لجريدة عمان:
2025-08-13@14:37:14 GMT

هل تكفي الذكريات لملء فراغ الغياب؟!

تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT

هل تكفي الذكريات لملء فراغ الغياب؟!

لا أستطيع أن أنسى اليوم الذي رحلوا فيه، كان الوداع مفاجئًا، وكأن الزمن قد قرر أن يسحب من بين يديّ أجمل لحظات العمر، تلك اللحظات التي كانت مليئة بابتساماتهم وأصواتهم التي لا تبارح مسامعي، هل غاب الأجداد حقًا؟ أم أن غيابهم مجرد وهمٍ يتسلل إلى القلب، فتلتقيه الذكريات لتملأ الفراغ الذي خلّفوه؟ تلك اللحظات التي ضمّت وجودهم، والتي تطرّزت بعباراتهم وحكمتهم، تصبح كالنغمة التي تتكرر في قلب المكان، فتذكرنا أن حضورهم كان طيفًا لا يموت، رغم غيابهم الجسدي.

حينما أكتب عن الأجداد، لا أستطيع أن أتجاهل الكم الهائل من المشاعر التي تُثار في قلبي، هم ليسوا مجرد أفراد مرّوا في حياتنا، بل كانوا علامات فارقة، شوارع راسخة في خريطة الذاكرة، عندما كنت صغيرًا، كانت لحظاتهم مليئة بحكايات يروونها عن الزمن البعيد، وعن الأجداد الذين سبقوهم، وعن أيام الطفولة التي عاشوها في زمن آخر، كان كل حديث منهم يبعث في روحي طمأنينة، وكل كلمة تحمل بداخلها عطر الماضي، وكل نصيحة تحمل بريق حكمة مفقودة في زماننا المعاصر.

«إذا أردت أن تعرف كيف تكون قويًا، فتذكر كيف كنا نعيش أيام الشدة...» هكذا كان يقول لي جدي، في كلمات بسيطة لكنها تحمل أثقالًا من تجارب الحياة.

لكن عندما غابوا، لم يعد للصوت نفسه وقعٌ في المكان، أصبحت كل زاوية في البيت فارغة، كما لو أن الزمن قد اختطف معه جزءًا من روح المكان، غيابهم لم يكن غيابًا عن الأجساد فحسب، بل عن طيفهم الذي كان يعطر الأوقات، وعن بصماتهم التي كانت تشكل هوية الأسرة، كيف للذاكرة أن تحمل كل هذا العبق؟ كيف للمكان أن يبقى حيًا دون حضورهم؟

المفارقة العجيبة أن الأجداد لا يموتون كما يموت الآخرون، فهم لا يرحلون إلا في أجسادهم، يظلون حاضرين في كل زاوية من حياتنا، في كل خطوة نخطوها، وفي كل لحظة صمت نعيشها، نراهم في كل مكان، في ابتسامة طفل، في طريقة كلامنا، في الحكمة التي ننقلها لأبنائنا وأحفادنا، هل يكفي هذا؟ هل تكفي الذكريات لتغطي الفراغ الذي خلفوه؟ هل تكون الأجيال الجديدة قادرة على فهم المعاني التي زرعوها فينا؟ أم أن الزمن، كما في كل شيء آخر، ينسى شيئا فشيئا حتى يغيب المعنى عن الأعين؟

في لحظات الضياع، في لحظات الحيرة، ندرك أن غياب الأجداد هو غيابٌ لا تعوضه الأيام ولا الأوقات، نحن أمام حقيقة واحدة: لا يمكن للزمن أن يعيد لنا ذلك الحضور العميق، ذلك المعنى الكبير الذي كان في قلوبهم، لا يمكن للذكريات أن تملأ الحيز الذي خلفوه، ولا يمكن لنا أن نرثَ سوى ما زرعوه فينا من حب، من حكمة، ومن صبر.

ولكن، في كل ذلك، هناك شعاع من الأمل، شعاع ينبعث من تواصلنا مع إرثهم، من تمسكنا بتلك القيم التي زرعوها فينا، مهما مرَّ الزمان، تظل آثارهم حية فينا، إن نحن حملناها في قلوبنا وطبّقناها في حياتنا، الأجداد علمونا كيف نواجه الحياة بكل صعوباتها، كيف نتمسك بالأمل حينما يعصف بنا اليأس، علمونا أن الفقد ليس نهاية، بل هو بداية لفهم أعمق للحياة، وكيف أن الموت ليس إلا نقطة انتقال من عالم إلى آخر. لا نملك سوى أن نعيش على ذكراهم، وأن نحيي إرثهم بما في ذلك من تربية، وحكمة، وقيم، الأجداد هم الحافز الذي يدفعنا للمضي قدمًا في الحياة بكل ما فيها من تحديات، في كل مرة نعيش لحظة فرح، نتذكرهم، وفي كل مرة نتعثر، نتذكرهم، وجودهم في ذاكرتنا يجعلنا نرسم خطانا بثقة، وتظل حياتهم مثالًا نحتذي به.

