الجزيرة:
2025-05-31@02:52:21 GMT

كيف تخنق إسرائيل اقتصاد فلسطين بقوانينها؟

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

كيف تخنق إسرائيل اقتصاد فلسطين بقوانينها؟

أمعنت إسرائيل في حربها على كل ما هو فلسطيني، لا سيما الاقتصاد، بسن عدد من التشريعات مع ارتباط اقتصاد غزة والضفة الغربية بالاحتلال عبر عوامل متعددة، منها التفاهمات مع السلطة الفلسطينية والحصار.

وأشارت دراسة حديثة إلى إصدار قوانين وتشريعات إسرائيلية جديدة، في الفترة التي عقبت عملية طوفان الأقصى وحرب إسرائيل على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني، تشمل قضايا تتعلق بالضرائب، والعمالة، والمعونات الاجتماعية، والتوسع الاستيطاني، وهي مجالات ذات تأثير مباشر على الاقتصاد الفلسطيني بسبب التشابك القائم بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي.

ومن المتوقع، وفق الدراسة التي أعدتها الدكتورة رغد عزام الباحثة في مركز رؤية للتنمية السياسية والمختصة في شؤون الاقتصاد الفلسطيني، أن تتفاوت آثار هذه التعديلات على الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية مقارنة بقطاع غزة.

قانون حظر الأونروا

ذكرت الباحثة في دراستها أن قرار الاحتلال الإسرائيلي حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في الأرض المحتلة سيفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية نتيجة توقف خدماتها؛ ففي الضفة الغربية وقطاع غزة، يستفيد أكثر من 340 ألف طالب من التعليم في مدارس الوكالة، ويُقدر عدد المستفيدين من الخدمات الصحية للأونروا بأكثر من 4 ملايين.

إعلان

وتوقعت الدراسة أن يؤدي حظر الأونروا إلى ارتفاع الحاجة إلى المساعدات الإنسانية من مصادر أخرى، إذ بلغت موازنة الأونروا 345 مليون دولار عام 2023، كانت توجه لدعم اللاجئين الفلسطينيين، ويعمل في الأونروا 30 ألف موظف، معظمهم فلسطينيون.

الخصم الضريبي للعمال

نص أحد بنود قانون الترتيبات الاقتصادية الخاص بموازنة الاحتلال لعام 2025 على إلغاء الخصم الضريبي الذي كان العمال الأجانب والفلسطينيون يتمتعون به، إذ يحصل العمال الفلسطينيون والأجانب الذين يعملون في الأراضي المحتلة على بعض الخصومات المرتبطة بضريبة الدخل أسوة بالعمال الإسرائيليين، وبناء على اعتبارات معينة مثل الإقامة والعمر والحالة الأسرية والجنس وما إلى ذلك.

وتوقعت حكومة الاحتلال أن يزيد القرار من العوائد الضريبية بحوالي 410 ملايين شيكل (113 مليون دولار) خلال عام 2025، وتسعى الحكومة الإسرائيلية بذلك إلى رفع إيراداتها الضريبية ومحاولة سد العجز في موازنة الحكومة الناجم عن الحرب على غزة وتداعياتها.

وتحدد حكومة الاحتلال قيمة الخصومات على ضريبة الدخل بداية كل سنة ضريبية، وفقا للتغير في مؤشر أسعار المستهلك عن العام السابق، ففي عام 2024 بلغ حجم الخصم الضريبي على الدخل 242 شيكلا (64 دولارا) شهريا (بمعنى أن العامل الذي يحصل على خصم ضريبي سيدفع ضريبة دخل أقل بـ64 دولارا عن غيره ممن ليس لديه خصم ضريبي).

ووفق الدراسة، سيؤدي إلغاء هذا الخصم إلى زيادة عبء الضرائب المفروضة على هذه الفئة من المجتمع الفلسطيني وانخفاض مدخولهم، ويتزامن هذا مع القيود التي فرضها الاحتلال منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 على دخول العمال الفلسطينيين للعمل في السوق الإسرائيلية.

وحسب أحدث بيانات العمل لدى الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، انخفض عدد العاملين الفلسطينيين في الداخل المحتل والمستوطنات حتى الربع الثاني من عام 2024 إلى حوالي 27 ألفا، بعد أن كان هذا العدد يصل إلى حوالي 200 ألف عامل قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الأمر الذي زاد من حدة البطالة في الضفة الغربية.

إعلان

وبموجب بروتوكول باريس، يتم تحويل 75% من ضريبة الدخل المفروضة على أموال العمال الفلسطينيين العاملين في الداخل المحتل للسلطة الفلسطينية، في حين يحتفظ الاحتلال بـ25% من هذه الأموال بحجة تغطية تكاليف الإدارة والخدمات المتعلقة بتحصيل الضرائب، أما عائدات العمال الذين يعملون في المستوطنات، فينصّ بروتوكول باريس على تحويلها بالكامل للسلطة الفلسطينية.

تجميد أموال السلطة الفلسطينية

يأتي هذا البند ضمن "قانون مكافحة الإرهاب" الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي عام 2016، والذي يضم مئات البنود التي تم التوسع فيها، وكان أهمها إعطاء الصلاحية لحكومة الاحتلال بمراجعة وتقدير الأموال التي تذهب إلى عائلات الأسرى والشهداء الفلسطينيين الذين شاركوا بعمليات فدائية ضد الاحتلال، وخصم مبالغ مالية مقابلها من أموال المقاصة قبل تسليمها للسلطة الفلسطينية.

وزاد حجم المقتطع من 187 مليون دولار في 2022 إلى 477 مليون دولار في 2023، وفق الدراسة.

وفي أعقاب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصدر الاحتلال قرارا يقضي بتجميد كامل الأموال الفلسطينية التي تُجمع لتكون عوائد ضريبية (المقاصة) للسلطة الفلسطينية، وتم تجميد حوالي 789 مليون دولار، بدعوى استخدام السلطة الفلسطينية هذه الأموال لدعم "الإرهاب" عبر دفع رواتب الأسرى والشهداء.

وبعد أن تم التوصل لتسوية تقضي بتحويل أموال المقاصة المحتجزة إلى دولة النرويج التي تقوم بدور الوسيط الذي يضمن وجهة هذه الأموال لدى السلطة الفلسطينية، عاد الاحتلال وتراجع عن ذلك عقب اعتراف النرويج بفلسطين دولة مستقلة.

وفي مارس/آذار 2024، أقرّ الكنيست قانونا يسمح لعائلات إسرائيلية من متضرري عمليات المقاومة برفع دعاوى ضد السلطة الفلسطينية، والمطالبة بتعويضات تصل إلى حوالي 2.7 مليون دولار لعائلة كل قتيل.

ووفقا لذلك، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قضت محكمة الاحتلال في القدس المحتلة بإلزام السلطة الفلسطينية بدفع 12.5 مليون دولار تعويضات عقابية وتكاليف جنازة ونفقات قانونية لعائلات 3 قتلى قتلوا في عملية سبارو التي وقعت عام 2001، وأُمهلت السلطة حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري لدفع التعويضات، وإلا ستُقتَطَع من أموال المقاصة المحتجزة لدى الاحتلال.

إعلان الضم وتوسيع الاستيطان

وأشارت الدراسة إلى أنه ضمن سلسلة الإجراءات الإسرائيلية الهادفة للتوسع في الضفة الغربية وقطاع غزة، تم تمرير تشريع إسرائيلي جديد في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 يمنح مركز جباية الغرامات الحكومي الإسرائيلي أحقية جمع الغرامات التي فرضتها المحاكم العسكرية على الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وذكرت أن هذا القانون جزء من إجراءات إسرائيلية تهدف إلى زيادة الضغط المالي على الأفراد والأسر المتأثرة بالأحكام العسكرية، كما يعكس نهجا موسعا يستخدم الوسائل القانونية لتعزيز السيطرة الإدارية والاقتصادية في مناطق السلطة الفلسطينية.

وقف المخصّصات الاجتماعية

أصدر الكنيست الإسرائيلي قانونا جديدا يهدف إلى إيقاف صرف الإعانات الاجتماعية للأفراد والعائلات الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة إذا ثبتت مشاركتهم في أنشطة تُعتبر "إرهابية" حسب القوانين الإسرائيلية، وتقدّر هذه الإعانات الاجتماعية بحوالي 1.9 مليون دولار، ويستهدف هذا القانون حرمان بعض الفئات التي كانت تستفيد من المخصصات الاجتماعية المقدمة من مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية، ومن ذلك:

العمال السابقون من قطاع غزة الذين ساهموا في نظام التأمين الوطني خلال فترة عملهم في إسرائيل. الأشخاص الذين أصيبوا بإعاقة نتيجة عملهم في إسرائيل وحصلوا على تعويضات قانونية. القُصّر تحت سن 18 عاما، الذين يحمل أحد والديهم الجنسية أو الإقامة الإسرائيلية، لكنهم يقيمون في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

ووفق الدراسة، يُعد القانون خطوة إضافية ضمن مجموعة من التشريعات التي تهدف إلى تعزيز الإجراءات العقابية ضد من يتهمهم الاحتلال بالمشاركة في "الإرهاب"، وهي بذلك تخفف من العبء المالي عليها من جهة، ومن جهة أخرى تستغل سوء الأوضاع الاقتصادية لدى الفلسطينيين كي يشكل هذا رادعا لأي عمل مقاوم.

