وسط أزمة إنسانية عميقة.. «الأونروا» تخلى مقراتها فى القدس.. بعد سريان قرار إسرائيل بوقف التعامل مع الوكالة
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
دخل القانون الذي يحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حيز التنفيذ يوم الخميس في "الأراضي ذات السيادة" من وجهة نظر الدولة اليهودية، بما فى ذلك القدس الشرقية المحتلة منذ ١٩٦٧ والتى ضمتها إسرائيل وتتعامل معها كأراضٍ إسرائيلية. وتأتي هذه الخطوة التى كانت متوقعة فى ظل الصلف الإسرائيلى، في أعقاب إقرار الكينست الإسرائيلي لقانون يحظر وجود الأونروا في إسرائيل، بما في ذلك القدس الشرقية التي تحتلها البلاد منذ عام ١٩٦٧.
ويخلق تنفيذ القرار قدرًا كبيرًا من عدم اليقين والقلق بين ملايين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدمات الوكالة كما يأتى في خضم أزمة اقتصادية وإنسانية عميقة في الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية، أو في غزة أو في القدس الشرقية.
وفي القدس الشرقية، في المنطقة الاستيطانية التي يقع فيها أصبح المقر الرئيسي الضخم للأونروا بالفعل موضع حسد الكثيرين. وبدأت الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن مشاريع عقارية تتضمن إنشاء مئات الشقق، مكان مقر الوكالة الأممية. وقال جوناثان فاولر، المتحدث باسم المنظمة في القدس "إن هذا انتهاك لاتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام ١٩٤٦ التى صادقت إسرائيل عليها في عام ١٩٤٩". وقدر المتحدث أن وقف أنشطة الوكالة وإغلاق مقراتها في القدس الشرقية من شأنه أن يلحق الضرر بنحو ٧٠ ألف مريض وأكثر من ألف طالب يتلقون الرعاية الصحية والخدمات التعليمية التي تقدمها الوكالة.
ولكن بالنسبة للسياسيين الإسرائيليين، فإن كل هذا لا قيمة له. فقد احتفلت مجموعة من الناشطين الإسرائيليين من أقصى اليمين يوم الخميس بـ"يوم تاريخي، بداية سريان قانون حظر الأونروا"، حسبما أعلن العنصرى أرييه كينج، نائب رئيس بلدية القدس، أحد قادة الحركة الاستيطانية في الجزء الشرقي من المدينة الذي ضمته إسرائيل. وقام بوضع طاولتين بلاستيكيتين، وأحضر بعض النبيذ وبعض الكعك للاحتفال بالحدث. وشاركه الاحتفال شاي جليك، مؤسس في جمعية تهدف إلى منع إقامة الفعاليات التي ينظمها اليسار المناهض للاحتلال، وكذلك بنياهو بن شبات، من منظمة "إم ترتسو"، وهي منظمة تعمل على مواجهة الخطابات التي تعتبر معادية للصهيونية في الجامعات. وبينما يعج النشطاء بالضجيج، فإن مبادرتهم تجري في ظل لا مبالاة تامة، من المجتمع الدولى.
مستقبل غامض
ومن أجل تجنب المخاطرة، فضلت إدارة الأونروا إخلاء المجمع الضخم للوكالة الذى تعرض للهجوم عدة مرات، بما في ذلك محاولة إشعال حريق متعمد في مايو. وقال جوناثان فاولر "عندما حاولنا إخماد الحريق، تعرضنا للرشق بالحجارة وهددنا بأسلحة وهمية".
وفي أجواء مثل "نهاية العالم"، تم نقل كافة أرشيفات المنظمة غير الحكومية تدريجياً إلى عمان بالأردن لأغراض الرقمنة. ومع ذلك، في البلدة القديمة من القدس، عند باب الساهرة، تواصل عيادة صغيرة تابعة للأونروا أنشطتها. واستقبلت الخميس ١٥٠ مريضاً. كما استقبلت الأربعاء ٢٢٠ مريضاً، بينهم هناء موسى السيدة الثمانينية التي تعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وهي قلقة بشأن صحتها بقدر قلقها بشأن مستقبل العيادة التي تتلقى فيها الرعاية. وبدون تأمين صحي، لا تستطيع المقيمة في حي وادي الجوز زيارة الطبيب في أي مكان آخر غير هنا، حيث تتلقى أدويتها، بما في ذلك الأنسولين، مجانًا. قالت السيدة العجوز وهى تتنهد "أتمنى أن يستمر هذا المكان موجودًا"، فيما لا يجرؤ أي عضو من الطاقم الطبي على طمأنتها.
بعد إغلاق مقر الأونروا، هناك حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل أنشطة الوكالة التابعة للأمم المتحدة، المسئولة عن إدارة ست مدارس ومركزين صحيين في القدس الشرقية، من بين عشرات المراكز الأخرى في الضفة الغربية وغزة. وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، الثلاثاء، أمام مجلس الأمن الدولي، إن الحظر من شأنه أن "يزيد من عدم الاستقرار ويعمق بؤس الفلسطينيين". وردت دوروثي شيا، القائمة بالأعمال الأمريكية لدى الأمم المتحدة، قائلة: "إن الأونروا تبالغ في تأثير هذه القوانين، والاقتراح بأنها ستجبر الاستجابة الإنسانية بأكملها على التوقف هو أمر غير مسئول وخطير".
تراجع النفوذ
واليوم يعيش موظفو المنظمة "ضغوطاً هائلة"، حسبما يقول حمزة الجبريني، وهو طبيب يبلغ من العمر ٣٨ عاماً، مسئول عن العيادة في البلدة القديمة، والذي يقارن آلاف المرضى في المركز بـ"الأسرة" التى يقوم برعايتها منذ عام ٢٠١٤. ولا يعرف مقدمو الرعاية الإثني عشر في فريقه ما إذا كانوا سيظلون قادرين على إرسال عينات الدم لتحليلها في المختبر في الجزء الغربي من القدس، أو استلام الأدوية من المستودع الموجود في رام الله بالضفة الغربية. ولا يحدد القانون ما إذا كان حظر الاتصال بين المسئولين الإسرائيليين وموظفي الأونروا يمتد إلى عبور نقاط التفتيش بين الدولة اليهودية والضفة الغربية المحتلة. تقول فداء نصار، فنية مختبر تعمل لدى الأونروا منذ عام ١٩٩٧، أمام الصيدلية عند مدخل المبنى التاريخي الذي تم تحويله إلى مستشفى في عام ١٩٤٩: "أخشى على المرضى مثلما أخشى أن أفقد وظيفتي".
وفي مخيم شعفاط للاجئين، وهو المخيم الوحيد داخل حدود بلدية القدس، لا يدرك العديد من السكان الإعلان عن نهاية عمل الأونروا. وقد تراجع نفوذ الوكالة التابعة للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، على الرغم من وجود العيادة والمدرستين في وسط هذا الحي الكبير، الذي يجاور الجدار الفاصل الذي بنته إسرائيل بين الأحياء العربية في المدينة والضفة الغربية.
كما هو الحال في جميع المدارس في الضفة الغربية المحتلة، لا تزال العطلة الشتوية مستمرة لبضعة أيام، ولا أحد هنا يعرف ما إذا كانت الفصول الدراسية ستتمكن من استئناف عملها. وفي نهاية المطاف، سيتعين على ١١٠٠ طفل يذهبون إلى المدرسة هناك الانضمام إلى المدارس العربية في المدينة، أو حتى نظام التعليم الإسرائيلي، كما يقول شاهر علقم، عضو مجلس سكان مخيم الشويفات للاجئين وطالب سابق في مدارس الأونروا. ويرى أن الخيار الأخير سيكون بمثابة "خطوة أخرى نحو اختفاء التعلم عن تاريخهم الفلسطيني وأفكارهم وتقاليدهم بين أصغر اللاجئين".
