أثار قرار تبديل العملة السودانية ردود فعل واسعة لازالت تتواتر، فيما انعسكت آثاره بصورة واضحة على مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.

تقرير: التغيير

لازالت تبعات قرار تبديل العملة السودانية متواصلة خاصةً في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع التي أصدرت مرسوماً بتجريم تداول العملة الجديدة وتصفية كل من تضبط في حوزته.

وكان بنك السودان المركزي أعلن عن طرح عملة جديدة من فئة الألف جنيه وسحب العملة من فئة الخمسمائة جنيه، عازياً ذلك إلى تعرضت المصارف لعمليات نهب كبيرة مع بداية الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023م، وانتشار عملات مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات الفنية.

نيابات متخصصة

ولاحقاً أصدر رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قراراً بتشكيل لجنة عليا برئاسة عضو المجلس إبراهيم جابر لمتابعة إجراءات استبدال العملة من فئتي ألف وخمسمائة جنيه.

كما تقرر إنشاء نيابة ومحكمة خاصة للنظر في قضايا استبدال العملة خاصةً فيما يتعلق بأعمال التحري والتحقيق في مصادر الأموال على أن تراعى السرعة في إصدار الأحكام الرادعة على من تثبت إدانته.

وتختص اللجنة بكل الترتيبات الفنية والأمنية واللوجستية لعملية الاستبدال بما في ذلك تحديد بداية وفترة الاستبدال.

وتشمل عملية استبدال العملة فعلياً سبع ولايات هي البحر الأحمر، نهر النيل، الشمالية، النيل الأبيض، النيل الأزرق، كسلا والقضارف.

رفض ومقاومة

قوات الدعم السريع، التي وصفت القرار في وقته بأنه يأتي في سياق مخطط تقسيم السودان وفصل أقاليمه، دعت المواطنين إلى عدم الاستجابة لقرارات الحكومة وإيداع أموالهم، كما دعتهم إلى عدم التعامل بالعملة الجديدة باعتبارها غير مبرئه للذمة.

وكانت الإدارة المدنية التابعة للدعم السريع أصدرت قراراً بمنع تدوال العملة السودانية الجديدة بمناطق سيطرتها في دارفور.

وأعلن رئيس الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور محمد أحمد حسن، أنهم لن يسمحوا بتداول فئة الألف جنيه الجديدة التي أعلنها بنك السودان المركزي في مناطق سيطرتهم، وقال: “العملة الجديدة غير مبرئة للذمة ولن نسمح بدخولها للولاية”.

تاثير على دارفور

وتأثرت أسواق المحاصيل والماشية في دارفور بقرارات بنك السودان المركزي بتغيير العملة حيث أحجم الكثير من التجار عن البيع لتخوفهم من بيع المحاصيل والماشية بالعملات القديمة.

وشهدت الأسواق شحاً في بعض المواد بعدما أحجم التجار عن العرض مما أدى لارتفاع أسعارها، حيث سجل سعر قنطار الفول في البورصة الأسبوع الماضي 20 ألف جنيه وارتفع إلى 24 ألف جنيه.

وأثر القرار سلباً على أسواق المحاصيل في نيالا والضعين والجنينة نتيجة لقلة المعروض حيث ارتفع جوال الدخن من 125 ألف جنيه إلى 150 ألف جنيه وجوال الذرة من 70 ألف جنيه إلى 90 ألف جنيه وجوال الذرة طابت من 70 ألف جنيه إلى 120 ألف جنيه وجوال السمسم من 132 ألف جنيه إلى 135 ألف جنيه، بينما ارتفع سعر جوال الويكة من 90 ألف جنيه إلى 100 ألف جنيه.

عملات بديلة

وأكدت مصادر لـ(التغيير)، أن قوات الدعم السريع أجبرت بقوة السلاح المواطنين في المحال التجارية على تداول العملات القديمة وسط أنباء عن ظهور عملات ورقية جديدة من الفئة القديمة بدون علامات.

وأشارت إلى أن الفرنك الأفريقي أصبح مبرئاً للذمة ومتداولاً بكثافة في مناطق غرب دارفور مع الحدود التشادية والحدود مع أفريقيا الوسطى حيث يتم تداوله في 14 دولة أفريقية.

توقف التبادل

فيما أكدت المصادر توقف تبادل العملة في المنافذ الحدودية مع دولة جنوب السودان وكذلك تشاد وأفريقيا الوسطي بعد رفض التجار في تلك البلدان استلام العملات القديمة.

وقال المحلل الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، إن منع الدعم السريع  تداول العملة السودانية الجديدة سيرفع سعر صرف الدولار في مناطق دارفور، فالقرار قد يواجه عوائق لأنه سوف يستخدم في مناطق معينة فقط مما يعيق التعاملات الداخلية، وأيضاً ستكون هناك عوائق في التعاملات التجارية العالمية.

إضاعة الفرص

من جانبه، قال الباحث والأكاديمي بمركز دراسات السلام الضو عبد الله، إن تغيير العملة في المناطق الآمنة ورفضها من قبل الدعم السريع في مناطق سيطرتها يعكس مدى تمسك الطرفين بالحرب.

وأضاف: أعتقد أن العملة وامتحانات الشهادة السودانية كانت فرصة مثالية لخلق نوع من التعاون بين الجميع لإنجاح هذا العمل وربما كانت فرصة لبداية اتفاق لإنهاء الحرب وخلق واقع جديد.

واستغرب الضو لاتفاق الطرفين المتقاتلين على تمرير نفط دولة جنوب السودان ورفض الاتفاق على تغيير العملة وامتحانات الشهادة السودانية.