إعلان

وخلصت الدراسة إلى أن التطورات الأخيرة تشير إلى إستراتيجية إسرائيلية للضغط الاقتصادي على الفلسطينيين لتقويض قدرتهم على الصمود، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الضفة الغربیة وقطاع غزة أکتوبر تشرین الأول 2023 الاقتصاد الفلسطینی للسلطة الفلسطینیة السلطة الفلسطینیة ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

رغيف الخبز مقابل النزوح.. إسرائيل تُهندِس المجاعة لتهجير الفلسطينيين

لم يعد الموت في غزة خيارا بين القصف أو القنص، فالجوع بات سلاحا لا يقل فتكا، وتحوّل القطاع المحاصر منذ 600 يوم إلى مقبرة جماعية لأهله، حيث تتساقط الأرواح بين جائع لم يجد رغيف خبز، ومريض لم تسعفه حبة دواء.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تستخدم إسرائيل سلاح التجويع ضد أكثر من مليوني فلسطيني بعد أن أغلقت المعابر، وقصفت مخازن الغذاء، وأتلفت الأراضي الزراعية، لتنهار المنظومة الغذائية تدريجيّا مع نفاد الوقود وتعطّل المخابز.

وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، توفي 58 فلسطينيا جوعا حتى الآن بينهم 53 طفلا، في حين يواجه أكثر من 3500 طفل دون سن الخامسة خطر المجاعة، ويقف 290 ألف طفل على حافة الهاوية، أما نقص الدواء، فقد حصد حياة 242 طفلا، وسط حصار خانق لا يستثني الغذاء أو العلاج أو حتى الأمل.

ودخلت المجاعة فعليّا إلى شمالي قطاع غزة منذ نهاية فبراير/شباط 2024، وبلغت ذروتها حينما نقضت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي، ومنعت دخول الطحين والدواء تماما لمدة ثلاثة أشهر، واستمرت في منع إدخال الوقود عمدا.

وفي مشهد غير مسبوق، ظهرت "تكايا الطعام" في غزة، وهي ظاهرة لم تعرفها المدينة يوما، حيث يصطف السكان في طوابير طويلة للحصول على وجبة تسد الرمق، في حين يضطر آخرون إلى أكل أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار للبقاء أحياء.

إعلان

ويحذّر مختصون من أن الاحتلال يتبع سياسة "هندسة التجويع الممنهج" عبر استحداث نقاط توزيع مساعدات في محوري نتساريم وموراغ، لدفع السكان نحو الجنوب تحت وطأة القصف والجوع ضمن مخطط تهجير قسري يطال مناطق شمالي قطاع غزة بشكل خاص.

ولم تعد المجاعة في قطاع غزة تهديدا، بل واقعا يوميًّا ينهش أجساد الأطفال ويقضم إنسانية العالم بصمت مريع.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين في نور شمس ومسيرة للمستوطنين برام الله
  • المزارع الاستيطانية تغزو الضفة الغربية للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الفلسطينيين
  • هدف حرب إسرائيل هو طرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من غزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم التجويع آلية لتهجير الفلسطينيين من غزة
  • السيد القائد الحوثي: استهداف العدو لأطفال الطبيبة الفلسطينية التسعة هي واحدة من المآسي المتكررة التي يعيشها الفلسطينيين
  • بريطانيا:موافقة إسرائيل على مستوطنات بالضفة عقبة أمام قيام دولة فلسطين
  • فلسطين في ثلاثة كتب باللغة البرتغالية.. نافذة للقارئ البرازيلي على القضية الفلسطينية
  • السيد القائد: نسعى لموقف أقوى إلى جانب فلسطين في معاناتها التي لم يسبق لها مثيل
  • رغيف الخبز مقابل النزوح.. إسرائيل تُهندِس المجاعة لتهجير الفلسطينيين