بقلم : حسين الذكر ..

تلاشت الحركة العامة وخفة زحمة المرور وانقطع وقع آثار زحف المارة ، بعد أن اغلقت المتاجر والأسواق ،وصرير أبوابها ملأ المسامع . لم يتبق في المحطة الا شخصين احدهما بعنفوان الشباب ،كان يتلفت يمينا وشمالا ويدون بين الحين والآخر بعض الملاحظات بدفتر كان يحمله ، أما الآخر فرجل عجوز تبسمر باحدى زوايا المحطة ، أبيض الشعر أحدب الظهر، عميق التجاعيد ، إنفرد بزيه الموغل بالقدم ، حتى صار دالاً عليه ، يضع على عينيه نظارات ذات عدسات كبيرة مدورة ،يغطي رأسه بقبعة فرو لا تفارقه ابداً ، يدعى العم كاظم الحزين ، هو لقب أطلقه عليه أصدقاؤه في العمل ممن لم يشاهدوه يوماً والابتسامة تعلو شفتيه ، جلس كأنه كتلة لحم جامدة ، لمّ يديه تحت ساقيه واخذ يحرك ركبتيه بلطف بين الحين والاخر ، كان يضع كيساً من القش أمامه يحمل فيه بعض بضاعته التي يعمل بها ، بعد ان تقاعد من سلك التعليم منذ مدة طويلة ، فيما راتبه التقاعدي لا يسد رمق عائلته لأكثر من اسبوع في احسن الاحوال ، اذ بلغ التضخم أعلى درجاته تحت ويل الحصار واجراءات التقشف الحكومية التي عانى من آثارها واكتوى بنيرانها الفقراء والموظفون وكل أصحاب الدخل المحدود ، وقد أنهكته السنين الحبلى بمسلسل المصاعب ، ظل يعمل في بيع وشراء الكتب القديمة على إحدى أرصفة ساحة الميدان التي تكتظ ارصفتها بانواع البضائع القديمة والمستهلكة والمسروقة والتالفة التي كانت تعرض على شكل مجموعات من الانقاض والمتروكات ، لا تفرق بينها وبين حال من يبيعها ،اذ كان الباعة من ضعاف الحال ، سيماؤهم يعلوها التعب والملل واليأس بعد أن رمت بهم الضرورة القسرية وسوء الأوضاع بهذا المستنقع الوحل .

ظل وحيداً تحت خيمة المحطة غير مكترث بما يدور غير آبه لما هو آت .
إستغرب الشاب متسائلا في قرارة نفسه !

