يمانيون../
في خضم اختلاط مشاعر الإحباط وتصادمها لدى محور الشر وأنصارهم، تتزايد التكهنات بأشكال السيناريوهات المتوقعة لاختراق هذه المناعة اليمنية الاستثنائية، من أجل إنهاء روح المقاومة لدى الشعوب الحرة، بعض هذه السيناريوهات يبدو فيها التسريب المتعمد واضحا، بقصد زعزعة نفسية الداخل اليمني، وهز ثقته بقيادته وجيشه، وحتى دفعه لاتخاذ قرار بالنأي عن اعتمالات الصراع والذهاب إلى ما يحقق له وضعا معيشيا مستقرا بعيدا عن الأزمات وكفى.

ومثل هذه المنهجية ليست بالغريبة وتعمل بها أمريكا كثيرا في المجتمعات المستهدفة، بحيث يجري خلخلة الروح المعنوية لدى المجتمع بأكثر من شكل وأسلوب، وصولا إلى فصله عن النظام، مع الإبقاء على لحظة الانهيار إلى ساعة الصفر، وتحددها أمريكا وفق ما يتوافق وجاهزيتها لإدارة البلد ومصادرة قراره، وتأمين مصادر الثروة تمهيدا لنهبها، والمواقع الاستراتيجية.

مثل هذا المشهد رأيناه مؤخرا في سوريا، التي صدم السقوط السريع للنظام فيها كل العالم. وكما في سوريا، يراد لهذا السيناريو أن يتحقق في العراق وفي الأردن، والأولوية اليوم لليمن، وعلى قاعدة تنفيذ هجمات عسكرية من الخارج وخلق الصراع والفوضى من الداخل، إلا أن الاشتغال على هذا السيناريو يكشف استمرار حالة الغباء السياسي المزمنة التي تتلبّس الإدارة الأمريكية أيا كان شكلها أو منبعها، فجميعها تعمل بموجهات مخططات المجلس الصهيوني الذي يدير الولايات من وراء الستار.

اليمن، تَبين أنه حالة استثنائية وحالة نادرة، فإرادته متكاملة بين الشعب والقيادة، وفكره يقوم على ثوابت من الصعب القفز عليها، فالمنطلقات الدينية والأخلاقية جزء أصيل من تركيبة الإنسان اليمني، كما أن هناك خاصية أخرى يتميز بها اليمني، وهي استشعار المسؤولية الناتج بطبيعة الحال عن الالتزام الديني والأخلاقي، على أنه في الحالة اليمنية ليس حبيس الكسل والتقاعس، أو مراعاة المصالح الخاصة، أو المخاوف من عصا العقاب. إنها واضحة وضوح الشمس تترجمها وتعكسها الأفعال على ساحة الممارسة والتفاعل مع قضايا الأمة.

عدم إدراك واشنطن ولندن وما تسمى “تل ابيب” لهذه الحقائق، تجعل من أساليبهم في الحرب النفسية أو في تحديد سيناريوهات إسقاط الدولة حسب توهماتهم، في مهب الريح، لأنها ستصطدم بدروع بشرية أقل ما يخشونه هو الموت، فضلا عن كونهم مشبعين بثقافة البذل لغايات نبيلة، لله ولإحياء الناس جميعا، ولجم مطامع الأعداء.

الخيارات مفتوحة والسقف عال

في مقابل ما يتم الترويج له أو تسريبه من مشاهد متخيلة في ذهنية قادة التخطيط الصهاينة والأمريكان، تكشف الشواهد اليمنية عن التعاطي الهامشي مع مثل هذه الطروحات إلا من باب قراءتها وتحليها من أجل معرفة كيف يفكر العدو، ومن هو العدو الذي أمامنا.

اليمن، وقبل الحديث عن العودة إلى تصعيد العدوان ضده حماية للكيان الصهيوني، قالها مبكرا: مبدأنا ثابت، وخياراتنا مفتوحة، وليس هناك خطوط حمراء أمامنا، وأي فعل يمكن أن يسبب وجعا للكيان الصهيوني أو الأمريكي فإنه سيلقى الاهتمام.

