لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. سؤال يشغل ذهن كثير من الناس، خاصة فيما يتعلق بسنن يوم الجمعة التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم.
ويوم الجمعة من خير أيام الأرض وأعظمها منزلة في الإسلام، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس، وفيه ساعة إجابة لذلك نسلط في التقرير التالي الضوء على سؤال لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟، وكيف نتقرب إلى الله في هذا اليوم.
كان مِن سُنَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الصبح يوم الجمعة بسورتي السجدة والإنسان؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ».
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورتين كاملتين، ولم يكن يختار آية السجدة وما حولها من آيات كما يفعل بعض الناس اليوم، ولا أدري ما الذي جعل الناس تعتقد أن المراد بقراءة سورة السجدة هي آية السجدة تحديدًا! إنما السُّنَّة أن نقرأ سورة السجدة كاملة في الركعة الأولى، ثم نقرأ سورة الإنسان كاملة في الركعة الثانية، ولا حُجَّة لمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُطَوِّل في صلاته بالناس. لأن التطويل أو التخفيف أمر نسبي، والمعيار الدقيق له هو سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي في فجر الجمعة تكون كما وضَّحنا.
أما لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتين السورتين لفجر يوم الجمعة؟ فهذا لم تُصَرِّح به الأحاديث؛ ولعلَّه لأنه جاء في السورتين ذِكْرُ خَلْقِ الإنسان، وقيام الساعة، ودخول الجنة، وكلها أمور حدثت أو تحدث في يوم الجمعة؛ وذلك لما رواه مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».
فلْنحرص على هذه السُّنَّة، وأن لا نلوم أو نعتب على مَنْ قرأ بالسورتين بدعوى أنه أطال؛ بل نُشَجِّعه وندعمه، ولْنتدبَّر في معانيهما؛ ففيهما من الخير الكثير.
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة ؟تقول دار الإفتاء المصرية في بيانها فضل سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة ، إنها من السنن التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد ذلك في "الصحيحين"، بل وجاء في رواية الطبراني أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُديم ذلك، وهذا يدفع اعتراض مَن ينكر المداومة على ذلك أو من يدعي أن من السنة ترك السنة؛ فإن هذا كلام غير صحيح على عمومه، ولو فُهِم على ظاهره لكان تناقضًا؛ إذ حقيقة المستحب والمندوب والسنة هو ما أُمِر بفعله أمرًا غير جازم؛ فهو مأمور به وليس بمستحبٍّ تركُه أصلًا، بل المستحبُّ تركُه إنما هو المكروه الذي نُهِيَ عن فعله نهيًا غير جازم، فصار تركُه لذلك مستحبًّا.
وتابعت الإفتاء أنه قد كان فعل الصحابة رضي الله عنهم على خلاف هذه المقولة؛ فكانوا يتعاملون مع المستحب والمندوب من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكَأَنّه واجب، فيداومون على فعله ويتلاومون على تركه؛ حرصًا منهم على التأسي بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في كل صغيرة وكبيرة من أفعاله الشريفة، حتى كان بعضهم يتأسى بأفعاله الجِبِلِّيَّة صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن الشعبي رحمه الله تعالى أنه قال: "ما شهدت ابن عباس قرأ يوم الجمعة إلا بـتنزيل وهل أتى".
وشددت: لعل مقصود من قال ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يترك بعض المستحبات خوفًا من أن تفرض على أمته، أو يظن الناس أنها واجب، وأن العالم والمقتدى به قد يفعل ذلك لنفس الغرض، وذلك من باب سد الذرائع، كما يقوله بعض العلماء من المالكية وغيرهم.
ولفتت إلى أن التحقيق أن التوسع في باب سد الذرائع غير مَرضِيٍّ، وقد يُتَصَوَّر هذا قبل استقرار الأحكام، أما بعد استقرارها وتميز المستحب من الواجب فلا مدخل لهذه المقولة، ولا مجال للأخذ بها، فضلًا عن أنَّ هذه السنة بخصوصها ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومة عليها، ولا يصح أن يُجعَل سدُّ الذرائع وأمثال هذه المقولات حاجزًا بين الناس وبين المواظبة على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال أهل العلم: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتباع على كل حال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يوم الجمعة سورة السجدة سورة الانسان المزيد النبی صلى الله علیه وآله وسلم ن النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم یوم الجمعة
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
مكة المكرمة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني، المسلمين بتقوى الله -عز وجل- وطاعته، تقوى من أناب إليه، والحذر من مخالفة أمره حذر من يوقن بالحساب والعرض عليه، وعبادته مخلصين له الدين، ومراقبته مراقبة أهل الإيمان واليقين.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: تيقظوا من سِنَةِ الغفلات فقد انقضى محرم وحلّ بكم صفر، وتنبهوا من رقدة الجهالات واعتبروا بمرور الأيام، فالسعيد من اعتبر، واعلموا أن الله تعالى بعث رسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما- بالهدى، وبصّر به من العمى، ذهبت بأنواره ظلمات الجاهلية الجهلاء، وعصبيتها وفخرها بالآباء، واستقسامها بالأزلام وتشاؤمها بالأيام والأنواء.
وحذّر من التشاؤم والطيرة لأنها تَوَقُّعُ الْبَلَاءِ وَسُوءُ الظَّنِّ، وذلك دأب الجاهلين والكفار قال تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
ونهى الشيخ الجهني عن سبّ الأوقات والدهور، والتشاؤم بالأيام والسنين والشهور، ولا تنسبوا النفع والضر إلا إلى من إليه ترجع الأمور، فلا شؤم في شهور ولا أيام، فما قُدِّرَ لا بد أن يكون، ومعاداة الأيام جنون، قال- عليه الصلاة والسلام-:(من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك)، رواه أبو داود.
واختتم فضيلته خطبته قائلًا: أصلحوا ما ظهر من أعمالكم وما بطن، واستعملوا جوارحكم في طاعته شكرًا وحافظوا على ما جاء به نبيكم، وأكثروا من الصلاة عليه، فبالصلاة عليه تنالوا الأجر والفوز والقبول، وبكثرة الصلاة عليه تنحل العقد وتنفرج الكروب وتُقضى الديون.
كما أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم المسلمين بتقوى الله حق التقوى ومراقبته في السر والنجوى.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن من أعظم نعم الله إرسال الرسل فهم سبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة ولا يعرف الطيب من الخبيث إلا من جهتهم ولا ينال رضا الله إلا على أيديهم، موضحًا أن الضرورة إليهم أعظم من حاجة البدن إلى الروح، مشيرًا إلى بقاء أهل الأرض لا يكون إلا بآثار الرسالة الموجودة فيهم.
وأوضح فضيلته أن الله تعالى أيد رسله بآيات وبراهين تدل على صدق رسالتهم قال تعالى:(أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ)، مبينًا أن الآيات الدالة على نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- كثيرة ومتنوعة وهي أكثر وأعظم من آيات غيره من الأنبياء، قال عز من قائل:(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ).
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي أنه بعد ظهور نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم- كثرت طلبات المشركين وتنوعت اعتراضاتهم فاقترحوا عليه آياتٍ يأتيهم بها تكبرًا وعنادًا وقالوا لو أنزل علينا كتاب لأخلصنا العبادة لله قال تعالى:(وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ لَوۡ أَنَّ عِندَنَا ذِكۡرٗا مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِينَ فَكَفَرُواْ بِهِۦۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ).
وبين فضيلته أن المشركين بعد نزول القرآن ورؤيتهم ما فيه من المعجزات قالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل عظيم من أهل مكة والطائف قال تعالى:(وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ).
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن المشركين لما عجزوا عن تحدي الله بأن يأتوا بمثل هذا القرآن أو ببعضه طلبوا من النبي- صلى الله عليه وسلم- استبدال القرآن بغيره قال تعالى:(وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ ).
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله تعالى لو أجاب المشركين بما طلبوا لطلبوا المزيد استكبارًا وعنادًا، مبينًا أنهم من عتوهم إذا تأخرت الاستجابة لمطلبهم في آيةٍ من الآيات استهزأوا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأن ينشأ آيةً من عنده قال تعالى:(وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔايَةٖ قَالُواْ لَوۡلَا ٱجۡتَبَيۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ مِن رَّبِّيۚ).
وتابع فضيلته قائلًا إن الله تعالى بيّن أنه القادر على إنزال الآيات ولا شأن لرسله ولا لأحد من خلقه فيها قال جل من قائل:(وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ).
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أنه لجهل المشركين بحكمة الله لم يحقق الله لهم ما يقترحونه ولأن ما طلبوه من الآيات لا يوجب إيمانًا فقد سألها الأولون وأُعْطُوْهَا ولم يؤمنوا فكان هلاكهم واستئصالهم قال الله تعالى عنهم:(بَلۡ قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمِۭ بَلِ ٱفۡتَرَىٰهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرٞ فَلۡيَأۡتِنَا بِـَٔايَةٖ كَمَآ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ)، مشيرًا إلى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يضيق صدره بما يقولون قال تعالى: (وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدۡرُكَ بِمَا يَقُولُونَ).
وأوضح فضيلته أن الله لم يجر العادة بإظهار الآيات إلا للأمة التي حتم بعذابها واستئصالها محذرًا من الاستهانة بجناب الربوبية أو الرسالة فمن لم يعظمهما هلك.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي بأن الإسلام مبنيٌ على أصلين تحقيق شهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فباتباع محمد- صلى الله عليه وسلم- يكون توحيد الله وهو من خير البرية.