أزمة رواتب المتقاعدين في كردستان بين قرارات القضاء والمناكفات السياسية - عاجل
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
بغداد اليوم - أربيل
تصاعدت أزمة رواتب المتقاعدين في إقليم كردستان وسط قلق آلاف المتقاعدين بشأن مصير مستحقاتهم المالية، في ظل استمرار التوتر بين حكومة الإقليم والسلطات الاتحادية بشأن تنفيذ القوانين التقاعدية النافذة.
المحكمة الاتحادية تحسم الجدل
في تعليق له على هذه الأزمة، كشف النائب الكردي السابق يوسف محمد لـ"بغداد اليوم"، عن تلقيه رسالة رسمية من المحكمة الاتحادية العليا رداً على استفسار من وزارة المالية العراقية حول توقيت تنفيذ القرار رقم (212-اتحادية-2022)، الذي يقضي بإلزام حكومة إقليم كردستان بتطبيق قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 بدلاً من القانون الملغى رقم (27) لسنة 2006.
وأوضح محمد أن المحكمة، في ردها، استندت إلى المادة (37/ثانياً) من نظامها الداخلي، والتي تؤكد أن القرارات القضائية تسري من تاريخ صدورها، إلا إذا نص الحكم على غير ذلك.
وبالتالي، فإن حكومة الإقليم ملزمة بإعادة احتساب رواتب المتقاعدين وفق قانون التقاعد الموحد، وبأثر رجعي، منذ صدور قرار المحكمة في 23 نوفمبر 2022.
التداعيات القانونية والمالية
أكد محمد أن عدم تطبيق القرار على جميع المتقاعدين في الإقليم سيشكل انتهاكًا لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (14) من الدستور العراقي، إذ لا يمكن تطبيق قانون ملغى على شريحة من المتقاعدين، فيما يُطبَّق القانون الساري على آخرين.
وأضاف أن حكومة الإقليم مطالبة الآن بإعادة احتساب رواتب جميع المتقاعدين دون تمييز، وليس فقط من أحيلوا للتقاعد بعد صدور القرار، مشيراً إلى أن أي تأخير في التنفيذ قد يفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية، ويضع حكومة الإقليم أمام ضغوط قانونية وشعبية متزايدة.
المناكفات السياسية تعرقل التنفيذ
رغم وضوح قرار المحكمة الاتحادية، إلا أن التوتر المستمر بين السلطات في أربيل ووزارة المالية الاتحادية يعقّد مسار التنفيذ. ويرى مراقبون أن الأزمة تتجاوز البعد القانوني لتصبح ورقة ضغط سياسي بين بغداد وأربيل، في ظل الخلافات المستمرة بشأن الموازنات والصلاحيات المالية.
مصدر مطلع في وزارة المالية العراقية أوضح لـ"بغداد اليوم" أن الحكومة الاتحادية تتابع التزام الإقليم بتنفيذ القرار، لكنها لا تستطيع التدخل المباشر في آليات التنفيذ داخل كردستان، ما يترك الأمر بيد السلطات المحلية.
ردود فعل المتقاعدين والمجتمع المدني
في ظل هذا الوضع، أعرب آلاف المتقاعدين في الإقليم عن استيائهم من التأخير في تطبيق القرار، مطالبين حكومة الإقليم بالالتزام بالقرارات القضائية، وإعادة احتساب رواتبهم وفق القانون النافذ.
أحد المتقاعدين من السليمانية قال لـ"بغداد اليوم": "لا نريد الدخول في الصراعات السياسية، كل ما نطالب به هو حقنا في راتب تقاعدي عادل وفق القانون، أسوة ببقية المتقاعدين في العراق".
وتبقى أزمة رواتب المتقاعدين في كردستان رهينة الصراع السياسي بين بغداد وأربيل، رغم وضوح الحكم القضائي الملزم. ومع استمرار التأخير في التنفيذ، تتزايد الضغوط على حكومة الإقليم، سواء من قبل المتقاعدين المتضررين، أو من السلطات الاتحادية، مما يجعل هذا الملف أحد أكثر القضايا حساسية في المشهد العراقي الراهن.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: رواتب المتقاعدین المتقاعدین فی حکومة الإقلیم بغداد الیوم
إقرأ أيضاً:
الوراثة السياسية: سرطان السلطة من معاوية إلى اليوم
10 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة:
محمد عبد الجبار الشبوط
الوراثة السياسية ليست مجرّد خلل في التداول السلمي للسلطة، بل هي جريمة كبرى بحق المجتمع، واعتداء سافر على جوهر الفكرة السياسية الحديثة التي تقوم على الإرادة الشعبية، والكفاءة، والمساءلة. في العراق، كما في معظم العالم العربي، تحولت الوراثة السياسية إلى مرض عضال ينهش جسد الدولة، ويتغذى على دماء الشعب وثرواته.
من معاوية إلى أحفاد السياسة
أول من دشّن هذا النهج المسموم في التاريخ الإسلامي هو الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، الذي حوّل الخلافة من نظامٍ يقوم على الشورى والاختيار – مهما كانت شوائب تطبيقه – إلى مُلكٍ عضوض قائم على التوريث العائلي. بهذا الفعل، فتح بابًا واسعًا أمام الاستبداد، وجعل السلطة ميراثًا شخصيًا يُورَّث كما تُورَّث العقارات والمزارع، لا أمانةً تُحمَّل على الكتف لأداء الحق وخدمة الناس.
منذ تلك اللحظة، سارت أجيال من الحكّام في ركاب الوراثة، حتى صارت قاعدةً غير مكتوبة: من يحكم اليوم يورّث غدًا، ولو على أنقاض وطنٍ كامل.
الوراثة السياسية في العراق المعاصر
في عراق ما بعد 2003، عادت الوراثة السياسية بوجهٍ فجّ، وإن اختلفت شعاراتها. ما بين أحزاب إسلامية تزعم أنها تدافع عن القيم، وأحزاب علمانية ترفع راية الحداثة، تتكرر الصورة ذاتها: أبناء وأصهار وإخوة وزوجات يعتلون المناصب، أو يسيطرون على مفاصل القرار، لمجرّد أنهم ينتمون إلى “العائلة الحاكمة” داخل الحزب أو الكيان السياسي.
بهذا، تحوّلت بعض الأحزاب إلى إقطاعيات سياسية، تحكمها روابط الدم بدل الكفاءة، وتُدار بقرارات العائلة بدل البرامج الوطنية.
لماذا الوراثة السياسية خطر حضاري؟
1. تدمير مبدأ المساواة: الوراثة تجعل السلطة امتيازًا وراثيًا بدل أن تكون حقًا عامًا لكل مواطن.
2. إلغاء المنافسة السياسية: حين تحكم العائلة، تُقصى الكفاءات وتُهمَّش الأصوات الجديدة.
3. إعادة إنتاج الفساد: الوراثة تخلق شبكات مغلقة تحمي المصالح العائلية على حساب المصلحة العامة.
4. قتل الأمل بالتغيير: حين يدرك المواطن أن الحاكم سيورّث السلطة لابنه، يزول الإيمان بالتداول السلمي.
الخروج من الحلقة الجهنمية
القضاء على الوراثة السياسية يتطلب:
• دستور واضح يمنع التوريث السياسي والحزبي.
• قوانين أحزاب ديمقراطية تفرض الانتخاب الداخلي الحرّ والشفاف.
• وعي شعبي يرفض التصويت لأي مرشح يركب حصان العائلة بدل حصان الكفاءة.
الوراثة السياسية ليست قدرًا محتومًا، لكنها ستبقى جاثمة ما لم تُكسر بالوعي، والقانون، والموقف الشعبي الحاسم. فلا معاوية جديد، ولا ملكًا عضوضًا آخر، ولو غلّف نفسه براية الدين أو قناع الحداثة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts