منذ بداية عام 2025، تشهد الولايات المتحدة تنامي اتجاه جديد يُعرف بـ"عدم الشراء"، حيث يعكف العديد من الأميركيين على خفض إنفاقهم، أو حتى التوقف تماما عن شراء أي سلع غير ضرورية.

هذه الظاهرة التي بدأت كحملة فردية على منصات التواصل الاجتماعي، باتت تعبيرا واسع النطاق عن الاستياء من التضخم، والسياسات الاقتصادية، والنزعة الاستهلاكية المفرطة.

ما هو تحدي "عدم الشراء"؟

تحدي "عدم الشراء" يقوم على فكرة تقليص الاستهلاك إلى أقصى حد ممكن. ووفقا لمجلة "فورتشن" الأميركية، فإن المشاركين في التحدي يمتنعون عن شراء الملابس، ومستحضرات التجميل، والأثاث، وتناول الطعام خارج المنزل، في حين يستثنون النفقات الأساسية مثل البقالة، والفواتير، والنقل.

كما أوضحت مجلة "نيوزويك" أن بعض المشاركين يضعون قواعد صارمة لأنفسهم، مثل عدم شراء أي شيء جديد إلا في حالات الضرورة القصوى، والاستفادة من الموارد المجانية مثل المكتبات بدلا من شراء الكتب.

ويرجع تزايد شعبية تحدي "عدم الشراء" إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية. فوفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن عمليات البحث عن "تحديات عدم الإنفاق" على محرك غوغل زادت بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي، مما يشير إلى قلق متزايد بين المستهلكين الأميركيين.

إعلان

أما شبكة "سي إن إن" الأميركية، فتؤكد بدورها أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل البيض والقهوة، إلى جانب فرض تعريفات جمركية جديدة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، جعل الكثيرين يعيدون التفكير في نمط إنفاقهم اليومي.

ويقول المحلل الاقتصادي دونوفان هارنيغ لوول ستريت جورنال "إذا لم أستطع التحكم فيما تفعله المتاجر، فيمكنني التحكم في كيفية إنفاق أموالي".

بالنسبة للكثيرين، لم يعد "عدم الشراء" مجرد تحدٍ مالي، بل أسلوب حياة. فقالت ربة المنزل رايلي ماركوم لـ"سي إن إن" إنها انضمت إلى التحدي لتوفير 100 دولار أسبوعيا، "لا أريد أن أكون جزءا من اقتصاد ترامب. قد يبدو هذا سببا تافها، لكنني لا أعتقد أن الأمور ستتحسن على الإطلاق".

أما سابرينا بار، فأوضحت لـ"سي إن إن" أنها انضمت إلى التحدي ليس فقط من أجل الادخار، ولكن أيضا للتكيف مع ارتفاع تكاليف المعيشة استعدادا لمولودها الأول.

الجانب النفسي: البحث عن السيطرة

إلى جانب الأسباب الاقتصادية، يرى البعض في تحدي "عدم الشراء" وسيلة لاستعادة السيطرة على حياتهم وسط الاضطرابات العالمية. وتقول ريبيكا سودن إنها انضمت إلى التحدي لتتمكن من ادخار المال للانتقال إلى المدينة التي يعيش فيها زوجها الإنجليزي. وفي يناير/كانون الثاني الماضي وحده، استطاعت توفير 4272 دولارا بفضل التزامها بعدم الإنفاق.

أما فاشيون كيل، فقد وجدت أن التحدي شجعها على تبني عادات جديدة، مثل التنزه في الطبيعة بدلا من التسوق التلقائي، "الحياة ليست مجرد دخول المتاجر. اخرجوا إلى الشمس وتنزهوا. لقد ساعدني ذلك كثيرا في تقليل الرغبة في الشراء".

ولعبت منصات مثل "تيك توك" دورا رئيسيا في انتشار التحدي، إذ نشرت ريبيكا سودن مقطع فيديو حول التزامها الصارم بـ"عدم الشراء"، حيث حصد الفيديو أكثر من 2.6 مليون مشاهدة.

كما تشير مجلة "نيوزويك" إلى أن العديد من المستخدمين يضعون قواعد شخصية صارمة لإنجاح التجربة، مثل تجنب الشراء عندما يشعرون بالملل أو التوتر، أو التوقف عن الاشتراكات الرقمية المكلفة.

إعلان هل يصبح "عدم الشراء" أسلوب حياة؟

وفيما يرى البعض أن تحدي "عدم الشراء" مجرد توجه مؤقت استجابة للضغوط الاقتصادية، يؤكد آخرون أنه يعكس تحولا عميقا في العقلية الاستهلاكية. فبحسب مجلة "فوربس" الأميركية، فإن بعض المشاركين قرروا تبني نهج "التقليل من الشراء" (Low Buy Challenge) بدلا من الامتناع التام عن الإنفاق، مما يسمح لهم بالاستمرار في توفير المال دون الشعور بالحرمان.

