فايننشال تايمز: هكذا أسست عائلة الأسد إمبراطورية الخوف في سوريا
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
كان سقوط بشار الأسد في سوريا مدويا، ولم تعد أسرته موجودة في دمشق، وهي التي فرضت حكم الأقلية بيد من حديد، في مشهد لم يتخيله العديد من السوريين.
لم يرد هذا الوصف على لسان أحد معارضي الأسد، بل جاء في تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تحت عنوان "كيف أسست عائلة الأسد إمبراطورية الخوف في سوريا؟".
ونقلت عن الكاتب السوري حايد حايد، وهو باحث أستشاري أول في معهد تشاتام هاوس في لندن، قوله إن الإرث الذي تركه النظام السابق تميز بمحاولته "القضاء على روح الشعب، وحرمهم من الحلم بإمكانية العيش في مكان أفضل".
وتشير الصحيفة إلى أن سوريا تتمتع بموارد طبيعية وتاريخ عريق غني وموقع استراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، وتحدها العراق والأردن وإسرائيل وإيران وتركيا.
سحق الشعبونقلت عن بسام بربندي -الدبلوماسي السوري السابق الذي انشق وانضم إلى المعارضة- قوله إن نظام الأسد الذي ظل يحكم سوريا منذ عام 1970 "كان لديه كل الوقت والأدوات لجعل سوريا مثل سنغافورة لو أراد، لكنه لم يفعل. فقد حاولوا سحق الشعب (…) من أجل البقاء".
ووفقا للصحيفة، فإن الأمر انتهى ببشار وشقيقه ماهر وزوجته أسماء المولودة في لندن باستغلال سلطتهم "بلا شفقة" لتمويل النظام في وقت كان فيه الاقتصاد ينهار تحت ركام الحرب الأهلية.
إعلانونسبت إلى محللين أن عائلة الأسد كانت تسيطر على عمليات تهريب الكبتاغون، وهو مخدر يُنتج أساسا في سوريا، وتستفيد من عوائد تجارته المتنامية. بل إن محللا سوريا مقيما في لندن، اسمه مالك العبدة، وصف العائلة بأنها "أشبه ما تكون بمافيا تدير دولة"، مضيفا أن النتيجة كانت لكثير من الناس العاديين أن سوريا أضحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بتعذيبهم، ويعتبرونها جلّأدهم "لدرجة أن المرء كاد يكره بلده".
استخبارات وقمعوباعتباره حاكما من الأقليات في بلد يعتنق أغلب شعبه المذهب السني، ركز حافظ الأسد -أب بشار- السلطة في يد أفراد طائفته الموالين له ودعم حكمه بأجهزة استخبارات وحشية تراقب كل تحركات السوريين. كما حرض الأجهزة ضد بعضها البعض، مما زاد من الشعور بالارتياب والخوف.
وأعادت الصحيفة البريطانية إلى الذاكرة كيف أن حافظ الأسد كان ديكتاتورا لم يتسامح مع أي معارضة لحكمه، حتى إنه أخمد انتفاضة الإسلاميين في مدينة حماة بمجزرة دموية عام 1982 راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأشخاص.
ولفتت إلى أنه في ظل حكم الأسد الأب، تدخل الجيش السوري في الحرب الأهلية اللبنانية، واحتل أجزاء من البلاد لسنوات، وأصبح "مرهوبا" على نطاق واسع بسبب قسوته مع اختفاء المواطنين اللبنانيين في السجون السورية.
وعرجت الصحيفة بعد ذلك إلى الحديث عن بشار -الابن الثاني لحافظ- والذي وُلد في عام 1965، وأصبح طبيبا ثم ذهب إلى لندن للتدريب كطبيب عيون. وبعد مصرع شقيقه الأكبر، باسل -في حادث سيارة عام 1994، والذي كان والده يخطط أن يورثه في الحكم- استُدعي بشار إلى دمشق وجرى إعداده لتولي الرئاسة. وبعد 6 سنوات، توفي حافظ.
أمل ضائعوأسهبت الصحيفة في إيراد تفاصيل عن محاولة القوى المختلفة في سوريا التي تنافست على استمالة بشار إلى جانبها، والذي كان عمره آنذاك 34 عاما فقط، حتى إن فرنسا التي كانت تستعمر سوريا سابقا، منحته وسام جوقة الشرف، الذي يُعد أرفع أوسمتها بعد وصوله سدة الحكم في عام 2001.
إعلانوقال تشارلز ليستر، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط بالعاصمة الأميركية واشنطن، إن الدول الغربية اعتقدت في أول الأمر أن "وصول اسم ذي نزعة غربية وتحررية أكثر وربما عالمية، إلى السلطة سيكون حدثا جيدا".
لكن بشارا أصبح مقربا من الراحل حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، "ومن ثم لِما يسمى محور المقاومة الذي يضم القوى المناهضة للولايات المتحدة".
وعلى الصعيد الداخلي -تقول الصحيفة- سعى بشار إلى توجيه سوريا من نمط الاقتصاد الاشتراكي، الذي كان يتبناه والده، نحو اقتصاد السوق الحر، مما أشاع الآمال في ما يسمى ربيع دمشق الذي يمنح المواطنين قدرا أكبر من الحريات الشخصية.
وعود فارغةبيد أنه سرعان ما ثبت أن الوعود بالإصلاح كانت فارغة. ويقول الاقتصاديون السوريون إنه بدلا من ذلك أقام "حكومة لصوص"، وهو نظام اصطُلح على تسميته بــ"الكليبتوقراطية" الذي يستخدم قادتها الفاسدون السلطة السياسية للاستيلاء على ثروة شعوبهم.
واستن بشار ذلك النظام، على الرغم من أن بعض الشركات كانت قادرة على تحقيق الأرباح، إلا أن أفراد عائلته -مثل ابن خاله رامي مخلوف– هيمنوا على الاقتصاد.
وبينما كان سكان الريف والضواحي الأقل حظا يشعرون بأنهم متخلفون عن الركب، كان بشار يعتمد على دعم العائلات التجارية والأقليات في المناطق الحضرية في سوريا، حسب قول فايننشال تايمز.
وبعد موجات الربيع العربي التي عمّت بعض الدول العربية في عام 2011، والتي شهدت سوريا خلالها احتجاجات شعبية ضد الفساد والاستبداد، آثر بشار سحقها فكان أن سقط جراءها أكثر من 300 ألف مدني قتيلا في العقد الأول من الحرب الأهلية، وفق تقديرات الأمم المتحدة، بينما تتحدث المعارضة عن أرقام أكبر بكثير، ناهيك عن ملايين المهجرين والنازحين والمفقودين.
ذاكرة لن تنسىوقال كرم الشعار، المتخصص في الاقتصاد السياسي السوري المقيم في نيوزيلندا، للصحيفة إن تلك كانت لحظة فارقة، فمع تفاقم مشاكله الاقتصادية بسبب الجائحة العالمية والانهيار المالي في لبنان المجاور والعقوبات الدولية، بدأ الأسد في ابتزاز رجال الأعمال؛ والذي لم يسلم منه حتى ابن خاله مخلوف.
إعلانأما أسماء، زوجة بشار، فكانت تسيطر هي الأخرى على ما أسماها الكاتب بالغنائم؛ إذ عززت سيطرتها على قطاع المعونات، وهو مصدر ضخم ونادر للأموال النظيفة في سوريا، بينما كان حلفاؤها يناورون في مواقع القوة الاقتصادية، طبقا للصحيفة.
وأوضحت فايننشال تايمز في تقريرها أن سلالة الأسد ستبقى في الذاكرة بسبب "استخفافها الوحشي" بأرواح السوريين، ناقلة عن الكاتب الصحفي حايد تأكيده أن السوريين بدؤوا في تجاوز إمبراطورية الخوف "فقد رأينا كيف استطاع الشعب التغلب على ذلك وصنع المستقبل الذي يريده لنفسه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات فایننشال تایمز فی سوریا
إقرأ أيضاً:
سوريا.. إعلان موعد أول انتخابات برلمانية بعد الأسد
القاهرة (زمان التركية)ــ من المقرر أن تُجرى انتخابات برلمانية في سوريا في سبتمبر/أيلول. وستكون هذه الانتخابات الأولى التي تُجرى في البلاد منذ الإطاحة بنظام البعث الذي دام 61 عامًا، وسقوط الرئيس بشار الأسد.
وصرح رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه أحمد لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الانتخابات ستجرى في الفترة من 15 إلى 20 أيلول/سبتمبر المقبل.
وتم زيادة عدد المقاعد البرلمانية إلى 210، ومن بين 210 مقاعد في البرلمان، سيُعيّن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ثلثها. أما المقاعد المتبقية، فسيتم تحديدها بالاقتراع الشعبي.
وأعلن أن عدد مقاعد مجلس الشعب الذي سيضم ممثلين عن 14 محافظة، سيرتفع من 150 إلى 210 مقاعد.
صرّح محمد طه الأحمد، رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): “سيتم زيادة عدد مقاعد مجلس الشعب من 150 إلى 210 مقاعد. وبموجب اللائحة الجديدة، سيُعاد تحديد تمثيل المحافظات في المجلس وفقًا لتعداد عام 2011. علاوة على ذلك، سيُعيّن الرئيس 70 من هؤلاء الأعضاء”.
وفي تصريح لـ”الرأي” حول رزنامة الانتخابات، أوضح الأحمد أنه بعد توقيع مرسوم نظام الانتخابات المؤقت سيتم تحديد اللجان الفرعية خلال أسبوع، وستقوم هذه اللجان بانتخاب هيئة الانتخابات خلال 15 يوما.
موعد الانتخابات في سورياوأوضح الأحمد أن عملية الترشيح ستبدأ بعد تحديد اللجان، ومن المقرر إجراء الانتخابات في الفترة من 15 إلى 20 سبتمبر/أيلول المقبل، وأن هناك جهوداً تبذل لضمان أن لا تقل نسبة مشاركة المرأة في الهيئات الانتخابية عن 20%.
وأوضح الأحمد أن العملية الانتخابية ستتم تحت إشراف وتنسيق المفوضية العليا للانتخابات، مضيفاً “سيتم ضمان قوائم المرشحين وحق الاعتراض على النتائج في الانتخابات التي سيراقبها مراقبون دوليون”.
يتزامن إعلان جدول الانتخابات مع فترة من الانتقادات الحادة والخلافات الموجهة للإدارة الجديدة في دمشق. ويُعد هذا النقاش الانتخابي جديرًا بالملاحظة لأنه جاء بعد اندلاع التوترات الطائفية في محافظة السويداء جنوب سوريا مطلع يوليو/تموز. قُتل المئات في الاشتباكات التي اندلعت بعد هجوم قبائل عربية بدوية على السويداء، وهي منطقة ذات أغلبية دوزية، وواجهت البلاد موجة جديدة من عدم الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.
قصفت إسرائيل مرارًا قوات الجيش السوري المنتشرة في المنطقة. وبينما حاولت قوات الحكومة السورية التدخل، أشارت تقارير عن انحيازها للعشائر العربية وارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان في السويداء إلى أن الوضع ما زال بعيدًا عن السيطرة. ووفقًا للتقارير، أقدمت بعض القوات المسلحة الموالية للحكومة على قتل مدنيين دروز، وحرق منازلهم، ونهب ممتلكاتهم.
ردًا على ذلك، شنّت إسرائيل غارات جوية على قوات الحكومة السورية ووزارة الدفاع في دمشق. وادعت إسرائيل أن هذه الهجمات نُفّذت لحماية الطائفة الدرزية.
Tags: الانتخابات السوريةالانتخابات في سورياموعد الانتخابات في سوريا