بمناسبة افتتاح فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب بحضور قيادات وزارة الثقافة ونخبة من المثقفين والإعلاميين وفى ضوء هذا يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة إلى مهمة وقيمة الكاتب فى الحضارة المصرية والكتابة المصرية نفسها باعتبارها أقدم كتابة فى العالم من خلال اللوحات العاجية المكتشفة بمقبرة أم الجعاب بأبيدوس فى سوهاج التى تؤكد أسبقية مصر فى معرفة أول كتابة فى التاريخ قبل الكتابة المسمارية السومرية بالعراق بمئات السنين وقد قام عالمي الآثار "إدوارد نافي" و"إريك بيت" بأعمال حفائر أثرية فى منطقة أم الجعاب بأبيدوس بين عامي 1912 إلى 1919، ومنذ عام  1977 يقوم المعهد الألماني للآثار بالقاهرة باستكشاف أم الجعاب وإجراء الحفريات بها، تحت إشراف "فيرنر كايزر" وبعده "جونتر دراير" بالإضافة إلى اكتشافات علماء الآثار المصريين.

ويوضح الدكتور ريحان أن نشأة الكتابة فى مصر ارتبطت باستيفاء متطلبات الدولة والتحكم في عمليات الإدارة والاقتصاد وذلك عن طريق تسجيلات كتابية، وبهذا بدأت المهنة الهامة وهي مهنة الكاتب في تدوين ما يخص الدولة المركزية وما بها من إدارات واتضحت أهمية مهنة الكاتب  فى وصايا "سنب حتب" لابنه 

" أعد نفسك لتكون كاتبًا وحاملًا  قلم المعرفة ... إنها أشرف مهنة وأجدر وظيفة تليق بك وترفع شأنك وتقربك من الآلهة ... إن ما يخطه قلمك سيعيش أبد الدهـر ويـكـون أكثـر خـلـودًا مما ينقشه الآخرون على الحجر الصلب؛ لأنه سيعيش في قلوب الناس ورؤوسهم فلا تمتد إليه يد العبث أو التخريب ... تعلم كيف تحرك أصابعك القلم، وكيف يحرك عقلك أصابعك فلا يخط قلمك إلا الحكمة والمعرفة وما ينفع الناس، أجعل ملف البردي وأدوات الكتابة أصدقاءك ستجد أنهم أوفى الأصدقاء وأخلص الندماء، ستزيدك الكتابة بما هو أجمل من ملابس الكتان وعطور اللوتس، إن ما يخطه قلمك هو أعظم ميراث لا تعبث به يد الطامعين وأثمن من إرث أرض في ناحية الشرق أو مقبرة ناحية الغرب، إن الكتابة مهنة مقدسة تقربك إلى الإله الذي منحك العقل والقلم وتقربك من فرعون والناس وتجعلك حبيب للجميع وقريبًا إلى قلوب الجميع، فغذاء العقل الذى تقدمه للناس باق أما غذاء البطون الذى تقدمه يعطيه لهم الغير ولا يدوم"

وقال "رع حتب" واصفًا لذة الكتابة  "الكتابة تجعل الكاتب أسعد من امرأة وضعت طفلًا فالكتابة كميلاد الطفل الذي يعوض الأم ما تحملته من آلام في حمله وولادته، فلا تشعر بأى تعب وهي تقوم وترضعه وتعطى ثديها لفمه كل يوم"، ولقد أدرك المفكر المصري القديم مدى ما تحققه الكتابة من استقلال وحرية ذاتية للكاتب حينما يشعر براحة العقل والسيادة على النفس وعدم الحاجة إلى الآخرين

وتنوه الباحثة الآثارية فى الآثار المصرية القديمة رنا محمد جابر التونسى إلى استخدام المصرى القديم لعدد كبير من الكتبة في تسجيل أعمال كثيرة فمنها تسجيل مساحات الأرض المزروعة وتقدير الضرائب على الفلاحين في جمعها وإحصاء ثروة البلاد الزراعية والحيوانية وغير ذلك من سائر الأعمال التي تقتضيها الحياة الزراعية

وكذلك سجّل الكتبة تفاصيل أعمال البناء وبعثات المحاجر لتشمل عدد العمال ومدة عملهم وما أدوه من أعمال وما استنفدوا من طعـام وشراب، كما احتاجت معابد الدولة كذلك إلى عدد كبير من  الكتبة لنسخ الكتب الدينية والمدنية والقيام بكافة النواحي الإدارية الخاصـة بالمعابد والأماكن المقدسة

وتضيف الباحثة الآثارية رنا محمد جابر التونسى بأن الكاتب كان رئيسًا لفرق العمال باعتباره عاملًا بسيطًا قبل أن يصبح رئيسهم، وكانت هذه المهنة تدر لهم أجرًا مجزيًا بالمقارنة مع الجهد المبذول أو بالفئات العمالية الأخرى التي أبقى لنا تاريخ مصر ما يكفى من الوثائق لعقد مقارنات موضوعية، فكان يشرف على العمل ويراقبه بأكبر قدر من الحزم مسجلًا كل ما يحدث على مدار اليوم من أكبر حدث لأصغر حدث تسجيلًا دقيقًا من حيث ساعات الحضور وأسباب الغياب  وحصر بالأدوات ومواد البناء وأهم من ذلك كله تسجيل أسباب التغيب عن العمل لأسباب مختلفة، بدءًا من مرض أحد الأقارب وصولًا إلى أتفه الأسباب

وفى انتهاء ساعات العمل المحددة يستخرج كل عامل أدوات عمله ويتحقق من حالتها وقد انتابه قدر من القلق، فعليه إعادة الأدوات بعد انتهاء العمل وتسليمها للكاتب الذى سيوازن بينها وبين حجر يستخدمه كوزن وسجلت عليه جميع البيانات اللازمة لإحكام المضاهاة والرقابة عند التسليم، كما يقوم الكاتب بدور الوسيط مع الإدارة ويسجل فى دفتر اليومية ما تم تنفيذه من أعمال والأدوات المستخدمة والأجور اليومية والعمال الغائبين، وكل ما يجد من أحداث ويرأس الكاتب المحكمة الخاصة بالورش يعاونه في ذلك أحد عشر عضوًا من فريق العمل.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب وزارة الثقافة المجلس الأعلى للثقافة

إقرأ أيضاً:

الإمارات تشارك في أعمال منتدى أستانا الدولي 2025

ترأس سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، المبعوث الخاص لسموّ وزير الخارجية لجمهورية كازاخستان، وفد الدولة المشارك في أعمال منتدى أستانا الدولي 2025، ويعقد هذا العام تحت شعار «ربط العقول وتشكيل المستقبل»، في العاصمة أستانا، بمشاركة عدد من قادة الدول وكبار المسؤولين وممثلي الحكومات، وصنّاع القرار من مختلف أنحاء العالم.
ويعد المنتدى منصة دولية رفيعة المستوى تجمع قادة الفكر والسياسة والاقتصاد، لبحث أبرز القضايا العالمية، بما في ذلك التنمية المستدامة، وأمن الطاقة، والتغير المناخي، وتعزيز التعاون الدولي.
وأكد الرئيس الكازاخستاني في كلمته الافتتاحية، ضرورة تبني استجابات موحدة قائمة على القيم المشتركة، وفي ظل تصاعد الصراعات والتحديات الاقتصادية، وشدد على أهمية الحوار والإصلاح وإشراك الــــشبــاب فــــي بناء مستقبل مستقر ومزدهر. وقال إن هدفنا واضح، وهو بناء اقتصاد أكثر تنوعاً وشاملاً وجاهزاً للمستقبل. اقتصاد لا يقتصر فيه النمو على الاستدامة فحسب، بل ويتشارك فيه الجميع.
وأضاف أن شعار هذا العام تواصل العقول، ورسم ملامح المستقبل، هو دعوة وقناعة في آنٍ واحد، فهو يعكس إيماننا بأن التحديات العالمية لا يمكن حلها بمعزل عن بعضها بعضاً، وأن الدبلوماسية يجب أن تتطور لتتجاوز البروتوكولات الرسمية إلى أشكال أعمق وأكثر إنسانية من التواصل.
كما ألقى عدد من القادة العالميين كلمات خلال الجلسة الافتتاحية، وعلى هامش المنتدى، استقبل قاسم جومارت توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، سهيل المزروعي والوفد المرافق له، بحضور الدكتور محمد سعيد العريقي، سفير الدولة لدى جمهورية كازاخستان.
وفي بداية اللقاء، نقل سهيل المزروعي، تحيات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وسموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وتمنياتهم لقيادة جمهورية كازاخستان وشعبها الصديق المزيد من الرقي والتقدم، مؤكداً حرص الدولة على تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وأشاد بمستوى التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، مشيراً إلى الزيارة الأخيرة لسموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، إلى أستانا والتي نتج عنها توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم بين الجهات الحكومية والخاصة، لتؤكد حجم العلاقة والشراكة الإستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات.
كما التقى سهيل المزروعي، على هامش أعمال المنتدى، بييرلان أكينجينوف، وزير الطاقة الكازاخستاني، لمناقشة مستجــدات المــشاريــــع المشتركة بين البلدين وبحث الفرص الجديدة المتاحة للاستثمار.
وخلال زيارة الوفد مركز أستانا المالي، ترأس المزروعي الطاولة المستديرة مع نظيره رينات بيكتوروف، محافظ مركز أستانا المالي الدولي والمبعوث الخاص للرئيس الكازاخستاني لمتابعة المشاريع في دولة الإمارات وبحضور عدد من الجهات والشركات الحكومية والخاصة في البلدين.
وأكد الطرفان ضرورة متابعة تنفيذ المشاريع المتفق عليها وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الشركات المتوسطة والصغيرة في البلدين.
ضم الوفد المشارك، الدكتور محمد سعيد العريقي، سفير الدولة لدى جمهورية كازاخستان، وممثلين عن عدد من الجهات شملت كلا من وزارة الخارجية، وزارة الطاقة والبنية التحتية، وصندوق محمد بن زايد للمحافظة على الطيور الجارحة، ومجلس حكماء المسلمين، واتحاد غرف التجارة والصناعة، وغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، وشركة مصدر، وشركة بريسايت.

مقالات مشابهة

  • هل العمل الاجتماعي مهنة حديثة؟
  • سقوط 3 متهمين بالتنقيب عن الآثار أسفل أراضي السكة الحديد بالغربية
  • الإمارات تشارك في أعمال منتدى أستانا الدولي 2025
  • إغلاق معرض مدريد للكتاب بسبب الرياح وإرتفاع درجات الحرارة
  • نهيان بن مبارك يستقبل السفير المصري بمناسبة انتهاء فترة عمله
  • حركة العدل والمساواة السودانية تنعي رائد الكتابة باللغات الافريقية الكاتب والمفكر الكيني نقوقي واثينقو
  • ياسر جلال يهنئ ابنته بمناسبة تخرجها من الثانوية العامة
  • إفتتاح معرض تسويق أعمال خريجي البرامج المهنية في المراوعة بالحديدة
  • 600 فرصة عمل على مهنة حداد مسلح في مشروع محطة الضبعة النووية
  • أمين الآثار لـصدى البلد: 770مليون دولار تأمين معرض كنوز فرعونية