سكان لوس أنجلوس يواجهون صدمات أخرى بعد حرائق الغابات الضخمة
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
وجد الآلاف من سكان مدينة لوس أنجلوس الأميركية أنفسهم وسط منافسة شرسة للعثور على مكان يعيشون فيه بأسعار معقولة، وذلك بعد أن فقدوا منازلهم في بعض من أكثر حرائق الغابات تدميرا في تاريخ ولاية كاليفورنيا.
وأودت الحرائق بحياة 27 شخصا على الأقل حتى أمس الجمعة كما تسببت في تدمير أكثر من 10 آلاف مبنى في المناطق السكنية في باسيفيك باليساديس وألتادينا.
وفي أعقاب الحرائق، ارتفعت الإيجارات بشكل كبير وأحاط الغموض بتعويضات التأمين، مما جعل بعض النازحين في وضع غير واضح المعالم.
وفي مقابلات أجريت الأسبوع الماضي، عبّر سكان من لوس أنجلوس عن ألم البعد عن الأحياء التي كانوا يعيشون فيها وعن التحدي الكبير المتمثل في تحديد مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم.
إيجارات مجنونةيقيم جون أدولف (48 عاما) وزوجته وطفلاه الصغيران وكلباه مع بعض أصدقائه منذ فرارهم من منزلهم في ألتادينا قبل أسبوع. ودمر حريق إيتون منزلهم الذي عاشوا فيه لمدة 6 سنوات بالقرب من غابة أنجلوس الوطنية.
وقال "نحمد الله على أننا في أمان، لكننا لا نعرف ماذا ينتظرنا بعد ذلك. نحن (أنا وزوجتي) محظوظان، فما زلنا نعمل هنا. أعرف أشخاصا فقدوا سبل عيشهم وعليهم أن يبدؤوا من جديد. ما زلنا نعمل".
إعلانويعيش أدولف وزوجته كريستين في لوس أنجلوس منذ ولادتهما ولا يعتزمان الانتقال من المنطقة بشكل دائم "ما لم يضطروا إلى فعل ذلك".
وفي الوقت الراهن، تشعر الأسرة بالارتياح للبقاء مع الأصدقاء لكنها تعلم أن هذا لن يدوم على المدى الطويل. وقد بدؤوا بالفعل في البحث عن شقق للإيجار.
وقال أدولف "لدينا طفلان وكلبان كبيران.. نحن بحاجة إلى شيء مستقر للطفلين".
غير أن الزوجين عندما ذهبا لمعاينة منزل للإيجار، كانت هناك بالفعل 6 عائلات مصطفة أمامهم، وعلق أدولف "لا شك أن هذا جنون. الأمور خرجت عن السيطرة تماما".
ورغم أن منزله كان مؤَمنا عليه، يشعر أدولف بالقلق من أن ارتفاع تكاليف البناء وأسعار التأمين الجديدة قد تدفعهم إلى الخروج من الحي الذي كانوا يعيشون فيه، وقال "لا نعلم ما إذا كنا سنتمكن من إعادة البناء".
وأضاف أنه ليس لديه أي فكرة عن المدة التي ستستغرقها السلطات لإزالة الأنقاض قبل أن يتمكنوا من بناء المنزل. وتابع "نحن حقا نرغب في البقاء، ولكن من يدري؟ لا نعرف".
تنقلات مستمرةفي صفحة "غو فند مي" التي أنشأتها كيت ألكساندريا، وضعت صورة للحريق الذي أتى على شقتها المستأجرة في ألتادينا وتقول إنها استنفدت كل الرصيد المتاح في بطاقات ائتمانها. وتلقت تبرعات بأكثر من 3 آلاف دولار حتى أمس الجمعة.
وألكساندريا البالغة من العمر 27 عاما، انتقلت إلى لوس أنجلوس قبل 3 سنوات، وكانت تستأجر ما وصفته بأنه شقة جرى تعديلها بشكل غير قانوني في ألتادينا فوق مرائب مليئة بالوقود والطلاء ومواد أخرى سريعة الاشتعال. ولفترة من الوقت، تقاسمت الإيجار الشهري الذي يبلغ ألفي دولار -وهو سعر يعد نادرا في لوس أنجلوس- مع زميلة في السكن.
وبعد الحرائق، أعاد المالك إيجار شهر يناير/كانون الثاني، لكنها لم تسترد وديعة التأمين التي تبلغ ألفي دولار، والتي تقول إنها في أمسّ الحاجة إليها.
إعلانوتقول ألكساندريا إنها تتناول حوالي 40 نوعا من الأدوية للسيطرة على الأعراض المؤلمة لإعاقة، لكن أغلب الأدوية دمرتها النيران. وسوف يكلف استبدال الوصفات الطبية مئات الدولارات.
وتركت قطتها في منزل صديقتها في باسادينا القريبة والذي يخضع للتجديد، بينما تنام في منزل والدة صديقة لها في فان نويس، على بُعد نحو 30 كيلومترا غربي ألتادينا، حتى اليوم السبت، عندما تعود الأم من رحلة. وفي أغلب الأيام تتنقل بين المكانين. وقالت "سيكون عليّ الانتقال بين مكان وآخر لفترة من الوقت".
ووافقت إدارة الطوارئ الاتحادية على دفع مبلغ أولي قدره 770 دولارا، وهو مبلغ بسيط في مدينة عالية التكلفة مثل لوس أنجلوس، لذلك تحاول ألكساندريا الحصول على موافقة على تأمين الكوارث والذي سيوفر لها إيجار بضعة أيام على الأقل.
وتحظر كاليفورنيا رفع الأسعار بأكثر من 10% في حالة الكوارث، ومع ذلك ارتفعت الإيجارات. وقالت ألكساندريا وهي تتصفح قوائم الشقق المتاحة، إن الوحدات التي كانت مدرجة بسعر ألفي دولار شهريا في يناير/كانون الثاني أصبحت الآن بأكثر من 3 آلاف دولار.
وعبرت عن انزعاجها مما أسمته "شر" أصحاب العقارات، لكنها تحلم بالعودة إلى حيها القريب لقلبها، وقالت "إنه المكان الأكثر غرابة وروعة في لوس أنجلوس".
مدينة مهجورةقالت ديزي سواريز غايلز، التي فقدت منزلها الذي اشترته في عام 2021 المكون من 4 غرف نوم في ألتادينا، وحديقة أشجار الحمضيات والأفوكادو التي زرعتها "أشعر وكأن المكان الذي يعيش فيه المرء هو جزء من الهوية"، وأضافت "أشعر وكأن جزءا من هويتنا قد اختفى".
وحصلت هي وزوجها كيث غايلز على غرفة فندق وسط مدينة لوس أنجلوس بالقرب من النادي الصحي الذي يملكانه مقابل حوالي 170 دولارا لليلة، وهو نوع من خصم الموظفين لأن الفندق يستعين بالعاملين لديهم.
وانتقل الزوجان أمس الجمعة إلى شقة إيجار مجانية تبرعت بها منصة "إير بي إن بي" لمدة 10 أيام، ولكنهما لا يعرفان أين سينتهي بهما المطاف بعد ذلك.
إعلانوأرسل الزوجان ابنيهما الصغيرين إلى أقارب في فلوريدا، لحين استعادة بعض الاستقرار.
ولا يزال يتعين عليهما سداد الرهن العقاري كل شهر لمنزلهما المدمر الذي لا يزالان مدينين بسببه بمبلغ 850 ألف دولار. وأصبح سداد أقساط الرهن العقاري أكثر صعوبة الآن لأنهم كانا يعتمدان جزئيا على الإيجار الذي يدفعه مستأجر يعيش في أستوديو في الجزء الخلفي من المنزل. كما تراجعت أعمالهم في النادي الصحي فجأة.
وقالت ديزي "كنا نكافح والآن مع الحريق أصبح الأمر أشبه بمدينة مهجورة. لا أحد يفكر في النادي الصحي الآن"، مشيرة إلى أنها تنتظر رفقة زوجها سماع رد من شركة التأمين حول التعويض الذي سيحصلان عليه على مدى الأشهر الـ12 المقبلة.
ولم تكن بداية رحلتهما للبحث عن منزل جديد للإيجار موفقة، إذ إن هدية عيد الميلاد للأولاد التي كانت جروا صغيرا سهلت رفض أصحاب العقارات بسبب قاعدة "لا حيوانات أليفة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات لوس أنجلوس
إقرأ أيضاً:
كيف يعيش ويموت سكان غزة خلال المنخفض الجوي؟
فاقم المنخفض الجوي العميق الذي يضرب القطاع من معاناة السكان الشديدة تزامنًا مع تواصل تأثيرات حرب الإبادة الإسرائيلية التي امتدت لأكثر من سنتين، وأتت على معظم المباني السكنية والبنية التحتية والمرافق الأساسية، وعرّضت السكان لفترات طويلة من سوء التغذية والمجاعة.
وارتفعت حصيلة شهداء المنخفض الذي أطلق عليه اسم "بيرون" إلى 14 شخصًا بينهم أطفال ونساء، بفعل تأثيرات الاضطرابات الجوية الشديدة والبرد، وجراء انهيارات جزئية وكلية لمنازل ومبانٍ على رؤوس ساكنيها بسبب الأمطار، إضافة إلى انجراف وتدمّر خيم الإيواء المهترئة.
والمناخ الشتوي في قطاع غزة بارد نسبيًا ورطب، وتتراوح درجات الحرارة عادة بين 7 و16 درجة مئوية خلال شهري كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، وقد تنخفض ليلًا إلى أقل من 5 درجات في بعض الليالي، إلا أن فترات المنخفضات الجوية قد تشهد درجات حرارة متدنية.
وبدأت معاناة الفلسطينيين في غزة مع النزوح وانعدام المساكن عندما طالب الاحتلال بإخلاء الجزء الشمالي من القطاع في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو الأمر الذي تكرر بشكل شبه أسبوعي لفترات طويلة من حرب الإبادة، بينما عمل الاحتلال على تدمير شبه كامل للمناطق التي ينزح منها السكان.
تفاصيل أكثر عن أوضاع الشتاء في قطاع غزة: كيف يموت الإنسان بردًا وماذا ينتظر سكان غزة في شتاء الحرب الثالث؟
"نجونا"
يقول سليمان (45 عامًا) إنه يسكن في شقة مستأجرة بعدما دمّر الاحتلال بناية عائلته بالكامل ومن ثم بناية أنسابه التي نزح إليها في شهور الحرب الأخيرة، وهو رغم نجاته من ويلات الخيام في الوقت الحالي، إلا أن عائلته تأثرت بشكل كبير من المنخفض الحالي.
ويكشف سليمان لـ"عربي21" أن شدة الرياح والأمطار أدت إلى انخلاع نافذة كبيرة في الشقة التي يستأجرها وسقطت فوق سرير ينام عليه أطفاله، قائلًا: "لطف ربنا أنهم لم يكونوا في الغرفة في ذلك الوقت، النافذة كبيرة ولو سقطت على رجل كبير لقتلته".
ويضيف: "كان الله في عوننا وعون الناس في الخيام، كل ما لدى أي شخص في غزة حاليًا من بطانيات ومفارش هو كل ما يملكه، وشراء حاجيات جديدة صعب جدًا ومكلف جدًا، وبمجرّد ابتلال هذه الأمتعة يعني البرد الشديد، لا توجد وسائل لتجفيف البطانيات حاليًا سوى الشمس، وهي الغائبة بسبب المنخفض والأمطار الغزيرة".
ويؤكد: "الحصول على الدفء حاليًا صعب جدًا، نحن لا نتكلم عن ثمن كهرباء أو غاز أو أي محروقات، نحن نتكلم عن النار والحطب والأخشاب.. وسائل بدائية للتدفئة، لكن من لديه فائض خشب أو حطب يدّخره لإعداد الطعام اليومي، وهذا إذا تمكن أصلًا من إشعال نار في ظل هذه الظروف".
"سأموت من الخوف"
تقول فاطمة إن فترة الشتاء والأمطار والطقس البارد طالما كانت مفضلة لديها طوال السنوات الماضية، وأنها كانت دائمًا ما تسخر من الأشخاص الذين يحبون فصل الصيف، لكن منذ بدء حرب الإبادة وخسارة الناس لكل شيء أصبح الشتاء بالنسبة لها كابوسًا.
جوانب أخرى عن تبعات الإبادة الإسرائيلية: "إطعام قاتل".. كيف تمنع "إسرائيل" علاج سوء التغذية بعد مجاعة غزة؟
وتوضح فاطمة لـ"عربي21" أنها تعيش في بقايا بيتها الذي تضرر بشكل كبير وبقي أكثر من نصفه بقليل، مشيرة إلى أنها "سعيدة وتحمد الله أنها لم تضطر للعيش في الخيام"، إلا أنها أصبحت قلقة جدًا بعدما سقطت العديد من الشقق والمباني في غزة جراء الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتضيف: "أفكر خلال فترات الليل واشتداد الأمطار: هل سيسقط علينا السقف؟ هل سنصبح عالقين تحت ركام المنزل دون وسائل لإنقاذنا مثلما حصل مع عشرات الآلاف من الناس طوال حرب الإبادة؟ هل سنموت من البرد تحت الحجارة ببطء؟ خلال الأيام الماضية تكون هذه أفكاري طوال الليل حتى أسقط في النوم".
من الخيمة
يعتبر وليد أن فكرة البقاء في خيمة خلال مثل حالات المنخفض الشديد الحالية ليست سيئة بشكل تام، بل قد تكون أفضل نظرًا لأوضاع الأبنية الحالية وتصدعها الشديد بفعل القصف الشديد والارتدادات التي حصلت لها دون السنتين الماضيتين".
ويؤكد وليد لـ"عربي21" أن "الفكرة هي الحفاظ على الخيمة دون بلل داخلي أو دخول المياه لها، وهذه أمور يحددها موقع الخيمة وهل هي ضمن منطقة تتجمع فيها الأمطار، أو في مكان جريان المياه من المناطق المرتفعة إلى المناطق المنخفضة. حال الحفاظ على الخيمة جافة من الداخل يمكن الحفاظ على حرارة من يبيت فيها خلال الليل بتركها مغلقة مع استخدام البطانيات الثقيلة".
ويضيف: "طبعًا اختيار المكان المناسب للخيمة ليس متاحًا لمعظم الناس، المناطق في غزة مزدحمة والمخيمات مكتظة ويتم عملها بشكل عشوائي أينما توفرت أراضٍ فارغة أو مرافق قريبة من أسواق أو محطات مياه وغيرها من الأمور الأساسية".
ويذكر أن تحقيق هدف إبقاء الخيمة جافة يواجه صعوبات متعلقة بحالة الخيمة نفسها وهل هي عازلة للمياه أو يتوفر لها أغطية بلاستيكية "شادر" فوق الخيمة لحمايتها من المياه في الشتاء وحتى الشمس الحارقة في الصيف التي تعمل على ضعف نسيجها القماشي.
ويقول وليد: "معظم الناس عمر خيمتها سنتان من الحرب وفك وتركيب الخيمة أكثر من مرة، هذه الخيام تعرضت لحرارة الصيف مرتين، ولمواسم الأمطار والرياح لثلاث مرات.. طبيعي أنها ستغرق، مش طبيعي لو ما غرقت".
ومنذ بدء المنخفض الجوي، ارتفع عدد المباني التي كانت متضررة من قصف الاحتلال الإسرائيلي وانهارت جراء الأمطار الغزيرة، إلى 16 مبنى منذ بدء المنخفض الأربعاء، وفق معطيات رسمية ومصادر أمنية.
وليلة الخميس، عاش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين أوقاتًا صعبة داخل خيام مهترئة بمختلف مناطق القطاع، مع استمرار تأثير المنخفض "بيرون" على القطاع، حيث أغرقت مياه الأمطار وجرفت السيول واقتلعت الرياح أكثر من 27 ألف خيمة، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتعيش نحو 250 ألف أسرة في مخيمات النزوح بقطاع غزة، تواجه البرد والسيول داخل خيام مهترئة، وفق تصريحات سابقة للدفاع المدني. ورغم انتهاء حرب الإبادة، لم يشهد واقع المعيشة لفلسطينيي غزة تحسنًا جراء القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات، منتهكة بذلك البروتوكول الإنساني للاتفاق.
وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بدعم أمريكي واستمرت لسنتين، أكثر من 70 ألف شهيد وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.