جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@06:40:10 GMT

المال والسياسة

تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT

المال والسياسة

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

قد يظن البعض خطًا أنَّ ما يحصل اليوم من أحداث، يعود تفسيره إلى حرص الدول في ما بينها على المصالح السياسية والإقليمية والعلاقات التاريخية، فهذا كلام قد أكل عليه الزمن وشرب، ما يحصل اليوم من أحداث وعلاقات واتفاقيات وتفاهمات هو صراع على المال وليس النفوذ؛ فالنفوذ بدون مال لم يعد مجديًا؛ بل هو عبء آخر يضاف على الدول مع أعبائها الأخرى فدول العالم وخاصة ذات القوى الاقتصادية كل همها الآن، هو أن تبقى قوتها في اقتصادها وكيفية تدبير الموارد لكي تبقي شعوبها على ما هي عليه من رفاهية.

الديمقرطية التي يتغنى بها الغرب مثلا ماهي إلا ديمقراطية الترفيه، فالشعوب لا يهمها إذا كانت الحكومات تسرق من أفواه الفقراء وتنهب خيراتها ولا يهمها من أين تأتي بالمال بدليل أن قارة أفريقيا والذي يُعتبر الفقر المعقل الأول لمُعظم بلدانها هناك دول غربية تعيش على المواد الخام المستخرجة من هذه الدول والتي هي السبب الرئيس في قوة اقتصادها بينما تموت شعوب هذه البلدان من الأمراض والحروب وتعاني ما تعانيه من فقر وتخلف.

الحقيقة أن الصراع القادم والحروب القادمة ليست من أجل النفوذ السياسي وضم المزيد من الأراضي ولكن من أجل المال ولكن الصراع سيكون صراع بقاء، فالموارد الطبيعية هي من سيحدد شكل وتوجه وطموحات الحكومات في المستقبل وهذا ما أشرنا إليه في العلاقة بين المال والسياسة.

وإذا استثينيا الصراع الصهيوني الفلسطيني فهو في الأساس صراع وجود وعقيدة، فالغالبية العظمى من الفلسطينيين ليسوا مع حل الدولتين وفي قرارة أنفسهم يؤمنون بوحدة أراضي فلسطين وإن قبلوا بهذا الحل فهو حل مؤقت لحين تحرير كافة أرضهم وزوال ما يُسمى دولة إسرائيل، ولكن حتى هذا الصراع فإن دولة إسرائيل إضافة إلى رغبتها في طي صفحة ما يسمى بفلسطين للأبد ولكنها في الوقت نفسه، تبحث كغيرها عن المال وعن موراد جديدة لتعزز اقتصادها سوى كان في شق قناة من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط عبر الاستيلاء على ما تبقى من أراضي غزة وبالتالي يكون لها ممر مائي هام يدر عليها مليارت الدولارات أو ما قدر من اكتشافات من نفط وغاز في أرض غزة.

الموضوع ليس استعمار فحسب ولكن هناك مخطط آخر بجانبه وهو توفير المال في المستقبل، وليس ما يحصل في سوريا ببعيد من تهافت الدول على تشير إليه التقارير المؤكدة من وجود كميات لا تقدر من نفط وغاز والذي وضعت عليها الولايات المتحدة يدها ووجود المارد الروسي وكذك الحال مع الوجود الأجنبي في العراق وليبيا.

العالم يشهد تحولات كثيرة، فها هي الصين التي تركت أمور السياسة والحرب وتفرغت للاقتصاد وجني المال، تحولت ليست إلى مارد اقتصادي فحسب ولكن غول يلتهم كل ما يحصل عليه من فرص؛ حيث أصبحت تسيطر على معظم الصناعات على سبيل المثال صتاعة السيارات التي باتت تستحوذ على ما نسبته 40% من السوق العالمية لهذا السوق وخاصة الكهربئية منها وأجبرت دولا عديدة على التراجع مثل المانيا واليابان، وكذاك الحال في كثير من صناعات السلع والمعدات، ولقد ارتفع العجز التجاري الأوروبي مع الصين إلى 187 مليار يورو عام 2023. في المقابل، تسعى الصين لتعزيز وجودها في القطاعات التي كانت تاريخيا من نقاط قوة اوروبا، مثل الصناعات كثيفة الطاقة والمعادن.

