البوابة نيوز:
2025-06-26@16:10:13 GMT

إبداع|| محمد الجوهري يكتب: الغريب الذي غير مساري

تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إحدى الليالي الشتوية الممطرة، وبينما كنت أعود بسيارتي إلى المنزل بعد يومٍ شاق في العمل، قررت أن أسلك طريقًا مختلفًا.. كان الطريق الذي اخترته مهجورًا، تحيط به الأشجار على الجانبين، ويكاد الظلام يبتلعه بالكامل، لم أكن أعرف لماذا قررت أن أسلك هذا الطريق بالذات، ربما كنت بحاجة إلى الهدوء، أو إلى بعض اللحظات التي أكون فيها بعيدًا عن ضجيج العالم.

بينما كنت أقود، شعرت بشيء غريب، ربما كان شعورًا بالوحدة أو ثقل يومٍ مليء بالقرارات والمشاكل، فجأة، تعطل المحرك وتوقفت السيارة تمامًا وسط الطريق حاولت تشغيلها مرارًا، لكن دون جدوى، بحثت عن هاتفي لأتصل بشخص ما، فقط لأجد أن البطارية قد نفدت، بدت اللحظة وكأنها تتحداني، وكأن العالم يريد مني أن أتوقف وأعيد التفكير في كل شيء.

خرجت من السيارة تحت المطر الخفيف الذي زاد من برودة الجو، وقفت هناك، أنظر حولي بلا أي فكرة عمّا يمكن أن أفعله، الطريق كان فارغًا تمامًا، إلا من صوت قطرات المطر وأوراق الأشجار التي تحركها الرياح، كان شعورًا غريبًا، كأنني الوحيد في هذا العالم.

بعد دقائق، ظهرت من بعيد إضاءة خافتة، كان هناك رجل يسير ببطء، يحمل حقيبة صغيرة، ارتدى معطفًا طويلًا وقبعة سوداء، تخفي ملامحه بشكل جزئي، اقترب مني بهدوء، وعندما أصبح قريبًا بما يكفي، لاحظت أن وجهه كان يحمل تعبيرًا غامضًا، مزيجًا من الحكمة والهدوء.

"تبدو في ورطة"، قال بصوت هادئ.. "السيارة تعطلت، وهاتفي بلا بطارية لا أعرف ما الذي يمكنني فعله الآن".. ابتسم وقال: "ربما توقفك هنا ليس مجرد صدفة أحيانًا، الحياة تعطينا لحظات كهذه لتُرينا شيئًا مختلفًا".

رغم غرابة كلماته، شعرت بالراحة، كان هناك شيء مطمئن في وجوده، وكأن حضوره يزيل بعضًا من التوتر الذي كنت أشعر به.. بدون أن ينتظر إجابتي، بدأ الرجل في فحص السيارة، تحرك بثقة وكأنه يعرف ما يفعل، بينما بقيت أنا واقفًا أراقب، بعد دقائق، رفع رأسه وقال: "المشكلة بسيطة، لكن عليك أن تنتظر قليلًا، المحرك بحاجة لبعض الوقت ليبرد".

جلس الرجل على حافة الطريق، وأخرج من حقيبته قطعة قماش صغيرة مسح بها يديه، نظرت إليه بفضول وسألته: "هل تسير دائمًا في هذا الطريق؟ يبدو مكانًا غير مأهول".. ضحك بخفوت وقال: "أنا هنا دائمًا، لكنني لا أرى أحدًا إلا نادرًا، هذا الطريق ليس لمن يبحث عن اختصار، بل لمن يبحث عن طريق طويل ليعيد التفكير".. كلماته بدت وكأنها تحمل معاني أكبر مما يقول، لكنها أثارت فضولي أكثر.

