رصيدي خيبات أمل كثيرة وإخفاقات كثيرة..كيف أحيا سعيدا مطلع السنة الجديدة؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
سيدتي،حياك الله وأكرمك بالقدر الذي تكرمين به كل تائه مشتّت، وجعلك الله ذخرا بمنبرك هذا الذي أدق اليوم أبوابه طالبا المشورة والرأي السديد.خاصة وأننا نستقبل سنة جديدة أريدها أن تكون مخالفة مغايرة لكل ما سبق لي، فصدقيني سيدتي ففي رصيدي الكثير من الإخفاقات وخيبات الأمل.
سيدتي، أنا رجل مكلوم تائه لا أعرف أي طريق أسلكه، رجل لم ينل من الدنيا شيئا سوى الخذلان المتكرر و المتلاحق.
صحيح أنني اقتات من تجارة أمارسها، لكنّ جلّ ما أتوق إليه لا أبلغه من تقدم لخطبة فتاة أحببتها، ورغبة في توسيع تجارتي مع أناس معروفون بشطارتهم وحنكتهم في هذا المجال، وصولا إلى دائرة معارفي الذين أجدهم يتجهّمون في وجهي ويخيبون ظني إن أنا إستأمنتهم على أسرار أو طلبت منهم إسداء خدمة لي. لست بالإنسان المعقد سيدتي، كما أنني لست من النوع الذي يريد أن يحيا بفضل الناس أو شفقتهم، لكن على الأقل أريد أن أحسّ بأنني محاط بمن يمكنهم أن يكونوا عزوتي في هذه الدنيا، فكيف لي أن أ تعافى من خيبات أمل تلاحقني لأتخلص منها مطلع السنة الجديدة التي أتوق أن أحياها سعيدا؟
أخوكم ع.رياض من الغرب الجزائري.الرد:
من الخطأ أن نعلق بعض تفاصيل فشلنا وسوء تقدير الغير لنا على مشجب أحاسيسنا الهشة والمتعبة، كما أنه ومن غير اللائق أن يظل الإنسان يحيا على وقع خيبات أمل ينتظر منها ان تنتهي أو أن تختفي صدفة ومن دون أي مقدمات.
عليك أخي أن تتجلّد بمناعة تجعلك في غنى عن الأشخاص المحيطين بك واللذين لم يزيدوا حياتك سوى سلبية وإسوداد. عليك أن تمرّن قلبك على التعافي من دون أن يكون لأي كان الفضل عليك. صحيح أننا جميعا محتاجون إلى أناس نحيا معهم على الحلوة والمرة، كما أننا في غاية التعطش لأن نجد من يشبهنا في تفاصيل حياتنا وميولنا وحتى أهدافنا، إلا أن ما هو متاح في زمننا هذا يجعل ظننا يخيب، كيف لا والعلاقات الإنسانية في تقهقر مستر.
تعلم أن تجعل من الخيبات سلّما ترتقي به وتصقل به شخصيتك، أنت في غنى عن طاقة سلبية مدمّرة يرمي بها المحيطون بك حتى يثبطوا من عزيمتك ويقتلوا الطموح فيك، ولتتأكّد انه ما من خبة وإنكسار إلا ويعقبها يوم جميل مشرق فيه من الخير الكثير.
كنت أنت المصيب في حياتك ولا تعط لمن يضمر لك شرا ثغرة يتسلل منها، وكن ممن يؤمنون بأن الإبتلاء أحيانا يكمن في أناس سامة، وأن الصبر والإعتزال راحة لا ندركها إلا بمرور الوقت.
ردت: س.بوزيدي.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
اللواء سمير فرج: إيران نجحت في فرض معادلة الردع وإسرائيل مكبلة بقيود كثيرة
بين تصعيد محسوب وردود أفعال مدروسة، يقف المشهد العسكري بين إسرائيل وإيران على حافة مواجهة معقدة تتشابك فيها الحسابات السياسية بالمعادلات العسكرية، ورغم الخطابات المتشددة، إلا أن كلا الطرفين يدرك حدود المواجهة وحدود المغامرة، كما يرى اللواء الدكتور سمير فرج، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية، الذي يقدم قراءة تحليلية تميل لإبراز صعود الأداء الإيراني في هذا الصراع المتعدد الأبعاد.
يبدأ اللواء سمير فرج تحليله بالتأكيد أن إسرائيل رغم تنفيذها لبعض الضربات الجوية داخل العمق الإيراني أو في مناطق نفوذ طهران الإقليمية، إلا أنها في واقع الأمر أصبحت عاجزة عن منع إيران من تثبيت أقدامها كقوة إقليمية وازنة ويقول "تل أبيب تدرك أن هامش المناورة أصبح أضيق بكثير من السابق، فإيران باتت تمتلك شبكة نفوذ واسعة تمتد من اليمن إلى لبنان مرورًا بالعراق وسوريا، وأي ضربة مباشرة لمراكز الثقل الإيرانية قد تشعل حربًا إقليمية شاملة ليست إسرائيل مستعدة لتحمل تكلفتها ".
ويضيف أن إسرائيل حاولت خلال السنوات الماضية استخدام سياسة "الضربات الجراحية" التي تستهدف منشآت معينة، لكنها لم تستطع أن توقف المشروع الصاروخي الإيراني أو تطور منظومات الطائرات المسيرة المتقدمة التي باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لتفوق إسرائيل الجوي التقليدي.
