكار المستند على البحوث العلمية .

لكن نجد أهم عامل من عوامل النجاح في هاتين الدولتين هو الإنسان، ليس في ذلك الكم الهائل من المعرفة والمقرون بالتعليم فحسب وإنما اهتماها بذلك النوع هذا التعليم وخاصة التقني والمهني الذي يساير احتياجات المرحلة في ذلك الوقت والذي ينظر إليه في بعض المجتمعات بأنه تعليم أقل في المستوى من التعليم العام بالتالي لا يجد الإقبال من الطلبة ولا يجد الاهتمام من السلطات المعنية بالرغم من أهميته فكيف لنا أن نتجه إلى الصناعة ومجاراة الثورة في تقنية المعلومات بدون التعليم التقني أو المهني، هذا جانب أما الجانب الآخر والأهم هو إيمان شعوب تلك الدول العميق بأهمية الفوز بمكان في هذا السباق بين دول العالم لإيجاد موطئ قدم في طريق وعر من المنافسة للاستحواذ على حصص من  السوق العالمية وماتبعه بعد ذلك من قوة اقتصادية واستغلال الموارد والفرص وتمكين القيمة المحلية المضافة مما يؤدي في النهاية أن أصبحت هاتين الدولتين من أقوى الدول اقتصاديا، فالرغبة الحقيقة للشعوب هاتين الدولتين هي من قادة هاتين الدولتين للتقدم وهذا نجاح يسجل ليس فقط للقيادات وإنما للشعوب ذاتها.

الأوطان لا تُبنى بالحكومات وحدها؛ فالشعوب شريك فاعل وأساسي في بناء الأوطان. نعم الحكومات هي التي تضع الخطط والبرامج ومراقبة تنفيذها وفق ما هو متاح من موارد، والحكومات فهي المسؤولة عن الموارد المتاحة وعدالة توزيعها بل تنميتها لتحقيق رفاهية شعوبها وضمان استدامتها للأجيال القادمة.

لكن في المقابل، الحكومات بحاجة الى أفراد المجتمع المتسلح بالمعرفة والخلاق أصحاب الفكر والمؤمن بوطنه وهذا هو أحد أهم عوامل النجاح في كثير من البلدان المتقدمة، الانضباط والشعور بالمسؤولية ونكران الذات لايحتاج الى أدوات قياس أو أدوات مراقبة إذا وجدت في الأصل في كل فرد من أفراد المجتمع.

وفي الختام.. إنَّ الفكر والمعرفة وطريق التطوير، مرهون بالمجتمع؛ إذ إنَّ السلطات من واجبها ومسؤولياتها تحقيق رفاهية المجتمع وتحقيق آماله وطموحات وأحلامه في العيش الرغيد، وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعبة وفرص التعليم وفرص الحصول على الوظيفة المناسبة، وعلى السلطات بذل كل ما من شأنه تحقيق هذا الهدف.. وفي المقابل، على أفراد المجتمع تسخير ما اكتسبوه من معرفة لمصلحة الوطن عن طريق الإبداع بكل ما يخدم هذا الوطن، مع الإيمان الكامل بمقولة إن الأوطان لا تُبنى إلّا بسواعد المخلصين من أبناء الوطن، وعليهم بذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق هذا الهدف.

** خبير في الشؤون المالية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الكتاب يصنع القارئ: أدباء الفيوم يناقشون صناعة النشر في ندوة ثقافية بإطسا

في إطار الحراك الثقافي الذي تشهده محافظة الفيوم، نظم نادي الأدب ببيت ثقافة إطسا، بالتعاون مع الوحدة المحلية بقرية منية الحيط، ندوة أدبية متميزة حملت عنوان "صناعة الكتاب وتكوين القارئ". جاءت هذه الفعالية بحضور الكاتب والناقد عصام الزهيري، رئيس نادي الأدب ببيت ثقافة إطسا، والشاعر محمد ربيع، وسط حضور لافت من محبي الأدب والفكر والثقافة.

استهل الكاتب عصام الزهيري كلمته بالحديث عن صناعة الكتاب، موضحًا أنها ليست مجرد طباعة كلمات على ورق، بل هي عملية متكاملة تمر بعدة مراحل دقيقة، تبدأ بالتخطيط وتحديد الهدف والجمهور المستهدف، ثم الكتابة والتحرير والتنسيق، تليها مراحل التصميم الفني للغلاف وإضافة العناصر التفاعلية المناسبة، ثم تنتهي بالطباعة والتجربة والتوزيع. وأكد الزهيري أن التخطيط الجيد يمثل الركيزة الأساسية لإنتاج كتاب ناجح بمواصفات مهنية ومعرفية عالية.

وأشار إلى أن الكتاب الجيد لا يكتفي فقط بتقديم محتوى جذاب، بل يسهم بشكل مباشر في تكوين وعي القارئ وتنمية ثقافته وتوسيع مداركه، إذ يمثل الكتاب وسيلة فعالة لاكتساب المعرفة وتطوير مهارات التفكير النقدي لدى الجمهور. كما أوضح أن دور الكاتب لا يقتصر على إنتاج النصوص، بل يتعداه ليشمل الإسهام في بناء مجتمع قارئ وواعٍ.

وفي الجزء الثاني من الندوة، أمتع الشاعر محمد ربيع الحضور بمجموعة من القصائد المتنوعة التي تنوعت بين الشعر الفصيح والعامية، حيث لاقت تفاعلاً كبيرًا من الحضور، وعكست ثراء التجربة الشعرية لدى ربيع وتواصله الحي مع الجمهور.

وتأتي هذه الفعاليات في إطار سعي بيت ثقافة إطسا إلى ترسيخ الوعي الثقافي وتعزيز دور الكتاب في تنمية المجتمعات، من خلال تنظيم الندوات واللقاءات الأدبية التي تجمع بين المعرفة والإبداع.

مقالات مشابهة

  • القانون الأردني أصبح نموذجا تشريعيا يواكب التطور التكنولوجي العالمي
  • الكتاب يصنع القارئ: أدباء الفيوم يناقشون صناعة النشر في ندوة ثقافية بإطسا
  • اليوبيل الذهبي وكالة الأنباء القطرية.. خمسة عقود من التطور والمهنية
  • بناء الإنسان بالعلم : طريق طويل لكنه الطريق الوحيد
  • «الاقتصاد» تطلق مركز المعرفة والابتكار لترسيخ التعاون مع القطاع الأكاديمي
  • «الألعاب الرياضية للمدارس والجامعات» تستقطب 33 ألف طالب وطالبة
  • فليك بعد التمديد حتى 2027.. مشروع واعد مع نادٍ استثنائي اسمه برشلونة
  • النائب هالة الجراح: الفكر التربوي النهضوي أساس للنهوض الحضاري
  • الذكاء الاصطناعي بين ضرورة التطور التكنولوجي والخوف من تشويه الحقائق
  • شحادة قي افتتاح مركز عبيه المجتمعي: سيمنح الأجيال المعرفة لمواكبة عالم التكنولوجيا