تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إحدى الليالي الشتوية الممطرة، وبينما كنت أعود بسيارتي إلى المنزل بعد يومٍ شاق في العمل، قررت أن أسلك طريقًا مختلفًا.. كان الطريق الذي اخترته مهجورًا، تحيط به الأشجار على الجانبين، ويكاد الظلام يبتلعه بالكامل، لم أكن أعرف لماذا قررت أن أسلك هذا الطريق بالذات، ربما كنت بحاجة إلى الهدوء، أو إلى بعض اللحظات التي أكون فيها بعيدًا عن ضجيج العالم.

بينما كنت أقود، شعرت بشيء غريب، ربما كان شعورًا بالوحدة أو ثقل يومٍ مليء بالقرارات والمشاكل، فجأة، تعطل المحرك وتوقفت السيارة تمامًا وسط الطريق حاولت تشغيلها مرارًا، لكن دون جدوى، بحثت عن هاتفي لأتصل بشخص ما، فقط لأجد أن البطارية قد نفدت، بدت اللحظة وكأنها تتحداني، وكأن العالم يريد مني أن أتوقف وأعيد التفكير في كل شيء.

خرجت من السيارة تحت المطر الخفيف الذي زاد من برودة الجو، وقفت هناك، أنظر حولي بلا أي فكرة عمّا يمكن أن أفعله، الطريق كان فارغًا تمامًا، إلا من صوت قطرات المطر وأوراق الأشجار التي تحركها الرياح، كان شعورًا غريبًا، كأنني الوحيد في هذا العالم.

بعد دقائق، ظهرت من بعيد إضاءة خافتة، كان هناك رجل يسير ببطء، يحمل حقيبة صغيرة، ارتدى معطفًا طويلًا وقبعة سوداء، تخفي ملامحه بشكل جزئي، اقترب مني بهدوء، وعندما أصبح قريبًا بما يكفي، لاحظت أن وجهه كان يحمل تعبيرًا غامضًا، مزيجًا من الحكمة والهدوء.

"تبدو في ورطة"، قال بصوت هادئ.. "السيارة تعطلت، وهاتفي بلا بطارية لا أعرف ما الذي يمكنني فعله الآن".. ابتسم وقال: "ربما توقفك هنا ليس مجرد صدفة أحيانًا، الحياة تعطينا لحظات كهذه لتُرينا شيئًا مختلفًا".

رغم غرابة كلماته، شعرت بالراحة، كان هناك شيء مطمئن في وجوده، وكأن حضوره يزيل بعضًا من التوتر الذي كنت أشعر به.. بدون أن ينتظر إجابتي، بدأ الرجل في فحص السيارة، تحرك بثقة وكأنه يعرف ما يفعل، بينما بقيت أنا واقفًا أراقب، بعد دقائق، رفع رأسه وقال: "المشكلة بسيطة، لكن عليك أن تنتظر قليلًا، المحرك بحاجة لبعض الوقت ليبرد".

جلس الرجل على حافة الطريق، وأخرج من حقيبته قطعة قماش صغيرة مسح بها يديه، نظرت إليه بفضول وسألته: "هل تسير دائمًا في هذا الطريق؟ يبدو مكانًا غير مأهول".. ضحك بخفوت وقال: "أنا هنا دائمًا، لكنني لا أرى أحدًا إلا نادرًا، هذا الطريق ليس لمن يبحث عن اختصار، بل لمن يبحث عن طريق طويل ليعيد التفكير".. كلماته بدت وكأنها تحمل معاني أكبر مما يقول، لكنها أثارت فضولي أكثر.

بينما كنا نجلس ننتظر، بدأ يحدثني عن حياته.. قال إنه كان يعيش حياة مزدحمة، مليئة بالعمل والسعي خلف النجاح، لكنه أدرك في لحظة ما أنه فقد نفسه في الزحام "كنت أركض طوال الوقت، أبحث عن المال والمكانة، لكنني لم أكن سعيدًا، حتى أنني لم أكن أعرف لماذا أفعل كل ذلك، الحياة ليست سباقًا يا صديقي، بل رحلة، وكل ما عليك هو أن تعرف كيف تستمتع بالمحطات".

شعرت وكأنه يتحدث عني، كنت قد قضيت سنوات في السعي وراء أهداف لم أكن متأكدًا من معناها، كل يوم كان يمر وكأنه نسخة مكررة من الذي سبقه.. سألته: "وكيف عرفت أنك بحاجة للتغيير؟".. قال: "عندما توقفت فجأة، تمامًا كما توقفت سيارتك الآن، تلك اللحظة كانت دعوة للحياة أن تقول لي: توقف، فكر، وابحث عن المعنى".

مر رجل آخر بدراجة قديمة، يبدو عليه التعب، لكنه توقف عندما رآنا "تحتاجون إلى مساعدة؟" سأل بصوت خشن.. "لا بأس، الأمور تحت السيطرة"، أجاب الغريب بابتسامة ودودة.

لكن الرجل بالدراجة لم يذهب، جلس بجانبنا وبدأ يشاركنا الحديث، قال إنه يعمل في الحقول القريبة، وإنه يمر من هذا الطريق كل يوم، بدأ يحكي عن حياته البسيطة.. لفت انتباهي تلك الجملة التي كانت نصلًا في روحي "السعادة ليست في الأشياء الكبيرة، بل في التفاصيل الصغيرة"، قال وهو ينظر إلى السماء الممطرة.

بعد حوالي نصف ساعة، حاولت تشغيل السيارة مرة أخرى، وعادت للعمل بشكل مفاجئ، شعرت بالارتياح وشكرت الغريب على مساعدته، لكنه لم يبدُ مستعجلًا للمغادرة، نظر إليّ وقال: "قبل أن ترحل، تذكر شيئًا: كل توقف هو فرصة. فرصة لتعيد التفكير، لتسأل نفسك: هل أنا على الطريق الصحيح؟"، ثم أضاف بابتسامة غامضة: "وأحيانًا، الأشخاص الذين تقابلهم في هذه اللحظات يكونون مجرد رسائل".

ركبت السيارة وبدأت في القيادة، بينما كان الغريب والرجل بالدراجة يلوحان لي، شعرت بشيء غريب، وكأنني غادرت مكانًا ليس مجرد طريق، بل محطة من محطات الحياة.

عندما وصلت إلى المنزل، جلست أفكر في كل ما حدث، الغريب، الرجل بالدراجة، الكلمات التي قيلت، أدركت أنني كنت أحتاج إلى تلك اللحظة، ليس لأن سيارتي تعطلت، بل لأن حياتي نفسها كانت بحاجة إلى إعادة تشغيل.

ومنذ ذلك اليوم، بدأت أتعامل مع الحياة بشكل مختلف، أصبحت أبحث عن المعنى في التفاصيل، وأتوقف عند كل لحظة لأفهمها "الحياة مليئة بالإشارات، لكننا نحتاج فقط إلى أن نفتح أعيننا لنراها".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: محمود الجوهري القاهرة إبداعات هذا الطریق لم أکن

إقرأ أيضاً:

توجيه لائحة اتهام لقائد السيارة في حادث الدهس بمدينة ليفربول

يمثل رجل بريطاني يبلغ من العمر 53 عاماً أمام المحكمة اليوم بعد أن وجهت الشرطة البريطانية له سبعة اتهامات من بينها تهمة القيادة الخطرة والإيذاء الجسدي الخطير.

وكان بول دويل، من منطقة وست ديربي في ليفربول صدم بسيارته حشداً من مشجعي كرة القدم في ليفربول خلال احتفالهم بالفوز بالدوري الانجليزي يوم الاثنين. وقالت الشرطة إن الواقعة ليست عملاً إرهابياً وإن نتج عنها إصابة 79 شخصاً لا يزال سبعة منهم في المستشفى.

أخبار ذات صلة «المحاولة 28» تكسر هيمنة الإسبان الأوروبية المدربون في 2024-2025.. «الموسم الأول» بين النجاح الخيالي والفشل الذريع

وكان نحو مليون شخص خرجوا للاحتفال بفوز ليفربول بالدوري الإنجليزي الممتاز، وشاهدوا حافلة مكشوفة تستعرض الفريق وطاقمه مع الكأس في وسط المدينة.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الدكتور أحمد الغريب في حوار لـ "الفجر": الطبيب لم يعد معالجًا فقط بل قائد رأي
  • الليلة.. مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يختتم دورته الخامسة بتكريم اسم الراحل بشير الديك والمؤرخ محمود قاسم والنجمة شيرى عادل
  • طريقة الاستعلام عن مخالفات المرور أون لاين برقم السيارة
  • توجيه لائحة اتهام لقائد السيارة في حادث الدهس بمدينة ليفربول
  • ثنائي بيراميدز الأقرب للزمالك لدعم صفوف الفريق .. خاص
  • المهندس البشير: قيمة الاستثمار 7 مليارات دولار سيسهم بتوليد 5 آلاف ميغا واط الأمر الذي يسهم في زيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية وينعكس إيجاباً على جميع مناحي الحياة
  • قطرة ندى .. غدا على مسرح القاهرة للعرائس
  • إعلامية تركية تفجّر مفاجأة على الهواء: “شعرت بالإهانة!”
  • السيد القائد الحوثي: القرآن الكريم النعمة الكبرى بكتاب الهداية الذي فيه البركة الواسعة في كل مجالات الحياة
  • الرئيس الإندونيسي: الطريق الوحيد للوصول إلى سلام عادل لن يكون إلا بحل الدولتين