بين الرصاص والجوع.. غزة تنزف قتلى وسط حصار خانق وتصعيد عسكري
تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT
قتل 17 فلسطينياً، فجر وصباح اليوم السبت، في قصف ورصاص القوات الإسرائيلية في محافظتي خان يونس ورفح جنوب قطاع غزة، في تصعيد جديد لقصف الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” بمقتل 12 شخصاً وإصابة أكثر من 40 آخرين إثر قصف استهدف خيام النازحين غرب خان يونس، من بينهم 4 أفراد من عائلة واحدة، بينما قتل 5 فلسطينيين وأصيب آخرون برصاص الجيش قرب مركز مساعدات غربي رفح.
ووصل عدد الفلسطينيين الذين قتلوا برصاص الاحتلال خلال محاولتهم الحصول على الغذاء منذ 27 مايو الماضي وحتى اليوم إلى 115 قتيلاً، وأكثر من 580 مصاباً، إلى جانب 9 مفقودين.
ويأتي ذلك في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة، والذي تسبب في تدهور حاد للأوضاع الإنسانية، حيث يعاني مئات آلاف النازحين من الجوع والمرض وسط نقص حاد في المواد الغذائية والمساعدات الطبية.
وفي أول أيام عيد الأضحى، قتلت القوات الإسرائيلية 33 مواطناً في غارات وقصف مكثف على عدة مناطق من القطاع، وتتهم حركة “حما” الجيش الإسرائيلي بارتكاب “مجزرة وحشية” في مراكز توزيع المساعدات، حيث أطلقت قوات الاحتلال النار على مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم استلام المساعدات الغذائية من نقطة توزيع تعرف بـ”الشركة الأمريكية” في منطقة المواصي غرب رفح، ما أدى إلى سقوط أكثر من 35 قتيلاً و150 جريحاً، فيما حمّلت الحركة إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية الكاملة، داعية المجتمع الدولي لتشكيل لجنة تحقيق دولية ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
من جانبها، تدرس وزارة الخارجية الأمريكية حالياً تقديم 500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية الجديدة، بهدف دعم توزيع المساعدات، وسط قلق بعض المسؤولين الأمريكيين من تفاقم العنف قرب مراكز التوزيع وفعالية هذه المؤسسة في ظل الظروف الراهنة.
وتواصل إسرائيل استهداف المنازل والمرافق المدنية في القطاع، حيث دمرت مؤخراً منازل سكنية شرق رفح وبلدة القرارة شمال شرق خان يونس، بالإضافة إلى استهداف مسجد أنصار في دير البلح بثلاثة صواريخ، مع قصف مدفعي لمناطق شمال غرب غزة تسبب في سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين.
وفي تعبير عن حجم المأساة، أكد جوناثان ويتال، كبير مسؤولي مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في فلسطين، أن العالم يشهد “فظائع يومية” في غزة، مشيراً إلى أن من لا يُقتلون بالقنابل يموتون ببطء بسبب الحصار الذي أُغلق على المعابر الإنسانية، بينما تواجه المخابز نفاداً في الدقيق وندرة في المياه والمواد الغذائية.
وحذر كاظم أبو خلف، المتحدث باسم اليونيسف في فلسطين، من استخدام الجوع كـ”سلاح حرب”، مؤكداً أن قتل الأطفال في غزة أمر لا يمكن تبريره، معبراً عن الغضب العالمي إزاء ما يحدث، ومطالباً الولايات المتحدة بضمان إيصال المساعدات الطبية والغذائية للمدنيين في القطاع.
هذا وتسببت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ الـ7 من أكتوبر2023، في مقتل أكثر من 54 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 125 ألفا آخرين، إضافة إلى تدمير القطاع بشكل شبه كامل وتعطيل الخدمات الأساسية اللازمة للحياة مثل المياه والكهرباء والاتصالات والخدمات الطبية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أحداث غزة الجوع في غزة عملية إسرائيل الثانية في غزة وقف إطلاق النار غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
هل يغير تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة الرأي العام الأميركي جذريا؟
كشفت استطلاعات رأي حديثة عن تحول جذري في الموقف الأميركي تجاه إسرائيل، حيث أظهرت أن 52% من الأميركيين ينظرون إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بشكل سلبي لأول مرة منذ 28 عاما، بينما عبر 60% عن رفضهم للعملية الإسرائيلية في غزة مقابل تأييد 32% فقط.
ويحلل الدكتور بلال الشوبكي الخبير في الشؤون الإسرائيلية ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل هذه الأرقام كمؤشر على تحولات جوهرية في الرأي العام الأميركي.
ويشير إلى أن هذه التحولات العميقة قد تشكل نخبة سياسية جديدة في المراحل اللاحقة، خاصة مع تنامي التذمر حتى من قاعدة دونالد ترامب الجمهورية من الصور القادمة من قطاع غزة.
ويؤكد الخبير أن الولايات المتحدة الأميركية باتت تُستنزف ليس فقط ماديا وإنما أخلاقيا أمام العالم لكونها شريكا في العمليات داخل قطاع غزة ومحاولة إعطاء إسرائيل مزيدا من الغطاء.
