خطاب ترمب… قراءة متأنية
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
حسين شبكشي
في مشاهد، هي أقرب للأفلام الهوليوودية بل في الحقيقة أقرب إلى السينما البوليوودية الهندية منها إلى السياسة الأميركية، جاءت لقطات تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهي تظهر لغة جسد لا يمكن إغفالها، ونبرة صوت لا يمكن تجاهلها، كلها تقول إنه عاد لينتقم وليفرض بصمةً تاريخيةً تُحسب له وتدخله في صفحات تاريخ الرئاسة الأميركية للأبد.
أخبار قد تهمك مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 12386.16 نقطة 26 يناير 2025 - 5:50 مساءً صندوق تنمية الموارد البشرية يساهم في توظيف 437 ألف مواطن بالقطاع الخاص خلال عام 2024م بنسبة نمو 17% 26 يناير 2025 - 5:39 مساءً
ألقى الرئيس الأميركي كلمةً عبَّر فيها بوضوح عن سياساته المقبلة، وتوجهه الذي ينشده، وهو لم يفاجئ أحداً بما لم يسبق له ذكره من قبل وذلك خلال الحملة الانتخابية.
قبل أن يقضي ليلته الأولى في البيت الأبيض، كان دونالد ترمب قد أصدر عدداً من القرارات الرئيسية التنفيذية تجاوز عددها مائة وخمسين قراراً، قضت فعلياً على منجزات سلفه الرئيس جو بايدن، وما تبقى من إرثه السياسي.
ركَّز ترمب في كلمته على مبدأ «إعادة أميركا إلى مكانها الطبيعي في قيادة العالم، وأن مصالح أميركا ستكون العامل الأول الذي يجب مراعاته».
سيكون التوجه الأساسي لصالح حماية الحدود الأميركية، وتحسين المنظومة الأمنية، وبناء جدار هائل أشبه بالسد العظيم بين أميركا والمكسيك؛ للحد من الهجرات غير الشرعية.
وستعود الولايات المتحدة الأميركية دولة صناعية بامتياز، تقدم أهم الإغراءات والمزايا لجعل أميركا بلداً صناعياً منافساً، وتعيد أمجادها في هذا المجال.
وينوي دونالد ترمب أن يحول أميركا إلى اللاعب الأساسي الأهم والأول في التنقيب وتصدير النفط والغاز، بفتح المجال للتنقيب بشكل غير مسبوق، ولضخ ملايين البراميل في الأسواق؛ لخفض الأسعار والسيطرة بالتالي على معدلات التضخم.
وفي مجال الشأن الاجتماعي، قرَّر ترمب إلغاء تدريس الخيارات الجنسية المثيرة للجدل في المدارس، واعتماد المسابقات الرياضية، ودخول القوات المسلحة، ومناهج التعليم على مبدأ «الذكر والأنثى» فقط، وهي مسألة أثارت كثيراً من اللغط في المجتمع الأميركي.
وصرح ترمب، في خطابه ولأكثر من مرة، بأن مرحلة الانحدار الأميركي قد انتهت، وأن هناك عهد ازدهار أميركياً جديداً، وأن المستحيل ممكن إذا كنت أميركياً، وسيشهد على ذلك نزول أول رائد فضاء أميركي على كوكب المريخ، بحسب كلامه.
كان ترمب يتحدث بهذه الثقة واليقين، وهو محاط بأباطرة صناعة التقنية الحديثة من أمثال إيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ، وجيف بيزوس، وتيم كوك، وغيرهم في تظاهرة واضحة لتأكيد تأييدهم ودعمهم لما طرحه الرئيس ترمب.
وعد ترمب بإطلاق إجراءات حمائية للاقتصاد الأميركي، أهمها عقوبات ورسوم كبيرة على دول عدة؛ لتحسين ميزان التبادل التجاري لصالح أميركا.
وتخللت الكلمة وعود غريبة، تضمنت إعلان تغييره مُسمَّى «خليج المكسيك» إلى «خليج أميركا»، وإعلانه أنه سيعيد قناة بنما للولايات المتحدة الأميركية.