وأشار إلى أن الحرب يدفع ثمنها المواطن المسكين وفي النهاية سيجلس الطرفان للاتفاق دون أي حساب للخسائر التي كان من الافضل أن توقف الحرب مبكراً طالما أن التفاوض هو الحل.

تأخير ومخاطر

بدوره، وصف المحلل الاقتصادي أحمد سالم، قرار بنك السودان فيما يخص العملة السودانية الجديدة بالمتأخر.

وقال: كان يمكن أن يتخذ قبل أشهر عقب عملية النهب التي تعرضت لها المصارف. مشيراً إلى أن معظم الأموال المسروقة تم تخزينها في الدولار والذهب.

وأوضح أن التغير بالفئات الكبيرة (500 و1000) بغرض سحب الفئات القديمة من التداول يعني استمرار عملية تزوير العملة خاصةً في المناطق خارج سيطرة الجيش.

وأكد سالم أن القرار يحتاج لضوابط وإجراءات مختلفة أمنية وفنية.

وقال: إذا نجح بنك السودان المركزي في إدارة عملية التغيير فإنه سوف يضمن أن السيولة النقدية قد تم توريدها للجهاز المصرفي وهذا سيؤثر على حجم الكتلة النقدية في الاقتصاد ويؤثر على معدلات التضخم وخفض المضاربات في الأسعار.

الوسومالجيش الدعم السريع السودان العملة السودانية الفرنك الأفريقي بنك السودان المركزي تشاد دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان العملة السودانية الفرنك الأفريقي بنك السودان المركزي تشاد دارفور بنک السودان المرکزی قوات الدعم السریع العملة السودانیة ألف جنیه إلى فی مناطق

إقرأ أيضاً:

بعد استهداف البعثة الأممية.. السودان يدعو لتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية

دعا رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، المجتمع الدولي إلى تصنيف قوات الدعم السريع "مجموعة إرهابية"، عقب استهدافها مقر البعثة الأممية بمدينة كادوقلي في ولاية جنوب كردفان جنوبي البلاد.

وأكد إدريس أن استهداف منشأة أممية محمية بموجب القانون الدولي الإنساني يمثل "تصعيدا خطيرا وسلوكا إجراميا يرقى إلى عمل إرهابي منظم، ويكشف عن استخفاف متعمد بالقانون الدولي وتهديد مباشر لعمل البعثات الإنسانية والدولية".

ودعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى اتخاذ مواقف حازمة وإجراءات رادعة تكفل حماية المنشآت الأممية والعاملين في المجال الإنساني والمدنيين والأعيان المدنية والخدمية ومحاسبة الجناة وفق القانون الدولي بحسب وكالة الأنباء السودانية.

حديث إدريس جاء بعد إعلان الجيش السوداني مقتل 6 أشخاص وإصابة 7 آخرين في هجوم بثلاثة صواريخ أطلقتها طائرة مسيرة تابعة للدعم السريع، باتجاه مقر البعثة الأممية في كادوقلي، بينما نفت تلك القوات مسؤوليتها عن العملية.

وأفادت وكالة الأنباء السودانية، أن رئيس الوزراء أدان بأشد العبارات” هجوم “الدعم السريع على مقر البعثة الأممية في كادوقلي، معتبرا الهجوم "خرقا جسيما للحماية المقررة للمنشآت الأممية وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني".

وتأسست قوة "يونيسفا"، في يونيو/ حزيران 2011، وهي مكلفة برصد التوتر بين السودان ودولة جنوب السودان، ويسمح لها باستخدام ‏القوة لحماية المدنيين والعاملين في مجال المساعدة الإنسانية في منطقة "أبيي".

بدوره، قال متحدث الجيش السوداني عاصم عوض، في بيان، إن "اعتداء مليشيا الدعم السريع على مقر بعثة الأمم المتحدة وكتيبة بنغلاديش بكادوقلي عمل إجرامي".

واعتبر ذلك "انتهاكا صارخا للقانون الدولي والإنساني والقرارات الأممية التي تحمي قوات حفظ السلام والمنشآت التابعة للأمم المتحدة".

وأضاف أن الهجوم "يكشف بوضوح عن النهج التخريبي للمليشيا المتمردة ومن يقف خلفها".



ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه الذي يستهدف البعثة الأممية التي تنتشر في منطقة أبيي المتنازع عليها بين دولتي السودان وجنوب السودان، منذ بدء الحرب بين الجيش والدعم السريع منتصف نيسان/ أبريل 2023.

وتعاني كادوقلي من حصار تفرضه الدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال منذ الشهور الأولى للحرب، وهجمات متكررة بالمدفعية والطائرات المسيرة وفق مؤسسات حقوقية.

وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني والدعم السريع منذ أسابيع، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.

وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء حرب بين الجيش والدعم السريع اندلعت منذ نيسان/ أبريل 2023 بسبب خلاف بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، ما تسبب بمقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص.

مقالات مشابهة

  • بعد استهداف البعثة الأممية.. السودان يدعو لتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية
  • رئيس وزراء العراق: نجحنا في تجنيب البلاد تداعيات الصراعات بالمنطقة
  • مصرع مواطن سوداني بنيران الدعم السريع في كردفان
  • انتهاكات وحشية..حاكم دارفور: أولويتنا حماية المواطنين من اعتداءات الدعم السريع
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • مسيرة لقوات الدعم السريع تستهدف حي طيبة شرقي مدينة الأبيض السودانية
  • بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • المملكة المتحدة تفرض عقوبات على قيادات من "الدعم السريع" بالسودان
  • جنوب السودان يتولى أمن حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع
  • هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