ولقد تراجعت الصناعات الاوربية وفقدانها لحصصها من السوق العالمي وذلك بسبب سياسة الدعم الحكومي الصيني للمنتجات وكذلك ارتفاع تكلفة الإنتاج في الدول الأوربية بسبب شروط الاتحاد الأوروبي الصارمة بخصوص الطاقة النظيفة وارتفاع كلفة العمالة.

هذا التراجع رافقه ارتفاع الدين العام في الدول الأوروبية وانخفاض نسبة النمو الاقتصادي لمعدل قياسي في السنوات الأخيرة.

وإذا أخذنا الاقتصاد الأمريكي، فهو يمر بأسوأ أيام في تاريخه، وهناك معدل تضخم صعب على البنك المركزي الفيدرالي التحكم فيه وكذلك ارتفاع الدين العام لنسبة قياسية من الناتج المحلي ، مما اضطره إلى رفع معدل الفائدة اكثر من مرة ورفع القائدة يؤثر بشكل مباشر على الاستثمار، ولقد بلغ العجز التجاري بين الولايات المتحدة الامريكية والصين في عام 2023 مبلغًا وقدره 295 مليار دولار، وإن كان أقل من الأعوام السابقة؛ وذلك بسبب فرض الولايات المتحدة بعض القيود على السلع الصينية وفرض مزيد من الرسوم والضرائب على هذه الواردات. أما عن المارد الروسي الذي يسيطر على أكبر احتياطي للغاز في العالم وينتج كمية كبيرة من النفط الخام فهو غارق حتى الأذنين في حرب لاعتقاده بحاجته للمياه الدافئة.

بالتالي هذه التحولات وهذا الاتجاه في الأسواق والاقتصاد بشكل خاص قد ينبئ بما هو قادم من أيام، فالدول الغربية ودولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعيش شعوبها في رفاهية والتي تعتقد بأن أنظمتها السياسية تقوم بواجبها، في إسعاده وتوفير المزيد من الأموال لهذه الغرض، إذا ما حدث ما حدث وتراجعت هذه الدول عن تحقيق هذه الغاية وفرض مزيد من سياسات التقشف وتراجع عن العديد من عطاياه وميزاتها التي تقدم لهذه الشعوب وكذلك فرض المزيد من الضرائب التي تؤثر في حياة هذه الشعوب أو عجز عن تقديم الوظائف بالتالي زادت نسبة البطالة في هذه الشعوب.

هل ستقف هذه الشعوب صامتة أم ستثور على أنظمتها السياسية سوى كانت بالتغير حسب الأنظمة والتشريعات أو تلك المتعلقة بالقوة وما يتبعها من فوضى وبالتالي تُغيَّب الدساتير أو القوانين المنظمة لاختيار القيادات أو المجالس التشريعية؟

لا أظن أنها ستقف متفرجة، وحينها سيظهر أن المال هو ما يقود السياسة وقد تظهر في حينها أنظمة دكتاتورية لكي تبقي هذه الدول ككيانات قائمة.

الحل يتمثل في البحث عن مصادر المال أين ما وجد والموارد الطبيعية ربما هي أسهل طريق للحصول على المال، مقرون بالبحوث والاستشارات والابتكارات وهذه أدوات تملكها هذه الدول وتجيد اللعب في ملاعبها.

ويبقى الدور على أنظمة الدول النامية، والتي تعيش معظمها في حالة عدم استقرار سياسي وحالة اقتصادية يرثى لها ولا توجد أي بوادر للاعتماد على النفس أو إنشاء تكتلات اقتصادية في ما بينها وكذلك يحيط بها الطامعون من كل مكان.

فما هو مستقبل هذه الدول السياسي في ظل كل هذه الأطماع وحاجة الدول إلى الموارد؟ وهل بالفعل المال هو من يقود السياسة؟

في ظل فضاء مفتوح أترك الإجابة للقارئ!

** خبير في الشؤون المالية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ماذا يحصل داخل مصارف لبنان؟ معلومات تتحدّث

مؤخراً، كشفت أرقام اقتصاديّة جديدة أنَّ رأسمال المصارف التجارية بلغ 414.7 تريليون ليرة لبنانية (4.63 مليار دولار) في نهاية شباط 2025، وذلك مقارنة بـ428.5 تريليون ليرة لبنانية (4.8 مليار دولار) في نهاية العام 2024.   التراجع في قيمة الرأسمال كانت لافتة، الأمر الذي توقف عنده الخبير الإقتصاديّ والمالي نسيب غبريل الذي قال لـ"لبنان24" إنّ "رأسمال المصارف أخذ بالتراجع منذ نهاية العام 2019 حينما كان يبلغ آنذاك 21 مليار دولار".   وأوضح غبريل إنّ التراجع حصل مع تدهور سعر صرف الليرة أمام الدولار خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن الأرقام الحالية لرأسمال المصارف تتضمن خطوة قيام المصارف برفع رأسمالها 20% عملاً بتعميم صادر عن مصرف لبنان عام 2020 والذي طلب من المصارف رفع رأسمالها 20%.   وذكر غبريل أنّ تدهور سعر الليرة أمام الدولار واستخدام الرأسمال لأغراض مُتعددة، أدى إلى تقلص رأس المال من 21 مليار دولار إلى 4 مليار و 630 مليون دولار. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة "تحديث".. ماذا قرّر مصرف لبنان؟ Lebanon 24 "تحديث".. ماذا قرّر مصرف لبنان؟ 07/05/2025 22:47:51 07/05/2025 22:47:51 Lebanon 24 Lebanon 24 معلومات مشوّقة.. ماذا يفعل الأميركيون داخل إسرائيل؟ Lebanon 24 معلومات مشوّقة.. ماذا يفعل الأميركيون داخل إسرائيل؟ 07/05/2025 22:47:51 07/05/2025 22:47:51 Lebanon 24 Lebanon 24 ماذا يحدث داخل "حزب الله"؟ "إختبار إستراتيجي"! Lebanon 24 ماذا يحدث داخل "حزب الله"؟ "إختبار إستراتيجي"! 07/05/2025 22:47:51 07/05/2025 22:47:51 Lebanon 24 Lebanon 24 ماذا حصل داخل "حماس" بعد تظاهرات غزة؟ تقريرٌ يكشف Lebanon 24 ماذا حصل داخل "حماس" بعد تظاهرات غزة؟ تقريرٌ يكشف 07/05/2025 22:47:51 07/05/2025 22:47:51 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص رادار لبنان24 قد يعجبك أيضاً اليوم... طائرة إماراتية ثالثة تحط في بيروت Lebanon 24 اليوم... طائرة إماراتية ثالثة تحط في بيروت 15:25 | 2025-05-07 07/05/2025 03:25:18 Lebanon 24 Lebanon 24 قرار جديد من وزير العمل.. ماذا جاء فيه؟ Lebanon 24 قرار جديد من وزير العمل.. ماذا جاء فيه؟ 15:09 | 2025-05-07 07/05/2025 03:09:26 Lebanon 24 Lebanon 24 من موظفي اتحاد بلديات بعلبك.. نداء إلى رئيس الجمهورية Lebanon 24 من موظفي اتحاد بلديات بعلبك.. نداء إلى رئيس الجمهورية 15:03 | 2025-05-07 07/05/2025 03:03:59 Lebanon 24 Lebanon 24 سيدة تفتح "معركة" على أوتوستراد الزلقا.. فيديو يرصدها! Lebanon 24 سيدة تفتح "معركة" على أوتوستراد الزلقا.. فيديو يرصدها! 14:41 | 2025-05-07 07/05/2025 02:41:56 Lebanon 24 Lebanon 24 من "الداخلية"... فيديو حول دور المجلس البلدي شاهدوه Lebanon 24 من "الداخلية"... فيديو حول دور المجلس البلدي شاهدوه 14:34 | 2025-05-07 07/05/2025 02:34:01 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بسبب "فتحة" فستانها .. جورجينا رودريغيز تتعرّض لموقف محرج شاهدوا ماذا حصل معها (فيديو) Lebanon 24 بسبب "فتحة" فستانها .. جورجينا رودريغيز تتعرّض لموقف محرج شاهدوا ماذا حصل معها (فيديو) 02:47 | 2025-05-07 07/05/2025 02:47:12 Lebanon 24 Lebanon 24 على كرسي متحرك ولم يغادر منزله منذ عامين.. هذا ما حلّ بهذا الفنان الشهير (صورة) Lebanon 24 على كرسي متحرك ولم يغادر منزله منذ عامين.. هذا ما حلّ بهذا الفنان الشهير (صورة) 03:16 | 2025-05-07 07/05/2025 03:16:06 Lebanon 24 Lebanon 24 "كتير اوفر بوتكس كانت أحلى".. فنانة شهيرة تُفاجئ متابعيها بملامح مختلفة كليًا (فيديو) Lebanon 24 "كتير اوفر بوتكس كانت أحلى".. فنانة شهيرة تُفاجئ متابعيها بملامح مختلفة كليًا (فيديو) 23:00 | 2025-05-06 06/05/2025 11:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تكبره بـ 10 سنوات: نسرين طافش تنشر صورا جديدة لزوجها.. هذا ما كان يفعله Lebanon 24 تكبره بـ 10 سنوات: نسرين طافش تنشر صورا جديدة لزوجها.. هذا ما كان يفعله 03:38 | 2025-05-07 07/05/2025 03:38:49 Lebanon 24 Lebanon 24 إنفصل عن زوجته بعد سنتين من الزواج.. فنان لبنانيّ يعيش قصّة حبّ جديدة وهذا ما قاله عن حبيبته Lebanon 24 إنفصل عن زوجته بعد سنتين من الزواج.. فنان لبنانيّ يعيش قصّة حبّ جديدة وهذا ما قاله عن حبيبته 08:33 | 2025-05-07 07/05/2025 08:33:13 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب خاص "لبنان 24" أيضاً في لبنان 15:25 | 2025-05-07 اليوم... طائرة إماراتية ثالثة تحط في بيروت 15:09 | 2025-05-07 قرار جديد من وزير العمل.. ماذا جاء فيه؟ 15:03 | 2025-05-07 من موظفي اتحاد بلديات بعلبك.. نداء إلى رئيس الجمهورية 14:41 | 2025-05-07 سيدة تفتح "معركة" على أوتوستراد الزلقا.. فيديو يرصدها! 14:34 | 2025-05-07 من "الداخلية"... فيديو حول دور المجلس البلدي شاهدوه 14:15 | 2025-05-07 عن "حزب الله".. ماذا قال الرئيس الفرنسي اليوم؟ فيديو بكت على الهواء مباشرة.. اعتراف صريح وصادم لنيكول سابا (فيديو) Lebanon 24 بكت على الهواء مباشرة.. اعتراف صريح وصادم لنيكول سابا (فيديو) 09:57 | 2025-05-05 07/05/2025 22:47:51 Lebanon 24 Lebanon 24 تُعاني من 3 أمراض وراثية مزمنة.. فنانة شهيرة تُدافع عن ديمة بياعة وتعتذر (فيديو) Lebanon 24 تُعاني من 3 أمراض وراثية مزمنة.. فنانة شهيرة تُدافع عن ديمة بياعة وتعتذر (فيديو) 01:36 | 2025-05-05 07/05/2025 22:47:51 Lebanon 24 Lebanon 24 تملك فيلا فخمة في بعلبك.. فنانة لبنانية تكشف عن تعرضها للخيانة (فيديو) Lebanon 24 تملك فيلا فخمة في بعلبك.. فنانة لبنانية تكشف عن تعرضها للخيانة (فيديو) 03:24 | 2025-05-03 07/05/2025 22:47:51 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • القرني يحصل على الماجستير بمرتبة الشرف في الأنظمة القانونية المقارنة
  • باحث: الهدنة الروسية الأوكرانية تشهد هدوءًا محدودًا ولكن لا تُحَل المشكلة
  • المشاقبة يحصل على الدكتوراه في العلوم السياسية
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • صحيفة إسرائيلية: كيف تلعب إيران بحذر بين موازنة المحادثات النووية الأمريكية والسياسة تجاه اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • الظفيري يحصل على الدبلوم
  • ماذا يحصل داخل مصارف لبنان؟ معلومات تتحدّث
  • ما هي الدول الأوروبية التي تُقدّم أفضل الامتيازات الضريبية للأثرياء؟
  • كيف يمكن زيادة الوزن بسرعة ولكن بشكل صحي؟
  • علماء الشريعة والسياسة.. بداية الإشكال وأخطاء الاشتباك