لماذا لم يغادر حتى هذه الساعة ؟
لِمَ يجلس بهذه الحالة اليائسة ؟ آه كم جميل منظر هذا العجوز .. كأنه أسد كبير ، يتطلع ويتأمل من على قمة جبل شاهق ، غابته المحترقة التي تجري فيها الحيوانات هائمة على وجوهها من كل ناحية ولا يدري ماذا يفعل لأجلها ، على الرغم مما هو فيه ، إلا ان هيبته آخذة للعيان .. (دعني اقترب مسلماً عليه سائلاً عن أحواله ، إذا أمكن ذلك ..) ؟
خطا الشاب خطوات متأنية أمام العجوز وأطلق كلمات مرتبكة : مرحباً يا عم .
رفع العجوز رأسه ووضع سبابته وسط نظارته ، ثم نظر شزراً باتجاه الشاب وقال : أهلاً . ( إنه جواب لا ينم عن كثير من الارتياح وقد لا يشجع على المواصلة ، لكن لا يهم إنها البداية وغالباً ما تكون البدايات متعثرة . سأكرر عليه ). يا عم أنا طالب دراسات عليا وأُعد بحثاً عن الشرائح الاجتماعية العراقية وسط صعوبات الحصار الاقتصادي ، واني أراك رجلاً مسناً ، سطرت حكمته الايام وصقلها الدهر فأرجو ان لا تبخل عليّ بما ينفع من اجابات ، وآمل ان تجود بما في قريحتك .. اذا لم يضايقك ذلك ؟.
تبسم العجوز ، وأومأ اليه بالجلوس .. ان الدنيا حبلى ، بما لا نعلم ، لعل فيك مايؤنسنا وينسينا ! شكراً ياعم ، هذا لطف منك ، قبل كل شيء أرجو الاجابة وتفسير ما أنت فيه الآن ، لماذا انت هنا حتى هذه الساعة وقد أطبق الليل فكيه . تنفس العجوز عميقا وهز رأسه قليلاً ثم قال :-
ــ إني أعمل هنا في بيع وشراء الكتب القديمة ، وأنا من أصحاب الدخل المحدود جداً ، إذ أن راتبي التقاعدي لم يعد يكفي لسد رمقي الشخصي ، فكيف برب أسرة مثلي ، والحصار كما نراه ونتحسسه وحشاً ظالماً ، وقع شره وأثره علينا نحن الفقراء ، وأنا لا أملك غير هذه البطاقة التي توزعها المنشأة العامة لمصلحة نقل الركاب ، بأسعار زهيدة تكون عوناً لي وأمثالي لتخفيف حدة تكاليف وسائط النقل المكلفة جداً ، لاسيما الخاصة منها ، التي كما اظنك تعلم بأنها لا تناسبنا ولا نمتلك القدرة على استخدامها واستئجارها . إني آسف جداً .. هون عليك ذلك .. سنجد مخرجاً فيما بعد .. ولكن جلوسك هنا بهذه الحالة السلبية ، لا يعد اجراء صحيحاً لحل المشكلة ، وكان الأجدر بك أن تحاول الوصول الى دارك ،كما فعل بقية المواطنين ممن كانت تكتظ بهم المنطقة قبل ساعات بأي طريقة .. المهم أن تصل وتخرج مما أنت فيه !
ــ يا بني إن جلوسي هنا، ما هو إلا جزء من محاولتي للخروج من المأزق الذي تعرضت الى أمثاله مرات عديدة في حياتي من قبل واخرجتني عناية السماء التي اؤمن بها وأدعو لها سالما معافى . فان سبل الرحمة لا تغلق جميعها ولكن تبقي دائماً وأبداً على منفذ للخروج منه الى ذلك العالم الفسيح .
ــ لكنني لم أر منك ما يوحي بانك تصلي أو تدعو أو تعبد ربك !
ــ إن المناجاة ليس فقط بالتعبد الظاهري وفي الصلاة والصوم والقيام والقعود ، إذ ان في التأمل والتفكير والتطلع نحو السماء والتوسل بثقة في الخالق العظيم أرقى واقدس انواع المناجاة.
ــ طيب ، هل عندك فكرة عن نوع المساعدة التي سيقدمها لك الرب في هذا الظرف الصعب الذي تمر فيه .. وهل تعتقد أنه سيرسل لك باصاً خاصاً ! أم أنه سيضع في جيبك النقود ؟؟
ــ السماء حاضرة دوماً معي ، ولن تخيبني يوما ما، وما حضورك في هذه البقعة وبهذا الوقت إلا لتقديم أي نوع من المساعدة ، فهل تمتلك من الشجاعة ،ما يمكنك من مغادرة المكان دون أن تمد يد العون لي ..؟
ــ تبسم الشاب قائلا : أصبت في ذلك تماماً .. وأعلم باني اشتري مقابلتي مساعدتي لك ، بما لا يعادله ثمن !
ــ يا بني إن الإمدادات التي يتوخاها المؤمنون ، لا تنقطع غيبية كانت أم مادية ، وهذا ديدن السماء لمن يؤم وجهه إليها !
ــ ولكن كيف لرجل مسن ورب أسرة لا يمتلك مبلغا تافهاً من المال في مثل هذه الظروف .. ماذا لو تعرضت لطاريء يتطلب الكثير من المال مما لا يحمله تصورك .. حقا إني أفزع لمجرد التفكير بمثل هكذا مواقف ، ثم كيف أنك صابر على ذلك .. وأسمح لي أن أقول : إما أنت بليد ، لا تقدر عواقب الأمور ، أو أن ايمانك مثالي خيالي ، كالذي نسمع ونقرأ عنه ولا نراه على أرض الواقع !!
