«عبدالغفور البرعى» هو إحدى أشهر الشخصيات الدرامية التى أتحفنا بها الروائى إحسان عبدالقدوس فى رائعته «لن أعيش فى جلباب أبى» والتى تجسد قصة حياة أحد أكبر تجار الحديد والخردة بمنطقة الحدادين بمدينة طنطا والذى يدعى نادى السباعى والذى التقاه الفنان نور الشريف شخصياً قبل تصوير المسلسل للتعرف على ملامح شخصيته عن قرب وأبدع في تجسيدها أيما إبداع.
ويمثل عبدالغفور البرعى - أو نادى السباعى- نموذجاً للرجل العصامى الذى بنى نفسه من لا شىء ولم يكن يملك سوى حلمه وقوة إرادته فى تحقيق ما يريده فى الحياة، فشق طريقه وسط الصعاب متحدياً كل من -وما- يقابله من صعوبات إلى أن وصل إلى ما يريد وهو نموذج موجود منذ الأزل فى جميع البيئات والبلاد، وإذا جبت صفحات التاريخ -وأيضاً الجغرافيا- تجد عبدالغفور الأمريكانى والصينى والكورى والهندى فى أقصى أرجاء المعمورة شمالها وجنوبها، شرقها وغربها.
فنموذج عبدالغفور نجده فى الهند متمثلاً فى لاكشمى ميتال، قطب صناعة الصلب الهندى، الذى نشأ فى أسرة هندية فقيرة فى سادولوبر فى راجستان. عمل والده بعد ذلك فى تجارة الفولاذ، وأصبح ميسور الحال مما هيأ لميتال الالتحاق بالجامعة، وبعد ذلك التحق بالعمل مع والده فى شركة الفولاذ التى أسسها. فى عام 1994، انفصل عن والده وإخوته وأسس شركته الخاصة أرسيلور ميتال، وقد كوَّن ثروته على مدار عقدين من الزمان من خلال شراء مصانع صلب مفلسة بثمن بخس وتحويلها إلى مشاريع مربحة، وغدا من المليارديرات.
وعندما نجوب أرجاء المعمورة يرسو قاربنا على شواطئ إيطاليا لنصادف ليوناردو ديل فيكيو الذى نشأ فى ميلانو لأم أرملة كانت تكافح من أجل تغطية نفقاتها، ودفعها الفقر المدقع إلى إرسال ابنها إلى دار للأيتام. لكسب لقمة العيش، وقد عمل ديل فيكيو فى مصنع لصناعة قوالب لقطع غيار السيارات وإطارات النظارات إلى جانب دراسته فى المعهد الصناعى للتصميم، وقد أنشأ بجهده الخاص مصنعاً صغيراً فى منزله لتصنيع أجزاء النظارات وكان يعمل 20 ساعة فى اليوم لكسب ثقة المصانع بجودة إنتاجه. بعد 6 سنوات أسس مصنعاً أكبر أسماه لوكسوتيكا، الذى يصنع الآن «ماركات» تجارية مثل ريبان وأوكلاى ويعد أكبر منتج للنظارات فى العالم.
ونجوب معاً آفاق المكان والزمان لنستقر فى عام 1981 حيث هاجر دو وون تشانغ وزوجته جين سوك من كوريا الجنوبية إلى لوس أنجلوس سعياً وراء النجاح والفرص الجديدة، وقد عانى الزوجان الفقر المدقع وعدم تمتعهما بتعليم رسمى إضافة إلى عدم إجادتهما للغة الإنجليزية، وكان عليه العمل ليل نهار لتوفير «لقمة العيش»، فكان يعمل فى الصباح فى محطات الوقود وفى الظهر فى محال بيع القهوة وفى المساء بواباً، واستطاع أن يجمع رأسمال لمشروع ظل يحلم به وتحمل مشقة الوظائف الثلاث فى سبيل جمع المال الذى بدأ به أولى خطوات تحقيق حلمه. بعد فترة وجيزة، افتتح متجراً لبيع الملابس بمساحة صغيرة ليتحول بعد ذلك إلى سلسلة متاجر لبيع الملابس، والتى أصبحت واحدة من أشهر العلامات التجارية فى العالم.
