تمر الأيام ونحن نتأمل ذلك المرور بتشظي الآلام والأحزان، أو ببهجة الإنجاز وفرحة الوصول. وما بين المسير والمصير، تأتي على الإنسان لحظات يلزمه فـيها أن يُخرج بوصلته اللامرئية، تلك التي تختفـي فـي أعماق قلبه وروحه، البوصلة التي تذكره بالمكان والزمان والوجهة، ليتبعها مصححا الطريق، ومذكرا نفسه بالغاية التي يصبو إليها والوجهة التي ارتضاها قبلة ومبدأ لحياته.
تتراجع منزلة الكتاب شيئا فشيئا، يأتي المذياع، فـيكتشف الناس ملهاة جديدة. ثم التلفاز، فـيغدو محطة لصناعة الرأي والعقول. ثم الإنترنت، فـيغدو العالم غرفة صغيرة نلتقي فـيها بكل الناس بأشكالهم وألوانهم وثقافاتهم المتنوعة. وبعدما وصلنا إلى مرحلة اللاعودة كما يراها بعض الخبراء التقنيين، باتت البديهيات البشرية فـي التعارف والتقارب والتلاقي والهم المشترك شيئا من ضروب الخيال، وعالم الفانتازيا الشيّق. لذلك ظهرت الدورات التي تعلم الناس آداب المجالس، من حديث وملبس ومأكل ومشرب وحركات وسكنات، وهي أشياء لم يكن يتخيل الجيل القديم أن تكون مما يتم تعليمه أو تفرد له دورات بمبالغ مالية مجزية. عالم غريب يجعل الفجوة بين الناس أكبر وأكبر، ويحيل العلاقات الحية والبديهي المعروف بالفطرة، شيئا يعودون إليه كما العودة إلى الذكريات، كألبوم صغير فـي درج منسي، أو شيء غريب شاذ لم يعرفوه من قبل.
يتبوأ الكتاب منزلته ومكانته اليوم باعتباره الناجي الوحيد، الناجي الأخير من طوفان التشابه والتطابق والتفاهة، الناجي الحكيم الذي يعرف الحياة قبل أن تغدو البشرية روبوتات أكثر آلية من الروبوتات الحقيقية. ولكن مشتتات العصر الحديث تجعل علاقتنا بالكتاب مضطربة عسيرة، فلا يستطيع المرء عيش حياته بلا إنترنت إلا بمشقة تفوق القدرة على تصورها حتى، وأعني هنا الإنسان العامل الفاعل فـي الحياة الذي لا يزال على رأس عمله ويطلب الرزق يوما بيوم.
لأجل هذا كله، ولأنني ابن عصري وبيئتي، تفكرت فـي الشيء الذي تغير فـي السنوات القليلة الماضية، تفكرت فـي عقليتي والأفكار التي أتبناها والحجج المنطقية والمنطق السليم، تفكرت فـي كل ما يمكن أن يجعلنا أناسا أفضل ويقلّص سديم التيه والجهل وفقدان البوصلة؛ فلم أجد الجواب إلا فـي الكتاب. لأجل هذا كله، أطلقت فـي نهاية السنة المنصرمة فكرة مشروع ثقافـي غير مادي يتعلق بالقراءة والكتب، وهو مشروع عام البصيرة لهذه السنة الجديدة، وتعتمد فكرة المشروع بشكل رئيس على قراءة عدد من الكتب المتنوعة، وحيث إن المرء يقوى ويتحفز لبذل المزيد حين يكون فـي مجموعة تشاركه الهدف والوجهة؛ فقد شاركت الأصدقاء هذا المشروع وجعلته عاما مشاعا لمن يشاء. وترتكز فكرة المشروع على قراءة كتاب ما، ثم تلخيصه ومشاركة ذلك التلخيص إما فـي وسائل التواصل الاجتماعي أو فـي المواقع المختصة بنشر مراجعات الكتب، وينبغي أن يستعمل فـي كل تلخيص وسم #عام_البصيرة.