ــ يا ولدي لكل حادث حديث ولا شيء خارج حدود السيطرة الانسانية .. جل عمري انقضى ، صراعاً مريراً مع الدهر ، لم يحدث لي ما يرعبك .. لذا فهو غير موجود ، في الوقت الحاضر- في الاقل – ولا يستحق أن أشغل بالي فيه .. ثم ان الغالبية العظمى من أبناء بلدي ، هم مثلي أو أسوأ حالاً مني ، وهم يعيشون ، يفرحون ويحزنون يضحكون ويبكون ، أناس طيبون ، لهم مشاعر وأحاسيس وأمنيات وتطلعات وهم يمثلون السواد الأعظم من الشعب الذي أنت جزء منه !
ــ إعلم يا عم .. ان عنكبوتك أخذ ينسج حولي وحبك اخذ بتلابيبي ، دعني أكلمك بصراحة ولا تزعل مما سأدلوا فيه فقد اتضح لي أنك رجل كسول تعتمد الغيب لتبرير إخفاقاتك ، فكيف تعبر لي عن عمر وصفته بالطويل وأنت على هذه الحال الضائع ، تسرح في نهارك وتخمد في ليلك لا تفكر في تغيير أوضاعك نحو الأفضل ، ان الذي أنت فيه يدعو للعجب والسخرية ، فانت تمثل منتهى الفشل المذل والموت في الدنيا قبل موت الآخرة !
ــ يا ولدي .. هون عليك ولا تكن لاذعاً معي فاني شخت كما ترى ، بعد أن افنيت دهراً في ساحة الجهاد الأكبر وساحة الحرب الأبدية ، حتى آحدودب ظهري ، وما زلت في غاية الصبر والرضا أتحمل الويل والهوان في سبيل اتمام رسالتي الابوية ولن أبرح ساحة الوغى التي أراها عزاً وتكليفاً وتراها مستنقعاً للرذيلة ، حتى يغير الله أشياء كثيرة ونحن جزء منها .
ــ عجبي منك يا شيخ ، سنين طوال وحالك ترثي من وقعه حتى البهائم وأنت كما أنت ، لا تشكو ولا تهتز لنفسك وعيالك .. أين إيمانك بالله الذي تدعي ، اظنك تحسب الكسل عبادة والرضوخ إيماناً .
هنا حاول العجوز مقاطعته ، لكن الشاب أصر على تكملة الحديث .. يا عم إني جبلت على معرفة أن الله عادل ويدعونا للعدل والمساواة والعدل كل العدل أن لا نرضى بما لا يلق ببني البشر ، الذين كرمهم الخالق أحسن تكريم ، كما دعانا لمجاهدة ومحاربة سوء الحال أين ما كان وحل ، وأمرنا أن نسعى في الارض بحثاً عن الارقى لسيد الكائنات ( الانسان ) وأن لا نفعل كالنعامة التي تغطي رأسها كلما داهمها الخطر .
عندها تفتحت أسارير الشيخ وصفق قائلاً : أحسنت قولاً يا ولدي ، على ما يبدو اني اليوم أمام محاور صعب المراس ومتسلح بشكل جيد وأكبر ما يبدو من عمره .
ــ إن الأمور لا تحتاج الى الكثير من الاستعداد والتسليح ، والايمان الحق يدعوك دائماً الى الثورة والتغيير بالشكل والمضمون ، لأوضاعك السيئة التي لا تتناسب مع كرامة الانسانية التي وهبها الله لعباده وخلقه .
ــ حسن إنني رضيت بك قدوة لي ، فدعك من تبجحك هذا ، وأرني بما تشير علي في مثل هذا الظرف والوضع الذي انا فيه .
ــ عفواً ياعم ، فانا لا أقصد الإساءة وأتمنى لك حسن الحال والتوفيق ، وان لا تبقى نائماً ويائساً تنتظر الفرج يحط عليك من السماء وأنت غاط في سباتك العميق ، حتى يزيح عنك الستار ويكشف الغطاء ، ويغرقك بفيض الماء كي تصحو ، وأعلم أن مدد السماء لا ينزل على أرض الكسل والجهل .. فقم ناهضاً من فراشك نافضاً غبار الموت عن جسدك وروحك ، مستفيداً من عون السماء الذي هو في داخلك وليس بعيداً عنك كما تعتقد وتتصور متوهماً !
ــ كفاك توبيخاً ، ودعني أطلع على آرائك ( المعجزة ) فانها أعجبتني وأنا مشتاق جدا لسماعها !
تبسم الشاب ابتسامة ملؤها الامل والزهو ، ثم وقف امام المحطة ،متطلعاً للشوارع الخاوية . وقال : لقد داركنا الوقت ، فما رأيك بمعاودة الحديث يوم غد ؟
ــ أنا لا أحب التاجيل ، وأرجو منك أن تكمل ما بدأته معي !
ــ حسنا ، ما دمت مصراً على ذلك ، فدعنا نحتسي الشاي من ذلك الكشك القريب حتى نكمل بقية الحديث بمزاج أفضل .
ــ حسنا هيا انهض .. حسين الذكر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات ما أنت

