نهضة في الدراما الليبية.. أعمال تاريخية واجتماعية وكوميديا سوداء
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
بدأت الدراما الليبية تخطو خطوات واثقة نحو ترسيخ حضورها في المشهد الدرامي العربي، حيث أصبحت حديث المتابعين مؤخرا.
هذه النقلة جاءت مع عرض مسلسلات مميزة مثل "زنقة الريح" و"السرايا"، لتسلط الضوء على صناعة درامية ناشئة استطاعت التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية، لتخرج بأعمال تحمل طابعا مميزا يروي قصصا اجتماعية وتاريخية بأسلوب مبتكر.
ويُعتبر مسلسل "الزعيمان" (2020) -الذي بدأ عرضه على منصة "شاهد" مؤخرا- أحد أبرز الأعمال التاريخية الليبية التي تناولت سيرة سليمان الباروني والبشير السعداوي، ورحلة كفاحهما ضد الاستعمار الإيطالي.
المسلسل الذي أخرجه أسامة رزق وشارك في بطولته ربيع القاطي وصالح القراد، قدم رؤية درامية ذات كلفة إنتاجية مرتفعة، وألقى الضوء على مرحلة حساسة من تاريخ ليبيا.
وكان العمل ثمرة تعاون ليبي-مصري بكتابة عزة شلبي، مما أضاف للعمل بعدا إبداعيا.
"زنقة الريح".. الحياة تحت الإدارة البريطانيةأما مسلسل "زنقة الريح"، فيروي بدوره حكاية طرابلس حين كانت تحت الإدارة البريطانية عام 1945، متناولاً التعايش بين العرب واليهود في تلك الحقبة.
العمل الذي أخرجه أسامة رزق وكتبه عبد الرحمن حقيق، استند إلى مراجع تاريخية للكاتب الإسلامي علي الصلابي.
ويعد المسلسل من أعلى الأعمال تكلفةً في تاريخ الدراما الليبية، وشارك فيه أكثر من 250 ممثلاً، منهم محمد عثمان ولبنى عبد الحميد. حظي العمل بإشادات واسعة عربيا، وكان بمثابة نافذة تعريفية للمشاهدين بتاريخ ليبيا.
"السرايا".. صراعات القرمانليين على الحكممن جانبه، يُبرز مسلسل "السرايا" صراعات الأسرة القرمانلية على السلطة بين 1783 و1795. أبدع العمل في استحضار أجواء تلك الحقبة التاريخية من خلال نص كتبه سراج هويدي وإخراج أسامة رزق.
المسلسل، الذي تم تصويره في تونس، جمع نجوم ليبيا والعالم العربي مثل علي الشول، وشكران مرتجى، ومعتصم النهار.
كما فاز "السرايا" بجائزة أفضل مسلسل تاريخي في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون.
"دراجنوف".. الثورة الليبيةأما التاريخ الحديث في الدراما، فمن أمثلتها مسلسل "دراجنوف" الذي يتناول أحداث الثورة الليبية عام 2011 وسقوط نظام القذافي.
عُرض المسلسل في 15 حلقة، وقدم رؤية درامية جريئة تجمع بين الجانب السياسي والإنساني من خلال قصة حب بين فتاة فقدت والدها في مجزرة سجن أبو سليم وضابط موالٍ للنظام.
ورغم منع التلفزيون الليبي الرسمي عرضه، حظي العمل بإشادة دولية، واعتُبر خطوة مهمة في تصوير واقع المجتمع الليبي.
"غسق".. تحرير سرت من "داعش"من ناحيته، يرصد مسلسل "غسق" عمليات تحرير مدينة سرت من تنظيم داعش عام 2016، عبر 10 حلقات متقنة الإخراج.
يقدم العمل توثيقا دراميا شجاعا لبطولات قوات البنيان المرصوص وتفاعل الجمهور معه بشكل كبير، معيدا إحياء ذكرى تلك الفترة العصيبة.
"بنات العم".. صراعات الجيل الجديدوعلى صعيد الدراما الاجتماعية، يسلط مسلسل "بنات العم" الضوء على صراعات الطبقة المتوسطة الليبية من خلال قصص فتيات الجيل الواحد.
العمل الذي أخرجه أسامة رزق وكتبه سراج هويدي، شارك فيه ممثلون بارزون مثل هند العرفية وآية شو، ولاقى صدى إيجابيا بين المشاهدين.
"خلوه".. مشكلات زوجية في قالب كوميديأما الأعمال الكوميدية، فيعد مسلسل "خلوه" (2022) أبرزها، حيث يتناول مشكلات الحياة الزوجية بأسلوب كوميدي ساخر.
واجه المسلسل اتهامات بتقليد العمل السعودي الشهير "طاش ما طاش"، إلا أن صُنّاعه أكدوا اعتماده على كوميديا الموقف بعيدا عن الإسفاف.
ويعتبر مسلسل "شط الحرية" المكون من 6 أجزاء نموذجا للكوميديا السوداء التي تعكس أزمات الشباب الليبي. نجحت السلسلة في تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة، وأصبحت جزءا من الثقافة الشعبية الليبية.
أما مسلسل "دباير سعاد"، فركز على مشكلات المرأة في مختلف مراحلها العمرية، مقدما إياها بأسلوب فكاهي جذاب، جعله قريبا من قلوب الجمهور.
ورغم التحديات السياسية والاقتصادية، نجحت الدراما الليبية في جذب الانتباه العربي عبر تقديم قصص تحاكي التراث، والتاريخ، والواقع الاجتماعي.
وبمساعدة صُنّاع دراما من دول الجوار، استطاعت ليبيا إنشاء صناعة درامية تقدم محتوى يضاهي الإنتاج العربي الكبير، مما يمهد الطريق لحقبة جديدة من التألق الفني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
بعد عرضه العربي الأول محمد الدراجي: اخترت بطل الفيلم من بين 75 طفلا
قدم أمس مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة لهذا العرض العربي الأول لفيلم "إركالا: حلم كلكامش"، أحدث أعمال المخرج العراقي محمد جبارة الدراجي، في تجربة درامية تمتد على مدار 109 دقائق، وتغوص في عالم الطفولة الهشّ وسط واقع اجتماعي وسياسي مضطرب، بحضور كبير من الجانب الدبلوماسي العراقي والمخرج يسري نصر الله وعدد من الحضور، ويأتي الفيلم ليعكس التقاء الأسطورة بالواقع، مقدّمًا قصة مؤثرة عن الصداقة، والمقاومة، وحلم الطفولة في مواجهة العنف والظلام.
وتحدث المخرج محمد الدراجي عن توصله لفكرة الفيلم، قائلًا: "جاءتني فكرة الفيلم عندما رأيت امرأة في دلهي تجمع الأطفال وتدرّس لهم، وفكرت حينها في أزمتنا في العراق، وجدت أن جوهر المشكلة يكمن في التعليم، ومن هنا بدأنا تطوير فكرة الفيلم مع شهد أمين وحسن صالح، لاحقًا دخلت أسطورة جلجامش في العمل، وجاءت شهد بفكرة الثور المجنّح، فقررنا تقديم شيء مختلف يسلّط الضوء على الأطفال ضحايا داعش والاحتلال".
وعن اختياره للأطفال المشاركين في العمل، أوضح قائلًا: "اخترت حسين رعد ليس لأنه ابن أختي، بل لأنه يملك شغفًا حقيقيًا بالسينما والتمثيل، وضعته لاختبار في الشارع، في اليوم الأول جمع ألف دينار ولم يَقنعني، وفي الثاني ألفين ولم يقتنعني أيضًا، وفي الثالث جمع خمسة آلاف، وهنا وافقت فورًا"، وأضاف: "أما الطفل يوسف طه أو "چم چم" فاخترناه من بين 75 طفلًا تقدّموا للدور.
