صالح البلوشي

للمرة الثالثة خلال أقل من أسبوعين، تُجدِّد سلطنة عُمان تأكيدها على موقفها الثابت في احترام إرادة الشعب السوري وخياراته الوطنية، ودعم الجهود الدولية والإقليمية التي تُساند تطلعات الشعب الشقيق.
ففي يوم الأحد الماضي ترأس معالي السيد بدر البوسعيدي، وزير الخارجية، وفد سلطنة عُمان المشارك في الاجتماع العربي الموسع بشأن سوريا، الذي عُقد في الرياض، بهدف بحث الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار في سوريا.

 
وقد أكد معاليه أهمية العمل المشترك لدعم تطلعات الشعب السوري للمستقبل والمشاركة في صياغة هذا المستقبل، نحو تحقيق الأمن والوحدة والتنمية وإعادة الإعمار ورفع العقوبات الاقتصادية الدولية.
وقبل ذلك بيوم، زار وفد عُماني دمشق برئاسة سعادة السفير الشيخ عبد العزيز الهنائي السفير المتجول في وزارة الخارجية والتقى مع قائد الإدارة الانتقالية السورية، أحمد الشرع. وحسب وكالة الأنباء العُمانية، فإن سعادة الشيخ السّفير المتجول أكد خلال اللقاء حرص سلطنة عُمان على تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وقد سبق هذه الزيارة اتصال هاتفي أجراه السّيد بدر البوسعيدي وزيرُ الخارجية، بتاريخ 1 يناير من السنة الجديدة، مع أسعد حسن الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية. وقد أكّد معاليه على موقف سلطنة عُمان الثّابت والدّاعم لاحترام إرادة الشّعب السّوري والحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، وعمق الروابط والعلاقات التاريخيّة المتينة بين الشعبين العُماني والسوري، واستمرار التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، ودعم مساعي التنمية والاستقرار في سوريا والمنطقة.
لقد كانت سلطنة عُمان منذ بداية الأزمة السورية سنة 2011 من الداعمين لوحدة سوريا وسيادتها واستقرارها، وكانت تؤكد على ذلك في جميع المؤتمرات العربية والإقليمية والدولية، ولذلك لم تنقطع العلاقات السياسية والاقتصادية والاتصالات والزيارات بين البلدين، وكانت سفارة السلطنة ضمن سفارات دول قليلة تمارس أعمالها في دمشق، فالسلطنة بخبرتها السياسية والدبلوماسية وباعها الطويل في هذا المجال كانت تدرك أن قطع الاتصالات بين البلدين ليس من مصلحة الشعب السوري، ولذلك استخدمت دبلوماسيتها من أجل دفع أطراف الصراع نحو التوصل إلى تسوية دبلوماسية تحفظ دماء السوريين وتنهي النزاع في هذا البلد، حتى يحافظ على استقراره وسلامة أراضيه، خاصة بعد تصاعد حدة الصراع ودخول أطراف متطرفة وجماعات مسلحة من أكثر من 80 جنسية إلى ساحة النزاع وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية الذي تجاوز خطره ليشمل كثيرا من دول العالم وليس سوريا فقط.
ولقد جاء في تقرير نشره معهد كارنيجي في 3 فبراير 2021 "تعتبر القيادة العُمانية أن إعادة إرساء الاستقرار في سوريا تتطلب الحفاظ على علاقة مثمرة مع النظام في دمشق، حتى لو لم يكن هذا الموقف يلقى أصداءً جيّدة لدى واشنطن، وقد أجمع المسؤولون العُمانيون على أنه "لا يمكن إعادة إعمار سوريا على نحوٍ فعّال دون التوصل إلى حل سلمي للأزمة"، وبلا شك أن السلطنة سوف تؤدّي دورًا في إعادة إعمار سوريا مع المجتمع الدولي عند عودة السلام والاستقرار إلى البلاد".

وتُدرك سلطنة عُمان أن استقرار سوريا ووحدتها وسلامة السلم الأهلي فيها مرهون بالدعم العربي والدولي لها، فالساحة السورية الآن تضم فصائل مختلفة لا تزال تحتفظ بأسلحتها وتسيطر على مساحات شاسعة جدا منها، كما أن العقوبات الدولية التي فرضت على النظام السابق لا تزال مستمرة وخاصة "قانون قيصر" سيئ السمعة الذي تم تمديده إلى سنة 2029، كما إن هناك وجودًا مسلحًا أمريكيًا وتركيًّا في البلد، إضافة إلى احتلال إسرائيلي لمناطق جديدة بعد سقوط النظام السابق، وهذا كله يستدعي دعمًا عربيًا واسعًا سياسيًا واقتصاديًا لسوريا وضغطًا على الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا للإسراع في رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ولكن جميع ذلك لا يمكن أن يتحقق دون أن يوحد السوريون بكافة طوائفهم كلمتهم ويبنون دولتهم بعيدًا عن التدخلات الخارجية والتحزبات الأيديولوجية التي أذاقت السوريين الأمرين خلال السنوات الماضية حتى لا تتحول سوريا مجددًا إلى أرض للجماعات المسلحة والمتطرفة.
 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: بین البلدین

إقرأ أيضاً:

الشرع في الكويت... زيارة رسمية للرئيس السوري تعيد رسم خريطة العلاقات السورية | تقرير

وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، الأحد، إلى دولة الكويت في زيارة رسمية، يجري خلالها مباحثات مع أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في إطار دفع العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا".

وكان في استقبال الرئيس السوري لدى وصوله إلى مطار الكويت الدولي، وزير الخارجية الكويتي عبد الله علي اليحيا، الذي يرأس بعثة الشرف المرافقة، فيما ضم الوفد الرسمي المرافق للرئيس السوري كلاً من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وعدداً من كبار المسؤولين في الحكومة السورية.

وأفاد الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، وزير شؤون الديوان الأميري، أن جلسة المباحثات بين الجانبين تناولت العلاقات الأخوية المتينة التي تربط الكويت بسوريا، وسبل تطويرها في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

 كما جرى التشديد على أهمية ترسيخ التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه في الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية.

ووفقاً لما نقلته "كونا"، ناقش الجانبان مستجدات الأوضاع في سوريا، وأكدا على أهمية تعزيز جهود المجتمع الدولي لدعم أمن واستقرار البلاد، وصون سيادتها ووحدة أراضيها. كما تطرق اللقاء إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب دعم مسيرة العمل العربي المشترك.

وتحمل هذه الزيارة أهمية خاصة في مسار العلاقات الكويتية-السورية، خصوصاً في ظل التطورات التي شهدتها العلاقات بين البلدين، والتي شهدت انقطاعاً دبلوماسياً امتد من عام 2012 وحتى نهاية عام 2024، نتيجة الصراع السوري وما خلفه من تداعيات إقليمية.

وعادت العلاقات رسميًا في 30 ديسمبر 2024، إثر زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى دمشق بصفته رئيس المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، في خطوة اعتُبرت علامة فارقة في مساعي تطبيع العلاقات الخليجية مع سوريا.

وتتزامن زيارة الرئيس الشرع مع انعقاد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت، مخصص لبحث التطورات في سوريا ولبنان، مما يعكس تنامي الحراك الدبلوماسي الإقليمي بشأن الملف السوري.

وفي سياق إنساني، أشارت "كونا" إلى انطلاق أولى رحلات الجسر الجوي من الكويت إلى سوريا، محملة بالمساعدات، تأكيداً على الدور الإنساني الذي تضطلع به الكويت، وتجسيدًا للتضامن مع الشعب السوري. كما أكدت وزارة الخارجية الكويتية، خلال الأشهر الماضية، موقفها الثابت والداعم لوحدة سوريا، ودعت إلى تكثيف الجهود الدولية لتخفيف معاناة السوريين ودعم استقرار البلاد.

طباعة شارك الرئيس السوري أحمد الشرع دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الرئيس السوري محمد عبد الله المبارك الصباح سوريا وزير الخارجية الكويتي

مقالات مشابهة

  • سلطنة عُمان والمكسيك تحتفلان بمرور 50 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية
  • افتتاح السفارة السورية في الكويت قريباً وخطة خليجية لمساعدة سوريا
  • ألمانيا ترحب بالتقدم في المحادثات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية
  • الشرع في الكويت... زيارة رسمية للرئيس السوري تعيد رسم خريطة العلاقات السورية | تقرير
  • وزير الخارجية والهجرة يتلقي اتصالًا هاتفيًا من كبير مستشاري ترامب للشئون العربية
  • اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والشرق الأوسط
  • سوريا في قبضة التوازنات .. صعود الشرع كواجهة ’’أمريكية_صهيونية’’ وتحجيم السيادة
  • استعراض الفرص الاستثمارية بين السلطنة وكازاخستان
  • توقيع اتفاقية الازدواج الضريبي بين سلطنة عمان وجهورية كازاخستان
  • الوزير الشيباني: خيارنا في سوريا السيادة الاقتصادية، وقوة شراكتنا مع السعودية تكمن في المصالح المشتركة