عربي21:
2025-12-12@16:22:24 GMT

حول المقارنة بين الثورة السورية والثورة الليبية

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

استمعت إلى مقارنة عقدها أحد المهتمين بالشأن العربي والإسلامي بين الثورة السورة والثورة السورية والتي كان ملخصها أن الثورة السورية نضجت فيما كان التطور السريع في مسار الثورة الليبية سببا في عدم نضوجها، وقد يفهم من هذه المقارنة المتعجلة أن فرص نجاح الثورة السورية أكبر في مقابل إخفاقات ماتزال تواجهها الثورة الليبية.



الحكم بنضج الثورة السورية لأنها استمرت نحو 13 عاما يحتاج إلى وقفة، والبداية بالسؤال عن مفهوم النضج، وهل بالفعل توفر في الحالة السورية، إذ لا يكفي أن نعتبر الزمن وحده عاملا لتقعيد أساسات الانتقال من الثورة إلى الدولة، ومفهوم وشكل الدولة، وفق ما هو قائم ومعلوم، مفروض على أي مسعى للتغير.

بالمثل قد يكون من قبيل التسرع الحكم بأن تجربة المعارضة في إدارة المناطق التي كانت تخضع لها قبل سقوط نظام بشار أساس متين وناجع لإدارة الدولة السورية بعد الثامن من ديسمبر، فالفروقات كبيرة والظروف مختلفة على كافة الصعد المحلية والدولية.

السيطرة على دمشق والتحكم في مفاصل الدولة نقل المعارضة من الظل والزوايا المحدودة التي لا تشكل أهتماما كبيرا لكثيرين، إقليميا ودوليا، إلى دائرة الضوء وإلى التدافع والضغوط والاحتواء، وهذا أمر ليس باليسير، ويتطلب حالة فردية وجماعية قوية لمجابهته، واللقاء الذي جمع ساسة أمريكيون مع الشرع يوم أمس هو مثال للظروف المختلفة، والضغوط الكبيرة التي ستواجهها المعارضة والتي قد تكون على حساب رؤيتها ومشروعها ومواقفها.

الانتقال الصحيح والتحول الراشد من الثورة إلى الدولة له اشتراطاته ومتطلباته ومقوماته، في مقدمتها وضع المجموع القائم على الثورة ومدى استعداده لإدارة عملية الانتقال بكفاءة، وهنا يبرز عامل الاتفاق على المشروع ومضامينه التي في حال غيابه تصبح الحالة الثورية مرشحة للاستمرار وقابلة للتشظي، والأهم أنها ستكون عرضة للتدخل وربما مساعي التوظيف من قبل المتربصين. أؤكد أن نقاشي هدفه التنبيه إلى حالة التفاؤل التي أرى أنها مفرطة في تقييم الثورة السورية وأنها قد تكون مختلفة عما واجهه غيرها من الثورات خاصة الحالة الليبية، والتنبيه إلى أن التحديات كبيرة وكبيرة جدا، وأن ما هو متاح ومرئ يجعل حالة التفاؤل غير واقعية وقد تكون من بين أسباب الفشل.

الانتقال الصحيح والتحول الراشد من الثورة إلى الدولة له اشتراطاته ومتطلباته ومقوماته، في مقدمتها وضع المجموع القائم على الثورة ومدى استعداده لإدارة عملية الانتقال بكفاءة، وهنا يبرز عامل الاتفاق على المشروع ومضامينه التي في حال غيابه تصبح الحالة الثورية مرشحة للاستمرار وقابلة للتشظي، والأهم أنها ستكون عرضة للتدخل وربما مساعي التوظيف من قبل المتربصين.

قد يكون من المبكر تقييم المجموع القائم على إدارة عملية الانتقال، وبرغم التقدير لمواقف وتصريحات الشخصية الأبرز في هذا المجموع وهو الشرع، إلا إن ملامح المشروع الذي ستدار على أساسه عملية الانتقال والتحول في سوريا ما تزال غير واضحة، وهناك بعض المؤشرات على أنه لن يكون مشروعا يضم الجميع، أو أهم القوى السياسية والفكرية والمجتمعية، وهذا تحدي قد يصعب تجاوزه.

