هل تعجز أوروبا عن مواجهة استراتيجية الرهائن الإيرانية؟
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
أوليفييه غروندو، سيسيل كوهلر، وجاك باريس، المُعتقلون الفرنسيون في إيران منذ 2022، هم ليسوا أوّل من يُستخدم كورقة مُساومة من قبل نظام طهران، الذي يُمارس منذ وصوله عام 1979 استراتيجية الرهائن كأحد العناصر الأساسية للابتزاز وزعزعة الاستقرار.
وقبل أيّام دعت باريس طهران إلى إطلاق سراح جميع المواطنين الفرنسيين الذين احتجزتهم الجمهورية الإسلامية كرهائن بتُهم مُختلقة، بينما اكتفت بتوجيه نصيحة رسمية بعدم السفر إلى إيران.
وفي مواجهة احتجاز مواطنيهم، يبدو الأوروبيون مشلولين عاجزين عن التصرّف، برأي محللين فرنسيين يؤكدون أنّ دول الاتحاد الأوروبي لا تملك اليوم في الواقع سوى القليل من أدوات تحرير الرهائن.
ومع ترقّب تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ربما يُخاطر بممارسة أقصى قدر من الضغط على طهران، يحرص الإيرانيون على الاحتفاظ بكل وسائل المُساومة المُتبقّية لديهم.
الإفراج عن مُجرمين إيرانيين
وبحسب همدان مصطفوي، نائبة مدير التحرير في "ليكسبريس" الفرنسية والمتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، فإنّ هذه الاستراتيجية لها العديد من الأهداف بالنسبة لطهران، ومن أهمّها استعادة السيطرة على الإيرانيين المسجونين في أوروبا في قضايا جنائية وإرهابية.
ومن دون ورقة المُساومة هذه، لبقي العديد من الإيرانيين المُقرّبين من النظام قابعين في سجون الدول الأوروبية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ إيران أعلنت إطلاق سراح محمد عابديني، وهو إيراني اعتقل في إيطاليا، بعد 4 أيّام فقط من إطلاق سراح الصحفية الإيطالية سيسيليا سالا.
وذلك على الرغم من أنّ عابديني كان مُتّهماً بتسريب مُكوّنات إلكترونية إلى مليشيات إيرانية مسلحة استخدمتها في هجوم أسفر عن مقتل جنود أمريكيين.
Face à la détention de leurs ressortissants, les Européens semblent paralysés. L’alliance de Téhéran avec Moscou pourrait faire bouger les lignes
✍️ par @Hamdam
➡️ https://t.co/FK0mSF3Lnn pic.twitter.com/qAvEx5MQ4L
كما أنّ وسيلة الضغط هذه تسمح قبل كلّ شيء لطهران بتجنّب تصنيف الحرس الثوري، كمنظمة إرهابية. وبينما يقول العديد من النواب الأوروبيين إنّهم يؤيدون هذا التصنيف، إلا أنّه لا شيء يسير قُدماً في هذا الاتجاه.
ولكي تتم الموافقة على إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، هناك حاجة إلى إجماع السبعة والعشرين دولة في الاتحاد الأوروبي. وهو أمر يكاد يكون من المستحيل الحصول عليه، لا سيّما بسبب "استراتيجية الرهائن" الإيرانية، كما يقول دبلوماسي أوروبي.
La France appelle ses ressortissants à ne pas aller en Iran jusqu’à la libération de ses «otages» https://t.co/iETn7NvOyv
— Libération (@libe) January 7, 2025 الخوف من إعدام الرهائنوحول ذلك يقول إيمانويل رضوي، مؤلف كتاب "الوجه الخفي للملالي" إنّ "التكنوقراط في بروكسل يرفضون القيام بذلك، خوفاً من الابتزاز بشأن مسألة الرهائن الأوروبيين، والخشية من بقائهم سنوات طويلة في السجون الإيرانية، أو حتى الحُكم عليهم بالإعدام".
ويُذكر أنّه في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أُعدم المُعارض الألماني من أصول إيرانية جمشيد شارمهد، الذي كان مُعتقلاً منذ عام 2020.
