يمانيون:
2025-06-01@13:18:50 GMT

التحيُّز وازدواجية المعايير في المواقف السياسية

تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT

التحيُّز وازدواجية المعايير في المواقف السياسية

طاهر محمد الجنيد

كثير إن لم يكن معظم القرارات السياسية ترجع إلى اعتبارات المصالح لا المبادئ والأخلاق والقيم، ففي السياسة يصح ويجوز ما لا يجوز المهم أن يحقق السياسيون أهدافهم مهما كانت، لأنهم يطرحون برامجهم للجمهور ليحققوا لهم ما قد يعجز عنه الخصم المنافس .

الانتخابات تسمى اللعبة السياسية وكل لاعب يفوز يسلم له الجميع بأحقية برنامجه بقيادة بلاده، تلك المعايير التي تحتكم إليها دول العالم أصبحت مسلمات راسخة لا يمكن الخروج عنها أو تجاوزها، ولأن الفوضى هي البديل، لكن ليس معنى ذلك أنها لا تخلو من العيوب، فهناك الديمقراطية الممنوعة وهناك الديمقراطية المزيفة وهناك الديمقراطية الحقيقية .

النظام الدولي هو من يحدد نوع الديمقراطية التي تمارسها كل دولة وفقا لمصالحه، لكنه في بعض الأحيان قد يمارس الفرض والإجبار على دول بعينها، باعتبار انه الوصي على الحرية والديمقراطية خاصة إذا تعلق الأمر بالدول النامية ودول العالمين العربي والإسلامي التي قنن لها الديكتاتورية والاستبداد كخيار وحيد واستثناء الديمقراطية التي لا تخرج عن سياساته وتحقيق أهدافه .

الديمقراطية وحقوق الإنسان هما شماعة التدخل في الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء وهي شعارات زائفة وخداعة في كثير من الأحيان، فمثلا أوكرانيا دولة متطورة ومن دول العالم المتقدمة، لكن باستطاعة روسيا التأثير على الانتخابات فيها لصالح من يحمي مصالح روسيا، كما حدث حينما فاز الرئيس الموالي لموسكو وهو ما لم يعجب أوروبا وأمريكا، ليتم دعم رئيس جديد يتولى السلطة يدين لأوروبا وأمريكا، مما أدى إلى تحول المواجهات إلى حرب بين الغرب –أمريكا وأوروبا من جهة- وروسيا والمتحالفين معها من جهة أخرى .

الديمقراطية وحقوق الإنسان التي لا تحقق مصالح وأهداف الاستعمار والاستعباد ليست ديمقراطية، لأن من شروطها أن يرضى عنها ولا بد من الحصول على المصالح إما بالديمقراطية أو بالحسم العسكري كخيار أكيد معد على أساس ذلك.

الديكتاتورية والأنظمة الاستبدادية التي تؤمن مصالح الاستعمار بوجهه الحديث لا يمكن المساس بها أو السماح بإسقاطها إلا إذا انعدمت الجدوى منها ومن ضمنها الأنظمة العربية والإسلامية؛ وإذا أتت الديمقراطية بمن لا يؤمن مصالح الاستعمار ويحقق أهدافه فإنه سرعان ما يتم القضاء على تلك الأنظمة واستبدالها .

في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، كيان الاحتلال اشترط إجراء الانتخابات وكان يفضل نتيجتها المعتادة في الديمقراطيات العربية، لكن فوز حماس في قطاع غزة قلب المعادلة أمام الرأي العام المحلي والعربي والعالمي وهنا بدأت حلقات المؤامرة على غزة من الداخل والخارج، فتم فرض الحصار وإباحة غزة للاحتلال بالتعاون مع السلطة .

رئيس وزراء بريطانيا يقول: «يجب تدمير غزة حتى لا تشكل نموذجاً للنظام الإسلامي، لأن ذلك سيؤدي إلى نجاح التجربة الإسلامية؛ وان مشكلة الغرب ليست مع العرب والمسلمين وإنما مع الإسلام ذاته ومع نبي الإسلام؛ وانه يجب دعم إسرائيل مهما كان حجم الإجرام الذي تقوم به والاستفادة من دعم الأنظمة العربية التي صنعها الغرب وتدين بالولاء للاستعمار وجودا وعدما»

في أوكرانيا دولة متقدمة متطورة يدعمها الغرب بكل أنواع الدعم في مواجهة روسيا وفي غزة حركة جهادية محاصرة تعتمد على ذاتها، يحاصرها صهاينة العرب والغرب، تناضل من أجل الحرية والاستقلال، لكنها تواجه الحلف الصهيوني الصليبي ويراد القضاء عليها وإبادتها.. رئيس البعثة الطبية النرويجية إلى غزة –مادس غليبرت- لاحظ التمييز والتحيز الذي يمارسه الإجرام الصهيوني، فقال:(هناك ازدواجية معايير في الغرب تجاه غزة بالمقارنة مع أوكرانيا التي تتلقى دعما ماليا وعسكريا وسياسيا، وهذا يكشف تغلغلاً عميقاً للتمييز العنصري في الحكومات الغربية التي لا تعتبر قيمة حياة الفلسطيني بنفس قيمة حياة اليهودي أو ذوي البشرة البيضاء، ولو حصل استهداف للفرق الطبية اليهودية كما يحصل للفلسطينية، لقامت قيامة العالم)، تصريح جريء من رجل آلمه الوضع، فنطق بكلمة حق، لكن الاستعمار هو من أنشأ الكيان المحتل وسلمه الأرض الفلسطينية وهو الذي يمده بكل احتياجاته ويعمل معه على إبادة الشعب الفلسطيني وفقا لمقولتهم “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

رغم مرور أكثر من أربعمائة وخمسين يوما، فلازالت الأنظمة والحكومات الاستعمارية القديمة والحديثة وصهاينة العرب يدعمون الكيان المحتل لإكمال ارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، غزة بمساحتها المحدودة دمرت حتى 10 % منها لا تعد مناطق إنسانية رغم أن الإجرام الصهيوني قال إنه جعلها مناطق للعمل الإنساني لأكثر منطقة في العالم اكتظاظا بالسكان وازدحاما.

عائلات بأكملها تمت إبادتها ولم يبق منها شيء، في السجلات المدنية (1413) أسرة سقط من أفرادها (5455) شهيدا، وعائلات لم يتبق منها غير فرد واحد وعددها(3467) سقط من أفرادها (7941) شهيدا وبلغ عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات (45524)شهيدا بخلاف الذين لازالوا تحت الأنقاض أو لم يصلوا إلى المستشفيات التي دمرت وأحرقت، أما الجرحى فوصل عددهم إلى ما يزيد عن (108189) ومازال هناك (11200) مفقود .

بلغت نسبة الشهداء من الأطفال (17818) شهيدا ومن النساء (12287) شهيدة بما يعادل 70 % من الشهداء والبقية من العجزة والشيوخ ولم يتحرك أحد لنجدتهم أو إغاثتهم.

كما استشهد (1068) من الأطباء والطواقم الطبية ودمرت المستشفيات وأحرقت ووصل الإجرام اليهودي إلى قتل وإبادة شرطة تأمين المساعدات التي استشهد منها (728) ولم تسلم مراكز إيواء اللاجئين التي تشرف عليها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وغيرها، حيث تم استهداف (216) مركزا لإيواء اللاجئين.

غزة تقاتل وحدها وتواجه إجراما لا مثيل له من قبل تحالف صهاينة العرب والغرب، ووصل الأمر أن تتم الاستعانة بالقتلة والمرتزقة من كل أنحاء العالم، ففرنسا أرسلت أكثر من (4000) للقتال مع اليهود وأرسلت كل من أمريكا وبريطانيا وألمانيا ما لا يقل عن ثلاثة آلاف، والهند وإيطاليا وإثيوبيا وجنوب السودان ما لا يقل عن ألفي مقاتل، وبولندا وأوكرانيا والسلفادور وهندوراس أرسلت ما لا يقل عن ألف وخمسمائة مرتزق، والأرجنتين والمغرب وكندا والإمارات وشمال العراق “الأكراد” والأردن ومصر ما لا يقل عن خمسمائة مرتزق، وهذه الأرقام منقولة عن وزارة الحرب اليهودية، تدل على تكاتف الإجرام ضد بقعة صغيرة من العالم وهي غزة التي تجمد أطفالها من البرد واكلت الكلاب لحوم الشهداء، لأنهم لم يجدوا من يدفنهم .

فتحت الدول الأوروبية والغربية حدودها لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين النازحين من الحرب، وفي غزة تم حصارها ومنع كل الإمدادات الطبية والإنسانية وتم تزويد الكيان المحتل بأحدث وأفتك القنابل والصواريخ المحرمة دوليا.. فماذا فعلت غزة وما ذنبها؟.

الإمدادات العسكرية والاقتصادية والسياسية تذهب للكيان الإجرامي من كل مكان لارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وسيتكفل صهاينة العرب بسداد فاتورة الحرب من ثروات الأمة العربية من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية، لأنهم يرونها تشكل خطرا عليهم .

سخَّروا أحدث الوسائل واستخدموا كل الإمكانيات، يريدون تحطيم المقاومة ومحور المقاومة في غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران وقبل ذلك دمروا العراق وأفغانستان ولازال المخطط ينفذ في السودان وليبيا والقائمة طويلة، لأن إقامة إسرائيل الكبرى لن تتحقق إلا بتدمير الدول العربية والإسلامية عسكريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وأخلاقيا.

غزة تباد وتدمر واليمن وسوريا ولبنان وإيران، ومع ذلك فقرارات الأمم المتحدة جعلت اليمن تحت البند السابع ووصاية وكلاء الصهاينة من صهاينة العرب، وأباحت لهم تدمير كل مقدراته ومكتسباته ومثل ذلك سوريا وقبل ذلك العراق، أما الكيان المحتل فرغم الإدانات والقرارات الصادرة ضده إلا أنه لم ينفذ منها أي قرار، لأن من يفرض القرارات ومن ينفذها عصابة إجرامية تتحكم في مصير العالم .

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الکیان المحتل صهاینة العرب ما لا یقل عن

إقرأ أيضاً:

"الغذاء والدواء": تطبيق أعلى المعايير الرقابية خلال موسم الحج

زار الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء هشام بن سعد الجضعي مقر مكتب الهيئة في مكة المكرمة، والتقى منسوبو الهيئة العاملين على تنفيذ الخطط المُعَدّة لحج هذا العام، للتأكّد من جاهزية الخدمات المقدمة للحجاج خلال موسم حج 1446هـ.
وأكد على جميع مفتشي ومراقبي الهيئة خلال الزيارة أهمية مضاعفة الجهود للمساهمة في تعزيز سلامة غذاء ودواء الحجاج، مشيدًا بالأدوار التي يتولّونها في جميع المواقع والمنشآت الخاضعة لرقابة الهيئة، مشددًا على أن هذه الجهود تمثل شرفًا عظيمًا أنعم الله به علينا لخدمة حجاج بيت الله في كل عام.
أخبار متعلقة برعاية وزير الداخلية.. إطلاق منصة بيانات الحج بالأحوال المدنيةوزير الداخلية يطلع على خدمات صالة الحجاج بمطار الطائف الدولي .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } رئيس "الغذاء والدواء" يتفقد الجاهزية الميدانية لموسم حج 1446هـ - واسأعلى المعايير الرقابيةواطّلع في الجولة على جهود الهيئة في تطبيق أعلى المعايير الرقابية، وتوظيف التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لمتابعة المصانع والمستودعات، وضمان جودة المنتجات المقدمة خلال موسم الحج.
وشملت الجولة زيارة مركز عمليات الحج التابع للهيئة العامة للغذاء والدواء في مكة المكرمة للاطلاع على آليات العمل القائم بما في ذلك التنسيق المستمر مع الجهات الحكومية، ومتابعة مؤشرات الأداء ودعم الفرق الميدانية أثناء جولات التفتيش التي تعتمد على تقنيات متقدمة، منها "الكاميرا الجسدية" المستخدمة في توثيق أعمال المفتشين ميدانيًا.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } رئيس "الغذاء والدواء" يتفقد الجاهزية الميدانية لموسم حج 1446هـ - واسسحب العينات الغذائيةوتفقّد مقر الهيئة في حمى المشاعر بمجمع الدوائر الحكومية، مطلعًا على خطط المسح الميداني التي تشمل المصانع والمستودعات الغذائية، باعتبار المقر نقطة انطلاق رئيسة للفرق الرقابية الميدانية.
واستعرض منسوبو الهيئة آليات سحب العينات الغذائية، وإحالتها إلى المختبرات بهدف التحقق من سلامة المنتجات، إضافةً إلى الأنظمة الإلكترونية المتقدمة المستخدمة في هذا الجانب.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } رئيس "الغذاء والدواء" يتفقد الجاهزية الميدانية لموسم حج 1446هـ - واسسلامة وصحة الحجاجوفي إطار جولاته، زار مستشفى الطوارئ في منى، حيث التقى الرئيس التنفيذي لهيئة الصحة العامة "وقاية" عبدالله بن رشود القويزاني، مؤكدًا أهمية التكامل بين الهيئتين لتعزيز سلامة وصحة الحجاج.
وزار المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث الصحية، للاطلاع على الجهود الاستباقية التي تقدمها الجهات الحكومية في المركز، مؤكدًا أهمية الأدوار التي يقوم بها المركز في دعم الصحة العامة وضرورة تعزيز التكامل الرقابي والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } رئيس "الغذاء والدواء" يتفقد الجاهزية الميدانية لموسم حج 1446هـ - واس
وخلال الزيارات استعرض منسوبو الهيئة أدوات التحليل الذكية والتقنيات الرقابية الرقمية المستخدمة في أعمال الرصد والتفتيش ضمن منظومة رقابة تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، للإسهام في رفع كفاءة الأداء وتحقيق مستهدفات الصحة والسلامة خلال موسم الحج.

مقالات مشابهة

  • تصفية أحد العناصر الإجرامية وضبط 6 تجار مخدرات في أسوان
  • الدويش ينتقد ازدواجية المعايير تجاه النصر
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • النرويج تؤكد أن “إسرائيل” ترتكب في غزة سابقة خطيرة في انتهاك حقوق الإنسان
  • أخطاء التي يقع فيها الحجاج.. تصرفات شائعة احذر منها
  • الإذاعي محمد مرعي يكشف دور صوت العرب في مناهضة الاستعمار
  • وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
  • بعد انتقاده بوتين.. هل يمهّد ترامب لتجاهل التسوية السياسية للحرب الأوكرانية؟
  • تعرف على موسكو أكبر مدن أوروبا وقلب روسيا النابض
  • "الغذاء والدواء": تطبيق أعلى المعايير الرقابية خلال موسم الحج