حتى في عمق الأراضي الإيرانية، اعتمدت إسرائيل على عمليات استخباراتية نوعية، لكن إيران أظهرت قدرة كبيرة على امتصاص الضربات والتكيف معها بل وتطوير منظومتها العسكرية بعدها، وذلك على حد وصفه.
ويرى اللواء فرج أن إيران نجحت خلال العقد الأخير في بناء ما يسميه بـ "معادلة الردع غير المتكافئ"، موضحًا "إيران لا تحتاج لخوض مواجهة تقليدية مع إسرائيل؛ فهي تعلم أن ساحة الاشتباك المفتوح ليست في صالحها أمام تفوق السلاح الجوي الإسرائيلي والدعم الأمريكي، لكنها في المقابل نجحت في بناء بيئة أمنية إقليمية محيطة بإسرائيل من خلال حلفائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، بحيث أصبحت إسرائيل مهددة في جبهات متعددة يصعب عليها التحكم الكامل فيها ".
ويتابع اللواء فرج بأن إيران تدير هذا الصراع بعقلية "طول النفس"، مستفيدة من شبكة وكلائها الذين يمنحونها القدرة على الضغط المستمر على إسرائيل دون أن تتحمل طهران مباشرة كلفة المواجهة. ويضيف "الهجمات عبر الحوثيين في البحر الأحمر، وعمليات حزب الله في الحدود اللبنانية، والمناوشات في سوريا، كلها أوراق ضغط سياسية وعسكرية في يد طهران تستخدمها بحسابات دقيقة ".
وينتقل اللواء فرج إلى ساحة الحرب السيبرانية، التي يعتبرها من أبرز مظاهر توازن القوى الجديد بين الطرفين، فيقول "رغم التفوق الإسرائيلي التكنولوجي التقليدي، أثبتت إيران قدرتها على تطوير هجمات سيبرانية معقدة طالت البنية التحتية الإسرائيلية من شبكات المياه والكهرباء وحتى المصارف، بل وتهديد منظومات الدفاع الجوي الذكية، وهو ما أجبر إسرائيل على تعزيز دفاعاتها السيبرانية بشكل غير مسبوق ".
وفي المقابل يوضح أن إسرائيل، رغم تنفيذها هجمات إلكترونية مثل الهجوم الشهير على منشأة "نطنز"، إلا أن القدرات الإيرانية تزداد تطورًا بمرور الوقت، ويقول "إيران باتت تمتلك خبرات واسعة في الدفاع والهجوم الإلكتروني، مستفيدة من شراكات استراتيجية مع قوى كبرى مثل روسيا والصين."
ويعتبر اللواء فرج أن ساحة الخليج تظل من أخطر ساحات المواجهة المحتملة، لكنه يرى أن إيران نجحت في تحويل مضيق هرمز إلى ورقة استراتيجية تمثل كابحًا أمام اندلاع حرب شاملة، حيث يوضح "مجرد تهديد إيران بغلق المضيق أو استهداف الملاحة الدولية يرفع تكلفة أي عمل عسكري ضدها بشكل فوري، وهو ما يضع ضغوطًا مباشرة على أسواق الطاقة العالمية والاقتصاد الدولي كله."
وفيما يخص الدور الأمريكي، يلفت اللواء فرج إلى أن الولايات المتحدة ورغم تحالفها الوثيق مع إسرائيل، باتت أكثر حذرًا من الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع إيران بعد تجاربها في العراق وأفغانستان، ويضيف "واشنطن تدرك أن أي مواجهة مفتوحة مع إيران قد تفجر المنطقة بأكملها وتخلق بيئة استراتيجية أكثر تعقيدًا مما تواجهه حاليًا في صراعها مع الصين وروسيا، لذلك تحاول قدر الإمكان حصر دورها في الدعم اللوجستي والمخابراتي لإسرائيل مع ترك مسافة فاصلة عن الحرب المباشرة ".
وفي ختام تحليله، يضع اللواء فرج السيناريو الأخطر أمام صناع القرار، وهو تحول الصراع المحدود إلى مواجهة إقليمية كبرى بفعل خطأ في الحسابات، ويقول "إذا فقد أحد الأطراف السيطرة على أعصابه السياسية أو وقعت عملية خاطئة غير محسوبة، فقد نجد أنفسنا أمام حرب شاملة تمتد من لبنان إلى الخليج، ومن اليمن إلى سوريا والعراق، مع دخول قوى دولية كبرى إما بشكل مباشر أو غير مباشر في مسارات الأزمة ".
ويختم اللواء الدكتور سمير فرج قراءته قائلًا "المشهد بين إيران وإسرائيل اليوم يُدار بمنطق التوازنات الدقيقة، لكن لا يمكن تجاهل أن إيران باتت لاعبًا إقليميًا يمتلك أوراقًا متعددة تمنحه عمقًا استراتيجيًا كبيرًا وقدرة على التأثير في معادلات المنطقة بصورة فاعلة، أما إسرائيل فهي في موقع دفاعي أكثر من أي وقت مضى رغم كل ما تملكه من تفوق عسكري تقليدي، والمرحلة القادمة ستظل مرشحة لمزيد من التعقيد وربما لمفاجآت غير متوقعة".