كيف يبدو حال اللاجئين الفلسطينيين بسوريا بعد سقوط الأسد؟
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
عاش اللاجئون الفلسطينيون في سوريا فترة طويلة من التحديات والظروف الصعبة منذ نكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا، حيث يُعدون إحدى الفئات الأكثر تضررا بالأزمات السياسية والاقتصادية التي وقعت في البلاد، وخاصة خلال النزاع المسلح منذ 2011.
ويعتبر الفلسطينيون جزءًا من النسيج الاجتماعي السوري ولم يتعرضوا للتمييز الواضح، فقد استقروا في مخيمات ومدن سوريا، واندمجوا نسبيا في المجتمع، لكنهم ظلوا يحتفظون بهويتهم الفلسطينية على مدى العقود الماضية.
فما تأثير الأوضاع الراهنة في سوريا على اللاجئين الفلسطينيين؟ وكيف أثر النزاع على أوضاعهم داخل البلاد وخارجها؟ وما السبل الممكنة لمعالجة التحديات المستقبلية السياسية والاقتصادية وضمان حقوقهم على المستويين الوطني والدولي؟
بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وتولي فصائل المعارضة السلطة، أصبحت هناك حالة من الارتياح والاستقرار تشهدها المخيمات الفلسطينية في سوريا، بحسب مدير "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" فايز أبو عبيد، الذي أكد للجزيرة نت أنهم تلقوا معاملة جيدة من قوات المعارضة السورية عند دخولها لمخيماتهم.
ورغم هذا، فإن هناك عدة تحديات تواجه اللاجئين الفلسطينيين بسوريا، يلخصها مدير منصة "شتات نيوز" محمد صفية في مسألة العودة إلى المخيمات، خاصة مخيم اليرموك بعد تدمير أكثر من 70% منه نتيجة العمليات الحربية وظاهرة "التعفيش" الممنهجة، التي مارسها النظام ومليشياته من سرقة وتدمير المنازل والممتلكات، بما في ذلك حديد المنازل.
وتابع محمد صفية أن التحدي الثاني يتمثل في تعامل حكومة تصريف الأعمال الجديدة مع الفلسطينيين الذين تعتبرهم "مهاجرين"، مؤكدا أن هذه إشكالية قانونية يجب أن توضع في الاعتبار لأن اللاجئ الفلسطيني يجب أن يحتفظ بصفة "اللاجئ" حتى يعود إلى أرضه.
إعلانبدوره، يصف مدير مديرية شؤون الفلسطينيين في الشمال السوري محمد بدر الوضع الحالي للاجئين في سوريا بأنه "غامض وهم في حالة ترقب بشأن ماذا سيكون وضعهم بعد سقوط نظام الأسد"، ويضيف "مبدئيا، ولحين تشكيل مرحلة حكم جديدة والبدء بتغيير القوانين ودستور البلاد، سيبقى وضع الفلسطينيين كما هو حتى اتضاح الرؤية مستقبلا".
موجات النزوحتعرضت مخيمات الفلسطينيين في سوريا لموجات نزوح إلى المناطق المجاورة التي تعد "آمنة نسبيا"، حيث لجأ عشرات الآلاف نحو أوروبا ولبنان والأردن وتركيا ومصر، بالإضافة إلى دول شرق آسيا وأميركا اللاتينية وكندا وغيرها من الدول، بحسب ما أوضح مدير مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا فايز أبو عبيد.
ويضيف أبو عبيد، في حديثه للجزيرة نت، أن هذا النزوح ساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية للاجئين وتفكيك نسيجهم الاجتماعي، وزاد من معدلات الفقر والبطالة وتدني المستوى التعليمي بينهم.
وذكر أنه يوجد حاليا في سوريا نحو 438 ألف فلسطيني، بحسب إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مشيرا إلى أن هناك 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في سوريا، بينها 9 رسمية تعترف بها الوكالة و3 غير معترف بها، وتتوزع هذه المخيمات على كافة المحافظات والمدن السورية، لكن النسبة الكبرى من الفلسطينيين تقطن في دمشق وريفها.
وبحسب أبو عبيد، فإن حجم الدمار في بعض المخيمات الفلسطينية كبير جدا، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة الدمار في الممتلكات والأبنية في مخيم اليرموك 60%، وتعد 20% من الأبنية غير صالحة للسكن وآيلة للانهيار، بحسب إحصائيات الأونروا لعام 2024.