الأسبوع الماضي قرأ عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، رسالة دول العدوان بالتصعيد بفهم عال، فأعاد لهم رسالة اليمن بقيادته وشعبه وقواته المسلحة، وقال “اليوم يبدو أن لدى دول العدوان رسالة بالتصعيد، بقراءة خاطئة، معتمدين على ذبابهم ونشوة ذهابهم إلى دمشق”. وقال “أي محاولة أخرى للمزيد من المؤامرات ضد بلدنا فإن خيارات شعبنا وقواته الباسلة وقبائله الأعزاء ومواطنيه الأحرار مفتوحة وستكون الأهداف وسقفها فوق المتوقع في كل الميادين بإذن الله”، ولفت إلى أن الشعب اليمني كان بقواته، “أقل مما هو عليه الآن، بفضل الله، من الخِبرة والاستعداد والإعداد لمواجهة أي تصعيد يهدف لإشغاله عن القضية الفلسطينية الأولى”.

الفشل برؤية علمية

وبالحديث الدارج، أو بالنقاش البسيط أو بالتحليل العلمي تبدو محاولات إخضاع اليمن مسألة مستحيلة، فبلد تلتفّ كل مكونات منظومته السياسية والعسكرية والاجتماعية حول هدف واحد، وبقناعة واحدة، مسألة من الصعب اختراقها أو التأثير عليها، كما من الصعب تمرير أي أهداف لا تجد لها حاضنة تتبناها وتعمل على رعايتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، علو مستوى العقيدة القتالية لدى المقاتل اليمني والتي ظهرت عيانا للعالم خلال السنوات العشر الماضية، يُعد سندا لا يمكن كسره، ومن جهة ثالثة، اليمن متحرر من أي اعتبارات سياسية، ولا تدفعه مطامع أو مكاسب، إيمانه بالله مطلق، وأومر الله هي أساس منهجه في التعاطي مع قضايا الأمه.

وشواهد معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” تؤكد على ذلك، فخلال (15) شهرا لم يأبه اليمن لتلويحات وتلميحات وتهديدات أمريكا والكيان الصهيوني لوقف عملياته الإسنادية، فأطلقت قواته المسلحة أكثر من 1100 صاروخ وطائرة مسيّرة ضد العدو الصهيوني، واستهدفت ما لا يقل عن 211 سفينة مرتبطة بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا. كما دمرت -خلال هذه الفترة- 14 طائرة أمريكية بدون طيار من طراز MQ9 ومقاتلة من طراز F18. هذا فضلا عن ملايين المغتصبين دفعتهم الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية للسهر وللفرار فجرا إلى الملاجئ.

زعزعة ثقة العدو

أضف إلى ما سبق، الحِرفية ومهنية التكتيكات العسكرية التي شهد لها العدو قبل الصديق، وفي واحدة من هذه التكتيكات التي بدأ المحللون ينصحون بتحليلها وجعلها ضمن مناهج العلوم العسكرية، نجاح اليمن في زعزعة ثقة العدو بقدراته وإمكانياته، رغم ما يتميز به من تفوق في التقنية ومجال التسلُّح، فاليمن الذي ظل في ذهنية قوى الاستكبار حتى وقت قريب دولة ضعيفة تتنازعها الخلافات وتنهكها الصراعات، أظهر حالة نادرة من التماسك، كما نجح بأريحية بالوصول إلى عمق العدو الصهيوني وفضح كذبة نظرية الردع، وحطم كبرياء أمريكا في عرض البحر على مرأى ومسمع من العالم، وجعلها تجر أذيال حاملات الطائرات التي كانت يوما ورقة رابحة لإرهاب شعوب المنطقة.

