كشفت وثائق رسمية خاصة -حصلت عليها قناة الجزيرة- عن عملية ممنهجة لدفن جثامين معتقلين من المستشفى العسكري التابع للنظام المخلوع في مقابر متفرقة بمدينة حلب، وذلك باستخدام نظام ترميز معقد يخفي هوية الضحايا.

وبحسب تقرير مراسل الجزيرة أحمد العساف، فإن المشكلة الرئيسية تكمن في وجود أرقام ورموز على الجثث بدلا من الأسماء، في حين أن السجلات التي تفك شيفرة هذه الرموز إما أتلفت أو فقدت، مما يجعل التعرف على هوية الضحايا أمرا شبه مستحيل.

وكشفت الوثائق عن آلية عمل منظمة تبدأ بقيام أجهزة مخابرات النظام المخلوع بإحضار جثامين المعتقلين الذين قتلوا مباشرة أو توفوا تحت التعذيب إلى المستشفى العسكري في حلب، ويقوم المستشفى بتنظيم وثيقة رسمية تتضمن رموزا تطابق ما سُلم من أجهزة المخابرات.

ووفقا لشهادة أحد الموظفين الرسميين في مكتب دفن الموتى التابع لبلدية مدينة حلب، فإن العبارات في الوثائق تشير صراحة إلى أن الجثامين تعود لمعتقلين، حيث يشير رمز حرف "أ" إلى أن الجثمان قادم من فرع الأمن العسكري.

نظام معقد

وأكد متعهد الدفن صبحي آل طه أنه شاهد عمليات دفن لكثير من الجثامين مجهولة الهوية في مقبرة بمنطقة النقارين بمدينة حلب وقبور أخرى في المدينة، وتتم عملية الدفن وفق نظام وثائقي ثلاثي يحمل الرموز نفسها في كل مرحلة، لكن دون أي إشارة إلى هوية المدفون.

إعلان

وفي السياق نفسه، تم العثور على قبور في حي حلب الجديدة تحمل أرقاما واضحة وجثامين برموز محددة، وكشف التقرير عن وجود مقبرة جماعية قرب قرية خان العسل خارج مدينة حلب تفتقر إلى أي شواهد أو أرقام أو حتى معالم واضحة.

وبحسب متعهد الدفن، فإن نحو 7 آلاف شخص دفنوا في هذه المقبرة، مشيرا إلى أن كثيرا من الجثامين لم يتول دفنها بنفسه.

وتكشف هذه الوثائق والشهادات عن نظام معقد يهدف إلى إخفاء هوية الضحايا وطمس معالم الجرائم المرتكبة بحقهم، مما يصعب على ذويهم التعرف على مصيرهم أو مكان دفنهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

الخرطوم: دفن مرتين وبدء حملة رسمية لنقل رفات الحرب

صراحة نيوز- اضطرت إيمان عبد العظيم خلال فترة الحرب في ولاية الخرطوم إلى دفن شقيقها في فناء المنزل بمدينة بحري بمساعدة جيرانها، بعد أن أصبح الوصول إلى المقابر مستحيلاً بسبب المعارك. وقالت للجزيرة نت إن حزنهم تجدد وعاشوا ألم الفقد مرة ثانية بعد نقل رفاته إلى مقبرة عامة.
عاشت مئات الأسر في الخرطوم مشهد دفن جثامين ذويها مرتين، الأولى كانت تحت أزيز الرصاص وفي ساحات المنازل والمدارس والمساجد وحتى الميادين العامة، حينما كان الخروج إلى المقابر الرسمية ضرباً من المستحيل أثناء المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالعاصمة.
تجري الثانية اليوم وسط ترتيبات رسمية وحملة حكومية تهدف إلى نقل الرفات إلى مقابر مخصصة، لتبدأ معها مرحلة جديدة من الألم.
أعلنت ولاية الخرطوم مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري بدء حملة منظّمة لحصر ونقل الرفات من مواقع الدفن الاضطراري إلى مقابر مجهزة، وشُكّلت لجان ولائية ومحلية تضم ممثلين من الطب العدلي والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني، إضافة إلى لجان التسيير والخدمات بالأحياء.
أوضح المدير التنفيذي لمحلية بحري عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن للجزيرة نت أن الحملة تهدف إلى تخفيف العبء النفسي على الأسر وتنظيم المشهد الصحي والإنساني في الخرطوم.
بيّن عبد الرحمن أن الحملة تُشرف عليها “اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين أثناء معركة الكرامة”، وتستهدف نقلها من الميادين والأحياء السكنية.
تعتمد عملية النقل على أربع مراحل:
حصر مواقع الدفن الاضطراري داخل الأحياء.
إبلاغ العائلات وإشراك ممثلين عنهم في كل خطوة من النبش وحتى الدفن.
نبش الرفات تحت إشراف مختصين من الطب العدلي.
إعادة الدفن في مقابر مخصصة مع توثيق كامل للبيانات.
أوضح مدير هيئة الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين أن عمليات نقل رفات الضحايا بدأت منذ سيطرة الجيش السوداني على الولاية، حيث قامت فرق ميدانية بدفن جثامين المواطنين والمقاتلين في مقابر رسمية.
أكّد أن الربع الأول من العام 2026 سيشهد خلو الخرطوم بمحلياتها السبع من أي قبر مدفون خارج المقابر المخصصة، مشيراً إلى تحديات تواجه عمل الفرق الميدانية، منها نقص الأكياس المخصصة للجثامين، مما قد يؤثر على سير العمل بالصورة المطلوبة.
أفاد زين العابدين بأن قوات الدعم السريع قامت بتخريب وحدات الحمض النووي (دي إن إيه) المخصصة لحفظ عينات من الجثامين، ما صعّب مهمة التعرف على الكثير من الضحايا، مؤكداً أنهم لجأوا لحلول بديلة من خلال ترقيم الجثامين وتوثيق مراحل الدفن قبل إعادة الدفن في مقابر مجهزة لمجهولي الهوية.
دعا مدير هيئة الطب العدلي الجهات الفاعلة والمنظمات والمواطنين لمساعدتهم في تجهيز القبور، مؤكدًا أن العمل كبير ويحتاج لتضافر الجهود بين الحكومة والمواطنين.
أوضحت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات بمدينة بحري شيرين الطيب نور الدائم للجزيرة نت أن اللجنة قامت بحصر القبور الموجودة داخل المنازل والمساجد والميادين في عدد من الأحياء كخطوة أولية قبل وصول الفرق الطبية وبدء عمليات النبش ونقل الجثامين.
أضافت أن الحملة انطلقت في عدد من مناطق بحري يوم الاثنين الماضي بمشاركة الجهات الحكومية والمنظمات.
أفادت نور الدائم بأن دورهم يشمل إبلاغ ذوي الضحايا للحضور ومتابعة الإجراءات الرسمية مع الفرق القانونية والطبية، والتأكد من حضور الأسرة أو ممثل عنها قبل الشروع في النبش والدفن.
تشمل أدوار اللجنة الحصر الميداني وتحديد مواقع القبور الاضطرارية وتجميع البيانات، والتنظيم الميداني ودعم الفرق في عمليات النبش والدفن، والتنسيق بين الفرق الميدانية والأهالي.
طالبت نائبة رئيس اللجنة المواطنين بالتبليغ عن أماكن وجود القبور الاضطرارية لتسهيل عمل الفرق الميدانية.
أشارت إلى أن البلاد بحاجة لمزيد من الجهود لاستكمال عمليات البناء وإعادة الإعمار، وأن ما يقومون به يمهّد لتهيئة بيئة سليمة لعودة المواطنين.
رغم صعوبة تجربة وداع أحبائهم مرة ثانية، تمثل عمليات النبش ونقل رفات المتوفين خطوة جوهرية في مسار التعافي وإعادة ترتيب ما خلفته الحرب في ولاية الخرطوم.

مقالات مشابهة

  • فيديو.. مظلي ينجو من حادث خطير خلال قفزة جماعية
  • سلوت: لا توجد مشكلة مع صلاح تتطلب الحل!
  • بيتكوفيتش: “عبادة؟ لا أملك قدرة سحرية لمعرفة المستقبل”
  • الخرطوم: دفن مرتين وبدء حملة رسمية لنقل رفات الحرب
  • بالصورة... هذه تفاصيل الدفن والعزاء بالنائب غسان سكاف
  • نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد حزن العائلات السودانية
  • 6 إجراءات.. "الجوازات" توضح خطوات الإبلاغ عن فقدان هوية مقيم
  • واشنطن.. فيضانات عارمة وعمليات إجلاء جماعية
  • العثور على جثة مجهولة وناقصة الأجزاء بشاطئ المعدية بالبحيرة و تحقيقات مكثفة لكشف هوية صاحبها
  • هل يجوز تلقين الميت أثناء الغسل