دبلوماسية بغداد في الاختبار السوري: العراق وسيط إقليمي أم لاعب حيادي؟
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
15 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: مع اقتراب سوريا من مرحلة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد، يتزايد الترقب في الأوساط السياسية العراقية حيال الإدارة السورية المقبلة.
الوضع الراهن يدفع بغداد إلى إعادة ترتيب أولوياتها الإقليمية، في وقت تعلو فيه أصوات تدعو إلى عدم التدخل في الشؤون السورية الداخلية، وسط مباحثات مكثفة يقوم بها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع قادة دوليين وإقليميين.
في تدوينة لافتة على منصة فيسبوك، كتب الناشط السياسي أحمد اللامي: “العراق أمام مفترق طرق خطير. إذا لم نحسن إدارة علاقتنا مع سوريا الجديدة، فقد نجد أنفسنا وسط صراعات إقليمية تهدد سيادتنا”. تعليق يعكس هواجس متزايدة بين العراقيين بشأن احتمالات الانجرار إلى تنافس قوى إقليمية في الساحة السورية، خاصة مع التحولات الجيوسياسية التي تفرض نفسها بقوة.
أما على المستوى السياسي الداخلي، فقد عقد رئيس تيار الحكمة الوطني، عمار الحكيم، لقاءً مع السوداني ناقشا فيه الموقف العراقي من الأحداث في سوريا. ووفق مصادر سياسية، فقد أكدا على أهمية “عدم التدخل في الشأن السوري”، وشدد الحكيم خلال اللقاء على ضرورة “احتواء جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية، لضمان استقرار دائم”.
المصادر المقربة من الحكومة العراقية تؤكد أن اتصالات السوداني الدبلوماسية الأخيرة، التي شملت الأردن، مصر، فرنسا، والولايات المتحدة، لم تكن مجرد مساعٍ دبلوماسية عابرة.
وقال فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، إن هذه التحركات تهدف إلى “بناء توافق إقليمي ودولي حول مستقبل سوريا، ودعم عملية الانتقال السياسي بما يضمن استقرار المنطقة”. وأضاف في تصريح لاحق: “بغداد تسعى لرسم صورة تعكس موقفها الثابت تجاه حقوق الشعوب في تقرير مصيرها”.
قبل سقوط الأسد، جاء تصريح مثير للجدل من قائد هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، الذي وجه رسالة لرئيس الوزراء العراقي دعا فيها بغداد إلى “التزام الحياد وعدم التدخل”. ورغم أن الرسالة أثارت ردود فعل متباينة، فإنها كشفت عن خشية الفصائل السورية المسلحة من أي دور عراقي مباشر في الصراع السوري.
لكن ماذا عن الداخل العراقي؟ أشار الباحث الاجتماعي علي التميمي إلى أن “هناك قلقاً حقيقياً لدى العراقيين من أن تؤدي الأوضاع في سوريا إلى عودة نشاط الجماعات الإرهابية عبر الحدود”. وتابع: “المناطق الحدودية بين البلدين لا تزال تشكل تهديداً أمنياً، وهذا يدفع العراق إلى التعامل بحذر مع الملف السوري”.
على الجانب الشعبي، تفاعل العراقيون مع التطورات بآراء متباينة. إحدى التغريدات على منصة إكس ذكرت: “استقرار سوريا يعني استقرار العراق، لكننا بحاجة إلى ضمان عدم تكرار تجربة التدخل في شؤون الغير”. وعلقت مواطنة عراقية قائلة: “نريد علاقات جوار مبنية على الاحترام المتبادل، لا على التدخلات والمصالح السياسية”.
المرحلة الانتقالية في سوريا، التي تتابعها الدول المجاورة بحذر، لا تزال غامضة المعالم. ومع ذلك، تتزايد التوقعات بأن العراق سيعمل على تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على سيادته الوطنية والمساهمة في استقرار الإقليم.
محللون سياسيون يرون أن بغداد قد تلعب دوراً وسيطاً في تقريب وجهات النظر بين الأطراف السورية المختلفة، خاصة مع تعزيز دورها ضمن الإطار العربي.
وقالت تغريدة أخرى: “الدبلوماسية العراقية أمام اختبار حقيقي. هل سنرى بغداد تأخذ دوراً ريادياً في حل الأزمة السورية؟”. سؤال يعكس تطلعات العراقيين لرؤية بلادهم تلعب دوراً إيجابياً في واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً في المنطقة.
بينما تتجه الأنظار نحو المرحلة المقبلة في سوريا، يبدو أن بغداد قد بدأت برسم خارطة طريق للتعامل مع التحولات الجديدة. تحركات السوداني ليست سوى بداية لمسار طويل، يهدف إلى تجنب الساحة العراقية أن تصبح امتداداً لصراعات الخارج، مع الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها الإقليمية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الشرع في الكويت... زيارة رسمية للرئيس السوري تعيد رسم خريطة العلاقات السورية | تقرير
وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، الأحد، إلى دولة الكويت في زيارة رسمية، يجري خلالها مباحثات مع أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في إطار دفع العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا".
وكان في استقبال الرئيس السوري لدى وصوله إلى مطار الكويت الدولي، وزير الخارجية الكويتي عبد الله علي اليحيا، الذي يرأس بعثة الشرف المرافقة، فيما ضم الوفد الرسمي المرافق للرئيس السوري كلاً من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وعدداً من كبار المسؤولين في الحكومة السورية.
وأفاد الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، وزير شؤون الديوان الأميري، أن جلسة المباحثات بين الجانبين تناولت العلاقات الأخوية المتينة التي تربط الكويت بسوريا، وسبل تطويرها في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
كما جرى التشديد على أهمية ترسيخ التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه في الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية.
ووفقاً لما نقلته "كونا"، ناقش الجانبان مستجدات الأوضاع في سوريا، وأكدا على أهمية تعزيز جهود المجتمع الدولي لدعم أمن واستقرار البلاد، وصون سيادتها ووحدة أراضيها. كما تطرق اللقاء إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب دعم مسيرة العمل العربي المشترك.
وتحمل هذه الزيارة أهمية خاصة في مسار العلاقات الكويتية-السورية، خصوصاً في ظل التطورات التي شهدتها العلاقات بين البلدين، والتي شهدت انقطاعاً دبلوماسياً امتد من عام 2012 وحتى نهاية عام 2024، نتيجة الصراع السوري وما خلفه من تداعيات إقليمية.
وعادت العلاقات رسميًا في 30 ديسمبر 2024، إثر زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى دمشق بصفته رئيس المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، في خطوة اعتُبرت علامة فارقة في مساعي تطبيع العلاقات الخليجية مع سوريا.
وتتزامن زيارة الرئيس الشرع مع انعقاد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت، مخصص لبحث التطورات في سوريا ولبنان، مما يعكس تنامي الحراك الدبلوماسي الإقليمي بشأن الملف السوري.
وفي سياق إنساني، أشارت "كونا" إلى انطلاق أولى رحلات الجسر الجوي من الكويت إلى سوريا، محملة بالمساعدات، تأكيداً على الدور الإنساني الذي تضطلع به الكويت، وتجسيدًا للتضامن مع الشعب السوري. كما أكدت وزارة الخارجية الكويتية، خلال الأشهر الماضية، موقفها الثابت والداعم لوحدة سوريا، ودعت إلى تكثيف الجهود الدولية لتخفيف معاناة السوريين ودعم استقرار البلاد.