كنا نتدرّب معهم يوميًا، وكان يوسف خجولًا لكنه يمتلك عيونًا تخطف الكاميرا. وبعد ثلاثة أسابيع، وصل خمسة أطفال للمرحلة النهائية، وعندما غنّى يوسف قلت فورًا: هذا هو چم چم"
من جانبه قال الطفل يوسف إن العمل مع الدراجي لم يكن سهلًا: "الأستاذ محمد صعب في العمل ويهتم جدًا بالتفاصيل، لكني تعودت وقدّمت الدور بكل حب"، بينما قالت الفنانة سمر كاظم إن الدور كان ممتعًا لكنه حمل تحديات كبيرة، موضحة: "الدور ممتع للغاية، لكني واجهت صعوبات أثناء التصوير، منها أن قدمي انكسرت. وبفضل توجيهات المخرج دخلت في الشخصية بعمق، واشترط عليّ أن أظهر بالشخصية نفسها في الشارع وأماكن عامة، والحمد لله نجحت، سعيدة جدًا بهذه التجربة، خصوصًا أنها الأولى لي ومع مخرج كبير، وإن شاء الله نوصل للعالمية".
بينما أعربت الكاتبة والمخرجة شهد أمين عن تأثرها العميق بالفيلم، قائلة: "الأطفال في الفيلم شيء خرافي، وهذه ثالث مرة أشاهد الفيلم، وكل مرة أبكي لأنه يلامسني جدًا، فلقد كان أداء الأطفال رائعًا، والمخرج محمد الدراجي لديه موهبة كبيرة في الارتجال التي فاجأتني، فلقد أضاف جمالًا آخر للعمل، وبالنسبة لي فلقد شاركت في العمل من أجل فكرة الأسطورة، وعملنا بحثًا كبيرًا تعرّفت خلاله بعمق على أسطورة جلجامش"..
الفيلم يقدم تجربة درامية تمتد على مدار 109 دقائق، وتغوص في عالم الطفولة الهشّ وسط واقع اجتماعي وسياسي مضطرب، من خلال الطفل الحالم "چم چم" صاحب التسعة أعوام، والشاب القوي "مودي" البالغ 13 عامًا، اللذان يجوبان شوارع بغداد القاسية بحثًا عن مخرج من حياة لا ترحم، حيث يحلم "مودي" بالهجرة إلى هولندا برفقة "چم چم" وشقيقته "سارة"، لكن رحلتهم تتخذ مسارًا مختلفًا عندما يلتقون بـ "مريم"، المرأة التي حولت حافلة قديمة ذات طابقين إلى مدرسة متنقلة لأطفال الشوارع، فتتغير نظرة "چم چم" إلى العالم بعد أن يشاهد فيلمًا كرتونيًا عن رحلة البطل الأسطوري جلجامش إلى العالم السفلي، فينمو داخله حلم جديد مستوحى من الأسطورة، لكن هذا الحلم يصطدم بحقيقة صادمة: تورّط "مودي" مع زعيم ميليشيا قاسٍ يخطط لتفجير يستهدف المتظاهرين، ويجد "چم چم" نفسه أمام صراع بين إنقاذ صديقه والتشبث بالحلم، في مواجهة واقع لا يرحم طفولة أحد.
الفيلم من إنتاج عام 2025، وباللغة العربية مع ترجمة إنجليزية، وهو عمل مشترك بين العراق، المملكة المتحدة، فرنسا، الإمارات العربية المتحدة، السعودية، وقطر، يشارك في كتابة السيناريو محمد جبارة الدراجي، كريم طريديه، شهد أمين، وحسن فالح، أما فريق التمثيل فيضم: يوسف علي طه، حسين رعد زوير، سمر كاظم جواد، ويحمل الفيلم توقيع مجموعة من المنتجين، بينهم محمد جبارة الدراجي، بين روس، ديريك داوشي، سيف علي جبارة، شهد علي جبارة، سلام سلمان، علي الدراجي، هيلين كاسيس، وطلال عادل الاسماني.