دونالد ترمب لديه رغبة جامحة في أن يختم حياته بشكل جدي، ويترك إرثاً سياسياً مهماً. رجل قضى عمره بين «المثير للجدل» و«الجدل نفسه»، وكان نادراً ما يؤخذ بقدر محترم من الجدية، والآن، وهو الرجل الذي عُرف عنه استثمار اللحظة واستغلالها لأقصى درجة، يستشعر أنه أمام فرصة ذهبية لتحقيق مجد شخصي تحت الغطاء السياسي العام. لحظة فارقة منحه إياها الناخب الأميركي، وبهذا الزخم وبتلك القوة سيدفع ترمب بكل ما يملك من أدوات لإنجاز ذلك، وسيدفع ثمن هذا الحماس الصديقُ قبل الخصم.
طموح دونالد ترمب الشخصي، واستشعاره بنبض الناخب الأميركي، وإدراكه أنه أمام فرصة ذهبية لحفر اسمه، بل وحتى نحت وجهه على «جبل راشمور» كخامس رئيس أميركي، وذلك ما يطالب به أنصاره بوصفه «منقذ أميركا» حسب وصف البعض له، أو كما وصفه إيلون ماسك بأنه «الفائز بأهم انتخابات في تاريخ البشر ومنقذ الحضارة»، كل ذلك يدركه ترمب جيداً، ويصر بالتالي على تنفيذ سياساته التي وعد بها. ويبقى السؤال القائم: كم ستكون تكلفة سياسات ترمب الجديدة ومَن سيدفع الثمن؟
*نقلاً عن: aawsat.com
نسخ الرابط تم نسخ الرابط 26 يناير 2025 - 5:57 مساءً شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد26 يناير 2025 - 5:33 مساءًغدًا.. انطلاق مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن 2025 أبرز المواد26 يناير 2025 - 5:06 مساءًتعزيزاً للمشاركة المجتمعية.. تنمية وادي الدواسر توزع كسوة الشتاء على العمَّال أبرز المواد26 يناير 2025 - 3:58 مساءًطيران ناس ناقلاً جوياً لمهرجان الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمي للجواد العربي أبرز المواد26 يناير 2025 - 3:46 مساءًالقيادة تهنئ رئيسة جمهورية الهند بمناسبة ذكرى يوم الجمهورية لبلادها أبرز المواد26 يناير 2025 - 3:08 مساءًخادم الحرمين الشريفين وولي العهد يهنئان الحاكم العام لكومنولث أستراليا بذكرى يوم أستراليا26 يناير 2025 - 5:33 مساءًغدًا.. انطلاق مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن 202526 يناير 2025 - 5:06 مساءًتعزيزاً للمشاركة المجتمعية.. تنمية وادي الدواسر توزع كسوة الشتاء على العمَّال26 يناير 2025 - 3:58 مساءًطيران ناس ناقلاً جوياً لمهرجان الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمي للجواد العربي26 يناير 2025 - 3:46 مساءًالقيادة تهنئ رئيسة جمهورية الهند بمناسبة ذكرى يوم الجمهورية لبلادها26 يناير 2025 - 3:08 مساءًخادم الحرمين الشريفين وولي العهد يهنئان الحاكم العام لكومنولث أستراليا بذكرى يوم أستراليا مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 12386.16 نقطة مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 12386.16 نقطة تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عنالمصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: خادم الحرمین الشریفین أبرز المواد26 ینایر 2025 دونالد ترمب
إقرأ أيضاً:
من عالم العقارات إلى الدبلوماسية الفظة.. كيف انعكست النزعة الفوقية في هفوات خطاب توم براك؟
أكثر اللحظات دلالة على هذا الأسلوب جاءت خلال ظهوره على منبر القصر الجمهوري في بيروت، حين وصف سلوك الصحافيين بأنه "حيواني".
في الدبلوماسية، لا يقتصر الاهتمام على ما يقال، بل على الكيفية التي يقال بها. فطريقة التعبير، واختيار المفردات، تؤدي دورا أساسيا في كيفية تلقي التصريحات وتفسيرها، ولا سيما عندما تصدر عن مسؤول يتولى أدوارا حساسة.
في هذا السياق، يبرز خطاب توم براك، السفير الأميركي في تركيا، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سوريا، بوصفه حالة إشكالية بحد ذاتها. فتصريحاته العلنية، التي تكررت على امتداد الأشهر الماضية، لم تعكس فقط أسلوبا مباشرا، بل كشفت سلسلة هفوات دبلوماسية متراكمة، أظهرت نبرة تفوق واضحة في مقاربته لقضايا سيادية وتاريخية شديدة الحساسية، خصوصا في لبنان.
من عالم الصفقات إلى لغة السياسةدخل براك الحياة العامة من بوابة عالم الأعمال، حيث تُدار العلاقات بمنطق الحسم، وتُقاس النتائج بلغة الربح والخسارة. هذا الانتقال إلى المجال السياسي لم يكن مصحوبا بتحول مماثل في الأدوات اللغوية أو في طريقة النظر إلى الدول والمجتمعات. في كثير من تصريحاته، بدت الأزمات السياسية أقرب إلى ملفات إدارية، والدول إلى كيانات قابلة لإعادة الترتيب، لا إلى مجتمعات لها تاريخ طويل من الصراعات والذاكرة والرمزية.
هذا المنطق انعكس في لغة مباشرة، غالبا ما تجاهلت التعقيدات المحلية، واختزلت المشهد السياسي في عناوين كبرى، من دون مراعاة ما تحمله بعض الكلمات من حساسية تاريخية أو سيادية.
في لبنان، اصطدم هذا الأسلوب بجدار الحساسية القصوى. حين قال براك إن "لبنان يواجه تهديدا وجوديا، وإذا لم يتحرك فقد يعود إلى بلاد الشام"، لم تُقرأ العبارة كتشخيص سياسي مجرد، بل كإعادة إحياء لمفاهيم تاريخية لطالما اعتُبرت تهديدا مباشرا لفكرة الكيان اللبناني واستقلاله. لاحقا، عاد ليذهب أبعد من ذلك، متحدثا في تصريح مستجد عن إمكانية ضم لبنان إلى سوريا، في مقاربة بدت وكأنها تتعامل مع الحدود والسيادة كعناصر قابلة لإعادة الصياغة.
هذا الخطاب، في بلد قام تاريخه الحديث على رفض الاندماج القسري داخل كيانات أوسع، أثار ردود فعل غاضبة، ليس فقط بسبب مضمونه، بل بسبب بساطته المفرطة في التعامل مع مسألة وجودية معقدة.
أكثر اللحظات دلالة على هذا الأسلوب جاءت خلال ظهوره على منبر القصر الجمهوري في بيروت، حين وصف سلوك الصحافيين بأنه "حيواني". لم تكن المسألة هنا مجرد اختيار كلمة غير موفقة، بل لحظة كشفت علاقة ملتبسة مع الإعلام والرأي العام. فبدلا من استخدام اللغة لاحتواء التوتر، تحولت الكلمة إلى عامل استفزاز مباشر، ورسخت صورة دبلوماسي يتحدث من موقع فوقي.
هذه الحادثة تحديدا أصبحت مرجعا دائما في أي نقاش حول خطاب براك، لأنها لخصت، في مشهد واحد، الفجوة بين الدور الدبلوماسي المفترض، واللغة التي اختار استخدامها.
اقتراح فجّضمن سلسلة تصريحاته المثيرة للجدل، برز كلام براك الداعي إلى أن "يرفع الرئيس اللبناني جوزاف عون السماعة ويتصل برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وننهي المهزلة" بوصفه واحدة من أكثر العبارات استفزازا في السياق اللبناني. هذا التصريح لم يطرح كاقتراح سياسي مدروس، بل جاء بصيغة مباشرة اختزلت علاقة معقدة ومشحونة بالحروب والذاكرة والدم باتصال هاتفي عابر.
في بلد لا تزال فيه العلاقة مع إسرائيل مرتبطة بالصراع والاحتلال والانقسام الداخلي، اعتُبر هذا الكلام تجاهلا كاملا للحساسية السياسية والوطنية المحيطة بالملف، وتجاوزا فجا لموقع الرئاسة اللبنانية ودورها. كما عكس مقاربة تتعامل مع النزاعات كعقبات إجرائية، لا كقضايا سيادية وإنسانية متشابكة، ما عمّق الانطباع بأن خطاب براك ينطلق من منطق الصفقات لا من فهم واقع المنطقة.
لم تقتصر هذه المقاربة على لبنان. فحين قال براك إن "لا يوجد شرق أوسط، بل قبائل وقرى"، قدم توصيفا عاما للمنطقة اختزل فيه بنيتها السياسية والاجتماعية. هذا الكلام، الصادر عن مبعوث مكلف بملفات سوريا ولبنان، أثار نقاشا واسعا حول دلالاته، ولا سيما لجهة ما يعكسه من نظرة تقلل من وزن الدولة الوطنية، وتعيد توصيف المجتمعات من خارج سياقها التاريخي والسياسي.
في منطقة عانت طويلا من تدخلات خارجية استندت إلى مثل هذه السرديات، جاءت هذه العبارة لتغذي شكوكا عميقة حول طبيعة النظرة الأميركية لبعض ملفات الشرق الأوسط.
خارج لبنان، واجه براك انتقادات واسعة بسبب تصريحاته ذات الطابع التاريخي. إشادته بما يعرف بـ"نظام الملل" في الدولة العثمانية، وتقديمه كنموذج ناجح لإدارة التعددية، أثارت اعتراضات رأت في هذا الطرح قراءة انتقائية لتجربة تاريخية معقدة، تجاهلت جوانب القمع والاختلال البنيوي.
كذلك، أثار جدلا حادا بسبب تبنيه لغة قريبة من الرواية التركية الرسمية في ما يتعلق بمجازر عام 1915، وهو ما اعتُبر تقليلا من شأن توصيفها كإبادة جماعية بحق الأرمن. هنا، لم يعد الخلاف سياسيا فقط، بل أخلاقيا وتاريخيا، يتعلق بكيفية مقاربة ذاكرة جماعية ما زالت حية.
ما يجمع بين هذه المواقف، على اختلاف ساحاتها، هو النبرة. خطاب براك اتسم بثبات لغوي لافت، قائم على المباشرة، والتبسيط، والتوصيف من أعلى. هذه النبرة لم تتغير بتغير الموضوع أو المكان، ما جعلها تبدو أقرب إلى قناعة راسخة منها إلى زلات منفصلة.
في الدبلوماسية، حيث تُقاس الكلمات بميزان حساس، تحولت هذه النبرة إلى عبء، وأصبحت التصريحات بحد ذاتها عائقا أمام أي دور وساطي محتمل.
في المحصلة، لا يمكن فصل خطاب توم براك عن المناخ السياسي الذي أتى به إلى الواجهة. فحدّة لغته، ومباشرته الصادمة، واستخفافه بحساسية الكلمات، تعكس أسلوبا قريبا من نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، القائم على الصراحة الفظة وكسر الأعراف باسم الواقعية.
غير أن ما قد يحقق صدى في السياسة الداخلية أو في عالم الصفقات، يتحول في الدبلوماسية إلى عبء ثقيل، حيث للكلمات تبعات تتجاوز نوايا قائلها. وفي حالة براك، لم تكن المشكلة في غياب الرسائل، بل في طريقة إيصالها، إذ بدا الخطاب امتدادا لأسلوب سياسي يتعمد الصدمة، من دون أن يحسب كلفة اللغة حين تُستخدم في ساحات مشحونة بالتاريخ والسيادة والنزاعات المفتوحة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة