"الروبوت البري" (The Wild Robot) ليس مجرد فيلم رسوم متحركة عادي، بل هو عمل فني نابع من شغف خالص، صُنِع بعناية فائقة إذ اجتهد صانعوه لتقديم تجربة متكاملة تجمع بين الحبكة المتقنة، والصورة الجذابة، والصوت المميز. يبتعد الفيلم تمامًا عن "الكليشيهات" المألوفة في إنتاجات ديزني والرسوم المتحركة الهوليودية التقليدية، ليقدم رؤية فنية فريدة ومبتكرة.

وهو ما نجحوا به وكُلل بتحقيق الفيلم أرباحا بلغت 318 مليون دولار، ليصبح فيلم الرسوم المتحركة الأول غير التكميلي من حيث الإيرادات لهذا العام، وأكثر ثاني فيلم غير تكميلي ربحا لعام 2024، بعد "إنها تنتهي بنا" (It Ends with Us).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزةlist 2 of 2فيلم "هير".. إعلان موت الحلم الأميركي على يد توم هانكسend of list مهمة مستحيلة

تبدأ الأحداث بعاصفة هوجاء تتسبب بوصول الروبوت "روز" إلى جزيرة نائية لا يسكنها إلا الحيوانات البرية، ونتيجة فضول أحد الحيوانات يتم تشغيل روز المُبرمجة على أداء المهام المطلوبة منها من دون أن تعرف الفشل مهما كان الثمن.

وهنا يصبح عليها أن تعرف المهمة التي كُلفت بها لتبدأ البحث عن مالكها، وحين تقودها الظروف إلى التسبب بسحق بعض الإوز وتدمير كل البيض عدا بيضة واحدة، تجد نفسها موكلة بالاعتناء بفرخ الإوز الناجي وتعليمه كل سُبل العيش ومنها الطيران قبل موسم الهجرة التالي.

تتعاون روز مع ثعلب منبوذ لتنفيذ المهمة، ويشكل الثلاثي عائلة غير مقبولة لدى الجميع، ومع الوقت وانخراط الروبوت بمهام الأمومة تتحرك مشاعرها وتتعرّف إلى ماهية أن يملك الكائن شيئا اسمه القلب، وتتوالى الأحداث.

المشاعر سيدة الموقف

حبكة قد تبدو عادية أو متوقعة، ومع ذلك تنجح بأن تسمو بمشاعر الجمهور صغارا وكبارا كونها تدغدغ مجموعة مختلفة من المشاعر وتقوم بشيء من التشريح للعلاقات المجتمعية من حولنا.

يأخذنا الفيلم في رحلة عاطفية مع أبطاله بينما يستعرض لغات الحب المختلفة، والصعاب التي تواجه الأهل في سبيل تربية الأبناء ومنحهم السبيل للاستقلال بكل ما قد يحمله هذا من مشقة أو انكسار للقلب.

كذلك يُسلط الضوء على مخاطر الحياة القاسية واحتمالات الموت الوشيك بكل لحظة، وهو ما قد لا يفضل بعض الآباء أن يتعرّض له صغارهم، لكن هذا الموت الحاضر دائما يجعل أبطاله مفعمين بالحياة وحريصين على الاستمتاع بها طوال الوقت والأهم أن يُدركوا قيمة العلاقات.

وأخيرًا يناقش العمل بحكمة وذكاء قضايا مثل الهوية والانتماء والأحكام القبلية التي يُطلقها الآخرون على من لا يشبهونهم قبل منح أنفسهم الفرصة لمعرفتهم عن قُرب أولا، كل هذا قُدّم عبر خلطة جمعت بين الأحاسيس الصادقة والصورة الباهرة مع قدر مثالي من الكوميديا الممزوجة بالمغامرات والقليل من الإثارة.

الأفضل لعام 2024

بمجرد طرح فيلم "الروبوت البري" عدّه كثير من النقاد فيلم الرسوم المتحركة الأفضل لعام 2024 بينما صنفه آخرون ضمن أفضل 10 أفلام لهذا العام، مؤكدين جدارته بالترشّح للأوسكار ضمن أكثر من فئة، من بينها الرسوم المتحركة وأفضل أغنية، ويطمح البعض لأن يصل إلى فئة أفضل فيلم.

ورغم أن شركة الإنتاج "دريم وركس" (DreamWorks) لم تحصد الأوسكار عن رسومها المتحركة سوى مرتين فقط في 2001 و2005، فقد ترشّح مخرج العمل، كريس ساندرز، للأوسكار 3 مرات آخرها كان عن فيلم "آل كرودز" (The Croods) الذي خسر أمام "فروزن" (Frozen) في 2014.

‘THE WILD ROBOT’ is officially eligible for Oscar consideration in the animated feature category. pic.twitter.com/KisGInRhvR

— Film Updates (@FilmUpdates) November 21, 2024

لم تأت تلك التوقعات أو التمنيات من فراغ، بل نشأت بناء على الإيجابيات الفنية المتنوعة التي حظى بها الفيلم، وعلى رأسها التجربة البصرية المميزة، إذ جاءت الرسومات متخمة بالتفاصيل وأشبه باللوحات العملاقة الجديرة بالتأطير والاستمتاع بها على الجدران أو استخدامها كبطاقات بريدية.

وذلك يعود إلى "التكنيك" والأسلوب البصري حيث الرسومات التي تتمتع بمظهر يدوي والذي لجأ إليه كريس ساندرز، ووفقا لتصريحاته فإنه أقرب إلى مزيج يجمع بين لوحات مونيه النابضة بالحياة وعالم البرية الخاص بالفنان الياباني هاياو ميازاكي وكلاسيكيات ديزني القديمة.

Chris Sanders tells us that the visual style of ‘THE WILD ROBOT’ is inspired by ‘MY NEIGHBOR TOTORO’

“Miyazaki was a big inspiration, because he is incredibly effective at making you feel lost in the wilderness”

Find out more about the animation process: https://t.co/0IvBEVO0RM pic.twitter.com/ugR8hoE4nO

— DiscussingFilm (@DiscussingFilm) September 21, 2024

 

كذلك تمتع العمل بموسيقى تصويرية حماسية ومعبرة عن مشاعر الأبطال على اختلافها وعمقها بين الحزن واليأس والحب والامتنان، وهو ما برع به الحاصل على الأوسكار كريس باورز، بالإضافة إلى أغنيات ملهمة ستجبرك على ذرف بعض الدموع مهما بلغ عمرك.

وبذكر الموسيقى، تميز الفيلم بأصوات أبطاله وإن لم يعتمد صانعوه على أسماء رنانة، فقد برعت الممثلة لوبيتا نيونغو بأداء دور الروبوت روز بمختلف مراحلها بين التعامل بالمنطق والصرامة أولا بصوت أقرب إلى الآلية، ثم إصابتها بالفضول ومحاولة تطوير نفسها وإعادة برمجة نظامها للتأقلم مع الحياة في البرية والنجاة من براثن الموت، وصولا إلى شعورها بالانتماء والإخلاص لمن حولها.

وعود بجزء جديد

بنهاية العمل، تساءل البعض إذا ما كان الفيلم قد يمتد إلى جزء جديد، خاصة أن النهاية تحتمل بعض التأويلات، وأمام هذا النجاح والتساؤلات أكد ساندرز أنه يتمنى لو تتاح له فرصة المكوث في ذلك العالم مدة أطول.

I saw the wild robot and what a masterpiece I think that might be the best animated movie of the year pic.twitter.com/QNZW8bAlBv

— Goose (@justgooseisfine) November 24, 2024

"الروبوت البري" أحد أهم أفلام العام، إذ يجمع بين الترفيه والفن ويأتي بوقت مثالي يشهد العديد من المخاوف من تطور التكنولوجيا غير المدروس. ورغم أن البطل روبوت، فإن العمل يختلف عن الأفلام المشابهة، إذ لا يسلط الضوء على العلاقة بين الآلة والإنسان بل يتطرق إلى منعطف آخر يجمع بين الآلات وعالم الحيوانات والتساؤل عن إمكانية وجود حياة تشمل كل الأطياف في تناغم وسلام مع مراعاة احتياجات كل فريق.

الفيلم يحتل حاليا المرتبة 154 ضمن قائمة أفضل 250 فيلم بموقع "آي إم دي بي" (IMDb)، وهو مُقتبس من رواية بالاسم نفسه صدرت في 2016 وكتبها بيتر براون ونجحت بأن تصبح الأقرب إلى قلوب الأطفال. أخرج العمل وألّفه كريس ساندرز، ومن بطولة لوبيتا نيونغو، وبيدرو باسكال، وكاثرين أوهارا، وبيل نيجي، وكيت كونور، ومارك هاميل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سينما

إقرأ أيضاً:

ديزني تدخل عالم المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي عبر بوابة OpenAI

في خطوة تُعيد رسم مستقبل صناعة الترفيه العالمي، أعلنت شركتا ديزني وOpenAI عن اتفاقية ترخيص تمتد لثلاث سنوات، تُتيح لأكثر من 200 شخصية من عالم ديزني — بما في ذلك شخصيات Marvel وPixar وStar Wars — الظهور داخل تطبيق Sora ومنصة ChatGPT. هذه الشراكة تُعد أول تحرك فعلي من ديزني نحو دمج الذكاء الاصطناعي في منظومتها الإبداعية، تنفيذًا لوعد رئيس مجلس إدارتها والرئيس التنفيذي بوب إيغر بتقديم محتوى مُولّد بالذكاء الاصطناعي لجمهور Disney+.