التعدد العرقي والديني والسياسي وحتى الجهوي في سوريا حاضر وتم اللعب عليه خلال العقود الماضية بشكل خلف أثار كبيرة وخطيرة في المجتمع السوري، والانتقال من الحالة السلبية إلى التعايش الحقيقي يتطلب عملا جبارا ورؤية واستراتيجية، وشرط ذلك أن تعبر سوريا عنق الزجاجة على المسار السياسي وعلى مستوى تحديد شكل الدولة وطبيعة نظام الحكم والعدالة الانتقالية وغيرها من أسياسات الانتقال الراشد، وفي حال تعثر المسار السياسي فستعمل الاختلافات العرقية والدينية والعرقية والجهوية في اتجاه مضاد، ويتيسر توظيفها من قبل المتربضين.

ملف العسف والقهر والعنف الذي استخدمه النظام السابق يمثل تحدي كبير لسوريا الجديدة، وبرغم وجود مؤشرات على ضبط النفس واحتواء ردود الفعل التي كان من المتوقع أن تكون حادة، إلا إن هذا الملف قد يشكل بؤرة توتير كبيرة في ثنايا السير والانتقال، وأقصد هنا عودة بقايا النظام السابق للواجهة من جديد إما لدوافع نبيلة من المتصدرين للثورة، أو خوفا من تهميش هذه الفئة التي تنتسب إلى قطاع واسع من المجتمع السوري، أو تحت ضغوط المجتمع الخارجي الذي له فلسفته أو حتى أغراضه التي لا تتوائم مع المشروع الذي قد تتبناه قوى الثورة السورية، وبالتالي فإن عودة هؤلاء إلى الواجهة ستكون سببا لخلاف حاد بين مكونات الثورة.

البوصلة عندي في تقييم الثورة السورية بعد سقوط النظام هو في مدى تماسك مجموعها واتفاقه، فهذا هو الضمانة الحقيقة لتطورها والسد المنيع أمام التحديات الداخلية والخارجية، أما إذا ظهرت بوادر الخلاف بين مكوناتها الرئيسية، فإن العوامل السابقة الذكر ستعمل بشكل سريع إلى نقل الخلاف إلى نزاع ثم صراع. الجيوبولتيك السوري ربما يمثل أكبر تحدي لسوريا الثورة ولمشروع الانتقال إلى الدولة المستقرة والقوية التي تتماهي مع النفس العربي والإسلامي والقضايا الكبرى للأمة العربية والإسلامية، ولنتذكر أن سوريا تشاطر الكيان الصهيوني الحدود، هذا الكيان الذي يمر بلحظة تاريخية وفق مشروعه، وواجه تحدي لم يعرفه منذ عقود، ولديه من الكيد والخبث والأدوات ما يمكنه من إفساد المشروع الثوري السوري من خلال اللعب على بذور الاختلاف والتناقض، ويقف خلف الكيان الصهيوني دول كبرى.

مفهوم الانتقال من الثورة إلى الدولة في سوريا بالنسبه للكيان وحلفائه من الغرب والعرب أن يتخلى السوريون، وفي مقدمتهم قادة الثورة، عن النفس الثوري والايديولوجي، والقيم العليا والمبادئ الرئيسية، ويكونون براغماتيون شأنهم منحصر في التنمية والاعمار والعيش المادي الرغيد والذي يستلزم التطبيع مع دولة إسرائيل وتحول السلطة الجديدة إلى ذراع إضافي لتأمينها.

البوصلة عندي في تقييم الثورة السورية بعد سقوط النظام هو في مدى تماسك مجموعها واتفاقه، فهذا هو الضمانة الحقيقة لتطورها والسد المنيع أمام التحديات الداخلية والخارجية، أما إذا ظهرت بوادر الخلاف بين مكوناتها الرئيسية، فإن العوامل السابقة الذكر ستعمل بشكل سريع إلى نقل الخلاف إلى نزاع ثم صراع. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مقارنة الثورات سوريا ليبيا سوريا رأي ثورات مقارنة مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الثورة إلى الدولة الثورة السوریة عملیة الانتقال

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: مخيمات تنظيم الدولة في صحراء سوريا قنابل موقوتة

في قلب السهوب القاحلة شمال شرقي سوريا، والتي تمتد دون انقطاع تقريبا حتى الحدود مع العراق، تكمن واحدة من أخطر التركات التي خلفتها سنوات من الحرب الأهلية.

وتوضح صحيفة نيويورك تايمز أن هذا الخطر يتمثل في معسكرات احتجاز شاسعة تؤوي عشرات الآلاف من عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في مخيمي الهول وروج بمحافظة الحسكة أقصى شمال شرقي سوريا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع إيطالي: هل تنافس غواصة "ميلدن" التركية نظيراتها الأوروبية؟list 2 of 2طقوس الفودو وحروب الموز.. سجل حافل بتدخلات واشنطن في أميركا اللاتينيةend of list

ويمثل وجود أكثر من 27 ألف امرأة وطفل من عائلات تنظيم الدولة الإسلامية في المخيمين -برأي الصحيفة- تحديا أمنيا وإنسانيا وسياسيا بالغ التعقيد، في حين يواصل نحو 8 آلاف من مقاتلي التنظيم قضاء فترات احتجاز في سجون قريبة، في وضع بات يضغط بقوة على الحكومة السورية الجديدة، وخاصة مع بدء الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من المنطقة.

وتُعدّ هذه المعسكرات من إرث الحرب التي مزّقت سوريا خلال 13 عاما، إذ أصبحت موطنا قسريا لعشرات الآلاف ممن تم احتجازهم خلال المعارك التي خاضتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدعم من الولايات المتحدة، لاستعادة الأراضي من التنظيم.

هكذا يبدو مخيم الهول تنظيم الدولة (رويترز)

ومع تقلّص الدور العسكري الأميركي، تشير مراسلة الصحيفة أليسا روبن التي أعدت التقرير، إلى أن الحكومة السورية تواجه معضلة كبيرة في دمج "قسد" في جيشها وإدارة المخيمات، في حين تتجه واشنطن إلى مطالبتها بتحمّل مسؤولية هذه السجون والمخيمات.

لكن هذه الخطوة تصطدم بمخاوف كردية عميقة من الحكومة التي يقودها إسلاميون سابقون مرتبطون في مرحلة ما بتنظيم القاعدة، وسط اتهامات بأنها قد تطلق سراح بعض مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أو تُهمل ملفهم.

ومع أن الحكومة السورية أعلنت التزامها بمكافحة التنظيم وانضمت الشهر المنصرم إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربته، خصوصا مع توسّع هجمات التنظيم خلال العام الأخير داخل الأراضي السورية مستهدفا كنيسة في دمشق وقوات النظام السوري، مما يؤكد قدرته على الاستمرار رغم الخسائر الميدانية.

إعلان

وتنقل مراسلة الصحيفة مشاهد من داخل مخيم الهول عن أطفال يتحركون داخل مساحات ضيقة، ونساء يرتدين البراقع ويصفن بهمس الزائرين بـالكفر، وأمهات يشتكين من الجوع، وغياب التعليم، وانعدام الرعاية الصحية، والظروف الصعبة.

وتقول أليسا روبن إن الكثير من الأطفال وُلدوا أو نشأوا داخل المخيم، ما يجعلهم عرضة لبناء وعيهم وفق منظومة فكرية متشددة ما تزال حاضرة بقوة عبر النساء الأكثر ولاء للتنظيم، خصوصا القادمات من دول خارج الشرق الأوسط، مثل روسيا وطاجيكستان وفرنسا.

وعلى الأرض، تبدو المخيمات كعالم معزول قائم بذاته، تقوم فيه النساء -خصوصا القادمات من دول القوقاز وأوروبا الوسطى- بتلقين أطفالهن أفكار التنظيم.

وتشير تقديرات إلى أن نحو 60% من سكان المخيمات هم أطفال دون سن الـ18 عاما، نشأ معظمهم داخل بيئة مغلقة يهيمن عليها الفكر "المتطرف"، ما يجعلهم عرضة لتكوين وعي مشوّه يقوم على العنف والكراهية والانفصال عن العالم.