بينما كنا نجلس ننتظر، بدأ يحدثني عن حياته.. قال إنه كان يعيش حياة مزدحمة، مليئة بالعمل والسعي خلف النجاح، لكنه أدرك في لحظة ما أنه فقد نفسه في الزحام "كنت أركض طوال الوقت، أبحث عن المال والمكانة، لكنني لم أكن سعيدًا، حتى أنني لم أكن أعرف لماذا أفعل كل ذلك، الحياة ليست سباقًا يا صديقي، بل رحلة، وكل ما عليك هو أن تعرف كيف تستمتع بالمحطات".

شعرت وكأنه يتحدث عني، كنت قد قضيت سنوات في السعي وراء أهداف لم أكن متأكدًا من معناها، كل يوم كان يمر وكأنه نسخة مكررة من الذي سبقه.. سألته: "وكيف عرفت أنك بحاجة للتغيير؟".. قال: "عندما توقفت فجأة، تمامًا كما توقفت سيارتك الآن، تلك اللحظة كانت دعوة للحياة أن تقول لي: توقف، فكر، وابحث عن المعنى".

مر رجل آخر بدراجة قديمة، يبدو عليه التعب، لكنه توقف عندما رآنا "تحتاجون إلى مساعدة؟" سأل بصوت خشن.. "لا بأس، الأمور تحت السيطرة"، أجاب الغريب بابتسامة ودودة.

لكن الرجل بالدراجة لم يذهب، جلس بجانبنا وبدأ يشاركنا الحديث، قال إنه يعمل في الحقول القريبة، وإنه يمر من هذا الطريق كل يوم، بدأ يحكي عن حياته البسيطة.. لفت انتباهي تلك الجملة التي كانت نصلًا في روحي "السعادة ليست في الأشياء الكبيرة، بل في التفاصيل الصغيرة"، قال وهو ينظر إلى السماء الممطرة.

بعد حوالي نصف ساعة، حاولت تشغيل السيارة مرة أخرى، وعادت للعمل بشكل مفاجئ، شعرت بالارتياح وشكرت الغريب على مساعدته، لكنه لم يبدُ مستعجلًا للمغادرة، نظر إليّ وقال: "قبل أن ترحل، تذكر شيئًا: كل توقف هو فرصة. فرصة لتعيد التفكير، لتسأل نفسك: هل أنا على الطريق الصحيح؟"، ثم أضاف بابتسامة غامضة: "وأحيانًا، الأشخاص الذين تقابلهم في هذه اللحظات يكونون مجرد رسائل".

ركبت السيارة وبدأت في القيادة، بينما كان الغريب والرجل بالدراجة يلوحان لي، شعرت بشيء غريب، وكأنني غادرت مكانًا ليس مجرد طريق، بل محطة من محطات الحياة.

عندما وصلت إلى المنزل، جلست أفكر في كل ما حدث، الغريب، الرجل بالدراجة، الكلمات التي قيلت، أدركت أنني كنت أحتاج إلى تلك اللحظة، ليس لأن سيارتي تعطلت، بل لأن حياتي نفسها كانت بحاجة إلى إعادة تشغيل.

ومنذ ذلك اليوم، بدأت أتعامل مع الحياة بشكل مختلف،  أصبحت أبحث عن المعنى في التفاصيل، وأتوقف عند كل لحظة لأفهمها "الحياة مليئة بالإشارات، لكننا نحتاج فقط إلى أن نفتح أعيننا لنراها".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: محمد الجوهري هذا الطریق لم أکن

إقرأ أيضاً:

«إجازتنا.. إبداع.. واستمتاع».. مبادرة يطلقها تعليم مطروح

أطلق تعليم مطروح، تحت إشراف الشئون التنفيذية، مبادرة “إجازتنا.. إبداع.. واستمتاع”، والتى تهدف إلى تفعيل الأنشطة التربوية الصيفية بجميع المدارس والإدارات التعليمية بمحافظة مطروح.

وأوضحت نادية فتحى، وكيل وزارة التربية والتعليم بمطروح، أن الأنشطة الصيفية هى جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية بداية من اكتشاف مواهب الطلاب وشغل أوقات فراغهم ببرامج تربوية مفيدة يمارسها الطلاب بالمدرسة تحت إشراف موجه (موجهين وأخصائيين ومعلمين متخصصين)، ويتم من خلالها تدريب الطالب وتنمية ذاته وتعزيز القيم الإيجابية ومهارات القيادة والتعاون والتفكير الإبداعى والتواصل الإجتماعى الجيد والفعال.

وأوضح تعليم مطروح أن  ممارسة الطلاب للأنشطة بصفة عامة تهدف إلى الوصول بالطالب إلى شخصية متكاملة لشخص متوازن نفسيا وجسميا واجتماعيا يعتز بوطنه ويفخر بالانتماء له ويثق بنفسه وتتكون لديه قدرة تنافسية تمكنه من مواجهة تحديات المستقبل.

وقال إن “المبادرة تستهدف جميع طلاب وطالبات مدارس مطروح، ونرحب بمشاركات أولياء الأمور، وسيتم عمل مسابقات بين الطلاب والمدارس والإدارات التعليمية وفروع التوجيه الفنى المختلفة وجوائز قيمة للأكثر فاعلية على أرض الواقع خلال فترة النشاط الصيفى”.

من ناحية أخرى وفى وقت سابق، أعلنت نادية فتحي، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة مطروح، أنه سيتم تلقي تظلمات طلاب الشهادة الإعدادية على نتائج الامتحانات للعام الدراسي ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥ اعتبارًا من صباح الثلاثاء المقبل الموافق ٢٤ يونيو الجاري ولمدة 15 يومًا.

وأوضحت أن الطالب أو ولي أمره عليه التقدم بطلب عن طريق الإدارة التعليمية التابع لها الطالب مع سداد الرسوم المقررة عن كل مادة يرغب الطالب في الاطلاع عليها، والتي تبلغ 35 جنيها فقط لا غير، وفقاً للكتاب الدوري الصادر بتاريخ 28 مارس 2022، على أن تجمع الإدارات الطلبات وتسلمها للكنترول والذي يحدد بدوره المواعيد المقررة لكل طالب للاطلاع على كراسات الإجابة الخاصة به وإعلامه بذلك.

وشددت نادية فتحي على أنه خلال الاطلاع على نتيجة الشهادة الإعدادية، لا يجب على الطالب أو ولي أمره اصطحاب الهاتف المحمول أو أي أجهزة إلكترونية داخل لجنة النظام والمراقبة.

وقالت إن الطالب سيطلع على صور كراسات الإجابة في المواد التي يتظلم عليها، ويكتب ملاحظاته التي يتم عرضها على موجه عام المادة قبل إعادة فحص ورقة الإجابة الخاصة به، على أن يتم إخطار الطالب والإدارة بنتيجة التظلم عقب الانتهاء من فحصه.

طباعة شارك مطروح محافظة مطروح اخبار المحافظات اخبار محاتفظة مطروح

مقالات مشابهة

  • «إجازتنا.. إبداع.. واستمتاع».. مبادرة يطلقها تعليم مطروح
  • محمد عبد الجواد يكتب: فسيكفيكهم الله
  • مؤمن الجندي يكتب: أشرف محمود.. الذي علق فأنطق الهوية
  • بالاسماء.. إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة على الطريق الأوسط بالقنطرة شرق
  • راجعين من الشغل .. ننشر أسماء ضحايا حادث الطريق الأوسطي
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الأمنيات
  • د.محمد عسكر يكتب: ماذا يعني تسريب 16 مليار كلمة مرور حول العالم؟
  • محمد مندور يكتب: الشتاء النووي .. ماذا لو اندلعت الحرب الكبرى؟
  • سلوى محمد: أنا بحب أوي دور الأم لـ زوزو ماضي في الطريق المسدود
  • د. غنوة محمد الموجي: "منير مراد وكمال الطويل ُظلموا إعلاميا.. وكنت أتمنى تكريم محمد رحيم وهو على قيد الحياة" ( خاص)