في طريقها إلى نقطة التفتيش التي تفصل المخيم عن بقية القدس، تشعر هيا، وهي فلسطينية تبلغ من العمر ٢٨ عامًا، بالقلق بشأن الاختفاء المحتمل لهذا الدعم "الضروري" للأسر الأكثر فقراً في مخيم اللاجئين. ولكن ليس فقط في الضفة الغربية المحتلة، بل وأيضاً في غزة، حيث تقدم الأونروا اليوم جزءاً كبيراً من المساعدات الإنسانية في القطاع المدمر.
لكن الأمم المتحدة سارعت إلى التأكيد على أن الأونروا تواصل عملها في سائر أنحاء الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، رغم دخول القرار حيز التنفيذ، من دون أن توضح كيفية ذلك.
وقال المتحدث باسم المنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إن الموظفين الفلسطينيين يعملون من أماكن أخرى، بينما اضطر الموظفون الأجانب إلى مغادرة إسرائيل. وأضاف "لقد اتخذنا احتياطات، وكل المعدات الموجودة داخل المقر، والملفات، وأجهزة الكمبيوتر، وكذلك المركبات، تم نقلها".
إدانة دولية
تقدم الأونروا الدعم للاجئين الفلسطينيين في كل أنحاء الشرق الأوسط منذ أكثر من ٧٠ عاماً، وتقوم مكاتب الأونروا وموظفوها بدور رئيسي في توفير الرعاية الصحية والتعليم للفلسطينيين عموماً، بما في ذلك قطاع غزة الذي دمرته ١٥ شهراً من الحرب مع إسرائيل.
وأنشئت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط في ديسمبر ١٩٤٩ بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عقب حرب ١٩٤٨.
ورفضت المحكمة العليا في إسرائيل الأربعاء التماساً تقدم به مركز "عدالة" الفلسطيني لحقوق الإنسان يطعن في حظر الوكالة. وقالت المحكمة "بعد النظر في حجج الطرفين، لم نعتبر أنه من المناسب إصدار أمر الإلغاء المطلوب"، ورداً على قرار المحكمة، قال مركز "عدالة" إن إسرائيل "تتجاهل التداعيات الإنسانية الكارثية". وقد أثارت هذه الخطوة الإسرائيلية إدانة من منظمات إغاثة وكذلك من حلفاء لواشنطن، فيما لقيت دعماً من الإدارة الأمريكية الحليف الأساسى لإسرائيل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأونروا إسرائيل فی القدس الشرقیة فی الضفة الغربیة الأمم المتحدة بما فی ذلک
إقرأ أيضاً:
رغم توقّف الغارات على غزة.. مظاهرات في عواصم أوروبا تدعو لمحاسبة إسرائيل ووقف تسليحها
شملت الاحتجاجات عواصم ومدناً أوروبية رئيسية بينها لندن وبرلين وأوسلو وميلانو، حيث رفع المتظاهرون لافتات تطالب بوقف فوري لتسليح إسرائيل، ومحاسبة المسؤولين عن ما وصفوه بـ"الإبادة" في غزة، وتسريع إدخال المساعدات الإنسانية. اعلان
رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وسكوت دويّ المدافع وأزيز الطائرات، شهدت مدن أوروبا سلسلة من المظاهرات الحاشدة دعماً لغزة وللمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية،. وامتدت المظاهرات إلى مدن أوروبية رئيسية منها لندن وبرلين وأوسلو وميلانو وبرن، حيث طالب المتظاهرون بوقف تسليح إسرائيل ومحاسبة مسؤولين عما وصفوه بـ"الإبادة" في غزة، وتسريع إدخال المساعدات الإنسانية.
أوسلو: احتجاجات قبل مواجهة رياضيةقبل انطلاق مباراة تصفيات كأس العالم بين النرويج وإسرائيل في ملعب أوليفيال بالعاصمة أوسلو، شارك نحو ألف شخص في مظاهرة تنديدا بـ"الحرب على غزة". وأشعل المحتجون الألعاب النارية ورفعوا أعلاماً فلسطينية ولافتات كُتبت عليها شعارات مثل "دعوا الأطفال يعيشون" و"انتهت اللعبة يا إسرائيل".
