حكم العمل في بناء مقابر غير المسلمين وترميمها
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز العمل في بناء المقابر وحفرها وترميمها؛ سواء أكان ذلك للمسلمين أو لغير المسلمين، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا؛ لأن هذا العمل داخل في عقد الإجارة المشروعة بالقرآن والسنة والإجماع.
حكم بناء المقابر لغير المسلمينوقد تواردت نصوص الفقهاء على جواز ذلك، بل ينال المسلم الثواب على هذا العمل إذا نوى به الإعانة على الامتثال لأمر الرحمن بدفنِ بني الإنسان، كما أن هذا يُعدُّ من جملة السعي في العمل، وطلب الرزق، وتحصيله الذي حثت عليه الشريعة الإسلامية.
الحث على العمل والسعي في طلب الرزق
وقالت الإفتاء إن من الأمور التي حثت عليها الشريعة الإسلامية: السعي على العمل، وطلب الرزق، وتحصيله؛ قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، ثُمَّ يَغْدُوَ -أَحْسِبُهُ قَالَ: إِلَى الْجَبَلِ- فَيَحْتَطِبَ، فَيَبِيعَ، فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «طَلَبُ كَسْبِ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ» أخرجه ابن الأعرابي والطبراني وابن المقري في "المعجم"، والشهاب القضاعي في "المسند"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"شعب الإيمان" واللفظ له.
التكييف الفقهي لعمل المسلم في بناء مقابر غير المسلمين وترميمها
أجازت الشريعة الإسلامية بالكتاب والسنة والإجماع بناء المقابر لغير المسلمين:
- فمِن الكتاب: عموم قول الله تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ﴾ [القصص: 26-27]، فقد ذكر الله عز وجل أنَّ نبيًّا مِن أنبيائه عليهم السلام آجَرَ نفسه حِجَجًا مُسَمَّاة، مَلَّكَهُ بها بُضْعَ امرأةٍ، فدل على جواز الإجارة؛ كما قال الإمام الشافعي في "الأم" (4/ 26، ط. دار المعرفة).
- ومِن السنة: ما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ». والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
- وقد أجمعت الأمة على مشروعية الإجارة؛ كما في "المغني" للإمام ابن قدامة (5/ 321، ط. مكتبة القاهرة)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القطان (2/ 159، ط. الفاروق الحديثة).
حكم العمل في بناء مقابر غير المسلمين وترميمها
ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ" أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعن كَعْبِ بن عُجْرَةَ رضي الله عنه أنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَرَأَيْتُهُ مُتَغَيِّرًا، قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا لِيَ أَرَاكَ مُتَغَيِّرًا؟ قَالَ: «مَا دَخَلَ جَوْفِي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ ذَاتِ كَبِدٍ مُنْذُ ثَلَاثٍ»، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَإِذَا يَهُودِيٌّ يَسْقِي إِبِلًا لَهُ، فَسَقَيْتُ لَهُ، عَلَى كُلِّ دَلْوٍ تَمْرَةٌ، فَجَمَعْتُ تَمْرًا، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ لَكَ يَا كَعْبُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ. أخرجه الطبراني في "الأوسط".
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ، عَلَى أَنْ يَنْزِعَ لَهُ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، حَتَّى جَمَعَ مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: "كُلِي وَأَطْعِمِي صِبْيَانَكِ" أخرجه المعفي بن عمران واللفظ له، وأحمد وأبو يعلى في "المسند"، والترمذي -وحسنه- وابن ماجه والبيهقي في "السنن".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بناء المقابر المقابر رضی الله عنه اس ت أ ج ر فی بناء ى الله
إقرأ أيضاً:
هل تأخير صلاة الظهر إلى قبل أذان العصر بسبب العمل فيه إثم؟
لعل السؤال عن هل تأخير صلاة الظهر إلى قبل أذان العصر بدقائق أو بأقل من ساعة بسبب العمل فيه إثم ؟ ، يعد من أهم ما ينبغي على الكثيرين معرفته، خاصة وقد صار تأخير الصلوات من الأمور الشائعة وحالاً لكثير من الناس وإن تعددت الأعذار والأسباب ، فسمة العصر الراهن وتلك الحياة المضغوطة والتي تكثر فيها الأعباء، جعلت الكثيرون يقعون في مثل هذا الأمر، بما يطرح السؤال عن هل تأخير صلاة الظهر إلى قبل أذان العصر بدقائق أو بأقل من ساعة بسبب العمل وما نحوها من أعذار أخرى حرام ،لعله سؤال مهم تنبع أهميته من أن صلاة الظهر هي إحدى الصلوات المكتوبة، التي ورد الحث بالمحافظة عليها في القرآن الكريم، فقال تعالى:« حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ » الآية 238 من سورة البقرة.
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه إذا كان تأخير صلاة الظهر بعذر؛ فلا حرج شرعًا في ذلك، مع الحرص على عدم تأخيرها عن وقتها، أما إن كان تأخير الصلاة بغير عذر حتى يخرج وقتها؛ فهذا منهي عنه شرعًا، ويرتكب بفعله هذا معصية للمولى –عز وجل".
وأوضحت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: « هل تأخير صلاة الظهر إلى قبل أذان العصر بدقائق بسبب العمل حرام؟» أن دخول وقت الصلاة شرط لأدائها، فإن أدَّاها المسلم في وقتها المحدد فقد برئت ذمته، وهذا من المقرر شرعًا، ومن ثم فإن تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها هو أمر جائز ولكنه خلاف الأولى .
واستشهدت بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَوَسَطُ الْوَقْتِ رَحْمَةُ اللَّهِ، وَآخِرُ الْوَقْتِ عَفْوُ اللَّهِ» (سنن الدارقطني: 985)، والأفضل أداء الصلاة في أول وقتها، ولكن يجوز تأخيرها إلى آخر وقتها خصوصًا عند الحاجة، أو لعذر كالمرضى الذين يصعب عليهم الوضوء لكل صلاة فيجوز لأحدهم تأخير الصلاة لآخر وقتها فيتوضأ ويصلي، ثم ينتظر الصلاة التالية وبعد الأذان يصلي الأخرى في أول وقتها بوضوء واحد، وهذا من باب التخفيف ورفع الحرج، لقوله تعالى: "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ" المائدة.
من فاته صلاة الظهرفقد ورد فيها أنه يحرم تأخير صلاة الظهر إلى ما بعد أذان العصر إلا من عذر شرعي كالنوم والنسيان، وينبغي على من فاته صلاة الظهر بعذر صلاها النائم إذا استيقظ والناس إذا تذكر، فإن كان الفوت بغير عذر شرعي كان آثمًا وعليه القضاء والتوبة من ذنب تضييع وقت الصلاة، وتكون التوبة بالندم والعزم على عدم تأخير الصلاة عن وقتها، وعليه أن يصلي الظهر قضاءً قبل أداء صلاة العصر إلا إذا وجد صلاة الجماعة للعصر قائمة فإنه يجوز له أن يدخل معهم في صلاة العصر ثم يصلي الظهر بعد الفراغ من العصر.
وقت صلاة الظهرحدد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت صلاة الظهر بأنه عندما تبدأ الشمس بالزوال عن وسط السماء وميلها وانكسارها نحو الغرب؛ حيث قال الرسول -عليه الصّلاة والسّلام: «وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر»، إذن فأوله : زوالُ الشَّمسِ ، ومن الأدلَّة، من الكِتاب قول الله تعالى: «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ» الآية 78 من سورة الإسراء، والمرادَ بدُلوكِ الشَّمسِ زوالُها على قولِ طائفةٍ من السَّلفِ، وقت صلاة الظهر في السُّنَّة عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّه قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وقتِ الصلواتِ، فقال: «... ووقتُ صلاةِ الظهرِ إذا زالتِ الشَّمسُ عن بَطنِ السَّماءِ» وفي حديثُ أبي موسى رَضِيَ اللهُ عَنْه؛ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه أتاه سائلٌ يسألُه عن مواقيتِ الصَّلاة... الحديث، وفيه: «أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ المؤذِّنَ فأقامَ بالظهرِ حين زالتِ الشمسُ» .
متى ينتهي وقت صلاة الظهروعن متى ينتهي وقت صلاة الظهر، فإن آخِرُ وقتِ صَلاةِ الظُّهرِ ، إذا صارَ ظِلُّ الشيءِ مِثلَه غيرَ الظلِّ الذي يكونُ عندَ الزوالِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، والظاهريَّة، وروايةٌ عن أبي حنيفة ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك ، ومن الأدلَّة من السُّنَّة: عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: «إذا صَليتُم الفجرَ فإنَّه وقتٌ إلى أن يَطلُعَ قرنُ الشَّمسِ الأوَّلُ، ثم إذا صليتُم الظهرَ فإنَّه وقتٌ إلى أن يَحضُرَ العصرُ، فإذا صليتُم العصرَ فإنَّه وقتٌ إلى أن تَصفرَّ الشمسُ، فإذا صليتُم المغربَ فإنه وقتٌ إلى أن يَسقُطَ الشفقُ، فإذا صليتُم العشاءَ فإنَّه وقتٌ إلى نِصفِ اللَّيلِ» .
وورد عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنه أتاه سائلٌ يسألُه عن مواقيتِ الصَّلاة، فلم يردَّ عليه شيئًا،.. وفيه: ثم أخَّرَ الظهرَ حتى كان قريبًا من وقتِ العصرِ بالأمس.. ثم قال في آخِره: »الوقتُ بَينَ هَذينِ» ،عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «أمَا إنَّه ليس في النومِ تفريطٌ، إنَّما التفريطُ على مَن لم يُصلِّ الصَّلاةَ حتى يَجيءَ وقتُ الصَّلاةِ الأُخرى» .