"الشئون النيابية": من حسنات "الإجراءات الجنائية" الالتزام بالمعايير الدولية في كفالة حق الدفاع
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
حضر المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية القانونية والتواصل السياسي جلسة مجلس النواب التي عقدت صباح اليوم الاثنين الموافق 13 يناير 2025، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، وبحضور المستشار عدنان فنجري، وزير العدل.
وقد واصل مجلس النواب مناقشاته المطولة لتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة حقوق الإنسان، عن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.
ونظر المجلس المواد من 103 إلى 142 من مشروع القانون، حيث دارات مداولات معمقة وبناءة للمبادئ والأحكام التي تضمنها هذه المواد التي تستكمل تنظيم بعض جوانب موضوع التحقيق بمعرفة النيابة العامة، وهي جوانب تحظي بدرجة كبيرة من الأهمية والخطورة لتعلقها بالحقوق والحريات من جهة والحفاظ على المجتمع والسلامة العامة من جهة أخرى، الأمر الذي انعكس على المناقشات التي اتسمت بالشمول واستقصاء مرامي النصوص الكلية والجزئية كافة.
وقد تضمنت المواد من 103، و104، و105 من المشروع القواعد المتعلقة بالاستجواب والمواجهة، ووضعت المواد من 106 إلى 111 تنظيما شاملًا لأوامر الحضور والقبض والضبط والإحضار، فيما نظمت المواد من 112 إلى 124 أوضاع أمر الحبس. كما عالجت المواد من 125 إلى 134 الجوانب القانونية للإفراج المؤقت في مرحلة التحقيق بمعرفة النيابة العامة. أما المواد من 135 إلى 142 فقد نظمت مسألة التصرف في الأشياء المضبوطة.
وقد شهدت مناقشة المادة 104 من مشروع القانون مداولات مستفيضة من السادة النواب والحكومة، وقد أكد السيد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، في مداخلته أن صياغة هذه المادة كما وردت وافقت عليها اللجنة المشتركة تعكس الضمانات الدستورية المقررة في المواد 54 و 96 و 98، بما في ذلك الحكم المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 54 والتي تقضي بألا يبدأ التحقيق مع المتهم إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محام ندب له محام مع توفير المساعدة اللازمة الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأضاف السيد الوزير، إن من حسنات مشروع قانون الإجراءات الجنائية الالتزام بالمعايير الدولية في كفالة حق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة، وإن ما طرحه السيد المستشار وزير العدل وهو قامة قضائية كبيرة جدير بالتفكير في ضوء الاعتبارات العملية التي يعرفها المشتغلون في هذا المجال، وان المادة كما وافقت عليها اللجنة المشتركة منضبطة ومتوازنة، وبالنسبة للضرورات العملية أو حالة الضرورة فإنها مسألة يمكن معالجتها من خلال التطبيقات القضائية، ربما نحتاج إلى مناقشتها وهل تكفي التطبيقات القضائية في شأنها، وبعد التشاور مع وزير العدل أكد الوزير الموافقة على المادة 104 من المشروع كما انتهت إليها اللجنة المشتركة وانها التزمت المبادئ الدستورية في تنظيم حقوق المتهم والدفاع عنه وأن الحكومة لديها الفرصة أثناء مناقشة القانون من خلال الإجراءات البرلمانية المتاحة ان تعود لهذه المادة اذا كان ثمة وجه يقتضي ذلك.
وبمناسبة مناقشة المادة 105 من مشروع القانون، ذكر المستشار محمود فوزي، إن جميع الإجراءات المتعلقة بالتحقيقات هدفها اثبات الأدلة وتحقيق العدالة،و إن أعضاء النيابة العامة هم قضاة زجزء من تشكيل المحاكم الجنائية، مشيرا إلى أن ثمة فهم خاطئ عند المقارنة بنظم جنائية في دول أخرى يختلف فيها وضع النيابة العامة عن وضعها في مصر، حيث إن وضع النيابة العامة ، فالنيابة العامة لدينا خصم يبحث عن الحقيقة، ومن ثم فإنها تبحث عن أسباب البراءة كما تبحث عن أسباب الإدانة. ثم اختتم حديثه بالتأكيد على تمسك الحكومة بالنص كما انتهت إليه اللجنة المشتركة.
وخلال المناقشة في المواد المنظمة للحبس الاحتياطي، أشار وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إلى أن البعض يروج كذبًا لفكرة أن كل من يعرض على النيابة العامة يتم حبسه احتياطيًا، وهذا غير صحيح، لأن الحبس الاحتياطي وفقًا للقانون له مبررات وأسباب واضحة ومحددة، وعضو النيابة العامة عندما يلجأ إليه يكون ذلك وفقًا للحالات الموجبة للحبس الاحتياطي، ويستهدف مصلحة التحقيق. كما أن تحديد حالات الحبس الاحتياطي يخضع لمبدأ الوضوح التشريعي، كما هو وارد في مشروع القانون.
وهذا، وقد نظر مجلس النواب اقتراحات التعديل التي تقدم بها السادة الأعضاء على المواد المشار إليها، وفقًا للإجراءات الدستورية واللائحية المقررة بعد تلاوة مواد المشروع مادة مادة، حيث وافق المجلس عليها طبقًا للصيغة التي وافقت عليها اللجنة المشتركة مع إدخال تعديلات على أربعة مواد منها، وذلك بعد التداول في أهداف ومبررات كل تعديل.
أما المواد التي وافق عليها المجلس بعد تعديلها فهي المواد: 107، و111، و116، و121.
ووافق مجلس النواب على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الصناعة ومكتبي لجنتي الشئون الاقتصادية، والعلاقات الخارجية عن قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 184 لسنة 2024 بشأن الموافقة على اتفاقية "تعديل بعض أحكام اتفاقية إنشاء وتشغيل المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس"، ووافق المجلس ايضًا على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الصناعة ومكاتب لجان الشئون الاقتصادية، المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، الإدارة المحلية، التعليم والبحث العلمي، العلاقات الخارجية والطاقة والبيئة عن قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 438 لسنة 2024 بشأن الموافقة على اتفاق الدعم الفني للمناطق الصناعية للجلود والأثاث والرخام بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية إيطاليا ، والموقع بتاريخ 17 مارس 2024.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مجلس النواب النواب جلسة مجلس النواب السيد المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية القانونية رئيس مجلس النواب لجنة الشئون الدستورية اللجنة المشترکة من الشئون النیابیة النیابة العامة مشروع القانون مجلس النواب المواد من
إقرأ أيضاً:
ألمانيا تَطعن المحكمة الجنائية الدولية
في سابقة لم يُقدم عليها الغرب من قبل، قام المستشار الألماني فريدريك ميرتس، الأسبوع الماضي، بزيارة دَولة رئيس حكومتها مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، وهي المحكمة التي كانت ألمانيا من أكثر الدول حماساً لإنشائها، حيث يُذكر اسم رئيس وفدها «هانس - بيتر كول» كأحد أهم الفاعلين في مؤتمر روما الذي وضع النظام الأساسي لها.
السيد كول دفع باتجاه التوافق على محكمة قوية ومستقلة عن مجلس الأمن (حتى لا تتأثر بالفيتو الذي تتحكم فيه خمس دول وحتى لا تكون قراراتها مُسيسة)، وطالب أيضا بأن لا تكون هنالك حصانة لأحد أمام الجرائم الدولية.
ألمانيا كانت قد قامت أيضاً العام 2002 بمواءمة قوانينها المحلية مع نظام روما الأساسي حتى لا يكون هنالك تعارض بينهما، وحتى تتمكن هي من ملاحقة جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب على أرضها وفق قوانينها المحلية.
وألمانيا تُعتبر بعد اليابان من أكبر الممولين للمحكمة، لذلك أن يقوم مستشارها بزيارة دولة الاحتلال والاجتماع مع نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية فهذه طَعنة في ظهر المحكمة نفسها وللضحايا الفلسطينيين ولتاريخ بلاده أيضاً.
ربما لم يخطر في بال الساسة الألمان، وهم يساندون بقوة استقلالية محكمة الجنايات الدولية، أنها ستنظر يوماً ما في جرائم دولة الاحتلال، ولو توقعوا ذلك، ربما لما دعموا إنشاء المحكمة، لِما لإسرائيل من «مَعزة» خاصة في قلوب هؤلاء الساسة. لكن لسوء طالعهم، أصبح قادتها متهمين بجرائم حرب.
ولِمَ لا، فهؤلاء القادة ارتكبوا جرائم أكبر بكثير من تلك التي ارتكبها بوتين في أوكرانيا أو ميلوشيفيتش في البوسنة على سبيل المثال.
هل شاهد المستشار الألماني حجم الدمار في غزة وهل قارنه بالدمار في أوكرانيا أو البوسنة؟ هل قارن أعداد الأطفال الذين قتلوا في غزة وأعدادهم مع ما حدث في أوكرانيا والبوسنة؟ أو لم يسمع تصريحات قادة دولة الاحتلال التي تعكس نيتهم بالإبادة والتهجير؟
المستشار الألماني يعرف بالضبط ما فعله الاحتلال ويفعله في غزة والضفة لأن استخبارات بلاده قوية، لكنه يتجاهل كل ذلك عَمداً مدفوعاً بولاء ألمانيا التاريخي لدولة الاحتلال.
كان يُمكن الصمت على هذا الولاء الأعمى، لكن أن يُقدم المستشار ميرتس على الاجتماع مع نتنياهو وفي إسرائيل، فهي بالفعل سابقة ودلالاتها خطيرة.
هنالك العديد من رؤساء الدول الذين أدينوا بارتكاب جرائم حرب أو إبادة أو جرائم ضد الإنسانية أو جميعها.
من هؤلاء الرؤساء: الرئيس السوداني عمر البشير العام 2010، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 2023، الرئيس مُعمر القذافي 2011، رئيس ساحل العاج لوران غباغبو 2011، الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش 1999.
في كل هذه الحالات لم يَلتق رئيس دولة أوروبية مع رئيس دولة صدر بِحقه قرار اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية.
كل اللقاءات التي تمت مع بوتين مثلاً كانت سابقة لقرار اعتقاله في آذار 2023 وهي لم تحدث بعده.
الاستثناء الوحيد كان اجتماع فيكتور أوربان رئيس هنغاريا معه في تشرين الثاني 2023 على هامش منتدى مبادرة الحزام والطريق في الصين، لكن أوربان أصلاً معروف بولائه لروسيا.
وهنغاريا نفسها مصنفة في أوروبا كدولة غير ديمقراطية وتم تحذيرها أوروبياً أكثر من مرة على تجاوزها لمبدأ سيادة القانون.
هنالك أيضاً العديد من القادة الأوروبيين الذين زاروا إسرائيل لكن أيضاً قبل صدور قرار المحكمة الدولية بحق نتنياهو في أيار 2024، ومنهم أولاف شولتز (ألمانيا)، إيمانويل ماكرون (فرنسا)، جورجيا ميلوني (إيطاليا)، مارك روته (هولندا) وغيرهم. لكن بعد صدور مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو، لم يقم أي رئيس دولة أوروبية بزيارة إسرائيل.
ميرتس هو الأول الذي يتجاوز العرف الأوروبي بعدم الاجتماع مع مطلوب للجنائية الدولية.
إن دلالات اجتماع ميرتس مع نتنياهو خطيرة لأنها أولاً تنتهك قواعد الاتحاد الأوروبي التي تنص على أن الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية مُلزَمة باعتقال المشتبه بهم عندما يصلون إلى أراضيها، وبالتالي فإن زيارة مُشتبه به تُعطي إشارة إلى أن هذه الدولة التي قام رئيسها بالزيارة لن تقوم باعتقال المُشتبه إن وصل إلى أراضيها.
السلوك الألماني مُشين تجاه القضية الفلسطينية
وهي ثانياً إشارة صريحة إلى أن ألمانيا لا تقبل قرار المحكمة الدولية، ولا تكترث بها أو بسلطتها، ولا تأبه حتى بما هو متوقع كدولة من التزام أخلاقي بمعايير المحكمة ومعايير الاتحاد الأوروبي نفسه.
والزيارة أخيراً تهدف إلى إضفاء شرعية على رئيس حكومة تم نزع الشرعية الدولية عنه.
إن السلوك الألماني مُشين تجاه القضية الفلسطينية وكان من الممكن عدم الحديث عنه لو كان وزن ألمانيا السياسي والاقتصادي بوزن هنغاريا مثلاً.
لكن ألمانيا (ومعها فرنسا) هما من يقودان فعلياً الاتحاد الأوروبي ومن يقرران سياساته إلى حد بعيد، وبالتالي فإن زيارة ميرتس لدولة الاحتلال ستفتح الطريق لزيارة رؤساء دول أوروبية أخرى لدولة الاحتلال، وهو ما يعني في النهاية إدارة أوروبا ظهرها لقرارات المحكمة، ومن ثم ممارسة الضغوط عليها، كما تفعل الولايات المتحدة، لإعادة النظر في قرارها باعتقال نتنياهو.
لا يمكن للمستشار ميرتس أن يدعي أنه زار إسرائيل للمساعدة على «السلام في غزة» أو دفاعاً عن «حل الدولتين». فهو يعرف تمام المعرفة أن دولة الاحتلال تواصل ابتلاع الأرض بالاستيطان، وأنها ترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة، بل تعمل على التخلص من الشعب الفلسطيني بالتهجير إن أمكن وبالقتل إن لم يكن ذلك ممكناً.
ومع إدراكه لهذه الحقائق، اختار ميرتس أن يكون أول زعيم أوروبي يكسر القاعدة الأخلاقية والسياسية بعدم الاجتماع مع مُتهم صدرت بحقة مذكرة توقيف دولية، وقام بالاجتماع مع مجرم حرب، مُقدماً له شرعية سياسية، هدفها الواضح الالتفاف على قرار المحكمة الدولية بجعل الاجتماع معه يبدو كما لو أنه مسألة «طبيعية».
الأيام الفلسطينية