كعادة اللبنانيين، ما إن تشكل حكومة جديدة حتى يبدأ انتقادها، فقط لأن "قبيلة" أو شريحة سياسية لم تنل قسطاً منها، أو قسطاً وافراً. الحكومة الجديدة ليست استثناء، فما إن أعلنت حتى واكبتها المزايدة ممن هم خارجها من السياسيين، وهي بالمناسبة سنّة حميدة إن كانت في حدود النقد الإيجابي، فلا أحد فوق النقد.

اقرأ ايضاًلماذا اختارت حماس هذا التوقيت للإعلان عن تأجيل الإفراج عن الأسرى؟

 

ما يهم هو فعل الحكومة الجديدة في خضم البحر المتلاطم الذي اسمه السياسة اللبنانية، وهو بحر هائج في المنطقة ككل.


قد تأتي الحكومة بما هو مأمول منها من معظم اللبنانيين والعرب محبي لبنان، وقد تفاجئ قسماً كبيراً منهم  بالعكس، ليس بسبب رغبتها، ولكن بسب أمر آخر  هو "السندروم اللبناني"، وهو استمرار المناكفة من أجل المناكفة؛ فإن رضخت الحكومة للترضيات والحلول الوسطى، نكون بذلك قد غيرنا التغليف ولم نغير البضاعة، كمثل أي تاجر شاطر يبيع البضاعة المنتهية صلاحيتها ولكن في غلاف جديد، يوهم حسن التغليف المستهلك بأن البضاعة جديدة، لكن الحصيف يعرف أكثر أن البضاعة هي كما هي، والتغيير جرى بالشكل.


جودة البضاعة هي في مضمون البيان الوزاري المرتقب ومفرداته، والذي من المفروض أن يصدر اليوم، وهو بيان يترقب الجميع في الداخل والخارج، إن كان قادراً على الإبحار بلبنان إلى بحر أهدأ بالمعنى المجازي للكلمة، إما إن رضخ لتلاطم البحر السياسي اللبناني، فسوف يفشل المحاولة بسرعة.


استراتيجية البيان والعنوان الأهم يتوجب أن يكونا بناء الهيمنة المضادة، أي التخلص من الهيمنة القديمة التي استولت على لبنان لعقود. أول ما يتطلب من بيان الهيمنة المضادة  (من دون مجاملات أو لت وعجن) هو الإعلان الصريح عن  وحدة السلاح في لبنان، ذلك أمر مركزي، ولا يكون هناك سلاح خارج الدولة، وبالتحديد في يد الجيش اللبناني، ونقطة على السطر، أي تبرير خارج هذا الوضوح يجب ألا يُقبل، وأي وزير يوافق على صيغة ملتبسة في هذا الأمر يجب أن يدان!


رئيس الجمهورية يعلم ذلك كونه ضابطاً قديماً، وله تجربة طويلة في العمل العسكري الذي تقعده سياسة الاسترضاء، ورئيس الوزراء يعلم ذلك كونه رجل قانون حصيفاً يعرف كيف يدار العالم وأهمية سمو القانون في أي مجتمع حديث.


المناورة في هذا الملف أو الغموض أو المزايدة، سوف تكون تأكيداً للمراقبين أن التغيير حدث في التغليف بينما البضاعة نفسها يراد  ترويجها، وهي بضاعة أصبحت فاقدة الصلاحية وغير قابلة للاستهلاك.


السلاح في يد البعض هو تهديد مباشر للأمن الاجتماعي، وأيضاً للتعافي الاقتصادي، وتخويف للمستثمر من العودة إلى لبنان، واستمرار التشبيح في الشوارع، فمن دون وضع شعار لا سلاح خارج الدولة في صدر البيان الوزاري، لن تكون هناك انتخابات آتية، بلدية أو نيابية حرة.


الملف الثاني هو الملف الاقتصادي، وهو ملف مهم للغاية، فالإصلاح الاقتصادي يبدأ بتطبيق القانون الذي يضع نصب عينيه المصلحة العامة، والمستقل عن أي سلطة عدا سلطة النص القانوني، بعده يمكن الحديث عن إصلاح اقتصادي.


لعل الملف الثالث هو القضاء، لقد تم تجميد القضاء، أو تهديده، أو حتى تخريبه. إصلاحه يحتاج إلى شجاعة، فهناك ملفات يتوجب أن تفتح، ومن دون محاسبة، لا توجد مسامحة. تفجير المرفأ وسلسلة الاغتيالات وغيرها من الجرائم الكبرى  يتوجب أن يعرف المتضررون من قام بها، وأيضاً الشعب اللبناني والرأي العام العربي الذي يهمه تعافي لبنان .

اقرأ ايضاًمحادثة سرية تكشف كيف أقنع روحاني الرئيس الروسي بحماية "الأسد"


معظم الوزراء في الحكومة المعلنة ورئيس الوزراء والرئيس اللبناني، يعرفون على وجه اليقين أن متغيرات جذرية قد حدثت في المنطقة في الأشهر القليلة الأخيرة. متغيرات لم تعد الأدوية القديمة قادرة على علاج المشكلات المستجدة الناتجة منها. لقد اختفت وجوه، وغابت أيديولوجيات، ولم تعد الانتهازية السياسية قادرة على تعويم المجتمع، كما حدث في العقدين السابقين، ولم تعد الشعارات قابلة للتسويق. إنه عالم جديد يحتاج إلى تفكير جديد، ولكن أيضاً شجاع، لمفارقة الأمس، والتطلع إلى ما يتطلع إليه معظم اللبنانيين، أن يعيشوا في دولة قانون لا تُغوّل مكوناً على المكونات الأخرى، ولا تحالف انتهازياً يسرق، حتى الكحل من عين الدولة، ويثري على حساب جوع الشعب وإهانته.  

 

فهل تعمل الحكومة الجديدة على ذلك؟ هذا خطاب مفتوح موجه إلى كل الوزراء، إما أن تكون شجاعاً بما فيه الكفاية، وإما أن تعتزل، لا خيار آخر ! 
 

Via SyndiGate.info


Copyright � 2022 An-Nahar Newspaper All rights reserved.

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند تنتظرها ملفات شائكة.. هل بدأ انتقاد الحكومة اللبنانية الجديدة؟ محادثة سرية تكشف كيف أقنع روحاني الرئيس الروسي بحماية "الأسد" شهيد في غزة.. وأمر جديد للجيش الإسرائيلي في الضفة شاب يقتحم حفل السوبر بول حاملًا علما فلسطين والسودان.. وهذا مصيره ردود فعل إسرائيلية على "إعلان حماس" تأجيل تسليم الأسرى Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

المصدر: البوابة

إقرأ أيضاً:

أسلاك شائكة حول البيت والأرض.. هكذا يحمي الفلسطينيون أنفسهم

إذ اضطرت العائلات إلى إقامة أسلاك شائكة حول البيت والأرض لحماية الأطفال والنساء.

5/6/2025

مقالات مشابهة

  • دراما الإصلاح على الطريقة اللبنانية
  • على طريق هذه البلدة اللبنانية... حادث سير مروّع وسقوط إصابات!
  • ما تأثير دمج الخوذ البيضاء في الحكومة السورية الجديدة؟
  • حروب الرهانات اللبنانية... مفتوحة!
  • رئيس الحكومة اللبنانية: نواصل الإصلاح وإعادة الإعمار رغم التحديات
  • رئيس الحكومة اللبنانية: الجيش فكك 500 موقع عسكري ومخزن سلاح في جنوب الليطاني
  • أسلاك شائكة حول البيت والأرض.. هكذا يحمي الفلسطينيون أنفسهم
  • رسالة عراقجي اللبنانية: السلاح شأن داخلي ولا علاقة لنا به
  • مروى اللبنانية تطرح أغنيتها الجديدة «أهلاً بالعيد» | فيديو
  • هذه مقررات اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية اللبنانية