في غيابهم، قد يكون الفرح أقل سطوعًا، ولكن الذكريات ستظل تلوّن حياتنا بألوانهم الطيبة، وها نحن اليوم، نعيش وسط هذه الذكريات، نحتفظ بكل كلمة قالوها، بكل دعوة كانوا يرفعونها إلى السماء من أجلنا، وفي كل مرة ندعو لهم بالرحمة، نجد أنفسنا جزءًا من تلك الحلقة التي لا تنتهي.

اللهم اجعلهم من أهل الجنة، وارزقهم الراحة الأبدية، ونسألك أن تكون أرواحهم في طمأنينة، وأن تظل دعواتهم تحفظنا في الدنيا، كما حفظنا حضورهم في قلوبنا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ميسي يستمر في الغياب عن إنتر ميامي في الدوري الأمريكي

يستعد فريق إنتر ميامي للقاء جاره اللدود أورلاندو سيتي أس سي في الدوري الأمريكي لكرة القدم (أم أل أس)، في ذل استمرار غياب نجمه الأرجنتين ليونيل ميسي الذي يواصل تعافيه من إصابة عضلية "طفيفة".

وقال مواطنه المدرب خافيير ماسشيرانو السبت: "كلا، لن يكون ليو متاحاً لمواجهة الأحد. إنه بخير، لكن من الواضح أن المخاطرة بنقله إلى أورلاندو ستكون ضرباً من الجنون نظرا لكل ما ينتظرنا. نحن متفائلون بعودته إلينا قريبا".

وبعد ديربي فلوريدا ضد أورلاندو سيتي أس سي، يتواجه إنتر ميامي مع لوس أنجليس غالاكسي في 16 آب/أغسطس قبل أن يلتقي بعدها بثلاثة أيام مع تيغريس أونال المكسيكي في ربع نهائي كأس الرابطتين الأميركية والمكسيكية.

وغاب الفائز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم ثماني مرات عن آخر مباراة لإنتر ميامي في دور المجموعات لكأس الرابطتين ضد بوماس أونام المكسيكي (3-1) بعد تعرضه لإصابة عضلية طفيفة في أعلى ساقه اليمنى خلال فوز فوز فريقه على نيكاكسا بركلات الترجيح في الثاني من آب/أغسطس ضمن البطولة ذاتها.

ويحتل إنتر ميامي حالياً المركز الخامس في المنطقة الشرقية للدوري الأميركي بفارق ثماني نقاط عن فيلادلفيا المتصدر، متقدماً بنقطة واحدة على أورلاندو مع ثلاث مباريات مؤجلة لفريق ماسشيرانو.

على الرغم من إصابة ميسي، بقيت معنويات إنتر ميامي مرتفعة بعد وصول زميله في المنتخب المتوج بطلا لمونديال 2022 رودريغو دي بول الذي سجل هدفه الأول في الفوز على بوماس أونام، ما سمح لفريقه الجديد ببلوغ ربع النهائي.

مقالات مشابهة

  • هل تكفي السياسات الاقتصادية وحدها لتحقيق النمو الاقتصادي؟
  • السيسي: مصر والسودان يطالبان فقط بـ 4% من مياه النيل.. والتخلي عن هذه الحصة يعني التخلي عن حياتنا
  • «زر إعادة ضبط» في الدماغ.. سرّ ترتيب الذكريات ومقاومة ألزهايمر
  • نجوى كرم: لما بقابل جمهور قرطاج بحس إني متفردة.. و«ميهمنيش الـ 9 سنين الغياب» |فيديو
  • الجزيري يقترب من الغياب عن الزمالك أمام المقاولون
  • خريف الذكريات
  • خبير: أرباح تيك توك الحقيقية مقتصرة على فئة محدودة.. والمشاهدات وحدها لا تكفي
  • الفراغ والاستفادة منه
  • ميسي يستمر في الغياب عن إنتر ميامي في الدوري الأمريكي
  • الإعلام الحكومي بغزة: المساعدات التي دخلت القطاع لا تكفي إلا 3% فقط