كما اقتحم أحد المحتجين الملعب مرتدياً قميصاً يحمل عبارة "حرّروا غزة"، فيما صدرت هتافات الجماهير ورفع بعض المشجعين بطاقات حمراء أثناء عزف النشيد الإسرائيلي.
وجاءت هذه التحركات رغم دعوات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، إلى ضبط النفس بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى "المرحلة الأولى" من اتفاق بين تل أبيب وحركة حماس يقضي بإعادة الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار.
Related مصلون يتجمعون في "ساحة الرهائن" بتل أبيب تزامنًا مع بدء تنفيذ خطة غزةنتانياهو: 48 رهينة في غزة بينهم 20 أحياء.. ونتطلع إلى "يوم فرح وطني" مساء الاثنينبين طموح البقاء ومخاطر السقوط.. أربعة مسارات محتملة لمصير نتنياهو بعد اتفاق غزةوسط ترقّب لقمة شرم الشيخ: استعدادات لتبادل الأسرى وتدفّق المساعدات إلى غزة لندن: شكوك تجاه صمود اتفاق وقف إطلاق النارفي العاصمة البريطانية، تجمع مئات الآلاف من المتظاهرين في مسيرة ضخمة دعماً لغزة،، حاملين أعلاماً فلسطينية ولافتات كتب عليها شعارات مثل "أوقفوا تجويع غزة" و"من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة".
ورغم دخول وقف إطلاق النار يومه الثاني في يوم المظاهرة، أعرب المشاركون عن شكوكهم تجاه خطة السلام الأمريكية، معتبرين أن الاتفاق لا يعالج القضايا الجوهرية بعد حرب استمرت عامين وأودت بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني، وسبّبت أزمة إنسانية حادة في القطاع المحاصر. وشدد المحتجون على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الحرب، مؤكدين أن الحراك الشعبي سيستمر حتى "تحقيق العدالة والسلام".
برلين: "أوقفوا تسليح إسرائيل"في العاصمة الألمانية برلين، شهدت المدينة مظاهرة هي الثالثة خلال أسبوع دعماً لغزة، متحدّيةً بذلك تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس الذي قال إنه "لا يرى سبباً للتظاهر من أجل فلسطين في ألمانيا بعد وقف إطلاق النار في غزة".
وطالب المتظاهرون بوقف ما وصفوه بـ"الإبادة الجماعية" فوراً، وإيقاف تصدير الأسلحة إلى الجيش الإسرائيلي، ودعم الإجراءات القانونية الدولية ضده، والسماح بوصول المساعدات إلى غزة دون قيود، بالإضافة إلى إنهاء تجريم الاحتجاجات "المناهضة للإبادة" والمتضامنة مع الفلسطينيين.
برن: احتجاجات واسعة رغم "التهدئة"وفي مدينة برن السويسرية، تجمع آلاف المتظاهرين في المدينة القديمة للتعبير عن احتجاجهم ضد الحرب الإسرائيلية في غزة. وأثناء المسيرة، قد طالب المتظاهرون بوقف الدعم العسكري للدولة العبرية وأبدوا قلقهم من استمرار الأزمة الإنسانية في القطاع رغم دخول توقف القتال ودعوا للسماح بإدخال المساعدات العاجلة للفلسطنيين.
وقد واجهت الشرطة المحتجين باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم، ما أدى إلى وقوع اشتباكات وأضرار في الممتلكات. وأكدت الشرطة أنها لن تسمح بمزيد من المسيرات في وسط المدينة.
ميلانو تتظاهر لدعم غزةوشهدت مدينة ميلانو شمال إيطاليا خروج أعداد كبيرة من المتظاهرين دعماً للقطاع وسكانه، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن قتل وتجويع وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين.
ورفع المشاركون لافتات كتب عليها "الحرية لفلسطين"، وأخرى تدعو إيطاليا والحكومات الأوروبية إلى إحلال السلام وإعادة إعمار قطاع غزة، بالتزامن مع تأكيد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني استعداد بلاده للمساهمة في جهود إعادة الإعمار.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة