جباليا.. من مهد الانتفاضة الأولى إلى خط المواجهة في حرب الإبادة
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
الثورة / وكالات
حلت الذكرى السابعة والثلاثين لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى “انتفاضة الحجارة”، التي اشتعلت شرارتها الأولى في مخيم جباليا شمال قطاع غزة يوم 8 ديسمبر1987، لتصبح رمزًا للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.
المخيم الذي كان شاهدًا على بداية الحراك الشعبي ضد الاحتلال، يعيش في اللحظة الراهنة واحدة من أشد الهجمات العسكرية في حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ أكثر من عام.
جباليا.. ذاكرة الانتفاضة الأولى
يقع مخيم جباليا شمال مدينة غزة، ويمتد على مساحة لا تزيد عن 1.5 كيلومتر مربع، لكن كثافته السكانية تعد من الأعلى في القطاع.
تأسس المخيم عام 1948 لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرهم الاحتلال من أراضيهم إبان النكبة، ومنذ ذلك الحين، تحول المخيم إلى رمز للمقاومة الفلسطينية.
في 1987، وتحديدًا بعد حادثة دهس أربعة عمال فلسطينيين على يد مستوطن إسرائيلي، انتفض سكان جباليا ضد الاحتلال، وأطلقت تلك الاحتجاجات شرارة “انتفاضة الحجارة”، واستمرت الانتفاضة لعدة سنوات، وشهدت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين الذين كانوا يواجهون جيش الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة، مقابل إطلاق النار والاعتقالات الجماعية.
لاحقًا، وفي انتفاضة الأقصى عام 2000، لعب مخيم جباليا دورًا محوريًا في المقاومة المسلحة، كان المخيم مركزًا لتجمع المقاومة الفلسطينية التي نفذت عمليات نوعية ضد الاحتلال، ما جعل الاحتلال يضعه في قلب عملياته العسكرية خلال الاجتياحات المتكررة.
“أيام الغضب”
ومثل سائر مخيمات ومدن غزة، تعرضت جباليا ومخيمها لاجتياحات عديدة من قبل جيش الاحتلل خلال عامي 2001 -2003. لكن المواجهة الأبرز وقعت قبل عشرين عامًا، وتحديدًا في نهاية سبتمبر ومطلع أكتوبر عام 2004، عندما أطلق جيش الاحتلال عملية عسكرية أطلق عليها اسم “أيام الندم”، بينما سمتها المقاومة الفلسطينية “أيام الغضب”.
امتدت العملية لتشمل بلدات جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، واستمرت لمدة 17 يومًا، مخلفة وراءها أكثر من 160 شهيدًا فلسطينيًا ومئات الجرحى، إلى جانب خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف جيش الاحتلال.
تجلّت في هذه المواجهة تطورات نوعية في العمل العسكري للمقاومة الفلسطينية، فقد استطاعت المقاومة الصمود في وجه جيش الاحتلال لمدة 17 يومًا متواصلة، وهي أطول مدة تسجلها عملية عسكرية من هذا النوع في تلك الفترة.
كما أظهرت المقاومة قدرات جديدة، حيث أعلنت عن استخدام أسلحة محلية الصنع لأول مرة، منها العبوة الناسفة “شواظ 3″، وقاذفي “الياسين” و”البتار” المضادين للدروع، ما ساهم في تعزيز قدرتها على التصدي للاجتياح.
وشهدت هذه المواجهة الظهور الأول للمتحدث العسكري باسم كتائب عز الدين القسام، “أبو عبيدة”، الذي عقد مؤتمرًا صحفيًا غير مسبوق خلال الاجتياح، شرح فيه طبيعة المواجهات وآليات التصدي لقوات الاحتلال.
إلى جانب ذلك، تطور العمل الإعلامي للفصائل الفلسطينية بشكل لافت، حيث بدأت تظهر أفلام ومشاهد توثق بالصوت والصورة العمليات العسكرية التي استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي وآلياته.
جباليا في مرمى الإبادة
شكّل مخيم جباليا ملاذًا للنازحين خلال الاعتداءات الإسرائيلية السابقة على غزة، خلال عدوان 2008-2009، و2012، و2014، و2021، حيث لجأ سكان البلدات الحدودية المحيطة إلى المخيم بحثًا عن الأمان النسبي، لكن في الحرب الحالية، لم يعد المخيم ملاذًا آمنًا؛ بل بات مركزًا للقصف والدمار.
فمنذ أكتوبر 2023، ومع بدء الاحتلال لحرب الإبادة على قطاع غزة، تعرض مخيم جباليا لضربات عسكرية غير مسبوقة.
وفي ديسمبر 2023 ومايو 2024، اجتاح جيش الاحتلال المخيم مرتين ضمن خطة تهدف إلى تهجير سكان شمال قطاع غزة، واليوم، ومع اجتياح المخيم للمرة الثالثة في عملية بدأت في الخامس من أكتوبر 2024، أصبح جباليا منطقة منكوبة، ومعلمًا من معالم صور الإبادة في أبشع صورها.
وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية، خلّفت عمليات الاحتلال في محافظة شمال غزة أكثر من 3000 شهيد خلال شهرين، إلى جانب مئات الجرحى وآلاف المعتقلين، كما أدى القصف العنيف إلى تدمير أحياء سكنية بأكملها وتهجير عدد من سكانها نحو مدينة غزة، وسط أوضاع إنسانية متفاقمة.
وتركز خطة الاحتلال في جباليا على تنفيذ سياسة الأرض المحروقة، عبر القصف الجوي المكثف والتدمير المنهجي للمنازل والبنية التحتية. استخدمت قوات الاحتلال روبوتات مفخخة وبراميل متفجرة لتفجير الأحياء السكنية، كما استهدفت المنشآت الصحية والإغاثية، ما أدى إلى شلل كامل في المنظومتين الصحية والخدمية.
وترافق ذلك مع حصار شامل فرضه الاحتلال على المخيم، حيث أغلقت الطرق المؤدية إليه بالركام الناتج عن تدمير الأبنية، واستهدفت النازحين في تلك الطرق بالقذائف، كما ألقى جيش الاحتلال منشورات تحذر السكان من البقاء في المخيم وتدعوهم إلى النزوح نحو مدينة غزة، لكن دون منحهم الوقت الكافي أو الممرات الآمنة للخروج، كما قتلهم حين حاولوا النزوح.
المخيم الذي لطالما احتضن النازحين ومدّهم بمقومات الصمود، يواجه اليوم محاولات الاحتلال لتفريغه من سكانه وتحويله إلى منطقة عازلة، ورغم الظروف الكارثية، يصر سكان المخيم على البقاء في أرضهم، مؤكدين أن جباليا كانت وستظل أحد أعمدة المقاومة الفلسطينية.
لقد تمكنت المقاومة من تحويل أدوات القتل الإسرائيلية إلى وسائل مقاومة، والذي يعد دليلًا على عبقرية المقاومة التي تنفذ عملياتها بوسائل بدائية للغاية وفي ظل نقص شديد في الموارد.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تل أبيب ترد على مفاوضات غزة .. ومعارك ضارية بين المقاومة وجنود الاحتلال
كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن حكومة الاحتلال القائم بالإبادة في تل أبيب أرسلت ردها على مفاوضات غزة مكتوبا إلى الوسطاء وذلك في محاولة للتوصل إلى وقف القتال.
سبق أمس أن أكد مسؤول إسرائيلي الثلاثاء، تحقيق تقدم في محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وذلك عقب اجتماع مجلس الوزراء مساء الاثنين الذي دعا إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
قال مسؤول إسرائيلي : "هناك فرصة للتقدم. هناك تغييرات ومناقشات". وأضاف المصدر أن قطر تنتظر ردًا مُحدّثًا من حماس على الخطة التي قدمها المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، والتي يعتقد الوسطاء أنها قد تُحقق اختراقًا.
أرسلت حماس سابقًا تعديلات على خطة ويتكوف، التي انتقدها مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون على حد سواء، والتي نصت على وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا وإطلاق سراح 10 .
تسعى الحركة المقاومة إلى ضمانات أمريكية لوقف إطلاق نار طويل الأمد، على الرغم من أن الضغط الإسرائيلي، إلى جانب توزيع مؤسسة غزة الإنسانية للمساعدات على المدنيين وظهور ميليشيات، قد دفع حماس إلى تخفيف موقفها.
في هذه الأثناء، وبحسب شبكة قدس الفلسطينينة تتحدث منصات للمستوطنين عن معارك ضارية بين المقاومة وجنود الاحتلال في عدة محاور بقطاع غزة.
كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية بوقوع معارك ضارية في قطاع غزة بين مقاتلين من حركة حماس والجيش الإسرائيلي.
ذكرت كتائب سرايا القدس المقاومة :"تمكنا من تدمير آلية عسكرية صهيونية بتفجير عبوة برميلية في منطقة قيزان النجار جنوب خان يونس".
من جانبه قال المكتب الاعلامي الحكومي في غزة: الاحتلال يتعمّد خلق فوضى شاملة في قطاع غزة بتكريس سياسة التجويع واستهداف وقتل المُجوّعين الباحثين عن الغذاء بشكل مقصود، وندين هذه السياسة الإجرامية، ونحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الفوضى الدموية، ونطالب المجتمع الدولي بتحرك فوري لحماية المدنيين، و ندعو للضغط على الاحتلال لفتح المعابر وإدخال المساعدات والسماح بتوزيعها من خلال المؤسسات الأممية التي تعمل منذ سبعة عقود في مجال إغاثة اللاجئين والسكان المدنيين".