إليزيا بيرمان، التي خاضت التحدي لأول مرة في 2024، تقول "هذا العام، أهدف إلى أن أكون أكثر انضباطا، لأنني قد أفقد دخلي بسبب الحظر المحتمل على "تيك توك"، وأريد جمع مدخرات كبيرة".

ويرى العديد من المشاركين في تحدي "عدم الشراء 2025" أنه ليس وسيلة للادخار فحسب، بل هو تحول في أسلوب الحياة. وكما تشير "نيوزويك"، فإن التخلص من الإعلانات المستمرة التي تحفز على الشراء يساعد الناس على التحرر من الهوس الاستهلاكي.

وسواء كان تحدي "عدم الشراء" رد فعل قصير المدى أو بداية لتحول استهلاكي أعمق، فإن عام 2025 يبدو مهيأ ليكون عاما للمراجعة المالية وإعادة ترتيب الأولويات في ظل اقتصاد غير مستقر ومستهلكين يبحثون عن التحكم في مصيرهم المالي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات عدم الشراء

إقرأ أيضاً:

«الزراعة»: التغيرات المناخية تحديًا يهدد استدامة القطاعات الاقتصادية والحيوية

شارك الدكتور علاء عزوز، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي، نيابة عن علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، في فعاليات النسخة الثالثة للمؤتمر الدولي للمناخ والبيئة، الذي افتتحه الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بحضور الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، وعمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية الاسبق.

عُقد المؤتمر تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء وجامعة الدول العربية، ونظَّمته جامعة النيل الأهلية بالتعاون مع مؤسسة «مهندسون من أجل مصر المستدامة»، وبدعم عدد من الوزارات، وبمشاركة واسعة من المحافظين والسفراء والوزراء السابقين والخبراء والعلماء وصناع القرار وممثلي المنظمات الدولية والأهلية، والدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ ورئيس المؤتمر (عبر الفيديو كونفرانس)، والدكتور محمود فتح الله، رئيس الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة بجامعة الدول العربية، والدكتور وائل عقل، رئيس جامعة النيل الأهلية، والدكتورة نيفين عبد الخالق، عميد كلية التعليم المستمر بجامعة النيل الأهلية.

وفي كلمته التي ألقاها نيابة عن علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، نقل «عزوز» تحيات الوزير للمشاركين وتمنياته بنجاح أعمال المؤتمر، مثمنًا الدور المتواصل لجامعة الدول العربية في تعزيز التنسيق والتكامل بين الدول العربية لمواجهة التحديات المصيرية المشتركة، مشيرا إلى أن التغيرات المناخية لم تعد مجرد قضية بيئية فحسب، بل أصبحت تحديًا وجوديًا يمس الأمن القومي للدول، ويهدد استدامة القطاعات الاقتصادية والحيوية، وعلى رأسها القطاع الزراعي، الذي يُعد حجر الزاوية في تحقيق الأمن الغذائي وتأمين سبل العيش لملايين المواطنين، خاصة في المناطق الريفية.

وأكد أن مصر تولي اهتمامًا كبيرًا بقضية المناخ، يتجسد في التزامها الجاد والفاعل بتعهداتها الدولية، وخاصة من خلال مشاركتها النشطة في اتفاقية باريس للمناخ، ونجاحها في استضافة مؤتمر الأطراف (COP27)، الذي شكَّل منصة عالمية لتعزيز العدالة المناخية، وتسريع وتيرة العمل المناخي، وتمكين الدول النامية من مواجهة التحديات المناخية المتفاقمة، لافتا إلى أن وزارة الزراعة، في ضوء هذه التحديات، تبنَّت رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من مسبباته، من خلال خمسة محاور رئيسية.

وأضاف عزوز أن هذه المحاور تشمل: أولاً، تعزيز الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا، من خلال تطوير ونشر أصناف زراعية عالية الإنتاجية، مقاومة للحرارة والملوحة، وتحتاج إلى كميات أقل من المياه، إلى جانب التوسع في أنظمة الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والري المحوري لترشيد استهلاك المياه وتحسين إنتاجية الأراضي الزراعية. ثانيًا، دعم البحث العلمي والابتكار الزراعي من خلال تفعيل دور مراكز البحوث الزراعية ومركز بحوث الصحراء لإيجاد حلول علمية مبتكرة وقابلة للتطبيق، إلى جانب إنشاء مزارع إرشادية نموذجية بالمحافظات لتدريب المزارعين على تقنيات التكيف مع التغيرات المناخية.

وأوضح رئيس قطاع الإرشاد الزراعي، أن رؤية وزارة الزراعة شملت أيضًا تنمية المجتمعات الريفية وتعزيز قدرتها على الصمود، من خلال دمج الجهود مع المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتحسين الخدمات الزراعية في الريف، وخلق فرص عمل خضراء، ورفع مستوى الدخل، إلى جانب تقديم الدعم الفني والإرشادي لصغار المزارعين، وبناء قدراتهم لمواجهة التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن من بين هذه المحاور أيضًا التحول الرقمي والاعتماد على نظم الإنذار المبكر، حيث تم تطوير خرائط رقمية للتربة والمياه، وربطها بمنصات الإنذار المبكر والتنبؤ بالمخاطر المناخية، فضلاً عن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بُعد في توجيه السياسات الزراعية وصنع القرار.

وأكد «عزوز» أنه في إطار تعزيز التعاون المصري الإقليمي والدولي، كانت هناك مشاركة فاعلة في المبادرات الإقليمية والدولية الخاصة بالزراعة المستدامة، إلى جانب تعزيز الشراكات مع منظمات مثل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وصندوق التنمية الزراعية (إيفاد)، والصندوق الأخضر للمناخ، ذلك بالإضافة إلى أن مصر تتولى حاليًا رئاسة بعض الهيئات الفنية الإقليمية المعنية بالغابات والمراعي، مما يعزز من صوت المنطقة في المحافل الدولية.

واستطرد رئيس القطاع أن هذه الجهود لا تنفصل عن التزام مصر بأهداف استراتيجية التنمية المستدامة 2030، بل تُعد تجسيدًا حيًا لإيمانها بأن التحول نحو نظم زراعية مرنة ومستدامة لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية لضمان الأمن الغذائي، وحماية الموارد، وصون حقوق الأجيال القادمة. وشدد على أهمية تعزيز التنسيق العربي المشترك لمواجهة التحديات المناخية، من خلال بناء شبكات بحثية ومعلوماتية، وتنفيذ مشاريع تعاونية عابرة للحدود في مجالات المياه، ومكافحة التصحر، ورفع إنتاجية النظم الزراعية.

وشمل المؤتمر أربع جلسات محورية تناولت: آلية تعديل حدود الكربون وتحديد سعر عادل لانبعاثات الكربون في السلع المستوردة من خارج الاتحاد الأوروبي، والاقتصاد الدائري، والهيدروجين الأخضر، والذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجالات المياه والبيئة.

كما شهد المؤتمر إلقاء العديد من الكلمات رفيعة المستوى، وجلسات نقاشية بمشاركة جامعة النيل الأهلية حول بناء المدن المستدامة، وتحقيق رؤية مصر 2030، والانتقال إلى أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة، والاستثمار في الابتكار، ودعم الاقتصاد الأخضر.

وشهد المؤتمر أيضًا إقامة معرض للأفكار الابتكارية، ومائدة مستديرة لمناقشة الحد من استخدام البلاستيك، إلى جانب مناقشة استغلال المناطق الصحراوية في إنشاء نُزُل بيئية، وخلق أراضٍ زراعية، ودعم السياحة البيئية.

اقرأ أيضاً«الزراعة»: توفير اللحوم البلدى بأسعار أقل من السوق بنسبة 20%

وزير الزراعة يترأس الإجتماع الثاني لمجلس إدارة صندوق التكافل الزراعي

مقالات مشابهة

  • بسبب موجة الحر التي تضرب لبنان.. تحذير من مصلحة الابحاث Lari
  • من مائدة العيد إلى ذاكرة الماضي.. القيمر في ديالى ضحية الغلاء والجفاف (صور)
  • صرخة بريئة تهز مسجدًا في المنوفية.. حكاية العثور على صغير
  • صرخة العائلات والعشائر وسط نيران الحرب والمفاوضات المتعثرة
  • “ندرة مصطنعة” ترفع أرباح تجار اللحوم خلال أيام العيد ووزارة الفلاحة غائبة
  • عاجل.. الاحتلال يقتحم مدرسة التحدي شمال طوباس
  • تحدي القراءة العربي يتوّج محمد جاسم إبراهيم بطلاً لدورته التاسعة في البحرين
  • تحدي القراءة العربي يتوج محمد إبراهيم بطلاً لدورته التاسعة في البحرين
  • غالية العنزي بطلة تحدي القراءة العربي في الكويت
  • «الزراعة»: التغيرات المناخية تحديًا يهدد استدامة القطاعات الاقتصادية والحيوية