عربي21:
2025-07-30@01:29:54 GMT

حول المقارنة بين الثورة السورية والثورة الليبية

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

استمعت إلى مقارنة عقدها أحد المهتمين بالشأن العربي والإسلامي بين الثورة السورة والثورة السورية والتي كان ملخصها أن الثورة السورية نضجت فيما كان التطور السريع في مسار الثورة الليبية سببا في عدم نضوجها، وقد يفهم من هذه المقارنة المتعجلة أن فرص نجاح الثورة السورية أكبر في مقابل إخفاقات ماتزال تواجهها الثورة الليبية.



الحكم بنضج الثورة السورية لأنها استمرت نحو 13 عاما يحتاج إلى وقفة، والبداية بالسؤال عن مفهوم النضج، وهل بالفعل توفر في الحالة السورية، إذ لا يكفي أن نعتبر الزمن وحده عاملا لتقعيد أساسات الانتقال من الثورة إلى الدولة، ومفهوم وشكل الدولة، وفق ما هو قائم ومعلوم، مفروض على أي مسعى للتغير.

بالمثل قد يكون من قبيل التسرع الحكم بأن تجربة المعارضة في إدارة المناطق التي كانت تخضع لها قبل سقوط نظام بشار أساس متين وناجع لإدارة الدولة السورية بعد الثامن من ديسمبر، فالفروقات كبيرة والظروف مختلفة على كافة الصعد المحلية والدولية.

السيطرة على دمشق والتحكم في مفاصل الدولة نقل المعارضة من الظل والزوايا المحدودة التي لا تشكل أهتماما كبيرا لكثيرين، إقليميا ودوليا، إلى دائرة الضوء وإلى التدافع والضغوط والاحتواء، وهذا أمر ليس باليسير، ويتطلب حالة فردية وجماعية قوية لمجابهته، واللقاء الذي جمع ساسة أمريكيون مع الشرع يوم أمس هو مثال للظروف المختلفة، والضغوط الكبيرة التي ستواجهها المعارضة والتي قد تكون على حساب رؤيتها ومشروعها ومواقفها.

الانتقال الصحيح والتحول الراشد من الثورة إلى الدولة له اشتراطاته ومتطلباته ومقوماته، في مقدمتها وضع المجموع القائم على الثورة ومدى استعداده لإدارة عملية الانتقال بكفاءة، وهنا يبرز عامل الاتفاق على المشروع ومضامينه التي في حال غيابه تصبح الحالة الثورية مرشحة للاستمرار وقابلة للتشظي، والأهم أنها ستكون عرضة للتدخل وربما مساعي التوظيف من قبل المتربصين. أؤكد أن نقاشي هدفه التنبيه إلى حالة التفاؤل التي أرى أنها مفرطة في تقييم الثورة السورية وأنها قد تكون مختلفة عما واجهه غيرها من الثورات خاصة الحالة الليبية، والتنبيه إلى أن التحديات كبيرة وكبيرة جدا، وأن ما هو متاح ومرئ يجعل حالة التفاؤل غير واقعية وقد تكون من بين أسباب الفشل.

الانتقال الصحيح والتحول الراشد من الثورة إلى الدولة له اشتراطاته ومتطلباته ومقوماته، في مقدمتها وضع المجموع القائم على الثورة ومدى استعداده لإدارة عملية الانتقال بكفاءة، وهنا يبرز عامل الاتفاق على المشروع ومضامينه التي في حال غيابه تصبح الحالة الثورية مرشحة للاستمرار وقابلة للتشظي، والأهم أنها ستكون عرضة للتدخل وربما مساعي التوظيف من قبل المتربصين.

قد يكون من المبكر تقييم المجموع القائم على إدارة عملية الانتقال، وبرغم التقدير لمواقف وتصريحات الشخصية الأبرز في هذا المجموع وهو الشرع، إلا إن ملامح المشروع الذي ستدار على أساسه عملية الانتقال والتحول في سوريا ما تزال غير واضحة، وهناك بعض المؤشرات على أنه لن يكون مشروعا يضم الجميع، أو أهم القوى السياسية والفكرية والمجتمعية، وهذا تحدي قد يصعب تجاوزه.

التعدد العرقي والديني والسياسي وحتى الجهوي في سوريا حاضر وتم اللعب عليه خلال العقود الماضية بشكل خلف أثار كبيرة وخطيرة في المجتمع السوري، والانتقال من الحالة السلبية إلى التعايش الحقيقي يتطلب عملا جبارا ورؤية واستراتيجية، وشرط ذلك أن تعبر سوريا عنق الزجاجة على المسار السياسي وعلى مستوى تحديد شكل الدولة وطبيعة نظام الحكم والعدالة الانتقالية وغيرها من أسياسات الانتقال الراشد، وفي حال تعثر المسار السياسي فستعمل الاختلافات العرقية والدينية والعرقية والجهوية في اتجاه مضاد، ويتيسر توظيفها من قبل المتربضين.

ملف العسف والقهر والعنف الذي استخدمه النظام السابق يمثل تحدي كبير لسوريا الجديدة، وبرغم وجود مؤشرات على ضبط النفس واحتواء ردود الفعل التي كان من المتوقع أن تكون حادة، إلا إن هذا الملف قد يشكل بؤرة توتير كبيرة في ثنايا السير والانتقال، وأقصد هنا عودة بقايا النظام السابق للواجهة من جديد إما لدوافع نبيلة من المتصدرين للثورة، أو خوفا من تهميش هذه الفئة التي تنتسب إلى قطاع واسع من المجتمع السوري، أو تحت ضغوط المجتمع الخارجي الذي له فلسفته أو حتى أغراضه التي لا تتوائم مع المشروع الذي قد تتبناه قوى الثورة السورية، وبالتالي فإن عودة هؤلاء إلى الواجهة ستكون سببا لخلاف حاد بين مكونات الثورة.

البوصلة عندي في تقييم الثورة السورية بعد سقوط النظام هو في مدى تماسك مجموعها واتفاقه، فهذا هو الضمانة الحقيقة لتطورها والسد المنيع أمام التحديات الداخلية والخارجية، أما إذا ظهرت بوادر الخلاف بين مكوناتها الرئيسية، فإن العوامل السابقة الذكر ستعمل بشكل سريع إلى نقل الخلاف إلى نزاع ثم صراع. الجيوبولتيك السوري ربما يمثل أكبر تحدي لسوريا الثورة ولمشروع الانتقال إلى الدولة المستقرة والقوية التي تتماهي مع النفس العربي والإسلامي والقضايا الكبرى للأمة العربية والإسلامية، ولنتذكر أن سوريا تشاطر الكيان الصهيوني الحدود، هذا الكيان الذي يمر بلحظة تاريخية وفق مشروعه، وواجه تحدي لم يعرفه منذ عقود، ولديه من الكيد والخبث والأدوات ما يمكنه من إفساد المشروع الثوري السوري من خلال اللعب على بذور الاختلاف والتناقض، ويقف خلف الكيان الصهيوني دول كبرى.

مفهوم الانتقال من الثورة إلى الدولة في سوريا بالنسبه للكيان وحلفائه من الغرب والعرب أن يتخلى السوريون، وفي مقدمتهم قادة الثورة، عن النفس الثوري والايديولوجي، والقيم العليا والمبادئ الرئيسية، ويكونون براغماتيون شأنهم منحصر في التنمية والاعمار والعيش المادي الرغيد والذي يستلزم التطبيع مع دولة إسرائيل وتحول السلطة الجديدة إلى ذراع إضافي لتأمينها.

البوصلة عندي في تقييم الثورة السورية بعد سقوط النظام هو في مدى تماسك مجموعها واتفاقه، فهذا هو الضمانة الحقيقة لتطورها والسد المنيع أمام التحديات الداخلية والخارجية، أما إذا ظهرت بوادر الخلاف بين مكوناتها الرئيسية، فإن العوامل السابقة الذكر ستعمل بشكل سريع إلى نقل الخلاف إلى نزاع ثم صراع. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مقارنة الثورات سوريا ليبيا سوريا رأي ثورات مقارنة مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الثورة إلى الدولة الثورة السوریة عملیة الانتقال

إقرأ أيضاً:

وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها



وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار 2025-07-29Ali Ghaddarسابق وزير الثقافة محمد ياسين الصالح: معرض دمشق الدولي رسالة حضارية تقول إن شعبنا يعرف كيف يبني، ويعرّف الآخر على إرثه انظر ايضاًاتفاق على إنشاء مجلس تنسيقي مشترك بين سوريا والأردن

عمان-سانا اختتمت في العاصمة الأردنية عمان اليوم، اجتماعات اللجنة الوزارية الأردنية السورية المشتركة، بالاتفاق على …

آخر الأخبار 2025-07-29مندوبة الولايات المتحدة تؤكد ضرورة دعم ومساعدة الحكومة السورية للانتصار في الحرب على الإرهاب 2025-07-29هيئة الاستثمار السورية تبحث مع شركات التطوير العقاري سبل تعزيز دورها في مرحلة إعادة الإعمار 2025-07-29في يومه الثاني.. ملتقى الكتاب السوريين يجمع عصارة إبداع نخبة من المثقفين 2025-07-29الضحاك: الاحتلال الإسرائيلي يواصل محاولة ضرب الوحدة الوطنية السورية وعرقلة جهود ترسيخ الاستقرار 2025-07-28الخطوط الجوية التركية تعلن استئناف رحلاتها إلى حلب بداية آب المقبل 2025-07-28نائب وزير الاقتصاد يبحث مع غرفة تجارة ريف دمشق سبل تعزيز البيئة التجارية والاستثمارية 2025-07-28المراسلات الإدارية والقانونية والبروتوكولات الرسمية ضمن دورة تدريبية لوزارة التنمية الإدارية- فيديو 2025-07-28الهيئة العامة للمنافذ: منع استيراد 20 منتجاً حرصاً على دعم الإنتاج المحلي 2025-07-28السعودية وفرنسا تدعوان لإنهاء الحرب في غزة وتطبيق حل الدولتين 2025-07-28ترامب وستارمر يتفقان على اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء المعاناة في غزة

صور من سورية منوعات اكتشاف بصمة يد عمرها 4 آلاف عام على أثر طيني مصري 2025-07-28 رجل صيني يثير جدلاً بتحويل سيارته إلى حوض أسماك متنقل 2025-07-28
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح
  • هيئة مستشفى الثورة بالحديدة تعتزم إطلاق أول مركز لجراحة القلب المفتوح بالمحافظة
  • باريس تحتضن المفاوضات بين الإدارة السورية وقسد
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: دورة هذا العام ستعكس صورة سوريا الجديدة، الواثقة بقدراتها ومستقبلها
  • مشروع جديد سيغيّر حركة المرور في سامسون.. ما الذي سيحدث في أغسطس؟
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • السعادة قرار داخلي لا مناسبة مؤقتة
  • الأحمد لـ سانا: أكد السيد الرئيس ضرورة المضي في العملية الانتخابية في كل المحافظات السورية، ورفض التقسيم الذي ينبذه جميع السوريين