إقرأ أيضاً:

ما هي سورة الاستجابة؟.. تصعد بدعواتك إلى السماء بسرعة البرق

لاشك أن ما يزيد البحث عن ما هي سورة الاستجابة ؟ أنه يعد أحد أهم أسرار القرآن الكريم ، وهو كلام الله عز وجل الذي يشملنا بخيراته وبركاته في الدنيا والآخرة ، إلا أن السؤال عن ما هي سورة الاستجابة ؟ يهم الكثيرين لأنه يتعلق باستجابة الدعاء ، والذي يحمل حلولاً لكل مشكلة ونجاة من كل مصيبة وردًا لكل بلاء ، ومن هنا ينبغي معرفة ما هي سورة الاستجابة ؟ فلا يمكن لعاقل التغافل عنها وإهمالها ، لأنه السبيل لتحقيق الأحلام والنجاة من كل شر بهذه الحياة الدنيا .

لماذا سميت سورة يس بقلب القرآن؟.. 10 أسباب لا يعرفها كثيرونأفضل سورة للرزق بعد صلاة العصر.. اقرأها الآن لتودع الفقر والشقاءهل قراءة سورة يس بعد الفجر في المحرم بدعة؟.. جائزة بشرطلماذا تقرأ سورة الحديد يوم الثلاثاء؟.. بها تحدث 10 عجائبأفضل سورة تقرأ بعد الفجر للرزق.. تجعلك واحدا من الأغنياءما هي سورة الاستجابة

قال الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، إن هناك سورة فى القرآن الكريم تسمى سورة “الاستجابة”،وهي سورة الأنبياء ، منوهًا بأنها سميت كذلك لأن بها يستجاب الدعاء كأنه البرق .

وأوضح “ أبو بكر” في إجابته عن سؤال “ ما هي سورة الاستجابة ؟”، أن سورة الأنبياء هي السورة التى يلجأ إليها الإنسان حين تغلق الأبواب، لأنها السورة الوحيدة التى ورد فيها "فاستجبنا له" أكثر من مرة، وهذا اللفظ لم يرد في موضع آخر من القرآن مثلما ورد فى هذه السورة.

ونبه إلى أن سورة الأنبياء بها أربعة مفاتيح لكل المشاكل التي تنغص على الإنسان حياته، وهي:

1- الأول يسمى مفتاح نوح للكرب “وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ”.

2- مفتاح الأيوب للمرض الشديد “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ”.

3- مفتاح سيدنا يونس للغم والهم والحزن “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ”.

4- مفتاح سيدنا زكريا للذرية والأمل والرجاء والطلب والأمنية “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”.

وأفاد بأن هذا الكلام ينطبق على كل من قرأ هذه السورة وليس للأنبياء فقط، والدليل على ذلك أن الجواب جاء فيها فى موضعين اثنين؛ الأول “رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ”، والثاني “إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”، فينبغي على كل من يعرف أن يقرأ القرآن قراءة سورة الأنبياء.

لماذا سميت سورة الاستجابة

ورد في مسألة لماذا سميت سورة الاستجابة ؟، أن سورة الأنبياء سُميت سورة الاستجابة لسرعتها وكأنها البرق ، ف‏هذه السورة يمكن أن نلجأ لها عندما تقفل الأبواب في وجوهنا، في الوقت الذي نحتاج فيه بابا واحدا من السماء يفتح لنا.

وورد أنها سميت كذلك سورة الاستجابة لأنها ‏السورة القرآنية الوحيدة التي ورد فيها لفظ " فاستجبنا له" أكثر من مرة وهذا اللفظ لم يرد في أي موضع قرآني آخر .

فضل سورة الأنبياء في استجابة الدعاء

ورد من فضل سورة الأنبياء في استجابة الدعاء ، أن ‏سورة الأنبياء فيها المفاتيح لما أُغلق ، تجمع مفاتيح إستجابة ربنا للدعاء، و‏أول مفتاح مفتاح سيدنا نوح كان للكرب ، لما ورد في بقوله تعالى : ‏"وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ".

وجاء أن ثاني مفتاح مفتاح سيدنا أيوب كان للمرض الشديد والصبر ، لما بقول الله عز وجل : ‏"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ ‏وَآتَيْنَاهُ أهلهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ"، كما أن ثالث مفتاح مفتاح سيدنا يونس كان للغم ، لما بقوله جل وعلا: ‏"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"، أما رابع مفتاح مفتاح سيدنا زكريا للذرية ، فقال تعالى: ‏"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ".

