نصف العالم يكرهوننا.. جيروزاليم بوست: هذا الأمر يثير رعبنا
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
قالت صحيفة جيروزاليم بوست إن الرسالة الصارخة التي تنبثق من الاستطلاع الأكثر شمولا للرأي العام العالمي هي أن ما يقرب من نصف العالم يكره اليهود، مما يشير إلى المستوى المذهل من معاداة السامية في جميع أنحاء العالم.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم نيفيل تيلر- أن نتائج الاستطلاع الذي أجرته رابطة مكافحة التشهير (منظمة مؤيدة لإسرائيل) بالاشتراك مع شركة أبحاث السوق المتعددة الجنسيات (إيبسوس) وغيرها، بين يوليو/تموز ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، كشفت عن أن 46% من جميع البالغين في العالم لديهم آراء راسخة معادية للسامية.
وأشار الكاتب إلى أن هذا الاستطلاع، الذي نُشرت نتائجه يوم 14 يناير/كانون الثاني الجاري، شمل آراء أكثر من 58 ألف شخص بالغ من 103 دول ومناطق، يمثلون 94% من سكان العالم البالغين، وقد أظهر أن نسبة البالغين الذين يحملون معتقدات معادية للسامية ارتفعت من 26% عام 2014 إلى 46% عام 2024.
الجهل بالهولوكوست
وزعم جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير، أن "معاداة السامية غدت حالة طوارئ عالمية. ومن الواضح أننا بحاجة إلى تدخلات حكومية جديدة، ومزيد من التعليم، ومزيد من الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وبروتوكولات أمنية جديدة لمنع جرائم الكراهية المعادية للسامية. والآن هو الوقت المناسب للتحرك".
إعلانوعادت جيروزاليم بوست لتذكّر بأن نتائج الاستطلاع ليست كلها أخبارا سيئة، مشيرة إلى أن 87% من المستجوبين لا يريدون أن تقاطع بلادهم المنتجات والشركات الإسرائيلية، في حين يعتقد أكثر من 70% منهم أن بلادهم ينبغي أن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وأن ترحب بالسياح الإسرائيليين.
وعلى الرغم من الكشف عن مواقف معادية للسامية مثيرة للقلق، فإن بيانات استطلاع "غلوبال 100" بينت أن 57% ممن شملهم الاستطلاع يدركون أن كراهية اليهود كانت قضية خطيرة، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية.
ومع ذلك لم تكن النتائج مطمئنة تماما -حسب الصحيفة- فبعد أن اختبر الاستطلاع ردود الفعل تجاه 11 فكرة سلبية عن اليهود، اتضح أن 3 أرباع المستجوبين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعتقدون أن معظمها صحيح، وكانت أدنى مستويات تصديقها بين الأميركيتين وسكان أوروبا الغربية.
غير أن الجانب الأكثر غرابة في هذه النتائج -حسب الصحيفة- هو جانبها الحسابي، إذ إن حوالي 4 مليارات من بين 8 مليارات في العالم يحملون آراء معادية للسامية، مع أنه لا يوجد سوى 2.3 مليون يهودي خارج إسرائيل والولايات المتحدة، لتتساءل الصحيفة: "كم من هؤلاء رأى يهوديا في حياته؟"، كما تساءلت عن أساس هذا العداء وهل يمكن لوقف إطلاق النار في غزة أن يؤثر على التحول في المشاعر.
وفسرت الصحيفة النتائج، التي وصفتها بالمحبطة، بالجهل بالهولوكوست، إذ وجد الاستطلاع أن نحو 20% من المستجيبين لا يعرفون شيئا عنه، وإذ يعتقد أقل من نصفهم أن التصوير التاريخي للهولوكوست كان حقيقيا، فإن 4% منهم يرون أن "الهولوكوست أسطورة"، في حين ذهب 17% إلى أن عدد القتلى اليهود "مبالغ فيه إلى حد كبير في التاريخ".
الجهل التاريخي
وذكرت الصحيفة بأن التحيز ضد الشعب اليهودي ليس ظاهرة حديثة، وقالت إن معاداة السامية كانت متفشية في أجزاء من أميركا أوائل القرن الـ20، وهي التي أدت إلى ولادة رابطة مكافحة التشهير، التي ترعى استطلاع "غلوبال 100" هذا.
إعلانوأشارت الصحيفة إلى أنه حتى في البلدان ذات الإحصائيات المنخفضة للمواقف المعادية للسامية، مثل المملكة المتحدة، هناك "عديد من الحوادث المعادية للسامية، حيث أبلغت مؤسسة الأمن المجتمعي البريطانية عن زيادة بنسبة 204% في الحوادث المعادية للسامية من السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 30 سبتمبر/أيلول 2024.
كما سجلت الجامعات والمستشفيات والمعابد اليهودية زيادات هائلة في الحوادث الإجرامية ذات الدوافع الدينية. ومنذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خرجت مسيرات احتجاجية كبيرة مؤيدة للفلسطينيين وسط لندن كل سبت.
وقد حذرت مارينا روزنبرغ، نائبة رئيس الرابطة، من أن "المعتقدات والمفاهيم المعادية للسامية أصبحت طبيعية بشكل مثير للقلق في جميع المجتمعات في جميع أنحاء العالم"، وأضافت أن هذا "الاتجاه الخطير" يدفع لفعل ما يلزم للتصدي له جماعيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات المعادیة للسامیة معادیة للسامیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
استطلاع: ظواهر سلبية في الفضاء العام تحتاج إلى تدخلات قبل استضافة مونديال 2030
زنقة 20 ا الرباط
كشف استطلاع للرأي أجراه المركز المغربي للمواطنة بين 10 فبراير و13 مارس 2025 عن استمرار اختلالات بنيوية في السلوك المدني داخل الفضاء العام، تعكس فجوة مقلقة بين القيم المرجوة والواقع اليومي الذي يعيشه المواطن المغربي، وقد شارك في هذا الاستطلاع 1173 شخصاً من مختلف جهات المملكة ومن فئات عمرية متنوعة، عبر استبيان إلكتروني مفتوح نُشر على منصتي فيسبوك وواتساب.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن غالبية المشاركين غير راضين عن مظاهر عدة في الحياة العامة، على رأسها ضعف الاحترام المتبادل، غياب النظام، تدني النظافة، وتراجع التضامن مع الفئات الهشة. هذه السلوكيات اليومية السلبية حازت تقييماً سلبياً واسعاً، ما يعكس تصورا عاما بأن السلوك المدني ما يزال بعيداً عن المعايير التي يُنتظر أن تطبع مجتمعاً حديثاً ومنظماً.
ورغم هذه الصورة القاتمة، لم تخل النتائج من بعض المؤشرات الإيجابية؛ إذ عبر عدد مهم من المستجوبين عن رضا نسبي بشأن بعض السلوكيات، لا سيما ما يتعلق باحترام كبار السن والأشخاص في وضعية إعاقة، ما يفتح الباب أمام تدخلات تربوية وتحسيسية لإعادة الاعتبار للقيم المدنية.
الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن بعض الظواهر السلبية أصبحت شبه مألوفة في الفضاء العام، مثل الغش في المعاملات، التسول المنظم، احتلال الأرصفة، والمضايقات في الشوارع، وهي سلوكيات تثير قلقاً مجتمعياً متزايداً. ويؤكد المستجوبون أن التصدي لها يتطلب مقاربة شاملة تتجاوز منطق الزجر نحو التربية والتأطير والرصد المجتمعي الدائم.
وحول تقييم عام للسلوك المدني، صنّف غالبية المشاركين مستوى الالتزام بكونه “ضعيفاً أو متوسطاً”، فيما أقر عدد كبير منهم بأنهم اضطروا أكثر من مرة للتدخل شخصياً لتصحيح سلوك غير مدني، ما يعكس وجود وعي جماعي بأهمية الانخراط الفردي في حماية النظام العام.
ويجمع المستجوبون على أن تعزيز السلوك المدني يمر أساساً عبر التربية الأسرية، تليها المدرسة، ثم القدوة وتفعيل القوانين. ويرى المشاركون أن أي إصلاح فعال لهذا الورش ينبغي أن ينطلق من الجذور التربوية والثقافية للمجتمع.
وفي سياق الاستعداد لتنظيم المغرب لجزء من منافسات كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، يرى المشاركون أن هذا الحدث الرياضي العالمي يُعد فرصة استراتيجية يمكن استثمارها لترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني، شريطة مواكبته بحملات تربوية وتحسيسية شاملة، وانخراط فعلي من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
ويبرز الاستطلاع أن الرهانات المرتبطة بكأس العالم لا تقتصر على الجانب التنظيمي أو البنية التحتية، بل تشمل بالأساس تعزيز التماسك الاجتماعي، تحسين جودة الحياة في المدن المستضيفة، وتعزيز ثقة المواطن في قدرته على الانخراط الحضاري.
وفي ختام التقرير، دعا المركز المغربي للمواطنة إلى رؤية شاملة ترتكز على ثلاث دعامات أساسية: التربية والقدوة، الزجر العادل، ثم تحفيز المشاركة المجتمعية، مع التأكيد على ضرورة إطلاق حملة وطنية طويلة النفس لمواكبة تنظيم مونديال 2030 كمحفز لإصلاح سلوكيات يومية طالما شكلت مصدر إزعاج للمواطنين.
وأوصى المركز بإدماج السلوك المدني في المدرسة عبر مناهج تربوية ملائمة، تمكين الأسرة من أدوارها التربوية في غرس قيم المواطنة، وإطلاق حملات وطنية تحسيسية عبر الإعلام والمجتمع المدني، وتعزيز الردع القانوني وتفعيل شرطة جماعية للقرب، وتهيئة الفضاءات العمومية بشكل يحفز على الاحترام، وإشراك المجتمع المدني في تتبع وتقييم تحولات السلوك، واستثمار الرمزية الرياضية لتغذية الحس الجماعي بالسلوك الحضاري.