وقد تفاقمت الأوضاع الإنسانية عقب قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب وقف تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ما أدى إلى انقطاع الخدمات الطبية والتعليمية وخدمات حماية الأطفال، والاكتفاء بإعادة توزيع الماء والخبز لاحقا.

هذه الفجوات الحادة في الخدمات دفعت المحتجزين إلى الاحتجاج ومهاجمة مكاتب منظمات الإغاثة، في حين ارتفعت وتيرة الهرب وشهد المخيم حوادث عنف واسعة ومحاولات الهرب، كما ورد في التقرير.

"سبايا".. أهوال تهريب الإيزيديات من مخيم الهول السوري (الجزيرة)

وتفيد شهادات من إدارات المخيمات بأن عمليات تهريب منظم تجري بشكل شبه يومي، وأن مئات السيارات التي تدخل لنقل الإمدادات تُستخدم في كثير من الأحيان لتهريب الأشخاص.

ونقلت أليسا عن مديرة مخيم الهول، جيهان حنان، القول إن الناس "يهربون كل يوم، ويبدو أنها عملية منظمة"، وأنهم يبنون "أماكن للاختباء في خزانات المياه".

وفي مشهد آخر، توسلت امرأة أخرى، تدعى لطف النسان (65 عاما) ، وهي تجذب كُم سترة الكاتبة وتقول لها "أحتاج إلى علاج طبي". وأوضحت أنها تعاني من مشاكل في القلب وأن دواءها قد نفد. وقال مسؤولو المخيم في أواخر الشهر الماضي إنهم لا يعرفون ما إذا كانت قد عادت إلى العراق.

وأكدت المراسلة أنها شهدت داخل المخيمات هجمات على مكاتب الإغاثة وحوادث أمنية خطرة، كان أبرزها إقدام زوجين على ارتداء سترات ناسفة محلية الصنع وتهديدهما بالتفجير، مما انتهى بقتلهما على يد قوات سوريا الديمقراطية.

الجزيرة تدخل مخيم الهول وتكشف حجم المعاناة فيه (الجزيرة)

وعلى الرغم من التزام العراق وسوريا بإعادة مواطنيهما، فإن الآلاف من النساء والأطفال لا يزالون عالقين. وتمكن العراق من إعادة نحو 19 ألفا من مواطنيه ويسعى لاستعادة البقية، في حين أعادت سوريا بضع مئات فقط.

وترفض دول أخرى عديدة استعادة مواطنيها بسبب المخاوف الأمنية، مما يترك نساء مثل البلجيكية إيفلين دي هيردت، التي فقدت زوجها وابنتها في الصراع، في حالة من الانتظار المرير.

ويؤكد مديرو المخيمات في الهول وروج أن هناك حاجة ملحة لتقليص عدد السكان المحتجزين لتهدئة "هذه القنبلة الموقوتة" في الصحراء السورية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • كمال أبو رية يرفض المقارنة مع محمد فراج بفيلم الست: مينفعش نقول مين أحسن
  • عمرو الليثي: المحتوى التافه على السوشيال ميديا يؤثر سلبًا على سلوك الشباب
  • إحباط محاولة هروب نساء وأطفال من مخيم الهول شمال شرق سوريا
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • رسالة الغنوشي من سجنه: هذه بداية نهاية الديكتاتورية والثورة المضادة
  • تعاون مصري - إماراتي لمواجهة التحديات الإعلامية والثورة التكنولوجية
  • نيويورك تايمز: مخيمات تنظيم الدولة في صحراء سوريا قنابل موقوتة
  • بعثة الأمم المتحدة تشدد على مركزية حقوق الإنسان في خارطة الطريق الليبية
  • الخارجية بالحكومة الليبية تستدعي القنصل اليوناني احتجاجًا على تصريحات تمس السيادة
  • من التأسيس إلى الالتباس.. أيُّ تاريخ لم يُكتب بعد عن الثورة التونسية؟