ويرى الشوبكي أن هذا الأمر مهم ويمكن البناء عليه ليس فقط في السياق الفلسطيني وإنما في السياقات الأوسع عربيا وأوروبيا.
وفي سياق متصل بتراجع النفوذ الأميركي، تسلط الإدارة الأميركية عقوبات على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث تمنعهم من دخول الولايات المتحدة ولا تعطيهم تأشيرات بسبب لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويفسر الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة هذه الخطوة بأن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريدان للسلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير أن تمارس أدوار الدولة، بل تريدانها أن تكون أشبه بإدارة محلية تقوم بقضايا خدمية وأمنية يضعها الاحتلال الإسرائيلي.
ويضيف الحيلة أن الذهاب إلى الجنائية الدولية والانضمام إلى منظمات دولية لا تفعله إلا دولة، وبالتالي لا يراد للفلسطينيين ممارسة هذا الحق.
العقوبات الأميركية
وعلى الجانب الآخر، يرى المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس ووريك أن هذه العقوبات ليست تغييرا جديدا، فقد كان كل مسؤول فلسطيني يأتي إلى الولايات المتحدة يخضع دائما لشروط للحصول على تأشيرة دخول.
إعلانويشير ووريك إلى أن القضية الحقيقية أن هناك بلدا واحدا فقط هو الذي يدعم إسرائيل، ودعمه سيكون حاسما لإقامة دولة فلسطينية، وهو إسرائيل نفسها.
وأعلنت المستشفيات في غزة اليوم وفاة شابين في الـ27 من العمر وطفل، حيث جاءت وفاة الطفل نتيجة لسوء التغذية والتجويع، ليصل العدد الإجمالي لضحايا التجويع في القطاع بذلك إلى 101 ضحية، من بينهم 91 طفلا.
وتتصاعد الانتقادات الدولية لما تسمى مؤسسة غزة الإنسانية التي تشرف على توزيع المساعدات في القطاع، ويؤكد الحيلة على أن التحكم في المساعدات ليس بهدف تجريد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أداة إدارة الحياة المدنية للفلسطينيين كما تحاول الولايات المتحدة تمريره، وإنما هو استهداف للوجود الفلسطيني داخل قطاع غزة.
ويوضح الحيلة أن التحكم في نقاط توزيع المساعدات يهدف للسيطرة على حركة الناس داخل القطاع وتوجيههم إلى أماكن معينة، مما يعيد إلى الأذهان الحديث عن عملية التهجير التي لم تعد مجرد تخوفات بل أصبحت برامج عملية معلنة في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، يؤكد الشوبكي أن هناك توجيهات من رئاسة الوزراء الإسرائيلية إلى الموساد بضرورة العمل من أجل خلق مسارات للهجرة الطبيعية للفلسطينيين، مما يعني أن المسألة ليست مساعدات إنسانية فحسب وإنما تحكم في حركة الناس، وهذه خطوة أسوأ بكثير من الخطوات العسكرية السابقة.
الموقف الأوروبي
وفي مقابل التمسك الأميركي الإسرائيلي بمؤسسة غزة الإنسانية، يتقدم الموقف الأوروبي خطوات مهمة في انتقاد السياسات الإسرائيلية، حيث اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو توزيع الطعام عبر مؤسسة غزة الإنسانية فضيحة وأمرا مخزيا يجب أن يتوقف.
ويؤكد الشوبكي أن الموقف الأوروبي حقيقة يتقدم وجيد، لكن المشكلة أنه لا يتحول إلى خطوات عملية تجبر الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بالقانون الدولي وإدخال المساعدات.
ويطرح الشوبكي تساؤلا جوهريا حول جدوى المواقف الدولية عندما لا تُترجم عمليا، فماذا يستفيد الجائع الآن من التصريحات ما دامت لا تتحول إلى إدخال مساعدات؟ وماذا سيستفيد حتى من الاعتراف بدولة فلسطين ما لم يُترجم بوقف الحرب ووقف الإبادة الجماعية، خاصة أن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين وصل إلى 147 دولة في العالم؟
وفي ظل هذا التعقيد المتنامي، تأتي زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى إسرائيل وقطاع غزة في سياق البحث عن انتقال من الاتفاقات الجزئية إلى اتفاق شامل.
ويحذر الحيلة من أن فكرة الحل الشامل قد تكون مقبولة من حيث الإطار والشكل العام، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، خاصة فيما يتعلق بربط الحل بالدولة الفلسطينية وعودة الشعب الفلسطيني ووقف الحرب وإدخال المساعدات.
بدوره، يطرح المسؤول الأميركي السابق مسارين محتملين للرئيس ترامب، الأول أن ينفض يديه من المشكلة كما فعل مع ملف روسيا وأوكرانيا.
والآخر الأكثر خطورة: أن تعمل الولايات المتحدة مع الشركاء العرب والأوروبيين وصولا إلى آلية حكم لغزة لا تقوم على أساس حماس ولا إسرائيل، مع بدء مسار إعادة إعمار وبناء ودخول المزيد من المساعدات.
إعلان