‏هل سورة الاستجابة للأنبياء فقط

جاء الجواب في نفس السورة في موضعين : الموضع الأول “ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ " ‏كل العابدين ورحمة من عنده ورحمته وسِعت كل شيء‏، والموضع الثاني" إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"، ‏الذاكرين ، المتصدقين ، المسبحين ، الصائمين ، المصلين " فـَاستجبنا له ".

فضل سورة الأنبياء

لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثر صحيح ثابت يخص سورة الأنبياء بفضل، وما ورد يعد أحاديث ضعيفة ولا صحة لها، ووجب التنويه عليها، وقد أوردها الإمام الفيروز آبادي في كتابه بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، وهي كما يأتي: "مَن قرأَ سورة اقترب للنَّاس حسابهم حاسبه الله حساباً يسيراً، وصافحه، وسلَّم عليه كلُّ نبي ذكر اسمُه في القرآن". "وفي حديث علي: يا علي مَنْ قرأَ هذه السّورة فكأَنَّما عبد الله على رضاه".

تعريف سورة الأنبياء

أجمع العلماء على أنّ سورة الأنبياء سورة مكيّة، نزلت قبل هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وقيل في سنة نزولها؛ أنّها نزلت في السنة الثانية عشر من البعثة.

محاور سورة الأنبياء

اشتملت آيات سورة الأنبياء على محاور عدة، ومنها:

التحذير من اقتراب يوم القيامة وذلك بهدف حث الناس على التقرب من الله والإكثار من الصالحات، قال -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ).التحذير من الكفر بضرب المثل بمصائر الأقوام السابقة قال -تعالى-: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ).تناول وحدة الخالق وربطه بوحدة الحق، ووحدة الوحي، ووحدة مصدر الرسالات، قال -تعالى-: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).الحديث عن موقف المشركين من دعوة رسول الله وسخريتهم به -صلى الله عليه وسلم-، والتهكم بطلب الاستعجال بالعذاب، قال -تعالى-: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَن ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ).تناولت السورة مسيرة الأنبياء والرسل وما قاموا به من دعوة أقوامهم إلى الحق، وما قوبلوا به من قِبل أقوامهم، والتأكيد على أن مصدر رسالات الأنبياء واحد، وهدفها واحد، قال -تعالى-: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).العرض لمشاهد يوم القيامة ومنها: فتح سد يأجوج ومأجوج، وانتقال الناس لمصيرهم في يوم القيامة؛ فالمصلحون إلى الجنة، والمفسدون إلى عذابٍ مقيمٍ، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ).الدروس المستفادة من سورة الأنبياءيدرك المسلم أنّ العاقبة في نهاية الأمر للصالحين، قال -تعالى-: (ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ).يدرك المسلم فضل الملائكة، الذين يفعلون كل ما يأمرهم به -سبحانه وتعالى-، قال -تعالى-: (لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ).يدرك المسلم بأنه لا يخفى على الله خافية، وسيحاسب الإنسان على كل ما يصدر منه، قال -تعالى-: (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ).شكر النعمة، حيث يدرك المسلم بأن شكر النعمة سبب من أسباب دوامها على المسلم، قال -تعالى-: (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ). طباعة شارك ما هي سورة الاستجابة ما سورة الاستجابة سورة الاستجابة لماذا سميت سورة الاستجابة فضل سورة الأنبياء في استجابة الدعاء

مقالات مشابهة

  • قبة المعراج في القدس معلم يخلد رحلة النبي ﷺ إلى السماء
  • حلقة تدريبية في برنامج سكراتش للناشئة بنزوى
  • تعرف على أحداث الحلقة الأولى من مسلسل «220 يوم»
  • كتاب يعيد قراءة سقوط الدولة الأموية وصعود العباسيين
  • من الدعوة إلى الدولة: قراءة هادئة في مسار الحركة الإسلامية في اليمن.
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • «جثة طائرة من السماء».. تحقيقات موسعة في مصرع شخص في القليوبية
  • ما هي سورة الاستجابة؟.. تصعد بدعواتك إلى السماء بسرعة البرق
  • حلقة عمل حول الذكاء الاصطناعي لتعزيز الترويج السياحي
  • كتابٌ حول التشكّلات الفنيّة والموضوعيّة في شعر يحيى بن هذيل القرطبي