وأوضح أن نسبة الدمار في مخيمي درعا جنوبي سوريا وحندرات بمدينة حلب تبلغ حوالي 80%، وهي نسبة لا تستطيع أي مؤسسة أو هيئة إغاثية القيام وحدها بإعادة بنائها، وإنما يتطلب ذلك تضافر كافة الجهود الدولية والداخلية ووكالة الأونروا.
إعلانوقدم أبو عبيد مجموعة من الإحصائيات الصادرة عن الأونروا ومجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سوريا" حول حجم النزوح وأماكن انتشار اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا وخارجها، وهي كالتالي:
أكثر من 200 ألف لاجئ اضطروا للهجرة خارج سوريا. 23 ألفا رحلوا من سوريا إلى لبنان. 21 ألفا رحلوا إلى الأردن. 3500 رحلوا إلى مصر. 14 ألفا رحلوا إلى تركيا. 350 رحلوا إلى غزة.يربط مدير مديرية شؤون الفلسطينيين محمد بدر بين سياسة إعادة إعمار المخيمات الفلسطينية بعد سقوط النظام السوري السابق وعدة عوامل، أبرزها: وجود هيئة عامة للاجئين الفلسطينيين، وممثلية لمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية، معتبرا أن الأمر بحاجة لمتابعة مع الحكومة الحالية لتحديد هذه السياسة.
وأضاف أنه "لا توجد حاليا سياسة أو خطط لتوطين الفلسطينيين بسبب وجود قوانين ناظمة للتعامل معهم، وأهمها القانون 260 لعام 1956، لكن هناك شريحة من الفلسطينيين تطالب بمنحهم الجنسية السورية لتسهيل أمورهم في سوريا، واقتران هذا الإجراء ببند الحفاظ على حق العودة".
أما مدير منصة "شتات نيوز" محمد صفية فيرى أن "تحديد سياسة لإعادة إعمار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يتطلب دراسة شاملة تأخذ بعين الاعتبار العديد من الجوانب القانونية والسياسية والإنسانية والاجتماعية".
وشدد محمد صفية على ضرورة الالتزام بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق اللاجئين بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، الذي يؤكد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
ويتساءل محمد عن سبب عدم تقديم الأونروا خدماتها في مناطق سيطرة المعارضة قبل معركة "ردع العدوان"، ويقول "كيف ستتعاطى الأونروا مع الفلسطينيين في تلك المناطق التي حرموا من خدماتها؟ وهل ستعوضهم عن السنوات السابقة؟".
إعلانويجيب "من المتوقع أن تواجه الأونروا صعوبة في تعويض الفلسطينيين عن تلك الفترة نظرًا للمشاكل المالية التي تعاني منها، بالإضافة إلى تعقيدات الوضع الأمني والسياسي في تلك المناطق"، لكنه يستدرك قائلا "ومع ذلك، فإن المنظمة قد تسعى لتقديم المساعدات الإنسانية الممكنة في المستقبل وتوسيع نطاق خدماتها في مناطق سيطرة المعارضة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اللاجئین الفلسطینیین للاجئین الفلسطینیین الفلسطینیین فی محمد صفیة رحلوا إلى فی سوریا أبو عبید بعد سقوط
إقرأ أيضاً:
لجنة السلم الأهلي: العدالة ليست انتقاماً وحديث عن دور ضباط نظام الأسد في تحرير سوريا
عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان يؤكد أن العدالة الانتقالية تستهدف كبار المجرمين فقط، ويشير إلى دور فادي صقر في تفكيك العقد وحل المشكلات لتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الاستقرار في سوريا. اعلان
عقدت اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي، اليوم، أول مؤتمر صحفي لها في وزارة الإعلام بدمشق، لعرض مجريات عملها خلال الأشهر الماضية، وذلك بعد الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة الساحل السوري في 7 مارس الماضي.
وخلال المؤتمر، أكد عضو اللجنة حسن صوفان أن العدالة الانتقالية التي تسعى اللجنة لتحقيقها "لا تعني محاسبة كل من خدم أو ساهم في النظام السابق، بل تستهدف كبار المسؤولين المتورطين في ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة".
وكان رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع قد أعلن في مارس الماضي عن تشكيل اللجنة، مشيراً إلى أن القرار جاء "استنادًا للمصلحة الوطنية العليا، والتزامًا بتحقيق السلم الأهلي بين مكونات الشعب السوري".
وتتولى اللجنة مهمة التواصل المباشر مع أهالي الساحل السوري للاستماع إلى مطالبهم، وتوفير الدعم اللازم لهم بما يضمن حماية أمنهم واستقرارهم، فضلًا عن تعزيز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة.
إطلاق سراح ضباط "كانوا في الخدمة" لكنهم ليسوا مُدانينوقال صوفان إن الضباط الذين تم الإفراج عنهم مؤخراً هم من العسكريين الذين سلّموا أنفسهم طوعاً منذ عام 2021 ، سواء عبر الحدود العراقية أو في منطقة السخنة ضمن ما يعرف بـ"حالة الاستئمان"، مشيراً إلى أن تحقيقات أجرتها الجهات المختصة لم تثبت تورطهم في جرائم حرب، وبالتالي فإن استمرار احتجازهم لا يخدم المصلحة الوطنية ولا له سنده قانوني.
وشدد المتحدث على أن هذه الإجراءات لا تمثل بديلاً عن العدالة الانتقالية، والتي بدأت فعلياً من خلال اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شكلت بمرسوم رئاسي، وتضم في عضويتها شخصيات مستقلة وممثلين عن المجتمع المدني.
التوازن بين الألم والضرورة الوطنيةوأوضح صوفان أن اللجنة تدرك تماماً الألم والغضب الذي تعيشه عائلات القتلى، وهو أمر مفهوم ومبرر، لكنه أكد أن البلاد في مرحلة تحتاج فيها إلى اتخاذ قرارات تمنع انفجار العنف مرة أخرى، وتوفر الأرضية المناسبة لاستعادة الاستقرار.
وأشار إلى وجود مسارين متوازيين : مسار العدالة الانتقالية ومسار السلم الأهلي، مع أولوية لمسار السلم الأهلي باعتباره الركيزة الأساسية لأي إصلاح استراتيجي.
دور شخصيات مثل فادي صقرولفت صوفان إلى أن وجود شخصيات مثل فادي صقر في هذا المسار مهم جداً، لما لها من دور في تفكيك العقد وحلّ المشكلات ، ومواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي قد تعرقل تقدم البلاد.
وقال إن لجنة السلم الأهلي تعمل على خطوات مستقبلية سيتم الإعلان عنها في توقيتها المناسب، وهي حالياً تنتظر الظروف الموضوعية الملائمة التي تتيح تنفيذها دون تعريض البلاد للمخاطر.
Relatedدُمرت محالّهم وطُلب منهم دفع الجزية.. مسيحيو سوريا ضحايا انتهاكات الفصائل المتطرفةمن ساحات القتال إلى أسواق إدلب: "الجهاديون الأجانب" يبحثون عن وطن في سورياالمبعوث الأمريكي: فتوى تحريم القتل في سوريا "خطوة عظيمة" نحو دولة القانونالصلاحيات التنفيذية والتفاعل مع الدولةوأضاف صوفان أن اللجنة طلبت من رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع صلاحيات تنفيذية تشمل إطلاق سراح الأشخاص غير المدانين واتخاذ إجراءات تفاعلية مع المؤسسات الحكومية، مؤكداً أن أي قرار يتم اتخاذه هو ضمن إطار القانون وبما يحقق مصلحة الوطن العليا.
وحذر من الاستعجال الفردي في تنفيذ العدالة الانتقالية ، وقال إنه قد يؤدي إلى الفوضى ويُضعف قدرة الدولة على القيام بمهامها، كما يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية.
التعاون مع الإنتربول الدولي لمحاكمة مجرمي الحربأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا خلال المؤتمر الصحفي في وزارة الإعلام أن بعض الضباط السابقين من جيش ومخابرات النظام المخلوع تعاونوا مع الجهات المختصة وسلموا مواقع عسكرية وأفرع أمنية ، ما ساهم بشكل مباشر في تسهيل تقدم قوات ردع العدوان وتحرير المناطق السورية.
وأشار إلى أن بعض الأسماء التي تثار حولها التساؤلات اليوم لعبت دوراً محورياً في تحييد قطع عسكرية كبيرة خلال معركة ردع العدوان، وهو ما عجل بتحقيق النصر وانتصار الشعب السوري.
ولفت البابا إلى أن المجرمين الكبار يتخفّون خلف شبكات إجرامية معقدة ، ويتم بالتنسيق مع جهات محلية ودولية جمع المعلومات اللازمة للقبض عليهم واستعادة أموال الشعب السوري المنهوبة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة