أخيرًا، حلّ اليوم "الموعود"، بعد انتظار طويل مستمرّ منذ أواخر تشرين الأول 2022، تربّع فيها "فخامة الفراغ" على سدّة الرئاسة في لبنان، بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، لتعيش البلاد في "عهده" حالة من الشلل، سبّبها عدم الانتظام في المؤسسات الدستورية، على الرغم من الدور الجوهري الذي لعبته الحكومة للتعويض، على الرغم من أنها اصطدمت بالكثير من العقبات الدستورية والقانونية والسياسية.


 
لكنّ اليوم "الموعود" لم يأتِ إلا بعد متغيّرات "دراماتيكية" شهدتها البلاد، وأرخت بثقلها على الاستحقاق الرئاسي ككلّ، خصوصًا بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، التي شكّلت على ما يبدو "مفترق طرق"، بين تصلّب وتشدّد تمسّك بهما الفريقان المتخاصمان قبلها، وأدّيا إلى فرط نصاب كل جلسات الانتخاب، وتعثّر كل المبادرات الحوارية، وبين مرونة وليونة ظهرتا فجأة بعد الحرب، خصوصًا على مستوى موقف "حزب الله" من الاستحقاق.
 
لكنّ اليوم "الموعود" يأتي أيضًا في ظروف "غير مسبوقة" بالمُطلَق، يختصرها "الاستنفار الدولي" اللافت في الأيام الأخيرة، على ضوء الجولات المكوكية التي قام بها الموفدون الدوليون في بيروت، وقد تقاطروا من فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر، فما سرّ كلّ هذا "الزخم" حول الاستحقاق الرئاسي إن صحّ التعبير، وما حقيقة الانطباع عن "ضغوط دولية" مورست على مختلف الكتل النيابية من قبل الموفدين الدوليين؟!
 
استنفار تأخّر عن أوانه
 
كثيرة هي العوامل التي يمكن أن تفسّر "الزخم" المحيط بالاستحقاق الرئاسي، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ولعلّ أولها أنّ الاستحقاق تأخّر كثيرًا عن أوانه، في ضوء حالة الشلل التي تعيشها البلاد منذ أكثر من سنتين وشهرين، وهي حالة لا يمكن اعتبارها "طبيعية" في أيّ دولة تصنّف نفسها "دولة قانون ومؤسسات"، حتى لو أصبح الفراغ سمة ثابتة في السنوات الأخيرة، وكأنّه "عملية انتقالية" لا غنى عنها على الإطلاق، بين عهدين وولايتين.
 
وإذا كان هذا "الزخم" بدأ منذ وقت طويل، من خلال لجنة "الخماسية" المعنية بالشأن اللبناني، والتي تشكّلت من الدول الصديقة تحت عنوان مساعدة اللبنانيين على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، إلا أنّه بلغ ذروته في الأسابيع الأخيرة، على وقع التحوّلات "الدراماتيكية" التي شهدتها الساحة اللبنانية بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، والانطباع الذي أرسته بأنّ انتخاب الرئيس أكثر من ضروريّ من أجل ترتيب مرحلة ما بعد انتهاء هذه الحرب.
 
ولعلّ "المشهد" الذي كرّسته حركة الموفدين الدوليين في اليومين الماضيين، يعزّز هذا الانطباع بصورة أو بأخرى، علمًا أنّ هناك فرضية تنطوي على الكثير من الواقعية، تنطلق من أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي هو الجزء غير المُعلَن من اتفاق وقف إطلاق النار، علمًا أنّ حضور المبعوثين الأميركي آموس هوكستين والفرنسي جان إيف لودريان، الضامنَين لهذا الاتفاق، على خط المشاورات السياسية والرئاسية، يحمل بحدّ ذاته الكثير من الدلالات.
 
بين المساعدة والتدخل
 
على الرغم من ذلك، انقسمت الآراء حول حركة الموفدين العرب والدوليين المكوكية في الأيام الأخيرة، فهناك من رأى فيها "ضغطًا إيجابيًا" من أجل حثّ اللبنانيين على إنجاز الاستحقاق، وعدم تأجيله مرّة أخرى، ولكن هناك من رأى فيها في المقابل، "تدخّلاً فاقعًا" في استحقاق داخلي، وصولاً لحد محاولة فرض أسماء محدّدة على الكتل النيابية، تحت طائلة العقوبات، وهناك من سأل أيضًا عن مفهوم "السيادة" وسط هذه المشهديّة.
 
الثابت بحسب ما يقول العارفون، أنّه بمعزل عن التقييم الفعليّ لحركة الموفدين، والدور الذي لعبه هؤلاء على خطّ انتخاب الرئيس، فإنّ الثابت أنّها جاءت لتثبّت "عجزًا" مارسته الطبقة السياسية اللبنانية على امتداد العامين الماضيين، حتى إنّ القوى السياسية الداخلية لم تتجاوب مع مبادرات الخارج للحوار والتشاور، وكأنّهم كانوا ينتظرون "كلمة سرّ"، ولا يكتفون بالشعارات العامة، أو الحديث عن "مواصفات" من دون الغوص في الأسماء.
 