إذن، قصص الكفاح والنجاح عديدة تقرأها بكل لغات العالم، وأبطالها هذه القصص ذوو إرادة حديدية لا يسمحون لشىء بأن يفت فى عضدهم بل يحولون كل ما يقابلهم من عوائق ومشكلات ومصاعب حافزاً لهم لتحقيق ما يتمنون، وعلى النقيض من هؤلاء، يصادفك العديد من الشخصيات الذين يمتلئ حديثهم بلعن الظروف والحظ العثر الذى يلازمهم فى حياتهم ويتسبب فى فشل إثر آخر يعوقهم عن تحقيق أى ما يريدون، ويختلقون لأنفسهم أى مبرر يقنعون به ذواتهم، لكن الحقيقة التى لا مراء فيها أن الفشل يبدأ عندك أنت وينتهى عندك أيضاً، وعليك أن تقرر هل ستغدو مثل «عبدالغفور البرعى» أم ستظل تلعن الظروف وتهدر حياتك فيما لا طائل من ورائه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إحسان عبدالقدوس لن أعيش في جلباب أبي السيارات لقطع غيار السيارات
إقرأ أيضاً:
حوار الوفد مع الدكتور مبروك عطية عن ما لايذكرمن السيرة المطهرة وسبب ذلك
جعل الله سبحانه سيرة نبيه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم واله وصحبه وتابعيه بإحسان وسلم تسليما هداية للمؤمنين وقال الله فى سورة الاحزاب لقد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً.
وفي حوار الوفد مع الدكتور مبروك عطية عن ما لايذكرمن السيرة المطهرة وسبب ذلك وقال السيرة النبوية هي الترجمة العملية للقرآن الكريم الذى كان خلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.
وقد لاحظت ان هناك امورا لايعرفها كثير من الناس من سيرته صلي الله عليه وسلم ومن ذلك
عام الفرح
و كثير من الناس يعرف عام الحزن وهو العام الذى ماتت فيه السيدة خديجة رضي الله عنها وكانت سكنه ومؤازرته بمالها في نشر دعوته امنت به اذ كفر الناس وصدقته اذ كذبه الناس واعطته اذ منعه الناس ومات فيه عمه ابو طالب الذى مانالت منه قريش منالا يكرهه حتي مات لكن كثيرا من الناس ان هناك عاما اخر في حياة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم اسمه عام الفرح وهوالعام الذى فتح الله عز وجل مكة لرسوله صلي الله عليه وسلم حيث حطم صلي الله عليه وسلم الاصنام ودخل الناس في دين الله أفواجا.
وتعدد مواقف الفرح في حياة سيدنا محمد كفرحه بإسلام الغلام اليهودي واهم فرحه صلي الله عليه وسلم فرحه بالنعمة وان دقت ذكر السهيلي في كتابه الروض الانف ان اعرابيا اهداه صلي الله عليه وسلم قثاء صغيرة ففرح بها واكل منها ليريه انها تحفة وارسل منها الي زوجه ام سلمة وكانت معه في سفره ففرحت رضي الله عنها واكلت منها وسبب عدم ذكر ذلك اننا في الاعم الاغلب عشاق النكد نذيع من اخباره ما يحزننا ونكتم علي الاخبار المفرحة.
ولعلنا نلاحظ ان فرحنا بدقيق النعمة كاد يختفي وشاع علي ألسنة الكثير منا حين يهدي اليه شىء ماهذا وماذا قدم استقلالا لما جاءه واستخفافا بما قدم اليه.
والاسلام يدعو الي الفرح لادني ملابسه ولك ان تتأمل في ذلك قول الله ويؤمئذ يفرح المؤمنون بنصر الله أي يوم ان يغلب الروم الفرس يفرح المؤمنون وذلك لان الروم اصحاب كتاب كالمؤمنين بخلاف الفرس الذين لا كتاب لهم يفرح المؤمنون بنصر من شابههم لا يفرحون بنصر الله تعالي اياهم.
كذلك يذكر من السيرة النبوية كثيرا من مواقف الجود والعطاء ومنها ان النبي صلي الله عليه وسلم اعطي رجلا ثمانين شاة لانه ضربه بقدح كان في يده الشريفة قائلا لعلنا اوجعناك مع ان الرجل لم يشتك وجعا فكيف يكر هذا من هو جريص شحيح.
ان الرجل يضرب اخاه ويكسر له عضوا من اعضائه ولا يعطيه شىء الا اذا حكت به المحكمة وقد يستأنف حتي يعفي من دفع شىء.
وذكر ذلك يدعو الناس الي جبر الخواطر من ضربوه وهم لايحبون جبر الخاطر لا كلاما دون العطاء.
اننا في حاجة الى ذكر مايدعونا الي خير من السعادة والفرح والجود و العطاء من سيرة خير من صلي وصام وعاش الحياة صلي الله عليه وسلم.