دبلن- يواصل الشعب الأيرلندي، في كل من أيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا التابعة للاتحاد الأوروبي، التزامه المستمر بدعم القضية الفلسطينية، وحث حكومته على التواصل مع جميع الأطراف المعنية، بحثا عن حل سلمي "للصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

ويعتبر الشعب الأيرلندي القضية الفلسطينية انعكاسا لسنوات الحرب الأهلية والصراع ما قبل الانفصال حتى حققت أيرلندا انفصالها، ولذلك أثّر إعلان وقف إطلاق النار على الساسة والنواب بأيرلندا.

وفي هذا السياق، قابلت الجزيرة نت مجموعة من الساسة والنقابيين ومقررة أممية لرصد ردود أفعالهم بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار.

الناشطون المؤيدون لفلسطين يشاركون في حملات منتظمة (رويترز) مطالب بالعقوبات

قال النائب الأيرلندي ريتشارد بويد، في تصريح خاص للجزيرة نت، "بالطبع، سيحتفل جميع من لديهم إنسانية باتفاق وقف إطلاق النار؛ بعد الجرائم المروعة التي ارتُكبت بحق المدنيين في غزة خلال الأشهر الـ15 الماضية". وأوضح أنهم يريدون أكثر من مجرد وقف إطلاق النار، إذ طالب بفرض عقوبات دولية وتحقيق العدالة الجنائية، لمحاسبة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في غزة.

"علينا معالجة جذور المشكلة، وهي الاحتلال الاستعماري غير القانوني للأراضي الفلسطينية، ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، إلى جانب بناء المستوطنات غير القانونية، والتجاهل الممنهج للحقوق الفلسطينية" يضيف المتحدث.

ويشير إلى أن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار سابقا لكنها خرقته مرارا، وهو ما جعله يكرر أن "على العالم اليوم أن يتحمل مسؤولية وقف إسرائيل والولايات المتحدة عند حدهما، وتحميلهما تبعات رعاية الجرائم الإسرائيلية".

إعلان

إعادة البناء

من جانبها، صرحت ماريا ماكورماك، سيناتور مجلس الشيوخ الأيرلندي عن حزب شين فين، للجزيرة نت، بأنه "لطالما كان حزب شين فين داعما للقضية الفلسطينية. وبوصفي أمًّا، أشعر بالارتياح لوقف إطلاق النار، لكن يجب أن نضمن عودة الأطفال إلى منازلهم وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة".

وتضيف أن الوضع الإنساني كارثي في غزة، حيث دُمرت 70% من البنية التحتية، مطالبة بالعمل على إعادة الإعمار وتحقيق التوازن سريعا.

وتذكر المتحدثة ذاتها أن حزبها بذل جهودا كبيرة لوقف إطلاق النار، وأن المرحلة القادمة تتطلب تسليط الضوء على تنفيذ الاتفاق وضمان دخول المساعدات. وأعربت عن أنها تتطلع للانضمام إلى بعثات لزيارة غزة والضفة الغربية قريبا.

وتواصل النقابات العمالية في أيرلندا الشمالية والجمهورية الأيرلندية المضي قدما في الضغط على المجتمع الدولي لتأمين وصول المساعدات وإعادة البناء، حسب تأكيد ممثلة النقابات العمالية من أجل فلسطين باتريشيا ماكوين للجزيرة نت.

فوفقا لماكوين، يستمر التنسيق للتظاهر -رغم اتفاقية وقف إطلاق النار- لحين التأكد من وصول المساعدات الإنسانية وضمان بناء المجتمع في غزة من جديد. 

ومن جانبه، يضيف الأمين العام لنقابة المعلمين جون بويل أنه حان الوقت للتركيز على خطط إعادة بناء المدارس والبنية التعليمية، والاستفادة من التجربة الأيرلندية التي تم الاستعانة بها لإعادة التعليم في بعض القرى الأوكرانية التي تضرر أطفالها بسبب النزوح.

وقال بويل للجزيرة نت إن النقابات تستعد لتمويل برنامج لعودة الأطفال الفلسطينيين للمدراس بعد انقطاع دام قرابة 15 شهرا، وأكد أن هذه الخطة يجب أن تحتوي على دعم نفسي غير مشروط للأطفال.

تفاؤل حذر

على الصعيد الأممي، قالت المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، للجزيرة نت، إنها -مثل الجميع حول العالم- شعرت ببعض الارتياح لسماع أن هناك وقفا لإطلاق النار، معتبرة أنه جاء متأخرا للغاية بالنسبة إلى أولئك الذين فقدوا حياتهم، واستطردت "أعتقد أن هذه المحادثات يمكن أن تمثل بداية لإعادة بناء المجتمع في غزة والبحث عن حل شامل ودائم".

إعلان

أما جيري آدامز، الزعيم السابق لحزب شين فين والسياسي البارز بأيرلندا الشمالية، فقد رحب باتفاق وقف إطلاق النار، لكنه وصفه بأنه يحمل أبعادا سياسية واقتصادية تُظهر تداعي الوضع الاقتصادي الإسرائيلي، ووقف الدعم غير المشروط من الولايات المتحدة، وعدم قدرتهما على تحمل مزيد من الاستنزاف.

وعبّر آدامز للجزيرة نت عن "تفاؤل حذر"، موضحا أن هناك مؤشرات على تغير في قدرة إدارة ترامب على تقديم دعم غير محدود لإسرائيل.

وفي ظل الترحيب الحذر باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يتفق الساسة والنشطاء الأيرلنديون على ضرورة المضي قدما نحو خطوات عملية تضمن حقوق الفلسطينيين وتحسين حياتهم اليومية، من تقديم المساعدات الإنسانية إلى إعادة بناء البنية التحتية والتعليم والدعم النفسي.

ورغم أن أيرلندا ملتزمة بدعم القضية الفلسطينية، فإن بعض المخاوف السياسية تتصاعد من ضغوطات أميركية محتملة للحد من تأثير الزخم الشعبي على الحكومة الأيرلندية للحصول على مزيد من الدعم للقضية الفلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار للجزیرة نت فی غزة

إقرأ أيضاً:

تحت المطر والنار.. يوم فلسطيني ثقيل من المعاناة والانتظار

غزة- «عُمان»- بهاء طباسي:

في يومٍ شتويّ ثقيل، تداخلت فيه أصوات المطر مع أصداء القصف، استيقظ الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية، اليوم ، على مشهدٍ مركّب من المأساة الإنسانية، والقلق الأمني، والانتظار السياسي. فبين منخفضٍ قطبيٍّ كشف هشاشة الإيواء، وخروقات عسكرية لاتفاق وقف إطلاق النار، وأزمة صحية تتفاقم بصمت، ظلّت حياة المدنيين معلّقة بين السماء والأرض.

لم يكن المنخفض القطبي «بيرون» مجرد حالة طقس عابرة، بل تحوّل في غزة إلى عامل قتلٍ جديد، حين هطلت الأمطار الغزيرة على أحياء سبق أن حُوّلت إلى ركام بالقصف، فانهارت مبانٍ متصدّعة، وغرقت خيام لا تقي بردًا ولا مطرًا. ومع كل ساعة، كانت تتكشّف طبقات جديدة من الكارثة، خصوصًا في مناطق النزوح شمالي القطاع وجنوبه.

في الوقت ذاته، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي خروقاته الميدانية، عبر إطلاق نار وغارات وعمليات نسف، ما بدّد آمال السكان بهدوءٍ مستقرّ بعد الهدنة، وكرّس شعورًا بأن وقف إطلاق النار لا يزال هشًّا، وقابلًا للانهيار في أي لحظة.

أما في الضفة الغربية، فقد اتّخذ العنف شكلًا آخر، تمثّل في اعتداءات المستوطنين المتواصلة، وتجريف الأراضي، واقتحام القرى، في مشهدٍ يوميٍّ يعمّق الإحساس بانعدام الحماية، ويقوّض أسس الحياة الزراعية والاجتماعية للفلسطينيين.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان صحفي، اليوم، إن المنخفض القطبي «بيرون» فاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، متسببًا بخسائر بشرية ومادية واسعة، في ظل أوضاع إيواء هشة ناجمة عن الدمار الواسع والحصار المستمر. وأوضح أن الأحوال الجوية القاسية ضربت مناطق سبق استهدافها بالقصف، ما حوّل المنخفض إلى تهديد مباشر لحياة المدنيين، ولا سيما النازحين.

وبحسب البيان، أسفر انهيار منازل وبنايات متضررة سابقًا عن استشهاد 11 فلسطينيًا، مع استمرار البحث عن مفقودين، إضافة إلى انهيار ما لا يقل عن 13 منزلًا في محافظات القطاع. كما أدّت الأمطار والرياح إلى انجراف وغرق أكثر من 27 ألف خيمة، وتضرر نحو 53 ألف خيمة بشكل كلي أو جزئي، ما أثّر على أوضاع أكثر من 250 ألف نازح يعيشون في مراكز إيواء وخيام تفتقر لأدنى مقومات الحماية.

وقدّر المكتب الإعلامي الحكومي الخسائر المادية الأولية بنحو 4 ملايين دولار، تركزت في قطاع الإيواء، نتيجة تلف الخيام ومواد العزل والفرشات والمستلزمات الأساسية، إلى جانب أضرار واسعة في الطرق المؤقتة والبنية التحتية، وتعطّل شبكات المياه والصرف الصحي، الأمر الذي صعّب وصول سيارات الإسعاف والدفاع المدني، ورفع مخاطر التلوث وانتشار الأمراض.

وأضاف البيان أن الأضرار امتدت إلى تلف مواد غذائية ومساعدات وُزّعت مؤخرًا، وغرق أراضٍ زراعية ودفيئات يعتمد عليها نازحون كمصدر دخل، فضلًا عن تضرر نقاط طبية متنقلة، وفقدان أدوية ومستلزمات إسعاف، وتعطّل وسائل إنارة وطاقة بديلة في مراكز النزوح.

وحمّل المكتب الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تفاقم الكارثة، معتبرًا أن منع إدخال الخيام والبيوت المتنقلة ومواد الطوارئ يشكّل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، داعيًا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل للضغط من أجل فتح المعابر، وتوفير إيواء وحماية فورية، تفاديًا لتكرار المأساة مع أي منخفضات جوية قادمة.

ويروي أحمد الزعانين، أحد أفراد الدفاع المدني الفلسطيني، تفاصيل الساعات الثقيلة التي أعقبت انهيار منزل عائلة بدران في منطقة بئر النعجة غرب مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، جراء العاصفة. قائلًا إن أصوات المطر لم تكن الأعلى في ذلك المكان، بل صرخة طفل محاصر تحت الخرسانة والحديد.

يوضح الزعانين لـ«عُمان»: «كنا نعمل بمعدات بسيطة جدًا، والمكان كان شبه غارق بالمياه، والركام غير مستقر. فجأة سمعنا صوت طفل يصرخ من خلف الأسياخ الحديدية: «فين أبوي؟». حاولنا طمأنته، كنا نكرر عليه: «أبوك بخير، إحنا معك»، بينما كنّا نعلم جيدًا أن والده قد استُشهد تحت الأنقاض».

ويضيف أن الطفل وسام بدران كان الناجي الوحيد بعد انهيار المنزل، الذي كان متضررًا بشكل كبير جرّاء القصف السابق. «وسام كان محاصرًا بين الجدران الخرسانية وحديد التسليح لفترة طويلة، ومع استمرار الأمطار كان الخطر يتضاعف. ورغم شحّ المعدات ووعورة المكان، تمكّنت طواقم الدفاع المدني والخدمات الطبية من انتشاله حيًّا، فيما جرى انتشال خمسة شهداء من أفراد عائلته».

هدنة مثقوبة.. خروقات لا تتوقف

ورغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار، شهد اليوم، خروقات ميدانية متواصلة من قبل جيش الاحتلال. فقد ارتقى الشاب محمد صبري الأدهم (18 عامًا) برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة جباليا النزلة شمالي قطاع غزة.

كما أطلقت مروحيات إسرائيلية النار شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، بالتزامن مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية نسف ضخمة في المنطقة ذاتها، وسلسلة غارات جوية على مدينة رفح جنوبًا، إضافة إلى إطلاق نار من الآليات العسكرية شرقي خان يونس.

يقول فروانة لـ«عُمان»: «الأوضاع الحالية تؤكد هشاشة الهدنة بشكل واضح، فاستمرار خروقات الاحتلال يعكس عدم وجود إرادة حقيقية للالتزام بالاتفاقيات، ويجعل أي استقرار مرحلي هشًا وسريع الزوال».

ويضيف: «هذا الواقع يضع الفلسطينيين أمام معادلة صعبة، بين الصمود تحت القصف والمطر، وبين الضغوط الدولية المحدودة التي لم تُفرِض على الاحتلال أي التزام فعلي».

إلى ذلك أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، في تقريرها الإحصائي الصادر اليوم، بوصول 3 شهداء إلى مستشفيات القطاع خلال الـ48 ساعة الماضية، بينهم شهيدان جديدان، وشهيد واحد جرى انتشاله من تحت الأنقاض، إضافة إلى 16 إصابة.

ومنذ وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر2025، بلغ إجمالي الشهداء 386، والإصابات 1018، فيما وصل عدد المنتشلين إلى 628. أما الحصيلة التراكمية منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر 2023، فقد ارتفعت إلى 70,654 شهيدًا، و171,095 إصابة.

وأشارت الوزارة إلى أن انهيارات المباني الناتجة عن البرد القارس والمنخفض الجوي أسفرت عن وفاة 10 أشخاص خلال الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر، كما جرى اعتماد وإضافة 277 شهيدًا إلى الإحصائية التراكمية بعد استكمال بياناتهم.

مقالات مشابهة

  • “الأحرار الفلسطينية”: العدو الصهيوني يستمر باستهداف المدنيين بذرائع واهية
  • حماس: استهداف الاحتلال لسيارة مدنية خرق جسيم لاتفاق وقف إطلاق النار
  • تحت المطر والنار.. يوم فلسطيني ثقيل من المعاناة والانتظار
  • وزير الخارجية: دعم مصر الكامل لتعزيز دور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة
  • عبد العاطي يؤكد لوزير الخارجية الفلسطيني الأسبق دعم مصر الكامل لتعزيز دور السلطة الفلسطينية
  • طريقة عمل شوربة العدس خطوة بخطوة
  • سياسيون ينعون غسان سكاف
  • أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
  • أردوغان يدعو بوتين لوقف إطلاق النار على المرافئ ومنشآت الطاقة
  • عاجل | وزير الخارجية التركي للجزيرة: مستعدون لإرسال قوات بهدف التوصل إلى سلام في المنطقة إذا لزم الأمر