أما عن عدد الكتب المراد إنجازها، فإن الهدف هو خمسون كتابا فـي العام. وستشمل مراجعات القرّاء رصيدا مهما يرفد الثقافة العربية، ويثري المحتوى العربي والعماني، كما أن القراءة لمؤلفـين عمانيين ثم الكتابة عن كتبهم وإنتاجهم المعرفـي، يمثل قيمة مضافة تعزز مكانة الثقافة والمثقف العماني فـي الساحة العربية. ويحدوني الأمل فـي أن يكون هذا المشروع الثقافـي التطوعي مما يرفع اسم الوطن ويغير فـي القارئ شيئا يصحح مسار حياته وتفكيره ورؤيته، فالمواطن المثقف أقدر على الإبداع الذي سيصب فـي مصلحة نفسه وأهله ووطنه. وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي من يشكل الوعي اليوم، فبيدنا أن نشكل وعينا البديل عنها، وأن نستعملها ببصيرة العارف لمساوئها ومحاسنها، فتكون سلاحا للإنسان لا سلاحا عليه، ويغدو عام البصيرة حياةً كاملة تحركها المعرفة ويوجهها المنطق السوي.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
2025-07-03hadeilسابق وزير الخارجية: أردنا إعادة دمشق إلى مكانتها كبوابة للشرق وتكللت جهودنا باستعادة سوريا مكانتها بين الدول وتحولت عودتنا إلى الساحات الدولية من أمنية مؤجلة إلى حقيقة قائمة انظر ايضاًوزير الخارجية: أردنا إعادة دمشق إلى مكانتها كبوابة للشرق وتكللت جهودنا باستعادة سوريا مكانتها بين الدول وتحولت عودتنا إلى الساحات الدولية من أمنية مؤجلة إلى حقيقة قائمة
آخر الأخبار 2025-07-03وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه 2025-07-03وزير الخارجية: أردنا إعادة دمشق إلى مكانتها كبوابة للشرق وتكللت جهودنا باستعادة سوريا مكانتها بين الدول وتحولت عودتنا إلى الساحات الدولية من أمنية مؤجلة إلى حقيقة قائمة 2025-07-03وزير الخارجية: عملنا على خطاب يظهر سوريا بوجهها الحقيقي، بعيداً عن الشعارات ويحفظ كرامة المواطن السوري 2025-07-03وزير الخارجية: التقينا الكثير من الرؤساء الذين أكدوا أنهم سيقدمون الدعم لشعبنا لإعادة بناء وطنهم، وحملنا في كل لقاء وجهاً جديداً لسوريا 2025-07-03وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني: خلال الأشهر الماضية لم تقبل الدبلوماسية السورية بالواقع المتهالك الذي ورثناه، وكانت في حركة دؤوبة لاستعادة حضور سوريا الدولي 2025-07-03وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين وتعبر عنهم 2025-07-03وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة لم تكن نتاج مؤسسة واحدة بل ثمرة عمل جماعي شارك فيه أبناء سوريا داخل الوطن وخارجه ممن اجتمعوا ليسهموا في بناء الدولة 2025-07-03وزير الإعلام: الهوية البصرية بكل عنصر فيها ثمرة مخاض عسير للشعب السوري، ثمرة تجسد تصور الدولة عن نفسها بوصفها دولة المواطنة والرعاية لا الامتياز 2025-07-03وزير الإعلام: استعاد السوريون بلادهم بعد عقود من التضحيات، ونعيد تقديم رمز الدولة تجسيداً للانتصار ولعقد سياسي جديد، نعلن فيه أن سوريا صارت فضاء سياسياً من الشعب وإليه 2025-07-03وزير الإعلام: في هذه اللحظة التاريخية نقف اليوم جميعاً على عتبة سردية جديدة في سوريا الجديدة، سردية لم تبن على الرموز وإبهار التصميم بل على إعادة رسم العلاقة بين المجتمع والدولة
صور من سورية منوعات فريق بحثي ياباني ينجح بإنشاء عضيات عظم الفك من الخلايا الجذعية 2025-07-03 دراسة حديثة: القيلولة الطويلة قد تزيد خطر الوفاة 2025-07-02
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |