يمانيون:
2025-08-03@02:35:41 GMT

التحيُّز وازدواجية المعايير في المواقف السياسية

تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT

التحيُّز وازدواجية المعايير في المواقف السياسية

طاهر محمد الجنيد

كثير إن لم يكن معظم القرارات السياسية ترجع إلى اعتبارات المصالح لا المبادئ والأخلاق والقيم، ففي السياسة يصح ويجوز ما لا يجوز المهم أن يحقق السياسيون أهدافهم مهما كانت، لأنهم يطرحون برامجهم للجمهور ليحققوا لهم ما قد يعجز عنه الخصم المنافس .

الانتخابات تسمى اللعبة السياسية وكل لاعب يفوز يسلم له الجميع بأحقية برنامجه بقيادة بلاده، تلك المعايير التي تحتكم إليها دول العالم أصبحت مسلمات راسخة لا يمكن الخروج عنها أو تجاوزها، ولأن الفوضى هي البديل، لكن ليس معنى ذلك أنها لا تخلو من العيوب، فهناك الديمقراطية الممنوعة وهناك الديمقراطية المزيفة وهناك الديمقراطية الحقيقية .

النظام الدولي هو من يحدد نوع الديمقراطية التي تمارسها كل دولة وفقا لمصالحه، لكنه في بعض الأحيان قد يمارس الفرض والإجبار على دول بعينها، باعتبار انه الوصي على الحرية والديمقراطية خاصة إذا تعلق الأمر بالدول النامية ودول العالمين العربي والإسلامي التي قنن لها الديكتاتورية والاستبداد كخيار وحيد واستثناء الديمقراطية التي لا تخرج عن سياساته وتحقيق أهدافه .

الديمقراطية وحقوق الإنسان هما شماعة التدخل في الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء وهي شعارات زائفة وخداعة في كثير من الأحيان، فمثلا أوكرانيا دولة متطورة ومن دول العالم المتقدمة، لكن باستطاعة روسيا التأثير على الانتخابات فيها لصالح من يحمي مصالح روسيا، كما حدث حينما فاز الرئيس الموالي لموسكو وهو ما لم يعجب أوروبا وأمريكا، ليتم دعم رئيس جديد يتولى السلطة يدين لأوروبا وأمريكا، مما أدى إلى تحول المواجهات إلى حرب بين الغرب –أمريكا وأوروبا من جهة- وروسيا والمتحالفين معها من جهة أخرى .

الديمقراطية وحقوق الإنسان التي لا تحقق مصالح وأهداف الاستعمار والاستعباد ليست ديمقراطية، لأن من شروطها أن يرضى عنها ولا بد من الحصول على المصالح إما بالديمقراطية أو بالحسم العسكري كخيار أكيد معد على أساس ذلك.

الديكتاتورية والأنظمة الاستبدادية التي تؤمن مصالح الاستعمار بوجهه الحديث لا يمكن المساس بها أو السماح بإسقاطها إلا إذا انعدمت الجدوى منها ومن ضمنها الأنظمة العربية والإسلامية؛ وإذا أتت الديمقراطية بمن لا يؤمن مصالح الاستعمار ويحقق أهدافه فإنه سرعان ما يتم القضاء على تلك الأنظمة واستبدالها .

في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، كيان الاحتلال اشترط إجراء الانتخابات وكان يفضل نتيجتها المعتادة في الديمقراطيات العربية، لكن فوز حماس في قطاع غزة قلب المعادلة أمام الرأي العام المحلي والعربي والعالمي وهنا بدأت حلقات المؤامرة على غزة من الداخل والخارج، فتم فرض الحصار وإباحة غزة للاحتلال بالتعاون مع السلطة .

رئيس وزراء بريطانيا يقول: «يجب تدمير غزة حتى لا تشكل نموذجاً للنظام الإسلامي، لأن ذلك سيؤدي إلى نجاح التجربة الإسلامية؛ وان مشكلة الغرب ليست مع العرب والمسلمين وإنما مع الإسلام ذاته ومع نبي الإسلام؛ وانه يجب دعم إسرائيل مهما كان حجم الإجرام الذي تقوم به والاستفادة من دعم الأنظمة العربية التي صنعها الغرب وتدين بالولاء للاستعمار وجودا وعدما»

في أوكرانيا دولة متقدمة متطورة يدعمها الغرب بكل أنواع الدعم في مواجهة روسيا وفي غزة حركة جهادية محاصرة تعتمد على ذاتها، يحاصرها صهاينة العرب والغرب، تناضل من أجل الحرية والاستقلال، لكنها تواجه الحلف الصهيوني الصليبي ويراد القضاء عليها وإبادتها.. رئيس البعثة الطبية النرويجية إلى غزة –مادس غليبرت- لاحظ التمييز والتحيز الذي يمارسه الإجرام الصهيوني، فقال:(هناك ازدواجية معايير في الغرب تجاه غزة بالمقارنة مع أوكرانيا التي تتلقى دعما ماليا وعسكريا وسياسيا، وهذا يكشف تغلغلاً عميقاً للتمييز العنصري في الحكومات الغربية التي لا تعتبر قيمة حياة الفلسطيني بنفس قيمة حياة اليهودي أو ذوي البشرة البيضاء، ولو حصل استهداف للفرق الطبية اليهودية كما يحصل للفلسطينية، لقامت قيامة العالم)، تصريح جريء من رجل آلمه الوضع، فنطق بكلمة حق، لكن الاستعمار هو من أنشأ الكيان المحتل وسلمه الأرض الفلسطينية وهو الذي يمده بكل احتياجاته ويعمل معه على إبادة الشعب الفلسطيني وفقا لمقولتهم “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

رغم مرور أكثر من أربعمائة وخمسين يوما، فلازالت الأنظمة والحكومات الاستعمارية القديمة والحديثة وصهاينة العرب يدعمون الكيان المحتل لإكمال ارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، غزة بمساحتها المحدودة دمرت حتى 10 % منها لا تعد مناطق إنسانية رغم أن الإجرام الصهيوني قال إنه جعلها مناطق للعمل الإنساني لأكثر منطقة في العالم اكتظاظا بالسكان وازدحاما.

عائلات بأكملها تمت إبادتها ولم يبق منها شيء، في السجلات المدنية (1413) أسرة سقط من أفرادها (5455) شهيدا، وعائلات لم يتبق منها غير فرد واحد وعددها(3467) سقط من أفرادها (7941) شهيدا وبلغ عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات (45524)شهيدا بخلاف الذين لازالوا تحت الأنقاض أو لم يصلوا إلى المستشفيات التي دمرت وأحرقت، أما الجرحى فوصل عددهم إلى ما يزيد عن (108189) ومازال هناك (11200) مفقود .

بلغت نسبة الشهداء من الأطفال (17818) شهيدا ومن النساء (12287) شهيدة بما يعادل 70 % من الشهداء والبقية من العجزة والشيوخ ولم يتحرك أحد لنجدتهم أو إغاثتهم.

كما استشهد (1068) من الأطباء والطواقم الطبية ودمرت المستشفيات وأحرقت ووصل الإجرام اليهودي إلى قتل وإبادة شرطة تأمين المساعدات التي استشهد منها (728) ولم تسلم مراكز إيواء اللاجئين التي تشرف عليها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وغيرها، حيث تم استهداف (216) مركزا لإيواء اللاجئين.

غزة تقاتل وحدها وتواجه إجراما لا مثيل له من قبل تحالف صهاينة العرب والغرب، ووصل الأمر أن تتم الاستعانة بالقتلة والمرتزقة من كل أنحاء العالم، ففرنسا أرسلت أكثر من (4000) للقتال مع اليهود وأرسلت كل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا ما لا يقل عن ثلاثة آلاف، والهند وإيطاليا وإثيوبيا وجنوب السودان ما لا يقل عن ألفي مقاتل، وبولندا وأوكرانيا والسلفادور وهندوراس أرسلت ما لا يقل عن ألف وخمسمائة مرتزق، والأرجنتين والمغرب وكندا والإمارات وشمال العراق “الأكراد” والأردن ومصر ما لا يقل عن خمسمائة مرتزق، وهذه الأرقام منقولة عن وزارة الحرب اليهودية، تدل على تكاتف الإجرام ضد بقعة صغيرة من العالم وهي غزة التي تجمد أطفالها من البرد واكلت الكلاب لحوم الشهداء، لأنهم لم يجدوا من يدفنهم .

فتحت الدول الأوروبية والغربية حدودها لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين النازحين من الحرب، وفي غزة تم حصارها ومنع كل الإمدادات الطبية والإنسانية وتم تزويد الكيان المحتل بأحدث وأفتك القنابل والصواريخ المحرمة دوليا.. فماذا فعلت غزة وما ذنبها؟.

الإمدادات العسكرية والاقتصادية والسياسية تذهب للكيان الإجرامي من كل مكان لارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وسيتكفل صهاينة العرب بسداد فاتورة الحرب من ثروات الأمة العربية من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية، لأنهم يرونها تشكل خطرا عليهم .

سخَّروا أحدث الوسائل واستخدموا كل الإمكانيات، يريدون تحطيم المقاومة ومحور المقاومة في غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران وقبل ذلك دمروا العراق وأفغانستان ولازال المخطط ينفذ في السودان وليبيا والقائمة طويلة، لأن إقامة إسرائيل الكبرى لن تتحقق إلا بتدمير الدول العربية والإسلامية عسكريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وأخلاقيا.

غزة تباد وتدمر واليمن وسوريا ولبنان وإيران، ومع ذلك فقرارات الأمم المتحدة جعلت اليمن تحت البند السابع ووصاية وكلاء الصهاينة من صهاينة العرب، وأباحت لهم تدمير كل مقدراته ومكتسباته ومثل ذلك سوريا وقبل ذلك العراق، أما الكيان المحتل فرغم الإدانات والقرارات الصادرة ضده إلا أنه لم ينفذ منها أي قرار، لأن من يفرض القرارات ومن ينفذها عصابة إجرامية تتحكم في مصير العالم .

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الکیان المحتل صهاینة العرب ما لا یقل عن

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يفشل في تبرير حربه على غزة أمام العالم.. رواية تل أبيب تنهار

في قلب الحرب على غزة، لا تزال هشاشة جهاز الدعاية الرسمي للاحتلال الإسرائيلي، المعروف بـ"الهاسبارا"، تتكشف بشكل متزايد، إذ  يتعرّض اليوم لانتقادات حادة داخلية وخارجية، بعد أن فشل في بناء سرد واضح ومتماسك، رغم ميزانيات ضخمة واحتراف مواقع وعلاقات عامة.

ونشر مؤخرًا تقرير عبر موقع "واللا" العبري، وصف الواقع الإعلامي بأنه فشل متكرر ومقصود، لأن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تعد تسعى لتبرير موقفها أخلاقيا، بل صار يقال فقط إنها "لم تقصد السيء"، وفي اللحظة التي يلتزم فيها مسؤولون بالإجابات الواقعية، يقف آخرون صامتين، تاركين الجمهور يملأ الفراغ بروايات بديلة.

وأضاف التقرير أنه خلال الأسبوع الماضي، أعاد الإعلام العبري بث مقابلة قيادية مع وزير الثقافة، عميحاي إلياهو، عبر قناة بريطانية شهيرة، بدا فيها الوزير مرتبكا ومترددا في الإجابة عن أسئلة بسيطة مثل: "ما الذي تفعلونه في غزة؟" و"لماذا يبدو كل شيء بهذا السوء؟"، في مشهد قيل إنه: "يشبه طالبا كاذبا أمام معلم عربي".


واعتبرت تصريحات إلياهو تصعيدا تحريضيا مثل قوله إنّ "كل غزة ستكون يهودية"، وإنه "لا يجب أن يهتم أحد بجوع سكان غزة"، حيث باتت تُترجم أثناء دقائق، فتنتشر في الإنترنت وتُستخدم كأدلة رسمية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي لدى المنظمات الدولية.

إلى ذلك، طالت الانتقادات وزيرة الإعلام السابقة، غاليت ديستيل، التي استقالت بعد أيام من اندلاع الحرب، تقول إنها كانت دون سلطة كافية ولا ميزانية، ولم تستطع مواجهة خطاب التصعيد، ثم في مقابلة اعتذرت عن التحريض لكنها صوّتت لاحقًا لصالح الحكومة نفسها.

وكشف الموقع أن هناك محاولة مضنية لرد المعارك الرقمية، حيث قال خبراء مثل مايكل أورين وأستاذات العلاقات، إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تعتمد رسائل معقدة لا تؤثر في العالم المنشغل بالمشاعر، وأدركت أن المعركة الإعلامية الجديدة هي في الأساس "حرب غير تقليدية للرأي العام"، لكن بدون قيادة واضحة أو أدوات فعالة.

كما كشفت خروقات بالغة في ممارسة الهاسبارا الرقمية، مثل روبوتات دعائية تعمل آليًا ثم تصدر محتوى مناهضًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه، وهو ما أبرز فشل الأدوات في السيطرة على السرد الإعلامي. 


واختتم التقرير بالقول إنّ: "الإعلام الرسمي الإسرائيلي لم يعد قادرا على احتواء المشهد، خاصة عندما يتصادم إفراط التصريحات مع غياب استراتيجية متماسكة، ومع تضخيم الميديا الغربية لقضايا إنسانية".

في ظل هذا التآكل المستمر للثقة، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة، فقد بات فشل الهاسبارا ليس مجرد تهديد سياسي، بل جزءًا من أزمة شرعية كبيرة تواجهها دولة الاحتلال الإسرائيلي في ساحات العدالة الدولية والرأي العام العالمي.

مقالات مشابهة

  • دكاكين الجامعات تواجه الفضيحة.. التشريع يطارد الشهادات المزوّرة ويرفع سيف المعايير
  • أسبوع مصيري| خلافات في إسرائيل بين القيادة السياسية والعسكرية.. ما القصة؟
  • إعلام إسرائيلي: العالم يتكتل ضدنا بعد أن اتحد لدعمنا في 7 أكتوبر
  • مسؤولون أمريكيون: ترامب يتصور نتنياهو يتعمد إطالة أمد الحرب لمصالحه السياسية
  • مسؤولون أمريكيون: ترامب يتهم نتنياهو بإطالة أمد الحرب لمصالحه السياسية
  • بنسي نفسي معاهم .. أبو العينين يتحدث لأول مرة عن حفيديه منصور وتيمور
  • ويتكوف يصل تل أبيب..وعيون العالم على وقف العدوان
  • الاحتلال يفشل في تبرير حربه على غزة أمام العالم.. رواية تل أبيب تنهار
  • “الديمقراطية” تدين المجزرة الصهيونية البشعة في منطقة السودانية
  • غزة.. الاختبار الأصعب لإنسانية العالم ومبادئ العرب والمسلمين