عربي21:
2025-05-21@13:59:06 GMT

استبشار عربي بالعصر الترامبي السعيد

تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT

من منغصات بدايات هذا العام أنه لا مهرب لقارئ الصحف العربية والعالمية الجادة من ترامب. أينما ذهبتَ أطل عليك بلِمَّته البرتقالية وخُيلائه وأباطيله الفاقعة وأقواله الكاذبة كذبا ملحميا حتى لو صدق، لأنه لا يصدُق إلا عرَضا من غير قصد. وإن كان يجوز الاكتفاء في مسألة ما بقول واحد، ولو إلى حين، لذهبنا إلى حد الزعم بأن الكاتب توم ستيفنسون هو الذي سبق منذ شهرين إلى إدراك الجوهر لما كتب أن «عودة ترامب لا تعادل صدمة فوزه عام 2016 ولكنها تفرض تغيرا دائما في منظور الفهم التاريخي».

ذلك أن العالم قد عدّ فوز بايدن عام 2020 بمثابة «خلاص من نوبة هذيان» طارئة. ولكن المفارقة هي أن ولاية بايدن هي التي تبدو اليوم كما لو أنها كانت «برهة انقطاع في عهد ترامب، وأن هذا الانقطاع ما كان ليحدث لولا ملابسات جائحة الكوفيد».

ومؤدى هذا كله أن ولاية بايدن لم تكن سوى فترة عارضة، مجرد قوسين سرعان ما انغلقتا، وأننا الآن في عصر (لا مجرد عهد) ترامب، أي أن البشرية المعولمة قد أظلها، وأضلها، عصر ترامب الذي زج بها التاريخ فيه صاغرة مستسلمة، فما عليها إلا أن تتحمل وتتأقلم. وما على الصحافيين إلا أن يهتموا بما يقول ترامب ويفعل، من منطلق واجب الفهم لا تحكّمات المزاج. تماما كما أن الأمة الأمريكية ذاتها ملزمة، كما كتب ديفيد فروم، أن تتعلم كيف تعيش في بلد اختار عدد هائل من سكانه «رئيسا لا يقف من أبسط بسائط الديمقراطية وقيمها إلا موقف الاحتقار والاستهتار».

وقد كثر الحديث أخيرا عن الرئيس الخامس والعشرين ويليام ماكنلي، الذي حكم من عام 1897 حتى اغتياله عام 1901، والذي يَعُدّه ترامب بطلا قوميا ويسعى للاقتداء به لأنه تألق في التاريخ الأمريكي بالإفراط في فرض «الرسوم» الجمركية، التي صرنا نعلم بفضل ذائقة ترامب الأدبية أنها «أجمل كلمة في اللغة الإنكليزية»!، وبإثارة الحروب التجارية وشن حملات الغزو والتوسع الإمبريالي (في الفلبين، وغوام، وبورتو ريكو، وهاواي، الخ.). ولكن مؤرخين كُثرا يرون أن ترامب إنما هو أقوى شبها، من حيث غوغائية المسار وتدميرية الدور، بالرئيس السابع أندرو جاكسون الذي حكم من 1829 إلى 1837 وتزعم حملة قمع رهيبة آلت إلى اقتلاع الأهالي الأصليين من جنوب شرق البلاد. ووجه الشبه أن جاكسون لم تكن له خبرة بالسياسة، بل كان عسكريا من كارولاينا الجنوبية كارها لواشنطن ومؤسساتها. وهو الذي ابتدع نموذج المرشح الشعبوي الخارج على الصندوق والمتمرد على النُّخب. ومنذئذ أخذت تترسخ في الجنوب الأمريكي ثقافة شعبية حانقة على الصفوة (الاستابلشمنت) وأذرعها الطويلة المتدخلة في تسيير شؤون الناس.

وما تخافه الشرائح الشعبية في الداخل الأمريكي، وخصوصا في الجنوب وفي الغرب الأوسط، هو ما تظن أنه حلف واسع، بين الأجهزة الحكومية ووسائل الإعلام النافذة وكبريات الجامعات، يديم التواطؤ على إنفاذ سياسات التمييز الإيجابي وإنصاف الأقليات. ومن ملاحظات المعلق وولتر راسل ميد الثاقبة أن هذا الخوف متأصل في الثقافة الأنغلو-أمريكية منذ عصر النهضة: الخوف من مؤامرة شيطانية تتربص بالحرية الدوائر وترمي إلى استعباد الناس وتجريدهم من السلاح وتقديمهم لقمة سائغة لنخبة ميولها عالمية وأطماعها بلا حدود.

ويكفي لفهم طريقة ترامب في التفكير التذكر بأنه وصف خطبة أسقف واشنطن بأنها مَقيتة وفيها لؤم. لماذا؟ لأنها ذكّرته بقيم الرحمة والشفقة المسيحية، وناشدته الرأفة بأفراد الأقليات وبالمهاجرين غير الشرعيين الذين يريد طردهم عن بكرة أبيهم. أما عن العلاقة الأمريكية ـ الإسرائيلية في العصر الترامبي فلا شك، كما يرى بيتر بينارت، أن «ترامب سينتقد التصرفات الإسرائيلية على نحو يفاجئ الإعلام ويثير امتعاض أنصاره اليمينيين من مؤيدي إسرائيل. ولكن هذا غير مهم ولن يكون له أي أثر لأن الرجل أحاط نفسه مجددا بأعضاد متفانين في خدمة إسرائيل. وبحكم جهل ترامب وكسله ورداءته، فإن مستشاريه سوف يداورون حوله ويناورون لضمان أن تبقى إسرائيل مطلقة اليد تفعل كل ما تريد».

ولكن رغم أهمية هذه الحقيقة التي قررها الكاتب اليهودي بنزاهة، فإن بعض الصحف العربية الكبرى أخذت تقدم قراءة إيجابية، بل تمجيدية، للعصر الترامبي السعيد وتُثني على ترامب بأنه رجل تاريخي ذو عقلية «صفقاتية» وتبشّر العرب، وهي بالطبع تعني القلائل منهم حصرا، بما في وسعهم أن يجنوه من ثمر جنته البزنسية.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العربية ترامب امريكا العرب ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الجهاز الأسود الذي أثار فضول المتابعين العرب .. ما قصة الجهاز الأسود في لقاء ترامب والشرع وفي ماذا يستخدم؟

 

تفاعل رواد منصات التواصل مع صور ولقطات مثيرة من لقاء جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في العاصمة الرياض.

وأثار ظهور جهاز إلكتروني أسود على الطاولة أمام ترامب موجة من التكهنات حول طبيعته ووظيفته، بينما تزامن اللقاء مع إعلان ترامب عن “خطة رفع العقوبات عن سوريا” بطلب سعودي.

وظهر في اللقطات المتداولة جهاز أسود اللون يشبه الصندوق المعدني مع أضواء وزرات إلكترونية، وضع أمام ترامب خلال اللقاء.

وأثار الجهاز فضول النشطاء، حيث رجح بعضهم أنه قد يكون نظام اتصالات مشفر لتأمين المحادثات الحساسة، بينما رأى آخرون أنه مجرد جهاز “كونفرنس” عادي للمكالمات الجماعية.

وقال أحد النشطاء في تغريدة: “ما هو هذا الجهاز الذي يظهر بشكل متكرر في اجتماعات رفيعة المستوى، مثل هذا الذي كان موضوعا أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ إنه ليس مجرد هاتف عادي، بل هو أداة متخصصة للاتصالات الاحترافية. لنتعرف عليه عن كثب”.

وكتب ناشط: “اعتقد كثيرون أن الجهاز الموجود على الطاولة هو آلة حاسبة في حين أنه جهاز للاتصالات الهاتفية عن بعد ومزود بنظام تشفير وهو مكون من قطعتين الأولى على شكل مكبر صوت فيه 4 ميكرفونات داخلية والثاني عبارة عن لوحة مفاتيح”.

في حين قال آخر: “تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة من لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع، يظهر فيها جهاز على الطاولة أثار تساؤلات واسعة حول مهامه وسبب وجوده، وأكد مراقبون أن الجهاز هو هاتف مؤتمرات متطور من طراز Cisco 8831، يعمل عبر بروتوكول الإنترنت (IP) مع نظام Cisco Unified Communications Manager، ويوفر صوتا عالي الجودة بتغطية 360 درجة، مع شاشة بإضاءة خلفية ولوحة تحكم سهلة الاستخدام”.

وفي 14 مايو الجاري، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي، وذلك على هامش القمة الخليجية الأمريكية الخامسة.

كما شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاجتماع الذي استمر 30 دقيقة عبر تقنية الفيديو، وشدد خلاله على أن قرار ترامب برفع العقوبات عن سوريا يحظى بأهمية تاريخية.

وبعد انتهاء الاجتماع الرباعي كشف البيت الأبيض عن بعض ما جرى في اللقاء، والذي دعا فيه ترامب نظيره السوري إلى الانضمام لاتفاقات إبراهام مع إسرائيل ومساعدة واشنطن في العمل على منع عودة تنظيم “داعش”.

  

مقالات مشابهة

  • عاجل. إطلاق نار إسرائيلي يستهدف وفدًا عربيًا وأوروبيًا في مخيم جنين
  • عبدالله السعيد: أتمني أداء فريضة الحج ولكن المواعيد متعارضة مع نهائي كأس مصر
  • يحمل اسم شخصية توراتية.. ماذا نعرف عن مشروع "استير" الذي تبناه ترامب؟
  • البيت الأبيض ينفي تخلي أمريكا عن إسرائيل ولكن.. ترامب "منفعل" بسبب تعنت نتنياهو
  • ماذا يعرف العرب عن مشروع إيستر الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
  • ما هو "مشروع إيستر" الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
  • ما هو “مشروع إستير” الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
  • ما هو مشروع إيستر الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
  • الشعور بالقوة الذي منحه ترامب للخليج.. هل يصمد أمام اختبار وقف العدوان الإسرائيلي؟
  • الجهاز الأسود الذي أثار فضول المتابعين العرب .. ما قصة الجهاز الأسود في لقاء ترامب والشرع وفي ماذا يستخدم؟