هذه المعطيات مجتمعة وأخرى، جعلت قيادات عسكرية ونخبا سياسية وفكرية أمريكية وإسرائيلية، تقف طويلا للتأمل وإجراء مقاربات، طمعا في استخلاص حقيقة تبعث السكينة إلى أنفسهم بإمكانية تحقيق هدف إسكات أزيز السلاح اليمني، وهو يجوب الفضاءات الواسعة وصولا لهدفه المعادي، إلا أن الجهد الفكري والتحليلي دائما ما يصل إلى حقيقة غير مرغوب فيها، بأن اليمن بخصائصه ثم بعملياته العسكرية النوعية والاستراتيجية، لا تشجع على تكوين أي تصور بأن الانتصار عليه يمكن أن يكون سهلا. نعم سيكون بمقدور أمريكا أو الكيان استهداف الأعيان المدنية كالعادة، إلا أن ذلك لن يقترب به من أي هدف، فضلا عن كونه تعبيرا واضحا عن الشعور بالعجز والف

الأثر العكسي للتصعيد الأمريكي

أيا كان السيناريو، فإن تجربة العدوان خلال السنوات الماضية لا شك بأنها قد زرعت ورسخت فكرة لدى الأمريكان بأن مآلات استخدام العنف مع اليمن هي الفشل، وأنه كلما زاد هذا العنف زادت همة اليمنيين لامتلاك أدوات الانتصار، وربما هذه المرة ستكون فاتورة دول العدوان باهظة، وسيدفعونها من مصالحهم ومن تواجدهم إجمالا في المنطقة، فضلا عن كون ذلك سيرسخ المعادلات الجديدة بصيغتها اليمنية، وسيدخل العالم مع اليمن حقبة جديدة لا يكون فيها للأمريكان تأثير، فيما سينزوي الكيان الصهيوني في انتظار لحظات اتخاذ القرار الحاسم والنهائي لإجراء مجارحة البتر التي لن تُبقي له أثرا في الجسد العربي والإسلامي.

موقع أنصار الله وديع العبسي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فضلا عن

إقرأ أيضاً:

الدور الإماراتي في احتلال الجزر اليمنية وتحويلها إلى مناطق نفوذ مشترك مع كيان العدو الصهيوني .. ميون وسقطرى نموذجًا

يمانيون / تقرير خاص

منذ بدأ عدوان التحالف على  اليمن في العام 2015، برزت دويلة الإمارات  كلاعب رئيسي في تحالف العدوان ، بدعوى دعم الشرعية المزعومة . ومع مرور الوقت، تكشفت نواياها الحقيقية لمشاركتها في هذا العدوان من خلال تعزيز نفوذها العسكري والجيوسياسي في مناطق استراتيجية، خاصة في الجزر اليمنية. جزيرتا ميون وسقطرى تمثلان أبرز الأمثلة على هذا التوسع، حيث تسعى الإمارات بتحويلهما إلى قواعد عسكرية ونقاط ارتكاز للتعاون مع إسرائيل، في انتهاك صارخ للسيادة اليمنية وأمنها القومي.

جزيرة ميون قاعدة عسكرية في قلب باب المندب
جزيرة ميون، الواقعة في مدخل مضيق باب المندب، تُعد من أهم المواقع الاستراتيجية في العالم. منذ عام 2017، بدأت الإمارات في بناء قاعدة عسكرية في الجزيرة، حيث تم إنشاء مدرج للطائرات وتشييد منشآت عسكرية. وقد أكدت مصادر استخباراتية إسرائيلية أن هذه القاعدة تهدف إلى مراقبة حركة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتُستخدم كنقطة انطلاق لقواتها في المنطقة .

في عام 2021، أفاد موقع “ديبكا” الصهيوني أن الإمارات طلبت من الحكومة اليمنية تأجير الجزيرة لمدة 20 عامًا، إلا أن الطلب رُفض، مما دفع الإمارات للعودة إلى الجزيرة وبناء القاعدة دون موافقة السلطات اليمنية.

 تحويل سقطرى من محمية طبيعية إلى قاعدة أمنية
جزيرة سقطرى، المصنفة كمحمية طبيعية عالمية، شهدت تدخلًا إماراتيًا منذ عام 2018. حيث تم إنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة، ومحاولات مكثفة ومتكررة لتغيير ديموغرافي في المنطقة، فضلًا عن تسهيل وجود عناصر صهيونية تحت غطاء تقني واستخباراتي، تمهيدًا لشراكة أوسع تتجاوز التطبيع العلني إلى تحالف ميداني فعلي.

خلفية التعاون الإماراتي مع العدو الصهيوني 
منذ توقيع اتفاقيات التطبيع (اتفاقات أبراهام) في 2020، توسعت العلاقات بين الإمارات وكيان العدو بشكل غير مسبوق، شملت مجالات الأمن، التكنولوجيا، الطاقة، والاتصالات. هذا التعاون امتد ليشمل الأبعاد العسكرية والاستراتيجية، مع وجود دلائل على تنسيق في البحر الأحمر وخليج عدن، بما في ذلك بناء منشآت مراقبة وتجسس على الجزر اليمنية، بحسب تقارير من موقع “ميدل إيست آي” ومصادر صهيونية استخباراتية.

تحذير يمني صارم 
القوات المسلحة اليمنية منذ وقت مبكر حذرت الامارات من تلك التحركات واعتبرتها جزء من مؤامرة إقليمية لتقسيم اليمن وإخضاعه لنفوذ تحالف صهيوني-خليجي. وفي عدة تصريحات، حذرت القيادة اليمنية من أن الإمارات لن تكون في مأمن من الردع اليمني إذا استمرت في دورها التخريبي في الجزر اليمنية، وفي شراكتها مع العدو الصهيوني.
وقال المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن “الإمارات تلعب بالنار في البحر الأحمر، وأي مشاركة مباشرة أو غير مباشرة في خدمة الكيان الصهيوني ستقابل برد قاسٍ”. كما أكدت القوات المسلحة أن الجزر اليمنية هي خطوط حمراء، وأي محاولات لتحويلها إلى قواعد للعدو ستُقابل بما تستحقه من الرد الحازم.

خاتمة
الدور الإماراتي في الجزر اليمنية  يعد تحركاً خطيراً في إطار نفيذ مشروع خبيث يسعى إلى تثبيت موطئ قدم استراتيجي للإمارات مع العدو الإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر. مع استمرار هذا النهج، ورفض أي حلول سياسية تحترم سيادة اليمن، فإن المنطقة مقبلة على مزيد من التصعيد، وقد تكون الإمارات في صدارة من سيدفعون ثمن هذا التصعيد إذا تجاهلت تحذيرات الردع اليمني واستمرت في التحالف مع العدو الصهيوني على الأرض اليمنية.

مقالات مشابهة

  • أبناء الجوف يحتشدون في 49 ساحة في مسيرات “لا أمن للكيان .. وغزة والأقصى تحت العدوان”
  • الدور الإماراتي في احتلال الجزر اليمنية وتحويلها إلى مناطق نفوذ مشترك مع كيان العدو الصهيوني .. ميون وسقطرى نموذجًا
  • “الأحرار الفلسطينية”: الاستهداف الصهيوني لمستشفى العودة جريمة حرب غير مسبوقة
  • العدو الصهيوني يصدر “أوامر إخلاء” جديدة للمواطنين في غزة والشمال
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة 54,249 شهيدا 123,492 مصابا
  • الخارجية الإيرانية تدين بشدة العدوان الصهيوني على اليمن
  • “عين الإنسانية” يدين جريمة استهداف مطار صنعاء وتدمير الطائرة الأخيرة لـ “اليمنية”
  • منظمة “إنسان” تدين استمرار العدوان الصهيوني في استهداف مطار صنعاء
  • حزب الله: نعبر عن اعتزازنا الكبير بالمواقف الشجاعة والحكيمة للقيادة اليمنية ونؤكد تضامننا الكامل ‏مع الشعب اليمني
  • الخطوط الجوية اليمنية تدين استهداف العدو الصهيوني طائرة مدنية تابعة لها بمطار صنعاء