إذا كنت تريد .. فأنت تستطيع
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
قبل يومين وبعد أربع سنوات ويزيد قليلًا على خروجه إلى التقاعد، التقيته صُدفة في أحد مقاهي ولاية الحمراء وكان غير الشخص الذي حاورته ممتعضًا في عام ٢٠٢٠م بسبب ما أسماها يومئذ بـ«كارثة التقاعد» التي حلّت به ربما بسبب عدم استعداده المُسبق لها.
بدا الرجل الذي كان ممتلئًا يلهث من أقل خطوات يخطوها فيما مضى ..
«في مدخل الحمراء كان لقاؤنا.. ما أطيب الُلقيا بلا ميعادِ» قلت مرحبًا ثم سرقته سريعًا من أسرته إلى طاولة مجاورة فاتحًا معه دون إبطاء سجل ذكريات جميلة لن تسقط من الذاكرة وسيلًا من الأسئلة ما كنت لأشعر بالارتياح لو أنني صادرتها داخلي .. سألته وكُلي ثقة أنني سأحظى بما أريد: هاه كيف التقاعد؟ ليبدأ في سرد قصة طويلة أسكتتها ابنته الجميلة «إنتظار» عندما همست في أُذنه بأنهم تأخروا كثيرًا ويجب أن يعودوا إلى مسقط.
افتتح حديثه بالآية الكريمة باسمًا: «وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ» ثم استفاض في تذكر الأصدقاء والمواقف والمقالب التي رافقتنا طيلة سنوات العمل .. بعدها عدّد فخورًا ما أنجزه في مُدة قصيرة مدفوعًا بفكرة ضرورة الوقوف منتصبًا في وجه الريح يقول:
مكان العمل الأول يا صديقي أشبه بالقرية الصغيرة التي وُلد فيها الإنسان وتربى وعاش فهو يعرف بيوتاتها بيتًا بيتًا وسكانها فردًا فردًا، إن أُجبر على فراقها اكتربت نفسه وضاقت عليه الدنيا لأنه لم يكن ليتصور إمكانية العيش خارجها، لكن ما إن يقتنع أنه مُطالبُ بالحياة وأن أرض الله واسعة يبدأ في البحث عن أرض جديدة، فيجدها وتسكن جوارحه ويواصل الحياة التي سيصنعها حينئذٍ بيده هو.
كان لا بد لي من وضع تصور يتوافق والمستجدات يقوم على ضرورة تفّهُم الجميع للواقع الجديد غير المعتاد والعمل معًا على إعادة برمجة أسلوب حياتنا بعدم إضافة أعباء مالية .. بحثتُ عن مصدر دخل عوّض بنسبة معقولة ما تم اقتطاعه بسبب التقاعد .. اتبعنا كأسرة سياسة «ترشيد الإنفاق» من خلال شراء الضروريات .. سددت التزامي البنكي وقد حققت نجاحًا منقطع النظير في تطبيق هذه السياسة.
لا شك أن العمل على حلحلة تلك الأزمة كان يقتضي وجود إرادة حقيقية وإخلاص للنوايا والنظر إلى الأمام، فلا جدوى من العيش على الماضي والبكاء على اللبن المسكوب واتخاذ منصات التواصل ووسائل الاتصال وسيلة للتشكي وجلب التعاطف وبث السلبية وإثارة مشاعر العامة، فإذا كان الإنسان يريد فإنه يستطيع .. لا يوجد شيء أقوى من إرادة الإنسان.
الحياة يا صديقي تُحب من يُحبها وهي لن تتوقف لموت فلان أو تقاعد علان .. فإما أن تقف في الطابور مُتماسكًا وتمضي بعزيمة حتى تصل إلى رأس النبع، فتشرب وترتوي، وإما أن تسقط أرضًا فتُسحق تحت الأقدام.
النقطة الأخيرة..
يقول الروائي البرازيلي باولو كويلو: «إذا أردت شيئًا بحق، الكون يتآمر كله لمساعدتك على تحقيقه».
عُمر العبري كاتب عُماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
4 تريليونات دولار في متناول اليد .. أفريقيا أمام فرصة تاريخية لتمويل البنية التحتية محليًا
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها القارة الأفريقية في تأمين مصادر تمويل خارجية لمشروعاتها التنموية، دعت مؤسسة التمويل الأفريقية حكومات القارة إلى تبني نهج جديد يعتمد على تعبئة رءوس الأموال المحلية.
وقدّرت المؤسسة أن هناك ما يقرب من أربعة تريليونات دولار تحتفظ بها مؤسسات محلية مثل صناديق التقاعد والثروة السيادية، يمكن أن تُسهم في سد فجوة التمويل وتحقيق قفزة نوعية في مشاريع البنية التحتية.
بنية تحتية بحاجة إلى تمويل عاجلأكدت المؤسسة في تقريرها الصادر اليوم الخميس، أن مشروعات تطوير السكك الحديدية وزيادة قدرة توليد الطاقة تأتي على رأس أولويات القارة، في ظل التوسع السكاني والنمو الاقتصادي في العديد من الدول الأفريقية. إلا أن المصادر التقليدية للتمويل، مثل الاستثمار الأجنبي المباشر والمساعدات الإنمائية، لم تعد كافية لمواكبة الاحتياجات المتنامية.
ارتفاع التكاليف وتقلص الدعم الخارجيوأشار التقرير إلى أن الظروف العالمية الحالية، وعلى رأسها ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع ميزانيات المانحين، فضلاً عن السياسات الحمائية التي تنتهجها بعض الاقتصادات المتقدمة، تسببت في تضييق فرص الحصول على تمويل خارجي. وأضاف أن العديد من الحكومات الأفريقية تجد صعوبة في تخصيص جزء كافٍ من ميزانياتها الوطنية لتمويل مشروعات التنمية، بسبب الارتفاع المطّرد في مدفوعات الفائدة.
الحل يكمن في الداخلورغم هذه التحديات، ترى مؤسسة التمويل الأفريقية أن الحل يكمن في استغلال ما وصفته بـ "الثروات الكامنة" داخل القارة، والمتمثلة في رؤوس الأموال الضخمة التي تحتفظ بها مؤسسات محلية مثل صناديق التقاعد، وصناديق الثروة السيادية، والبنوك المركزية والتجارية. لكنها شددت على أن تحقيق ذلك يتطلب إصلاحات هيكلية، تشمل تحديث قطاعات الاقتصاد غير الرسمية، وإعادة النظر في اللوائح الخاصة بصناديق التقاعد لتمكينها من الاستثمار في مشروعات البنية التحتية بعيدة المدى.
ضرورة اعتماد نهج تمويلي جديدفي ضوء التراجع الحاد في الدعم الخارجي، لم تعد أفريقيا تملك رفاهية الاعتماد على المصادر التقليدية لتمويل مشروعاتها التنموية. وتبدو دعوة مؤسسة التمويل الأفريقية لاستخدام الموارد المحلية بمثابة دعوة للاستقلال المالي وبناء مستقبل قائم على إمكانات القارة نفسها. ويبقى التحدي الأكبر هو تهيئة البنية التشريعية والمؤسسية لاستيعاب هذه الاستثمارات وتوجيهها نحو المشاريع الأكثر تأثيراً في حياة الشعوب الأفريقية.