وبموجب الاتفاق، سيتمكن مستخدمو OpenAI من إنشاء صور تستند إلى الملكية الفكرية لديزني، سواء كانت أزياء أو بيئات أو مركبات أو مشاهد كاملة من أي عمل شهير. إلا أنّ الاتفاق يستثني الأصوات وصور الشخصيات الحقيقية، ما يعني أن المستخدم لن يتمكن من إنشاء مقاطع فيديو تُجسّد ممثلين معروفين مثل سكارليت جوهانسون في شخصية Black Widow. التركيز سيكون على النسخ المصورة أو المتحركة للشخصيات فقط، مثل Captain America وHan Solo وDarth Vader وغيرهم من الأبطال الذين كوّنوا ذاكرة أجيال كاملة.

ومن المنتظر أن يبدأ مستخدمو Sora وChatGPT في استخدام هذه الإمكانات مطلع عام 2026، في حين تخطط ديزني لعرض مقاطع مختارة من إنتاج المستخدمين على منصة Disney+، في خطوة تؤكد توجه الشركة نحو فتح الباب أمام الإبداع الجماعي وإشراك الجمهور بشكل مباشر في العملية الفنية.

سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـOpenAI، عبّر عن حماسه للتعاون، مؤكدًا أن ديزني تمثل “المعيار الذهبي العالمي في سرد القصص”، وأن الشراكة ستفتح آفاقًا جديدة لخلق محتوى يتجاوز حدود الخيال، مع الحفاظ في الوقت نفسه على القيم الإبداعية واحترام حقوق الملكية.

لكن خلف هذا الحماس الكبير، لم يمر الإعلان دون إثارة قلق بعض الصناعات الإبداعية، خصوصًا قطاع السينما والتلفزيون. إذ عبّرت نقابة الكتّاب الأمريكية (WGA) عن استيائها من الاتفاق، معتبرة أنه “يسمح لدیزني بالتنازل عن قيمة أعمال المؤلفين لصالح شركة تكنولوجية بنت أرباحها على إنتاجات تعتمد أساسًا على أعمال الكتّاب”. وأكدت النقابة أنها ستجتمع مع ديزني لمراجعة تفاصيل الاتفاق، خصوصًا ما يتعلق باستخدام مقاطع الفيديو المُنشأة عبر Sora والتي قد تستند إلى أعمال كتّابها. وشددت على استمرارها في حماية حقوق أعضائها أمام التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وعلى الجانب الآخر، جاء موقف نقابة ممثلي الشاشة (SAG-AFTRA) أكثر هدوءًا. إذ أوضحت النقابة أنها تلقت تطمينات من كل من ديزني وOpenAI بشأن التزامهما الكامل بالقوانين والعقود التي تحمي حقوق الفنانين، مشيرة إلى أنها ستراقب تنفيذ الاتفاق لضمان عدم المساس بحقوق الصورة والصوت والشخصية.

وتتضمن الصفقة كذلك جانبًا استثماريًا ضخمًا، حيث ستضخ ديزني مليار دولار في OpenAI، مع إمكانية شراء أسهم إضافية مستقبلًا. كما ستعتمد الشركة على واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بـOpenAI لبناء أدوات وتجارب جديدة في منصاتها وخدماتها الترفيهية، في خطوة تعكس استراتيجية تحديث شاملة وتعزيز التفاعل الذكي عبر منصاتها الرقمية.

وتأتي هذه الشراكة في وقت تستعد فيه OpenAI لمرحلة جديدة بعد إعادة هيكلتها لتعمل بشكل أقرب إلى الشركات الربحية التقليدية، مما يفتح الباب أمام طرحها للاكتتاب العام خلال الفترة المقبلة.

في النهاية، يجمع هذا الاتفاق بين اثنتين من أكبر القوى في مجالي التكنولوجيا والترفيه، في تحالف قد يعيد صياغة كيفية إنتاج المحتوى ومشاركته عالميًا. وبينما يرى البعض في الخطوة مستقبلًا واعدًا للإبداع التشاركي، يخشى آخرون على مصير حقوق المبدعين في عصر تتوسع فيه قدرات الذكاء الاصطناعي بسرعة غير مسبوقة، ما يجعل السنوات المقبلة مهمة لرصد تأثير هذه الشراكة على الصناعة بأكملها.

مقالات مشابهة

  • سنبدأ بالهجوم البري قريباً.. ترمب يهدد بحملة عسكرية
  • توقيع بإنشاء مركز متكامل لتجميع وتوزيع الشحنات المجزأة بميناء خزائن البري
  • ديزني تدخل عالم المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي عبر بوابة OpenAI
  • باكارايما.. الممر البري الوحيد بين فنزويلا والبرازيل
  • ديزني تستثمر مليار دولار في أوبن أيه آي
  • روبوت قهوة بين سيارات ملكية.. مفاجأة تنتظر زوار متحف في عمّان
  • ديزني تستثمر مليار دولار في أوبن إيه.آي
  • مهرجان البحر الأحمر يدعم دعم المواهب السعودية في الرسوم المتحركة
  • فيديو صادم.. روبوت يضرب رئيس شركته!
  • (54) مليون دينار فائض اشتراكات تأمين التعطل لسنة 2024