بوابة الوفد:
2025-05-17@20:22:46 GMT

نُزلاءُ الوحدة

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

قالتْ لي أمي لا تبتعدي كثيرًا، بعد قليل سَيَهِبُّ هواءٌ عنيف، ستأخذنا العاصفة على أي محمل.

حاولي أنْ تَرْكضي سريعًا، وأن تكوني بِجِواري قدرَ المُسْتطاع.

قُلتُ لها: حَاضر يا ماما. ولمْ أتوقع أبدًا حَجم كلامها!

 

هبّتْ ريحٌ شديدة، وَرَكَضْنا كلٌّ في سَحَابِهِ. 

أَخَذَتنا العَاصفة، واحْتشدنا في مكانٍ واحد، اصْطَدَمْنا، وتخبَّطْنا في بعْضِنا من شِدةِ الهَواء.

 

كانت ماما تتمسكُ بي؛ لنهبطَ في مكانٍ واحد أيضًا.

ولكن حَدث تفريغٌ لشُحنةٍ كهربية، ولمْ ألبثْ إلا أنْ سَمعتُ صوتَ دويٍّ عالٍ، ورأيتُ شرارةً كهربية، تفرّقنا بعنف.

هَبَطْنا على إثر ذلك شتّى، في سرعةٍ رهيبة، انحلَّتْ يدي من يد ماما، وأخذتْني الريحٌ لمكان بعيد.

كان يومًا شتائيا جللا، مُغرِقًا لشارعِ الأرضِ الذي هبطنا فيه.

قرَّرَتْ فيه أمٌّ تحملُ كَرتونًا مغلقًا، فيه شيء ما! استقلتْ سيارة "الميكروباص"، ونزلتْ في شارع البحر على الكورنيش. تَعلمُ مُسْبقا أنّ الشوارعَ فارغةٌ جميعها بسببِ سوءِ حالةِ الطقس في قلبِ الديسمبر الأخير. فاطمأنّتْ لذلك. 

على الرغم من ارتجافها الداخلي، ترجّلتْ من الميكروباص، وتمشّتْ قليلًا كَمَنْ يبحثُ عن شيء، أو يَحار في الوصول لشيء ما.

وقفتْ في نقطة معيّنة على سلّمٍ من الإسمنت، به درجتان فقط، يبدو لبيتٍ مُغلق، أو مَحلٍ غيرِ مُستعمل في بيت ما.

 

نظرتْ ثانيةً يمينًا وشِمالًا، راحتْ خطوةً للأمام، ورجعت أخرى للخلف. نظرتْ أيضًا مجَدّدًا. وبخفّة يد ساحر يلعب ألعابا خادعةً للبصر، وضعت الكرتونَ أرضًا، كأنّ شيئا لم يحدث.. وفي ثانية انطلقت للأمام.

 

مِن حُسْنِ حظّها أنْ لم يشاهدْها أحد، ماذا كانت تلبس، كيف بدتْ، ما ملامحها، وملامح ارتجافها، كيف ذابت بين الشوارع ولم يعكس صورتها ماءُ الإسفلت.

 

ولكني رأيتهُا وحَفظتُ تشكيلَ قسوتها في عينيها الحَجَرِيَّتَيْن.

ولا أدري أكان من حُسْن حظّي أم من سوء حظّي، أنْ هبطتُ أنا فوقَ وجهِ الكرتون، تخلّلتُه، حتى تفككتْ طبقاته.

كنتُ قطرةً ضَعيفة، ولكن من شِدة وسرعة السقوط، استطعتُ اختراقَ طبقات الكرتون الضعيف، وهبطتُ على وجه الطفلة الملقاة بداخله.

كانت على شفا بكاء، مهزوزة، تُصلب عيناها الرماديتان في سقف الظلام.

خطواتُ أمها لإلقائها، كانت آخر ما هَدْهَدَهَا.

 

هبطتُ على وجهها ببطء، فقد هدَّأَتْ طبقاتُ الكرتون السفلى سرعتي.

كانت على شفا بكاء، وكنتُ بكاءَها. غسلتُ حزنَها الحاليّ، وأخبرتُها:

"لا تحزني، أنا أيضا فقدتُ ماما لتوّي، هذا الماء الذي بوجهك، لم يتفجّر حتى من حَجَر قلبِ أمك! فإنها لم تمهِلْ نفسَها فكرةَ احتضانِك أو اعتصارِك للمرّة الأخيرة..

اسمعي أيتها اليتيمة للتوّ، عندما يفتح أحدهم صندوقك، وينير ظلمتك، دَعيه يُشبه أمك،

 ابتسمي له، فربما سيكون أرحم بك، سيُخرجُك للحياة، وسيُخرجُني للشمس لتجففني وأعود إلى سحابةٍ جديدة تشبه كذلك ماما.

 جيلان زيدان

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أمي محمل س ح اب ه

إقرأ أيضاً:

عاجل: إسرائيل تكشف تفاصيل عملياتها على موانئ الحديدة قبل قليل

مقاتلات إسرائيلية (سي إن إن)

قالت القناة 14 الإسرائيلية، قبل قليل، إن جيش الاحتلال هاجم ثلاثة موانئ في اليمن.

في تصعيد خطير وغير مسبوق، شنت القوات الإسرائيلية مساء اليوم هجومًا جويًا استهدف ميناء الحديدة اليمني، أحد أهم الموانئ الحيوية على البحر الأحمر، ما أثار حالة من الذعر والاستنفار في المنطقة، وسط إدانات وتحذيرات من تداعيات إنسانية وأمنية كبيرة.

اقرأ أيضاً عاجل: تفاصيل الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة قبل قليل 16 مايو، 2025 5 ساعات على الهاتف يوميًا.. فاجعة صحية تُصيب شابًا وتمنعه من رفع رأسه 16 مايو، 2025

وبحسب مصادر محلية، فقد سمع دوي انفجارات عنيفة في محيط الميناء، أعقبها تصاعد أعمدة الدخان، وسط أنباء عن وقوع أضرار مادية كبيرة في مرافق الميناء، الذي يُعد شريانًا رئيسيًا لوصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين.

الهجوم الإسرائيلي طال أيضا كلا من ميناء رأس عيسى وميناء الصليف في المحافظة ذاتها.

مقالات مشابهة

  • بعد قليل.. أولى جلسات استئناف روكي أحمد على حكم حبسها عام
  • بعد قليل.. الحكم على المتهمين بالاعتداء وسحل طفل المرج
  • بعد قليل.. الحكم على المتهمين بقضية طفل المرج مؤمن
  • عاجل: إسرائيل تكشف تفاصيل عملياتها على موانئ الحديدة قبل قليل
  • عاجل: تفاصيل الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة قبل قليل
  • بكاء على الهواء.. نهال كمال وآية الأبنودي يكشفان تفاصيل حياتهما بعد رحيل الخال
  • لحظة وفاة والدها.. ابنة الأبنودي تدخل في نوبة بكاء على الهواء
  • أولى جلسات محاكمة نجل الفنان محمد رمضان.. بعد قليل
  • بعد قليل.. محاكمة ابن محمد رمضان بتهمة التعدي على زميله
  • بعد قليل.. محاكمة بلوجر شهيرة بتهمة التورط في جريمة مخلة