عندما حضر الرئيس الإكوادوري دانييل نوبوا حفل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الشهر الماضي، لم يكن ذلك مجرد زيارة بروتوكولية، بل رسالة واضحة أثارت اهتمام الكثيرين داخل بلاده. 

ومع اقتراب الانتخابات الوطنية المقررة يوم الأحد، بدا هذا التحرك مدروسًا—خطوة أخيرة من سياسي أحدث صعوده السريع اضطرابًا ليس فقط داخل الإكوادور، بل ربما يمتد تأثيره إلى المنطقة بأكملها.

 

صعود نوبوا وتغير المشهد السياسي  
 

يبلغ نوبوا من العمر 37 عامًا، ويجمع في أسلوبه السياسي بين الجرأة الشعبوية، والسياسات الأمنية المتشددة، والتقارب مع توجهات ترامب الصاخبة. 

وينتمي إلى عائلة ثرية في مجال تجارة الموز، واستغل مخاوف الإكوادوريين وإحباطهم من تدهور الأوضاع الأمنية للفوز في الانتخابات المبكرة عام 2023. واليوم، يتصدر المشهد مجددًا كأبرز المرشحين للفوز بفترة رئاسية جديدة.  

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الإكوادور

وتتوجه الإكوادور إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد في الجولة الأولى من الانتخابات، والتي قد تؤدي إلى جولة إعادة في 13 أبريل. 

ورغم وجود 14 مرشحًا في السباق، تشير استطلاعات الرأي إلى أن المنافسة الرئيسية ستكون بين نوبوا، مرشح حزب العمل الوطني الديمقراطي (ADN)، ولويسا غونزاليس، مرشحة الثورة المواطنة (RC* ذات التوجه اليساري، والتي خسر أمامها في الانتخابات الخاصة لعام 2023.  

الإكوادور: من جزيرة استقرار إلى مركز عنف متصاعد 
 

لطالما كانت الإكوادور تُعرف بأنها واحدة من أكثر الدول استقرارًا في أمريكا اللاتينية، لكنها خلال السنوات الخمس الماضية واجهت تصاعدًا غير مسبوق في أعمال العنف. 

وتقع الدولة بين كولومبيا وبيرو، وهما أكبر منتجين للكوكايين في العالم، ما جعلها مركزًا متناميًا لتهريب المخدرات.  

وبينما تتصارع العصابات للسيطرة على الطرق التجارية المربحة، شهدت معدلات الجريمة ارتفاعًا حادًا، ما دفع أعدادًا متزايدة من الإكوادوريين إلى الهجرة نحو الولايات المتحدة. 

وتعكس البيانات الرسمية هذا الاتجاه، إذ أعلنت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية (CBP) عن تسجيل 124 ألف حالة عبور لمهاجرين إكوادوريين عند الحدود الأمريكية-المكسيكية في عام 2024، مقارنة بـ 24,900 حالة فقط في عام 2022

قبضة حديدية ضد الجريمة  
 

وخلال 13 شهرًا من حكمه، أعلن نوبوا "حربًا على الجريمة المنظمة"، متبنيًا نهج "اليد الحديدية" (Mano Dura) الذي لاقى تأييدًا واسعًا بين الناخبين. 

وفي عام 2024، اعتقلت السلطات أكثر من 60 ألف مشتبه به وصادرت 280 طنًا من المخدرات غير المشروعة، بزيادة 29% عن عام 2023.  

ويبدو أن الناخبين الإكوادوريين، الذين يبحثون عن الأمن وفرص عمل أفضل، قد استجابوا لهذه السياسات بشكل إيجابي، حيث تضعه استطلاعات الرأي على أعتاب تحقيق نصر محتمل من الجولة الأولى.  

في هذا السياق، قالت جلايلديس جونزاليس، الخبيرة في الشؤون الإكوادورية بمجموعة الأزمات الدولية “كان الناس يريدون ردًا قويًا على الجريمة المنظمة، ونوبوا قدم ذلك. لقد استغل لحظة كان فيها البلد بحاجة إلى زعيم معتدل، لكنه شدد خطابه الأمني مع اقتراب الانتخابات.”  

وأطلق نوبوا برنامجه الأمني تحت مسمى "خطة فينيكس"، محولًا الحرب ضد الجريمة المنظمة إلى عملية عسكرية واسعة النطاق. 

وأعلن عن "نزاع مسلح داخلي" ضد 22 منظمة إجرامية، ونشر القوات في السجون والموانئ والشوارع، كما أرسل الجيش لمواجهة العصابات التي نفذت هجمات منسقة في مدينة غواياكيل.  

المقارنة بين نوبوا ورئيس السلفادور ناييب بوكيلي—الذي بات أحد أبرز حلفاء واشنطن في أمريكا الوسطى—بدت حتمية، ويبدو أن نوبوا لا يمانع ذلك. 

وفي يناير، صرح قائلًا:  "أجرينا بالفعل محادثات مع الجهات التي قامت ببناء السجون في السلفادور"، في إشارة واضحة إلى عزمه تكرار نهج بوكيلي القاسي، والذي رغم الجدل الذي يحيط به، يحظى بشعبية كبيرة محليًا.  