أكثر من ذلك، يلفت العارفون إلى أنّ القوى السياسية الداخلية بقيت بصورة أو بأخرى على "عجزها" حتى بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وحتى بعد تحديد رئيس مجلس النواب لموعد جلسة الانتخاب، بل حتى قبل ساعات من هذه الجلسة، ارتأى فيها الأفرقاء أن يواصلوا لعبة تقاذف الكرة وتبادل الاتهامات، بدليل السجالات التي كانت قائمة، قبل وصول الموفدين الذين نجحوا بصورة أو بأخرى في "تصويب البوصلة"، إن صحّ التعبير.
 
قد يقول قائل إنّ حركة الموفدين الدوليين على هامش جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، تثير الجدل حول دور الخارج في استحقاق انتخابي داخليّ، وقد يذهب البعض أبعد من ذلك، ليسأل عن السيادة في استحقاق الرئاسة. لكنّ الأكيد، أنه حتى لو صحّت هذه الفرضيّة، فإنّ اللبنانيين هم من يُلامون، لأنهم من استدرجوا هذا الخارج، عندما أعلنوا عن عجزهم مرّة أخرى، وعن حاجتهم لمن يرشدهم إلى طريق التوافق والتفاهم، وهنا بيت القصيد!
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الاستحقاق الرئاسی بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

أصيب برصاصتين بالرأس.. نجاح "جراحة" المرشح الرئاسي الكولومبي

خضع المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي تورباي، الذي تعرض لإطلاق نار السبت في بوغوتا، لعملية جراحية ناجحة بعدما نقل إلى المستشفى في حالة حرجة، وفق ما أعلن رئيس بلدية المدينة الأحد.

وقال رئيس بلدية بوغوتا كارلوس فرناندو غالان لوسائل إعلام إن أوريبي الذي تعرض لإطلاق نار أثناء مناسبة عامة على يد مشتبه به يبلغ 15 عاما "تجاوز أول تدخل جراحي".

وكانت الحكومة الكولومبية وحزب السناتور أوريبي، البالغ من العمر 39 عاما، أعلنا في وقت سابق أنه تعرض لإطلاق النار أمس السبت في العاصمة بوغوتا، فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أنه في "حالة خطيرة" في المستشفى.

وينتمي أوريبي إلى حزب الوسط الديمقراطي المحافظ المعارض الذي أسسه الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي، دون وجود صلة قرابة بينهما.

وندد الحزب بالهجوم في بيان موضحا أن السناتور كان يستضيف مؤتمرا انتخابيا في متنزه عام في حي فونتيبون بالعاصمة أمس السبت عندما "أطلق مسلحون النار عليه في ظهره".

ووصف الحزب الهجوم بأنه خطير لكنه لم يفصح عن مزيد من التفاصيل حول حالته الصحية.

وأصدرت الرئاسة الكولومبية بيانا قالت فيه إن الحكومة ترفض "بشكل قاطع" هذا الهجوم العنيف، ودعت إلى إجراء تحقيق شامل في الأحداث التي وقعت.

وقال وزير الدفاع الكولومبي إنه تم إلقاء القبض على مشتبه به في حادث إطلاق النار، مضيفا أن التحقيقات جارية لمعرفة إذا كان هناك المزيد من الضالعين في الحادث.

وأظهر مقطع فيديو نشر على منصات التواصل الاجتماعي أوريبي، وهو عضو في مجلس الشيوخ من المعارضة اليمينية، أثناء إلقائه خطابا خلال مناسبة انتخابية غربي العاصمة، عند سماع صوت طلقات نارية بشكل مفاجئ.

وفي لقطة أخرى، يظهر أوريبي مضرجا بالدماء وهو ملقى على مقدمة سيارة، قبل أن تحمله مجموعة من الاشخاص إلى داخل إحدى السيارات المارة.

ونددت حكومة الرئيس اليساري غوستافو بيترو "بقوة" بالهجوم على أوريبي.

وقال بيان صادر عن الرئاسة: "هذا العمل العنيف ليس فقط هجوما على شخصه، بل أيضا على الديمقراطية وحرية الفكر والممارسة الشرعية للسياسة في كولومبيا".

وأعلن أوريبي في أكتوبر الماضي أنه يطمح لأن يتم انتخابه رئيسا في عام 2026، خلفا لبيترو الذي يعارضه بشدة.

مقالات مشابهة

  • فرنسا: تعهدات غير مسبوقة من عباس بتجريد حماس من سلاحها
  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • الصبيحي: الرئاسي أصبح جزء من الأزمة ولا بد من مسار تأسيسي جديد
  • أصيب برصاصتين بالرأس.. نجاح "جراحة" المرشح الرئاسي الكولومبي
  • ترامب يكافئ داعميه بالعفو الرئاسي
  • النساء على الخطوط الأمامية.. كيف قلبت الحرب الأخيرة موازين القوى في الجيش الإسرائيلي؟
  • محاولة اغتيال المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي
  • الساحل الشمالي المصري مولّع : أسعار الإقامة تقفز إلى مستويات غير مسبوقة
  • عقيلة صالح: إنجازات صندوق إعادة إعمار ليبيا غير مسبوقة  
  • الربيعة: منظومة الحج ارتقت لمستويات غير مسبوقة