الربيع العربي.. شرارة لم تنطفئ وثورة لا تعرف اليأس
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
ظن كثيرون أن الربيع العربي قد مات، وأن الشعوب التي انتفضت في وجه الطغيان قد خمدت إرادتها تحت وطأة الأنظمة القمعية، التي تسلقت على أكتاف الثورات لتبني عروشها وتعيد عجلة الاستبداد إلى الوراء. لكن ما حدث في سوريا، بسقوط نظام الأسد، هو أكبر دليل على أن الربيع العربي لم يمت، إنه يعيش في قلوب الشعوب، ينتظر الفرصة المناسبة ليشتعل من جديد، ولن يُطفأ حتى يحقق أهدافه في الحرية والكرامة والعدالة.
سقوط الأسد: رسالة لكل الطغاة ودرس للحكام العرب
مارس بشار الأسد كل أنواع البطش على شعبه، من استخدام الأسلحة الكيميائية إلى تدمير المدن وتشريد الملايين. تخلى عن كرامته وسيادة بلاده لصالح روسيا، وأدخل المرتزقة من الفاغنر وحرس إيران الثوري ليحموا نظامه. ورغم ذلك، لم يستطع النجاة من إرادة الشعب السوري الذي استمر في مقاومته حتى أسقطه. سقوط الأسد ليس مجرد حدث محلي، بل هو رسالة لكل الحكام الذين يسيرون على دربه: القمع والتبعية للخارج لن تحميكم من شعوبكم.
من تونس إلى مصر، ومن ليبيا إلى الخليج، الأنظمة التي اغتصبت السلطة أو استبدت بها يجب أن تدرك أن الربيع العربي قد يستيقظ في أي لحظة:
1. قيس سعيد (تونس):
الرئيس التونسي الذي خيب آمال شعبه بتجميد المؤسسات الديمقراطية والانفراد بالسلطة، عليه أن يتعلم من درس الأسد. الشعب الذي أسقط نظام بن علي لن يتردد في الانتفاض مجددًا إذا استمرت خيبة الأمل في تحقيق تطلعات الثورة.
2. عبد الفتاح السيسي (مصر):
السيسي الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري، وأعاد البلاد إلى عصر القمع والسجون المكتظة بالمعارضين، عليه أن يدرك أن البطش لا يخلق استقرارًا دائمًا. الشعب المصري الذي أسقط مبارك يمكنه أن يفعلها مرة أخرى.
3. عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر (ليبيا):
في ليبيا، انقسام السلطة بين الشرق والغرب لم يُنه معاناة الشعب، بل زادها. الدبيبة في طرابلس وحفتر في الشرق كلاهما يتشبث بالسلطة بطرق مختلفة، لكن الشعوب الليبية، التي ثارت ضد القذافي، لن تقبل أن تعيش تحت حكم مستبد جديد، سواء اعتمد على روسيا والفاغنر أو غيرها من القوى الأجنبية.
4. محمد بن سلمان (السعودية):
انفتاح ولي العهد السعودي على الثقافة الغربية بشكل مفرط قد يكون بمثابة فتيل يشعل موجة احتجاجات جديدة. الشعب السعودي، رغم قبوله بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، قد لا يتحمل تجاوز الحدود الثقافية والدينية التي تحكم مجتمعه.
5. محمد بن زايد (الإمارات):
التطبيع مع إسـ ــرائـــيل قد يكون خطوة استراتيجية بالنسبة له، لكنه قد يستفز مشاعر الكثيرين داخل الإمارات. رغم الهدوء الظاهري، فإن الربيع العربي قد يطرق أبواب الإمارات لأول مرة، خاصة مع زيادة الوعي الشعبي والتأثير الخارجي.
6. المغرب:
الوضع في المغرب يبدو الأكثر هشاشة. الاقتصاد المتدهور، وارتفاع مستويات الفقر، وتراجع مستوى الحرية يجعل البلاد مهيأة لانتفاضة جديدة. الملكية المغربية التي لطالما اعتُبرت أكثر مرونة من غيرها قد تجد نفسها أمام احتجاجات تطالب بإصلاح جذري، خاصة إذا استمر الوضع الاقتصادي في التدهور.
الربيع العربي: ثورة مستمرة وليست حدثًا عابرًا
الربيع العربي ليس مجرد سلسلة من الأحداث التي بدأت في 2011 وانتهت بالفشل أو النجاح. إنه عملية مستمرة، تعكس توق الشعوب العربية للحرية والعدالة. الأنظمة التي تظن أنها انتصرت على شعوبها يجب أن تدرك أن الشعوب لا تموت، وأن طموحاتها قد تخبو مؤقتًا لكنها لا تختفي.
سقوط الأسد هو تذكير بأن إرادة الشعوب أقوى من جبروت الطغاة. على الأنظمة العربية أن تقرأ الدرس جيدًا، وأن تدرك أن الربيع العربي لم ينتهِ. الشعوب العربية، التي دفعت أثمانًا باهظة من الدماء والدموع، لن تتوقف حتى تحقق أحلامها في حياة كريمة وحكم عادل. الربيع العربي لم يمت، بل ينتظر اللحظة المناسبة ليعود، وهذه المرة قد يكون أكثر شمولًا وتأثيرًا.
تبينوا هذا والله تعالى أعلم
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
البيان الختامي للقمة العربية.. تأكيد على التضامن العربي والالتزام بالقضايا المحورية
اختتمت يوم السبت في العاصمة العراقية بغداد أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين، التي ركزت على عدد من القضايا السياسية والإنسانية البارزة في العالم العربي، مع تسليط الضوء على الأوضاع في فلسطين وسوريا ولبنان والسودان.
أكد البيان الختامي للقمة على مركزية القضية الفلسطينية وأهمية دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير. وأدان القادة العرب “الممارسات غير الشرعية” التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأكدوا رفض جميع أشكال التهجير والنزوح للفلسطينيين. كما دعا البيان إلى “وقف فوري للعدوان الإسرائيلي” على قطاع غزة، مؤكدًا ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في وقف إراقة الدماء وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
كما أعلن الزعماء العرب دعمهم الكامل للخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة، وأعربوا عن تأييدهم لانضمام فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
وفيما يخص الوضع في سوريا، شدد البيان الختامي على احترام خيارات الشعب السوري وحماية سيادة واستقلال البلاد. وأدان القادة العرب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية. كما رحبوا بقرار الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، ودعوا إلى إطلاق حوار وطني شامل يضم جميع مكونات الشعب السوري بهدف تحقيق التسوية السياسية.
أما بالنسبة للبنان، فقد أكدت القمة العربية على ضرورة الحفاظ على أمن لبنان واستقراره، مع الإشارة إلى أهمية تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. وأدان البيان الخروقات الإسرائيلية للقرار ودعا إلى وقف الأعمال العدائية حفاظًا على وحدة الأراضي اللبنانية.
وفيما يتعلق بالسودان، شدد البيان الختامي على ضرورة الحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها. وأكد القادة العرب أهمية تشكيل حكومة مدنية مستقلة ومنتخبة، بما يساهم في استقرار السودان وضمان عدم انهيار مؤسساته الوطنية.
كما شدد البيان على دعم ليبيا، مع التأكيد على أهمية حل الأزمة فيها عبر الحوار الوطني، ورفض التدخل في شؤون البلاد، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها.كما دعا مجلس النواب الليبي، والمجلس الأعلى الاستشاري، لضرورة سرعة التوافق على إصدار القوانين الانتخابية التي تلبي مطالب الشعب الليبي بتحقيق الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتزامنة.
وأكد البيان على أهمية الأمن المائي كركيز من ركائز الأمن القومي العربي، ودعم مصر والعراق والسودان وسوريا في ضمان حقوقها المائية.
وبخصوص اليمن، عبّر “إعلان قمة بغداد” عن تأييده للمساعي “الأممية والإقليمية الهادفة إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية”، مضيفا “نجدد دعمنا الثابت للمجلس الرئاسي في اليمن ومساندة جهود الحكومة لتحقيق المصالحة”.
في ختام القمة، عبّر الزعماء العرب عن تضامنهم الكامل في مواجهة التحديات المشتركة، وأكدوا التزامهم بقضايا الشعوب العربية، خاصة في فلسطين وسوريا ولبنان والسودان. كما شددوا على ضرورة تعزيز التعاون العربي المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.