لجريدة عمان:
2025-06-27@09:16:53 GMT

هل تكفي الذكريات لملء فراغ الغياب؟!

تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT

هل تكفي الذكريات لملء فراغ الغياب؟!

لا أستطيع أن أنسى اليوم الذي رحلوا فيه، كان الوداع مفاجئًا، وكأن الزمن قد قرر أن يسحب من بين يديّ أجمل لحظات العمر، تلك اللحظات التي كانت مليئة بابتساماتهم وأصواتهم التي لا تبارح مسامعي، هل غاب الأجداد حقًا؟ أم أن غيابهم مجرد وهمٍ يتسلل إلى القلب، فتلتقيه الذكريات لتملأ الفراغ الذي خلّفوه؟ تلك اللحظات التي ضمّت وجودهم، والتي تطرّزت بعباراتهم وحكمتهم، تصبح كالنغمة التي تتكرر في قلب المكان، فتذكرنا أن حضورهم كان طيفًا لا يموت، رغم غيابهم الجسدي.

حينما أكتب عن الأجداد، لا أستطيع أن أتجاهل الكم الهائل من المشاعر التي تُثار في قلبي، هم ليسوا مجرد أفراد مرّوا في حياتنا، بل كانوا علامات فارقة، شوارع راسخة في خريطة الذاكرة، عندما كنت صغيرًا، كانت لحظاتهم مليئة بحكايات يروونها عن الزمن البعيد، وعن الأجداد الذين سبقوهم، وعن أيام الطفولة التي عاشوها في زمن آخر، كان كل حديث منهم يبعث في روحي طمأنينة، وكل كلمة تحمل بداخلها عطر الماضي، وكل نصيحة تحمل بريق حكمة مفقودة في زماننا المعاصر.

«إذا أردت أن تعرف كيف تكون قويًا، فتذكر كيف كنا نعيش أيام الشدة...» هكذا كان يقول لي جدي، في كلمات بسيطة لكنها تحمل أثقالًا من تجارب الحياة.

لكن عندما غابوا، لم يعد للصوت نفسه وقعٌ في المكان، أصبحت كل زاوية في البيت فارغة، كما لو أن الزمن قد اختطف معه جزءًا من روح المكان، غيابهم لم يكن غيابًا عن الأجساد فحسب، بل عن طيفهم الذي كان يعطر الأوقات، وعن بصماتهم التي كانت تشكل هوية الأسرة، كيف للذاكرة أن تحمل كل هذا العبق؟ كيف للمكان أن يبقى حيًا دون حضورهم؟

المفارقة العجيبة أن الأجداد لا يموتون كما يموت الآخرون، فهم لا يرحلون إلا في أجسادهم، يظلون حاضرين في كل زاوية من حياتنا، في كل خطوة نخطوها، وفي كل لحظة صمت نعيشها، نراهم في كل مكان، في ابتسامة طفل، في طريقة كلامنا، في الحكمة التي ننقلها لأبنائنا وأحفادنا، هل يكفي هذا؟ هل تكفي الذكريات لتغطي الفراغ الذي خلفوه؟ هل تكون الأجيال الجديدة قادرة على فهم المعاني التي زرعوها فينا؟ أم أن الزمن، كما في كل شيء آخر، ينسى شيئا فشيئا حتى يغيب المعنى عن الأعين؟

في لحظات الضياع، في لحظات الحيرة، ندرك أن غياب الأجداد هو غيابٌ لا تعوضه الأيام ولا الأوقات، نحن أمام حقيقة واحدة: لا يمكن للزمن أن يعيد لنا ذلك الحضور العميق، ذلك المعنى الكبير الذي كان في قلوبهم، لا يمكن للذكريات أن تملأ الحيز الذي خلفوه، ولا يمكن لنا أن نرثَ سوى ما زرعوه فينا من حب، من حكمة، ومن صبر.

ولكن، في كل ذلك، هناك شعاع من الأمل، شعاع ينبعث من تواصلنا مع إرثهم، من تمسكنا بتلك القيم التي زرعوها فينا، مهما مرَّ الزمان، تظل آثارهم حية فينا، إن نحن حملناها في قلوبنا وطبّقناها في حياتنا، الأجداد علمونا كيف نواجه الحياة بكل صعوباتها، كيف نتمسك بالأمل حينما يعصف بنا اليأس، علمونا أن الفقد ليس نهاية، بل هو بداية لفهم أعمق للحياة، وكيف أن الموت ليس إلا نقطة انتقال من عالم إلى آخر. لا نملك سوى أن نعيش على ذكراهم، وأن نحيي إرثهم بما في ذلك من تربية، وحكمة، وقيم، الأجداد هم الحافز الذي يدفعنا للمضي قدمًا في الحياة بكل ما فيها من تحديات، في كل مرة نعيش لحظة فرح، نتذكرهم، وفي كل مرة نتعثر، نتذكرهم، وجودهم في ذاكرتنا يجعلنا نرسم خطانا بثقة، وتظل حياتهم مثالًا نحتذي به.

في غيابهم، قد يكون الفرح أقل سطوعًا، ولكن الذكريات ستظل تلوّن حياتنا بألوانهم الطيبة، وها نحن اليوم، نعيش وسط هذه الذكريات، نحتفظ بكل كلمة قالوها، بكل دعوة كانوا يرفعونها إلى السماء من أجلنا، وفي كل مرة ندعو لهم بالرحمة، نجد أنفسنا جزءًا من تلك الحلقة التي لا تنتهي.

اللهم اجعلهم من أهل الجنة، وارزقهم الراحة الأبدية، ونسألك أن تكون أرواحهم في طمأنينة، وأن تظل دعواتهم تحفظنا في الدنيا، كما حفظنا حضورهم في قلوبنا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إيران تحمل العدو الصهيوني مسؤولية جرائمه في قتل الأطفال

الثورة نت/..

أكد سفير ومندوب الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، أن تكرار نفس النمط والسياسات المعتادة للكيان الإسرائيلي في قتل الأطفال، الذي طال هذه المرة أطفالًا في إيران، يضع هذا الكيان أمام مسؤولية كاملة عن جرائمه، خصوصًا سياساته ونهجه في استهداف الأطفال.

وقال إيرواني، خلال كلمته في الجلسة العلنية لمجلس الأمن الدولي التي عُقدت تحت عنوان: “الأطفال والنزاعات المسلحة”، حسب وكالة تسنيم الإيرانية: إن “العالم شهد في الأسابيع الأخيرة، بحزن وغضب، تكرارًا لنفس النموذج المعتاد من سياسات القتل التي ينتهجها الكيان الإسرائيلي، وهذه المرة في إيران”.

وأضاف: “هذا الكيان أستهدف ، ضمن عدوانه الوحشي على بلدي، منذ 13 يونيو، المدنيين بشكل متعمّد، وقتل عشرات الأطفال، بمن فيهم رُضَّع لا تتجاوز أعمارهم الشهرين”.

ونوه سفير إيران لدى الأمم المتحدة بأن “الجرائم المروّعة والهجمات الواسعة والمنظمة التي ينفذها هذا الكيان المحتلّ في المنطقة آخذة في التزايد، وهذه تمثّل إنذارًا عاجلًا جدًا للمجتمع الدولي، وتُظهر بوضوح الخطر والتهديد الجدي الذي يشكّله الكيان الإسرائيلي على حياة الأطفال وسلامتهم ورفاههم وأمنهم. ومع ذلك، فإن هذا الكيان سيتحمّل كامل المسؤولية عن جرائمه، لا سيما السياسات والممارسات التي تستهدف الأطفال.

مقالات مشابهة

  • مهمة فضائية فاشلة تتسبب في فقدان أكثر من 160 رفات بشرية
  • بعد سنوات من الغياب .. منى الشرقاوي تقدم واجب العزاء فى والد تامر عبد المنعم
  • إيران تحمل العدو الصهيوني مسؤولية جرائمه في قتل الأطفال
  • أردوغان: «إس400» لا تكفي وتركيا تتجه نحو «القبة الفولاذية» لبناء منظومة دفاع جوي متكاملة
  • الطاقة الذرية : إيران تحوز مواد تكفي لإنتاج 12 قنبلة نووية
  • إدريسي: الهلال كبير آسيا ولم يحصد نقطة من ريال مدريد من فراغ .. فيديو
  • البنك المركزي: احتياطات العراق من العملة الصعبة تكفي لتغطية استيراد 13 شهرا
  • سلطان بن أحمد يفتتح «سنا» للطاقة الشمسية تكفي لتغذية 13780 منزلاً
  • بعد عام من الغياب.. ماذا قالت رضوى الشربيني في أول ظهور على dmc؟ (فيديو)
  • مبابي يواصل الغياب عن تدريبات ريال مدريد الجماعية