عندما بويع مؤسس الدولة العباسية «السفاح أبوالعباس» فى مسجد بنى أود فى الكوفة، قال للجمع الغفير «يشتد علينا سوء سيرة بنى أمية فيكم واستنزالهم لكم واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم ومغانمكم عليكم، تبا تبا لبنى حرب بني أمية وبنى مروان ثم راح يعدد ما فعله الأمويون من جور وظلم للعباد» ليقوم جيشه العرمرم بعد ذلك بمحاصرة دمشق عاصمة الأمويين أربعين يوماً حتى ضيق عليها الخناق فسقطت الشام لهاوية الخراب وأمر باستباحتها وقتل بدم بارد فى سويعات قليلة ما يزيد عن خمسين الف نفس وقبض على 92 من أمراء بنى أمية وأجلسهم بمآدبة عامرة وأمرهم أن يتناولوا من طيب الطعام وما أن بدأوا يأكلون فى خوف شديد حتى أمر زبانيته بدك رؤوسهم بالمطارق ثم جمع جماجمهم المهمشة فوضع فوقها الطعام وصعد عليها وشرع يأكل بنهم مخبول سادى وهو يقول مقولته الشهيرة بالله ما أشهى من هذا طعاماً ولم يكتف بذلك فأمر بنبش قبور بنى أمية وتلك مهمة أوكلها لعمِّهِ عبدالله بن على العباسى.
لقد عرفت كثيرًا من الثقافات البشرية حرق قبور الخصوم السياسيين والدنيين تلك الظاهرة الوحشية كانت بغرض الانتقام والتنكيل والاذلال بالرغم أن الإسلام فى نصوصه وأحكامه لم يدعُ إلى تخريب قبور المسلمين أو المساس بها كما نهى عن التمثيل بالجثث، إلا أن المسلمين مارسوا ذلك العمل الشنيع فى فترات مختلفة.
للأسف شهدت ساحة المعارك فى سوريا بعد 2011 عودة مرعبة لذلك التقليد الشنيع بنبش القبور وانتهاك حرمات الموتى، بالتمثيل بالجثث حيث تبادل المتحاربون من جيش النظام والميليشيات الشيعية من جهة والدواعش وجبهة النصرة من الإخوان والسلفيين من جهة أخرى وتدلّ وحشية التسلط على القبور والنصب على مقدار الرغبة الدفينة فى محو ذاكرة آثار أعدائهم والتشفى والانتقام منهم ولقد ساهم الجيش التركى بدور كبير فى معركة المقابر حيث تفوّق باستعمال الجرافات لتخريب مقابر الكرد، والأقليتين العلوية والإيزيدية فى إدلب وعفرين.
وبعد هروب بشار وسقوط نظامه المنهار بشكل مخز ومدو بسطت الفصائل المسلحة سيطرتها على منطقة الساحل التى كانت تعتبر معقلًا للنظام السورى بعد دخولها العاصمة دمشق، وقامت بحرق قبر حافظ الأسد ونجله الأكبر باسل فى اللاذقية ليختتم بذلك عهدًا بائساً استمر 61 عامًا من حكم حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد. التى قتلت شعبها بالطائرات فى حما وغيرها من المدن السورية.
لاشك أن شخصية المتطرف متقلبة المزاج بفعل الجهل المركب ذات عقلية عاجزة عن التحليل السليم ومفتقدة لأبسط ادوات النقد العلمى وبذلك تفرز ذهنية طيعة للانقياد الاعمى والتسليم للقيادات دون ادنى مقاومة جاهلة بحقيقة الدين وبمقاصده فى بعدها الانسانى، هذه البارانويا الدينية العفنة ذات رؤية أحادية مغلقة تسعى لتغيير العالم فى قتال عبثى لا طائل منه.
لقد وصل بنا الحال أن نرجو أن يقتدى اولئك المسرفون المتطرفون ليس بأخلاق الإسلام بل بأخلاق الجاهلية فعندما خرجت قريش لملاقاة المسلمين فى غزوة أحد حيث نزلت قريش بمنطقة تدعى الأبواء فقالت هند بنت عتبة لأبى سفيان لو بحثتم قبر آمنة أم الرسول فإنها بالأبواء غير أن أبا سفيان كان أكثر حكمة عندما أجاب لا تفتحوا هذا الباب لئلا تفتح بنو بكر موتانا يحضرنى فى هكذا المقام مثل تركى يقول "إذا تعلمت الدين من الثعلب فسوف تعتقد تدريجياً أن سرقة الدجاج فضيلة".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دمشق
إقرأ أيضاً:
جريمة على أبواب الموتى.. سبعة أشخاص يهدمون مقبرة عائلية في الدقهلية ويعبثون بالجثامين
في واقعة مأساوية تجرد مرتكبوها من أدنى المشاعر الإنسانية، شهدت قرية ديبو عوام التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية كارثة إنسانية حقيقية، بعدما أقدم سبعة أشخاص على هدم مقبرة عائلية بالكامل، مما أدى إلى تحطم عظام الجثامين المدفونة بداخلها واختلاطها بأنقاض الهدم، وسط حالة من الذهول والاستياء الشديد بين الأهالي.
جاء ذلك إثر نزاع على ملكية المقبرة، حيث فقد المتهمون السيطرة على أعصابهم، وتجاهلوا كل القيم الدينية والإنسانية، فقرروا تسوية المقبرة بالأرض دون أي اعتبار لحرمة الموتى أو مشاعر ذويهم.
وقد تلقت مديرية أمن الدقهلية بلاغًا من مركز شرطة المنصورة، يُفيد بقيام أحد المواطنين بتحرير محضر رسمي رقم 5138 لسنة 2025 جنح مركز المنصورة، اتهم فيه سبعة من الأشخاص بهدم مقابر أسرته والتمثيل بالجثامين، مما تسبب في تهشم العظام وتشوه معالم أصحابها، واستحالة التعرف عليهم بعد أن اختلطت الرفات ببقايا الحجارة والركام.
وعلى الفور، انتقلت قوة من مباحث المركز إلى موقع الحادث، حيث كشفت المعاينة الأولية عن هدم كامل للمقبرة ووجود بقايا العظام البشرية مختلطة بالحطام، في مشهد وصفه شهود العيان بأنه "مهين ومفزع"، ولا يقل قسوة عن الجرائم الكبرى.
وأكد أهالي القرية أن الجثامين التي تم العبث بها تعود لأشخاص معروفين لدى الجميع، من بينهم الشيخ محمد عبد اللطيف، شيخ سابق للقرية، ووحدة محمد عبد اللطيف، مدير عام سابق بوزارة العدل، بالإضافة إلى الطفل حسن وجيه عبد اللطيف، وهو ما زاد من حالة الغضب والاستنكار في أوساط الأهالي.
وقد تمكنت أجهزة الأمن من ضبط أربعة من المتهمين المتورطين في الواقعة، فيما تُكثف جهودها لضبط الثلاثة الآخرين الهاربين، وهم: محمد أ.ع، وأمين م.أ، ومحمود س.أ، بينما تم إخطار النيابة العامة التي بدأت تحقيقاتها الموسعة، تمهيدًا لمحاسبة كل من شارك أو تورط في هذه الجريمة التي انتهكت حرمة الموتى وكسرت قلوب ذويهم.
وتنتظر القرية، ومعها الرأي العام، تحقيق العدالة الكاملة، ومحاسبة كل من تجرأ على ارتكاب هذه الجريمة التي هزت الضمير الجمعي، وأثارت موجة من الغضب والحزن عبر وسائل التواصل الاجتماعي.