ومع استمرار الأزمة الأمنية، تظل الأنظار موجهة نحو نتائج الانتخابات، والتي قد تحدد ليس فقط مستقبل الإكوادور، ولكن أيضًا مسار السياسات الأمنية في أمريكا اللاتينية بأكملها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دونالد ترامب رئيس السلفادور دانييل نوبوا رئيس الاكوادور المزيد

إقرأ أيضاً:

ترامب يشعل الجدل مجددا.. هجوم لاذع على عمدة لندن خلال زيارته لإسكتلندا

أقدم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على مهاجمة عمدة لندن صادق خان، بوصفه بـ"الشخص البغيض الذي قام بعملٍ سيّئ"، وذلك خلال تصريحات له، الإثنين، في مؤتمر صحافي بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في اسكتلندا، حيث يزورها ترامب لمدة أربعة أيام في زيارة غير رسمية، لكنها اتّسمت بالكثير من اللقاءات والتصريحات السياسية.

وأضاف ترامب بأنه "سيزور لندن بالتأكيد". فيما تدخل رئيس الوزراء البريطاني، الجالس بجانب الرئيس الأميركي، حين هاجم ترامب عمدة لندن المنتخب عن حزب العمّال، بالقول: "إنه صديقي في الواقع".

وأعقاب ذلك، ردّ متحدث باسم عمدة لندن على ترامب، عبر بيان، جاء فيه: "صادق خان سعيد برغبة الرئيس ترامب في زيارة أعظم مدينة في العالم، سيرى كيف أن تنوعنا يجعلنا أقوى لا أضعف؛ أغنى لا أفقر".

ووفي السياق نفسه، أضاف البيان: "لعل هذه هي الأسباب التي دفعت عدداً قياسياً من الأميركيين إلى التقدم بطلبات للحصول على الجنسية البريطانية في عهده". وردا على سؤال صحافي لترامب عمّا إذا كان يخطط لزيارة لندن خلال زيارته الرسمية للمملكة المتحدة في وقت لاحق من هذا العام، قال: "لستُ من مُعجبي عمدة لندن. أعتقد أنه لم يُؤدِّ عمله على أكمل وجه، عمدة لندن؛ شخصٌ بغيض".

وتلقى الرئيس الأميركي، دعوة رسمية، من الملك تشارلز الثالث للانضمام إليه والملكة كاميلا في زيارة دولة ثانية، الأمر الذي قبله ترامب، ومن المتوقع أن تكون الزيارة في الفترة من 17 إلى 19 أيلول/ سبتمبر وستُقام في قلعة وندسور.

إلى ذلك، هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها الرئيس الأميركي صادق خان، ففي عام 2019، وصف عمدة لندن، الذي أعيد انتخابه لولاية ثالثة في عام 2024، بكونه "فاشل تماما، وعليه التركيز على مكافحة الجريمة في لندن".


وفي عام 2017، دعا رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي إلى إلغاء زيارة ترامب المقترحة بعد ترويجه لمقاطع فيديو معادية للمسلمين، مشيرا إلى أنّ: "أي زيارة رسمية على الإطلاق من الرئيس ترامب إلى بريطانيا لن تكون موضع ترحيب"، فيما جادل بأن سياسات ترامب "لا تتوافق مع القيم البريطانية".

وبشكل متكرر، اتهم خان ترامب، باستخدام لغة مثيرة للانقسام والتحريض، حيث وصفه في تصريحات عديدة بأنه "النموذج الأعلى للعنصريين"، وبأنه "جاهل" بالإسلام، و"عنصري"، و"متحيز جنسياً"، و"كاره للمثليين". وعقب فوز ترامب بولايته الثانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أعرب خان عن أن العديد من سكان لندن سيكونون "خائفين" بشأن ما سيعنيه ذلك "للديمقراطية" و"لحقوق المرأة"، وكذلك للقضايا العالمية مثل الوضع في الشرق الأوسط ومستقبل حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتغير المناخ.

مقالات مشابهة

  • مشهد مستشار قانوني يبحث عن المياه في غزة يشعل المنصات غضبا من التجاهل الدولي
  • وفاة شاب في الجامع الأموي.. السبب يشعل مواقع التواصل
  • إعلام عبري: إسرائيل تمهل «حماس» أيامًا معدودة وإلا ستبدأ بضم «المحيط الأمني» من غزة
  • نائب وزير الداخلية يرأس اجتماعاً موسعا لمناقشة الوضع الأمني
  • الرئيس السيسي ووزير الدفاع الإيطالي يبحثان تعزيز التعاون الأمني ومناقشة أزمة غزة والهجرة
  • ترامب يشعل الجدل مجددا.. هجوم لاذع على عمدة لندن خلال زيارته لإسكتلندا
  • البروفيسور دانييل أندلر: الحدّ الفاصل في آخر المطاف بين الإنسان والآلة هو التجربة المعيشة
  • وزير الداخلية يبحث مع القائم بأعمال السفير الأمريكي سبل تعزيز التعاون الأمني
  • فيديو.. رجل يشعل حريقا متعمدا في غابة
  • اجتماع لمناقشة تعزيز الأداء الأمني في حجة