ولذلك، فإنّ البلدان التي لديها مواطنون مُعتقلون في إيران لن تكون مُستعدّة أبداً لتحمّل مخاطر تفعيل تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، حيث لدى الجمهورية الإسلامية سجل مؤسف في حقوق الإنسان وعدد عمليات الإعدام (901 شخصاً في عام 2024، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين).
Alors que le nom d'un troisième otage français en#Iran a été révélé, pourquoi les Européens sont-ils si tétanisés devant la stratégie de Téhéran ?
Mon analyse à lire @LEXPRESS en accès libre >> https://t.co/7WSZ8N2jeP
ومع استئناف المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني في جنيف في 13 يناير (كانون الثاني)، فإنّ هاجس الاتحاد الأوروبي يتلخّص في الحفاظ على خط الحوار من أجل تجنّب تصعيد هذا البرنامج.
ومع ذلك، ترى همدان أنّ عنصراً واحداً هو ما يُمكن أن يدفع الأوروبيين إلى زيادة الضغط على الجمهورية الإسلامية، وهو التحالف بين موسكو وطهران.
فمع اقتراب سنوات الحرب الثلاث في أوكرانيا، يُدرك الأوروبيون أنّ الدعم اللوجستي الذي تُقدّمه طهران لموسكو، لا سيّما عبر الطائرات بدون طيار، والتحالف كذلك مع بيونغ يانغ، يسمح لروسيا بمواصلة الصراع. لذا فإنّ مُهاجمة إيران اليوم يُمكن أن يُرسل بشكل غير مباشر رسالة قوية إلى روسيا.
وكانت أفريل هاينز، مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، قد حذّرت حديثاً من هذا التحالف بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية، وخاصة فيما يتعلق بالقضية النووية.
لذا فإنّ هذا الملف برأي خبراء ومحللين سياسيين هو الاحتمال الأكثر إثارة للقلق بالقدر الكافي لإخراج الأوروبيين من حالة الشلل تجاه التصدّي لاستراتيجية إيران في اختطاف الرهائن.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران أوكرانيا روسيا أوكرانيا روسيا إيران الحرس الثوری
إقرأ أيضاً:
رويترز: وزير الدفاع السعودي نصح الإيرانيين باغتنام فرصة المفاوضات مع ترمب أو مواجهة حرب إسرائيلية
يمن مونيتور/وكالات
وجه وزير الدفاع السعودي رسالة صريحة إلى المسؤولين الإيرانيين في طهران الشهر الماضي مفادها: خذوا عرض الرئيس دونالد ترامب للتفاوض بشأن اتفاق نووي على محمل الجد، لأنه يمثل وسيلة لتجنب خطر الحرب مع إسرائيل.
وقال مصدران خليجيين مقربان من دوائر الحكم ومسؤولان إيرانيان، إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، البالغ من العمر 89 عامًا، أوفد نجله الأمير خالد بن سلمان محمّلاً بالتحذير الموجّه إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، بعد أن أعربت المملكة عن قلقها من احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات في المنطقة.
وحضر الاجتماع المغلق في طهران، الذي عُقد في 17 أبريل داخل المجمع الرئاسي، كل من الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان، ورئيس أركان القوات المسلحة محمد باقري، ووزير الخارجية عباس عراقجي، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة.
ورغم أن وسائل الإعلام غطّت زيارة الأمير السعودي البالغ من العمر 37 عامًا، فإن مضمون الرسالة السرية من الملك سلمان لم يُكشف عنه سابقًا.
وقالت أربعة مصادر، ان الأمير خالد، الذي شغل منصب سفير السعودية في واشنطن خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، حذر المسؤولين الإيرانيين من أن الزعيم الأميركي لا يملك صبرًا طويلاً على المفاوضات المطولة.
وكان ترامب قد أعلن بشكل مفاجئ قبل أكثر من أسبوع بقليل أن محادثات مباشرة تُجرى مع طهران تهدف إلى كبح برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات.
وجاء إعلانه ذلك بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان قد سافر إلى واشنطن على أمل الحصول على دعم لشن هجمات على مواقع نووية إيرانية.
وقال الأمير خالد لمجموعة المسؤولين الإيرانيين الكبار في طهران، إن فريق ترامب يسعى لإبرام اتفاق سريع، وإن نافذة الدبلوماسية ستُغلق قريبًا، بحسب المصادر الأربعة.
وأضاف الوزير السعودي أن من الأفضل التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بدلًا من مواجهة احتمال هجوم إسرائيلي إذا فشلت المفاوضات، بحسب مصدرين خليجيين.
وأوضح، بحسب المصدرين الخليجيين ودبلوماسي أجنبي كبير مطلع على المحادثات، أن المنطقة – التي تعاني أصلًا من الصراعات الأخيرة في غزة ولبنان – لا يمكنها تحمل مزيد من التصعيد في التوترات.
ولم ترد السلطات الإيرانية على طلب للتعليق قبل نشر التقرير، لكن بعد نشره نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي “نفياً قاطعًا” تقرير وكالة رويترز، بحسب ما نقلته وكالة أنباء فارس شبه الرسمية، ولم ترد السلطات السعودية كذلك على طلب للتعليق.
وتُعد زيارة الأمير خالد – الشقيق الأصغر لولي العهد الأمير محمد بن سلمان – أول زيارة يقوم بها عضو بارز من العائلة المالكة السعودية إلى إيران منذ أكثر من عقدين.
وكانت الرياض وطهران خصمين لدودين على مدى سنوات طويلة، غالبًا ما دعمتا أطرافًا متعارضة في حروب بالوكالة، حتى أدى التقارب الذي توسطت فيه الصين عام 2023 إلى تخفيف التوترات واستئناف العلاقات الدبلوماسية.
وتراجعت مكانة إيران الإقليمية خلال العامين الماضيين، نتيجة الضربات العسكرية القاسية التي وجهتها إسرائيل لحلفائها، حماس في غزة وحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى الإطاحة بحليفها الوثيق، الديكتاتور السوري بشار الأسد.
كما ألحقت العقوبات الغربية أضرارًا جسيمة باقتصادها المعتمد على النفط.
وقال مهند حاج علي، الخبير في الشأن الإيراني بمركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، إن ضعف طهران منح السعودية فرصة لبسط نفوذها الدبلوماسي سعيًا لتجنب انفجار إقليمي.
وأضاف لرويترز: “السعوديون يريدون تجنب الحرب، لأن أي مواجهة مع إيران ستكون لها تبعات سلبية على المملكة ورؤيتها الاقتصادية وطموحاتها”.
إيران تريد اتفاقًا
لم تتمكن رويترز من تحديد تأثير رسالة الأمير على القيادة الإيرانية.
وخلال الاجتماع، ردّ پزشكيان بأن إيران ترغب في التوصل إلى اتفاق لتخفيف الضغوط الاقتصادية من خلال رفع العقوبات الغربية، بحسب ما أفادت به المصادر الأربعة.
لكن المسؤولين الإيرانيين، بحسب المصادر، أعربوا عن قلقهم من نهج إدارة ترامب “غير المتوقع” في المفاوضات — والذي تراوح بين السماح بتخصيب محدود لليورانيوم والمطالبة بالتفكيك الكامل لبرنامج التخصيب الإيراني.
وقد هدد ترامب أيضًا باستخدام القوة العسكرية إذا فشلت الدبلوماسية في كبح طموحات المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران النووية.
وقال أحد المصادر الإيرانية إن پزشكيان شدد على رغبة طهران القوية في التوصل إلى اتفاق، لكنه أوضح أن إيران ليست مستعدة للتخلي عن برنامج التخصيب لمجرد أن ترامب يريد صفقة.
وقد مرت المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران بخمسة جولات حتى الآن لحل النزاع النووي المستمر منذ عقود، لكن لا تزال هناك العديد من العقبات، من بينها قضية التخصيب التي تُعد مسألة محورية.
وكانت رويترز قد أفادت يوم الأربعاء بأن إيران قد توقف مؤقتًا تخصيب اليورانيوم إذا قامت الولايات المتحدة بالإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة واعترافها بحق طهران في تخصيب اليورانيوم للاستخدامات المدنية، وذلك بموجب “اتفاق سياسي” قد يمهد الطريق لاتفاق نووي أشمل، وفقًا لمصدرين إيرانيين مطلعين على المحادثات، غير أن وكالة أنباء فارس شبه الرسمية نقلت عن متحدث باسم وزارة الخارجية نفيه للتقرير.
ولم يجب البيت الأبيض بشكل مباشر على أسئلة رويترز بشأن ما إذا كان على علم بالتحذير السعودي الموجّه إلى إيران.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، في بيان: “الرئيس ترامب كان واضحًا: أبرموا اتفاقًا أو واجهوا عواقب وخيمة، والعالم بأسره يأخذ ذلك على محمل الجد، كما ينبغي له”.
وقال ترامب يوم الأربعاء إنه حذّر نتنياهو الأسبوع الماضي من اتخاذ أي خطوات قد تُعطل المحادثات النووية مع إيران، وأضاف أن الجانبين “قريبان جدًا من التوصل إلى حل الآن”.
ولم ترد السلطات الإسرائيلية على طلب للتعليق.
رهانات عالية
وقد تم تنصيب المملكة العربية السعودية كأبرز عضو في محور جديد من الدول السنية في الشرق الأوسط، لملء الفراغ الذي خلّفه تحطُّم التحالف الإيراني وذلك خلال زيارة استمرت أربعة أيام قام بها الرئيس ترامب إلى الخليج هذا الشهر.
وخلال الرحلة، توسط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مصالحة بين ترامب وزعيم سوريا السني الجديد أحمد الشرع.
في المقابل، تراجعت الهيبة الإقليمية لطهران نتيجة نكسات عسكرية لحقت بها وبحلفائها ضمن ما يُعرف بمحور المقاومة الذي تهيمن عليه الطائفة الشيعية، ويشمل حركة حماس، وحزب الله، والحوثيين في اليمن، والميليشيات العراقية.
وحث الأمير خالد إيران خلال الاجتماع، على إعادة التفكير في سياساتها الإقليمية، مشيرًا إلى أن مثل هذا التحوّل سيكون موضع ترحيب، وخاصة من قبل الرياض، بحسب ما أفادت به المصادر.
ورغم أنه لم يوجه اللوم بشكل مباشر إلى إيران، أعرب الوزير السعودي عن قلقه من احتمال تكرار هجمات الطائرات المسيرة عام 2019 على منشآت شركة أرامكو النفطية الحكومية — وهي الهجمات التي حمّلت المملكة مسؤوليتها لإيران وحلفائها الحوثيين، رغم نفي طهران.
وأوضح المسؤولون الإيرانيون أن طهران وإن كانت تملك بعض النفوذ على الحوثيين، فإنها لا تسيطر بالكامل على أفعالهم، وفقًا للمصادر الإيرانية.
وقد ساهمت عقود من العداء بين إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية في زعزعة استقرار الخليج وتأجيج الصراعات الإقليمية من اليمن إلى سوريا.
وكانت المصالحة في عام 2023 مدفوعة جزئيًا بطموحات ولي العهد السعودي الاقتصادية ورغبته في تحقيق الاستقرار، وقد أدت إلى زيادة الاتصالات بين الحكومتين.
ومع ذلك، لا ترى السعودية ولا القوى الإقليمية الأخرى أن إيران شريك موثوق به للسلام، ويخشون من أن تؤدي أفعالها إلى تقويض طموحاتهم في التنمية الاقتصادية، وفقًا لما يقوله دبلوماسيون وخبراء إقليميون.
وقد ناشد الأمير خالد الإيرانيين تجنب أي تصرفات من جانبهم أو من جانب حلفائهم قد تستفز واشنطن، مؤكدًا أن رد ترامب سيكون على الأرجح أكثر حدة من ردود أسلافه، الرئيسين جو بايدن وباراك أوباما.
وفي المقابل، طمأن الأمير خالد طهران بأن الرياض لن تسمح باستخدام أراضيها أو مجالها الجوي من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل لأي عمل عسكري محتمل ضد إيران، وفقًا لما أفادت به المصادر.